ذكر ابن القيِّم أنّ من أسباب اندفاع شر الحاسد:
«الصّبر على عدوِّه، وأن لا يقابله ولا يشكوه، ولا يحدِّث نفسَه بأذاه أصلاً،
فما نُصِرَ على حاسده وعدوه بمثل الصبر عليه والتَّوكُّل على الله، ولا يستطِلْ
تأخيرهُ وبغيَه، فإنّه كلما بغى عليه كان جندا وقوَّةً للمبغي عليه المحسود، يقاتل به
الباغي نفسَه وهو لا يشعرُ، فبغيه سهامٌ يرميها من نفسه إلى نفسه، ولو رأى المبغيُّ
عليه ذلك لسَرَّه بغيُهُ عليه، ولكن لضعفِ بصيرته لا يرى إلاّ صورة البغي دون آخره ومآله،
وقد قال تعالى:
﴿ ذَلِكَ وَمَنْ عَاَقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ الله﴾ [الحج: 60]
فإذا كان الله قد ضمن له النصر مع أنّه قد استوفى حقَّهُ أولاً، فكيف بمن لم يستوفِ شيئا من حقِّه؟ بل بُغِي عليه وهو صابر!؟
وما من الذُّنوب ذنبٌ أسرع عقوبةً من البغي وقطيعة الرّحم،
وقد سبقت سُنَّة الله:
أنّه لو بغى جبلٌ على جبل جعل الباغِيَ منهما دَكَّا
»
[«بدائع الفوائد» لابن القيِّم: (2/766)]