علي بن يحيى الحدادي :
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى أثره أما بعد: أخي المسلم أختي المسلمة ، هذه بعض المخالفات الشرعية التي يكثر وقوعها في المجتمع ولا سيما في أوساط النساء، أوردها من باب النصح محذراً منها ، ذاكراً بعض الأدلة من الكتاب والسنة الدالة على تحريم المخالفة المذكورة، سائلاً المولى أن يعاملنا بلطفه، وأن يعفو عن سيئاتنا، وأن يغفر لنا فيستر ذنوبنا وعيوبنا، وأن يرحمنا فيحفظنا فيما بقي من أعمارنا إنه جواد كريم ..
1- الذهاب إلى الكهنة والسحرة والمشعوذين: إما لعلاج الأمراض، وإما للوقاية منها ومما يخشى وقوع من المكروه.
2- تعليق التمائم والحجب: وذلك لدفع العين والجن والحسد أو شفاء بعض الأمراض، وهذا غلط عظيم قال صلى الله عليه وسلم (إن الرقى والتمائم والتولة شرك) رواه أحمد وعن عبد الله بن عكيم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من تعلق شيئاً وكل إليه) رواه أحمد وعن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً في يده حلقة من صفر فقال ما هذه ؟ قال من الواهنة فقال انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهناً فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً) رواه أحمد وعن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له) رواه أحمد وفي رواية (من تعلق تميمة فقد أشرك) .
3- متابعة الأبراج والطوالع: والتي تنشر في بعض المجلات أو تعرض في بعض القنوات لمعرفة ما ينتظر المرء مستقبلاً من سعادة أو شقاء وفرح أو ترح وغنى أو فقر وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه ابن عباس (من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد) رواه أبو داود .
والأبراج والنجوم ليس لها أثر في موت ولا حياة ولا سعادة ولا شقاء ولا نعيم ولا بؤس إنما ذلك بيد الله وحده، ومن ادعى معرفة الغيب من خلال النظر في النجوم أو الأبراج أو الفنجال أو الخط في الرمل فقد كذب الله تعالى حيث يقول (قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون).
4- التفريط في الحجاب الشرعي: إن الله تعالى فرض الحجاب على المرأة تكريماً لها أن تكون سلعة يتلذذ بها الغادي والرائح، وصيانة لها من عبث العابث وفجور المتهتك، والمرأة كلها عورة عن الرجل الأجنبي قال صلى الله عليه وسلم (المرأة عورة) الحديث رواه الترمذي والحجاب الشرعي هو أن تستر المرأة كامل بدنها عن الأجانب قال تعالى (وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب) وقال تعالى (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهم من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ) الآية. وقال تعالى (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن..) الآية. فالمرأة منهية أن تبدي شيئاً من زينتها إلا لزوجها أو محارمها أما الزوج فتبدي له ما شاءت هي حل له وهو حل لها، وأما المحارم فتتبدي لهن ما يظهر في العادة كالوجه والعنق واليدين والساعدين والقدمين.
ومن صور التفريط في الحجاب كشف الوجه، ولبس النقاب بصورة تفتن ولا تستر، ولبس العباءات الضيقة التي تبين تفاصيل البدن وتقاطيعه، ولبس الملابس الشفافة التي تشف عما تحتها فضلاً عن لبس القصير والعاري وغيرها مما هو معلوم لا يخفى.
5- التساهل في الخلوة بالرجل الأجنبي: وخلوة المرأة بالأجنبي محرم في الشريعة قال صلى الله عليه وسلم (لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما) رواه أحمد وتعظم الفتنة إذا كانت الخلوة بأحماء المرأة وهم أقارب الزوج كأخيه وابن عمه ونحوهما وفيهم يقول النبي صلى الله عليه وسلم (الحمو الموت) متفق عليه، وذلك لشدة الفتنة به إذ يتمكن مما لا يتمكن منه غيره، تحت غطاء القرابة والثقة.
ومن الخلوة المحرمة ركوب المرأة وحدها مع السائق، وبقاء الرجل في البيت مع العاملة المنزلية (الشغالة) وخلوة الطبيب بالممرضة، وخلوة الطبيب بالمريضة، إلى غير ذلك من الصور التي تفشت وانتشرت حتى ألفها كثير من الناس والله المستعان.
6- سفر المرأة بلا محرم: وقد تساهل فيه بعض الناس لا سيما إذا كان السفر بالطائرة مع أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) متفق عليه. والمحاذير الموجودة في سفر المرأة براً موجود مثلها في سفرها جواً ، وتعظم الفتنة إذا كانت المرأة شابة فإن الطمع فيها أكثر والجرأة عليها أكبر.
7- كثرة الخروج من المنزل لغير حاجة: والأصل في المرأة أن تقر في بيتها قال تعالى (وقرن في بيوتكن) فأمرهن بالقرار في البيوت وأضاف البيوت إليهن مع أنها ملك الأزواج غالباً إشعاراً بطول ملازمتهن لها حتى كأنها لهن ملكاً، وخروج المرأة من بيتها لحاجة لا حرج فيه كأن تخرج إلى عملها المباح، أو تخرج إلى المسجد لتشهد الصلاة بإذن زوجها أو أن تخرج لصلة رحم أو زيارة قريب ونحو ذلك لكن يكون الخروج بقدر الحاجة وبالتزامها بالحجاب وما يفرضه الوقار والحشمة إذ كثرة خروجها مما يجرئ عليها السفهاء ويغري بها المرضى ويسهل عليهم إيقاعها في شراكهم ولا سيما إذا أكثرت الخروج إلى الأسواق والمتنزهات حيث يكثر فيها أهل الانحراف.
