19-قال الله تعالى (ذلك الكتاب لا ريب فيه) :فبين أن هذا الكتاب المشتمل على خير الدنيا و الآخرة الذي هو النور المبين ،والحبل المتين ،الذي أوضح الله به العقائد ،والحلال و الحرام،وجميع خير الدنيا والآخرة لا تتطرقه الرِّيب و الشكوك،لأن معجزته أوضح من أن يتطرق إليه شك.
ومعروف أن للسائل أن يقول : كيف يقول (لا ريب فيه) ب(لا) التي لنفي الجنس ،مع أن قوما ارتابوا فيهو حصل منهم الريب،كقوله تعالى (وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون).
ونحن نقول : الجواب :أن القرآن بالغ من كمال المعجزة وإيضاح المعجزة ما لا تتطرقه الرِّيب و الشكوك ،وإنما ارتاب فيه المرتابون لعمى بصائرهم ،كما نص الله على ذلك في سورة الرعد(أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ)
فصرح بأن من لا يعلم أنه الحق إنما منعه من ذلك عماه، ومعلوم أن عدم رؤية الأعمى للشمس لا تقدح في كون الشمس لا ريب فيها.
إذا لم يكن للمرء عين صحيحة فلا غرو أن يرتاب و الصبح مسفر." (قاله رحمه الله في كلمته ضمن رحلة إلى أفريقيا)