عرض مشاركة واحدة
طالب العلم غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 3 )  أعطي طالب العلم مخالفة
طالب العلم
مشرف الأدآب الشرعية

رقم العضوية : 268
تاريخ التسجيل : Oct 2011
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 2,870 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
افتراضي

كُتب : [ 07-04-2015 - 11:09 AM ]

مُنْتَقَى النَّوَادِرِ مِنْ بُسْتَانِ الخَوَاطِرِ
(2)
نَوَادِرُ صَرَامَةِ الرُّؤَسَاء

أحب أن أقدم بين يدي هذه الخاطرة النادرة ما حدث لي هذا اليوم:

فبعد صلاة الجمعة عند شيحنا الحبيب -خطيب أهل السنة في بلدنا- أبي عبد الله محمد بوسنة -حفظه الله-، رجعت إلى البيت، فسلمت، ثم رحت أذكر أبياتا شعرية طالما اقشعرت جلودنا عند ترديدها..

فلما سمعت الوالدة الكريمة -سلمها الله ومتعها بالعافية- قالت: تذكرت أيام صِغَرِك ؟، ثم راحت ترددها هي الأخرى..

أتدرون ماهي الأبيات؟

إنها أبيات العلامة عبد الحميد بن باديس رحمه الله:

شعـبُ الجـزائرِ مُـسْـلِـمٌ *** وَإلىَ الـعُـروبةِ يَـنتَـسِـبْ
مَنْ قَــالَ حَـادَ عَنْ أصْلِـهِ *** أَوْ قَــالَ مَـاتَ فَقَدْ كَـذبْ
أَوْ رَامَ إدمَــاجًــا لَــهُ رَامَ *** الـمُحَـال من الطَّـلَـبْيَ
يا نَشءُ أَنْـتَ رَجَــاؤُنَــا *** وَبِـكَ الصَّبـاحُ قَـدِ اقْـتَربْ
خُـذْ لِلحَـيـاةِ سِلاَحَـهـا *** وَخُـضِ الخْـطُـوبَ وَلاَ تَهبْ

هيــــه.. ما أحلى تلك الأيام.

نعود إلى الخاطرة النادرة فأقول:

في ثمانينات القرن الماضي، قام وفدٌ برلمانيٌّ تونسيٌّ تترأسه امرأةٌ بزيارة رسمية إلى الجزائر، وكان يومها السيد الشاذلي بن جديد في إجازة غائباً عن قصر الرئاسة..

فقادهم أحد المسؤولين الجزائريين في جولة إلى بعض الأماكان ومؤسسات الدولة بالعاصمة الجزائرية، ثم عادوا إلى قصر الرئاسة، ولكن..

أبى سيادة الأخ الرئيس -كما كان يُقال قديما- إلاّ أن يستقبل وفدَ البلدِ الشّقيقِ بنفسه شخصياً، فأتى مكان اجتماع الوفد دون سابق إخطار..

وكانت مفاجأة سارة للبعض وعكس ذلك للبعض...

جلس إلى الوفد التونسي، رحب بالجميع في بلدهم الثاني، ثم تبادل أطراف الحديث مع رئيسة الوفد..

بعد ذلك سألهم عن الزيارة التي قاموا بها في العاصمة، وهل لاحظوا شيئاً يجدر التنبيه عليه حتى يُستدرك ؟..

فشكرت رئيسةُ الوفدِ السادةَ القائمين على الزيارة، وأثنت على دولة سيادة الرئيس.. على ما هو معروف من تملق السياسيين مع الرؤساء والزعماء..

ثم قالت: كل شيء في الجزائر ماشي.. إلا أنه أزعجني أمرٌ واحد فقط..

فقال السيد الرئيس: ما هو ؟ وسنأمر بتغييره في الحال..

فقالت: قانون الأسرة في الجزائر مستمدٌّ من الشريعة الإسلامية، وهذا أمر لا يتناسب مع هذا الوقت..

عندها تمعرَّ وجه الرئيس الشاذلي بن جديد، وضرب يده على الطاولة، وتوجه إليها بلهجة شديدة في توبيخ لها قائلا: احترمي نفسك يا سيدة!، احترمي نفسك!، وما تنسايش أنك في الجزائر !!...

انصرف سيادة الأخ الرئيس تاركاً الوفد في حيرة ودهشة من هذا الموقف الصارم منه، ولم تجد رئيسة الوفد إلاّ إرسال الاعتذار مع بعض المسؤولين..

نعم، هكذا كان -ولا يزال- الرجال أبطالاً في أرض الأبطال..

فقد كانوا -بُعَيْدَ الاستقلال- يترنمون بأبيات شعرية يقولون فيها:

فلسنا نـرضى الإمتـزاجـا* ولسنـا نرضـى التجنيسـا**!
ولسنا نرضـى الإنـدمـاجـا*** ولا نرتــد : فرنسيســا!
رضينا بالإسـلام تـاجــا كفــى الجهــال تدنيسـا!
فكل من يبغـي اعوجـاجـا رجمـنــاه كـإبـلـيـــــــــــــــــــســا!

*: مسخ شخصية الشعب الجزائري ومزجه في الثقافة الفرنسية ( الجزائر فرنسية ).
**: تجنيس الشعب الجزائري بالجنسية الفرنسية.
***: دمج الشعب الجزائري في الفرنسي.

اللهم اهدنا وثبتنا على الصراط المستقيم



توقيع : طالب العلم
قال ابن القيم -رحمه الله-:
( من أشد عقوبات المعاصي أن ينزع الله من قلبك استقباحها )
رد مع اقتباس