لا يجتمع الإخلاص في القلب ومحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس
إلا كما يجتمع الماء والنار والضب والحوت فإذا حدثتك نفسك بطلب
الإخلاص فاقبل على الطمع أولا فأذبحه بسكين اليأس وأقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة فإذا استقام
لك ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح سهل عليك الإخلاص فأن قلت
وما الذي يسهِّـل عليَّ ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح قلت أمّا ذبح الطمع فيسهِّـلُهُ عليك علمُكَ يقينا أنه ليس من شيءٍ
يُطمَعُ فيهِ إلاَّ وبيدِ الله وحده خزائنه لا يملكها غيره ولا يؤتى العبد منها شيئا
سواه وأمّا الزهد في الثناء والمدح فيسهِّـلُهُ عليكَ علمُكَ أنه ليس أحدٌ ينفع مدحه ويزينُ ، ويضرُّ ذمهُ ويشينُ الا الله وحده كما قال ذلك الأعرابي للنبي ان مدحي زين وذمي شين فقال ذلك الله عز وجل ،
فازهد في مدح من لا يزينك مدحه وفي ذم من لا يشينك ذمه ، وارغب في مدح من كل الزين في مدحه وكل الشين في ذمه ولن يُقدَرَ على
ذلك الا بالصبر واليقين فمتى فقدت الصبر واليقين كنت كمن أراد السفر في
البحر في غير مركب ،
قال تعالى :
{ فاصبر إنَّ وعد الله حقٌّ ولا يستخفنك الذين لا يوقنون } ،
وقال تعالى :
{ وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون } .
كتاب الفوائد ج / 1 ص 149