عرض مشاركة واحدة
ابو حمزة غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 3 )  أعطي ابو حمزة مخالفة
ابو حمزة
مشرف القران الكريم

رقم العضوية : 271
تاريخ التسجيل : Oct 2011
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 76 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
افتراضي

كُتب : [ 10-30-2011 - 07:37 AM ]

الأنصار بعد غزوة حنين


حدث ما هو أشد من ذلك، وضربوا مثلًا أروع من هذه الأمثلة، وذلك في أعقاب غزوة حنين في سنة 8 من الهجرة، أي قبل حوالي سنتين ونصف من وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقصة بني ساعدة،
روى ابن إسحاق مفصلًا، والبخاري مختصرًا عن أبي سعيد الخدري قال:
لما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطى من تلك العطايا في قريش، وفي قبائل العرب، ولم يكن في الأنصار منها شيء، وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى كثرت فيهم القالة.
أي أن الغنائم كثرت جدًا، فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم منها للعديد من قبائل العرب، لكنه لم يعط الأنصار، فغضبوا لذلك.
حتى قال قائلهم: لقي والله رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه.
والأمر خطير، غزوة حنين كانت من الغزوات العنيفة جدًا في تاريخ المسلمين، ومن المعروف أن المسلمين في بادئ المعركة فروا، وذلك عندما اعتمدوا على أعدادهم وقوتهم، ولم يثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أفراد معدودون، هنا صاح رسول الله صلى الله عليه وسلم:
يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ.
فلبوا جميعًا، ودارت موقعة شرسة للغاية، ثم كتب الله عز وجل نصره لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وللمؤمنين، وحاز المسلمون غنائم لا تحصى من السبي، والإبل، والأغنام، والذهب، والفضة، والسلاح، وغير ذلك،
وبدأ يوزع رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم على القوم، ماذا فعل صلى الله عليه وسلم في الغنائم؟
لقد وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أعدادًا كبيرة من زعماء قريش، وأهل مكة قد دخلوا الإسلام إما رهبة من السيف، وإما رغبة في المال، وهؤلاء من ورائهم أقوام وأقوام، إن لم يعطهم فقد يرتدوا وينقلبوا على أعقابهم، وليست الخسارة فيهم وحدهم، ولكن فيمن وراءهم من الناس، وشوكة الإسلام ما زالت ضعيفة، ولم تتمكن في الجزيرة بعد، فأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتألفهم، ويحتويهم في هذا الدين، فأعطاهم عطاءًا كريمًا سخيًا، أعطى وأعطى،
ثم بعد ذلك لم يبق شيء في يده للأنصار، والأنصار هم الذين ثبتوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم الذين قاتلوا ودافعوا، نعم، لم يفعلوا ذلك لأجل المال، ولا الغنائم، لكن لا بد وأن يتساءل الإنسان، لماذا هذا التباين في العطاء؟ خاف الأنصار أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وجد أنه من المناسب الآن أن ينتقل من المدينة إلى مكة، فأخذ يعطي قومه، حتى يتألفهم، ومن ثَم يترك المدينة، وإذا ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فهذا أمر شديد، فبالإضافة إلى كون هذا أمرًا يحزنهم لفراقه صلى الله عليه وسلم، ففيه خطورة شديدة عليهم؛ لأنهم سيتركون للعرب ينتقمون منهم؛ لنصرتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أنهم خشوا أن يكون ذلك استقلالًا بشأنهم، وتهميشًا لدورهم، ولا يستنكر أيضًا أن يكون لهم رغبة في المال الحلال الذي حصد أمام أعينهم، وخـاصة أنهم شاركوا في جمعه، والوصول إليه، فاستثناءهم منه أمر قد يوغر الصدر،


هنا تحرك زعيم الأنصار الصحابي الجليل سعد بن عبادة الخزرجي رضي الله عنه في سرعة، وحكمة ليبث شكوى الأنصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك ليحتوي الموقف؛ كي لا تتفاقم الأزمة، وحتى لا تبقى هناك نار تحت الرماد، دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال:
يا رسول الله، إن هذا الحي من الأنصار، قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، قسمت في قومك، وأعطيت عطايا عظامًا في قبائل العرب، ولم يك في هذا الحي من الأنصار منها شيء.
صراحة رائعة، ووضوح جميل من سعد بن عبادة رضي الله عنه، وبذلك يمكن للفتن أن تقتل في مهدها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ ذَلِكَ يَا سَعْدُ؟
قال في صراحة أكثر:
يا رسول الله، ما أنا إلا من قومي.
يقصد أنه أيضًا يجد في نفسه،
قال الرسول الحكيم محمد صلى الله عليه وسلم:
فَاجْمَعْ لِي قَوْمَكَ فِي هَذِهِ الْحَظِيرَةِ.
فخرج سعد، فجمع الأنصار في تلك الحظيرة، فجاء رجال من المهاجرين، فتركهم، فدخلوا، وجاء آخرون فردهم.
ويبدو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يريد للفتنة أن تنتشر في أقوام آخرين، ولا يريد أن يترك مجال للقيل، والقال، فأراد أن يحصر الكلام في القوم الذين يحتاجونه.
فلما اجتمع الأنصار جاء له سعد بن عبادة رضي الله عنه فقال له: لقد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار.
فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله، وأثنى عليه ثم قال:
يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، مَا قَالَةٌ بَلَغَتْنِي عَنْكُمْ، وَجِدَةٌ وَجَدْتُمُوهَا عَلَيَّ فِي أَنْفُسِكُمْ؟ أَلَمْ آتِكُمْ ضُلَّالًا، فَهَدَاكُمُ اللَّهُ، وَعَالَةٌ فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ، وَأَعْدَاءٌ فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ.
رد الأنصار في أدب جم:
الله ورسوله أَمَنّ، وأفضل.
رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرهم بماضيهم منذ عشر سنوات فقط، كيف كانوا في تيه الكفر والضلال، والفرقة، والفقر؟
ثم كيف آمنوا واهتدوا وتوحدوا، واغتنوا بالإسلام؟
فكما رفعهم الله بالإسلام، ووجدوا حلاوته، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يرفع أقوامًا آخرين لحلاوة الإيمان، ثم قال صلى الله عليه وسلم:
أَلَا تُجِيبُونِي يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ؟
قال الأنصار في تواضع عجيب:
بماذا نجيبك يا رسول الله؟
لله ورسوله المن والفضل.

رد مع اقتباس