8- الاستعمال الخاطئ لأجهزة الاتصال الحديثة: كالهاتف الثابت والهاتف المحمول وشبكة الانترنت، فمن النساء والفتيات خاصة من يستعمل هذه الوسائل في التعارف مع الرجال الأجانب وتبادل الأحاديث معهم، وربما حصل تبادل الصور وربما حصل بعد ذلك التواعد على مكان معين ثم حصل اللقاء فالجريمة التي تذهب بالعفة والعرض فضلاً عما تحدثه من نقص عظيم في الإيمان والعياذ بالله.
إن هذه الوسائل من نعم الله على عباده ولكن كثيراً من الناس يوظفها فيما يسخط الله من نشر الفاحشة وإشاعتها في المجتمع المسلم من المعاكسات ونشر الصور الثابتة والمتحركة ونشر الأغاني والكلمات الهابطة والرسائل الغرامية وما هكذا تشكر النعم يا عباد الله وإماءه.
ومما يجدر التنبيه عليه: أن بعض الفتيات قد تزل بها القدم فينفرط لسانها بالأحاديث الهابطة مع بعض السفهاء ويقوم ذلك السفيه بتسجيل كلامها من حيث لا تشعر أو يقوم باستدراجها حتى ترسل له صورها ثم يقوم بعد ذلك بالضغط عليها وتهديدها إن لم تستجب لمطالبه بما حفظ عليها من المكالمات والصور ولا شك أنه موقف صعب إذ هي مخيرة بين أمرين أحلاهما غاية في المرارة.فليكن لدى الفتاة من البصر والتنبه لهذه المكايد ما يكون من أسباب عصمتها من الزلل وبعدها عن هذه الموارد المهلكة، وإذا وقعت في مثل هذا الموقف فليكن لديها من الشجاعة ما تتمكن به من مصارحة أبيها أو أخيها بما جرى حتى يتدارك الأمور قبل أن تصل إلى نهاية مؤلمة تذهب بكل شيء من السمعة والعرض والشرف.
9- استطالة اللسان في أعراض المسلمين والمسلمات بغير حق: وهو ما يسمى في لغة الشرع بالغيبة قال صلى الله عليه وسلم (أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا الله ورسوله أعلم . قال: الغيبة ذكرك أخاك بما يكره. قالوا: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته) رواه مسلم والغيبة حرام بنص الكتاب والسنة قال تعالى (ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم) وعن سعيد بن زيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق) رواه أبو داود ومعنى قوله بغير حق أي بغير مسوغ شرعي يبيح ذكره بالسوء فإن منه ما يكون نصيحة لله ولرسوله وللمؤمنين كالتحذير من أهل البدع حتى تحذر بدعتهم فهذا لا شيء فيه بل هو من أشرف أبواب الجهاد لمن أحسنه وصلحت فيه نيته.
10- السعي بالنميمة: وهي الإفساد بين الناس بنشر المقالات السيئة التي تورث العداوة بين الأخوين أو الزوجين أو غيرهما، وهي من كبائر الذنوب ومن أسباب عذاب القبر ومن أسباب حرمان الجنة قال صلى الله عليه وسلم (لا يدخل الجنة قتات) أي نمام متفق عليه ، وليس معنى الحديث أنه مخلد في النار فإن من مات على التوحيد فلا بد أن يصير إلى الجنة بفضل الله ورحمته ولو دخل النار قبل ذلك.
11- التجمل بما حرم الله التجمل به: فإن الزينة تنقسم في الشرع إلى قسمين زينة مباحة وزينة محرمة ومن الزينة المحرمة الوصل والوشم والنمص وتشقير الحواجب، وعمليات التجميل التي لا يراد منها إلا زيادة الحسن والجمال، ولبس الملابس التي تكشف ما أمر الله بستره ألا وإن فيما أباح الله غنية وكفاية عما حرم.
12- متابعة الأفلام والاستماع إلى الأغاني: أما الأغاني فقد جاء تحريمها في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم) فسرها ابن مسعود رضي الله عنه وهو من أعلم الناس بكتاب الله بأن المقصود بلهو الحديث : (الغناء) وأقسم على ذلك، وبالغناء فسرها أكثر المفسرين. وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق بأنه سيكون في أمته من يستحل المعازف كما في صحيح البخاري فدل ذلك على أنها حرام.
والأغاني في نفسها شر عظيم ومع ذلك فقد دخلها من أنواع الشرور اليوم ما لا يعلمه إلا الله حيث يدور أكثرها حول الفواحش والدعوة إليها والترغيب فيها والتهييج عليها، ودخلها الرقص العاري والرقص المختلط ودخلها تمثيل كلماتها في أفلام تعرض على خلفياتها فأفسدت الأسماع والأبصار والقلوب والأخلاق.
وأما الأفلام: فالتمثيل دخيل على الإسلام، دخيل على أمة الإسلام، وعامة الأفلام تشتمل على المعازف وعلى صور النساء وعلى مقدمات العلاقات المحرمة وتعليم طرائقها إضافة إلى ما في كثير منها من الأخطاء العقدية فجمعت بين فتنتي الشبهات والشهوات، فيا خسارة من أضاع فيها عمره، وأنفق فيها وقته، ما ذا فاته من الخير وماذا عرض نفسه له من الشر، إن ساعة غفلة تمر بالمرء في دنياه كفيلة بأن تطول عليها حسرته وندامته يوم القيامة.
13- الفتنة بالصور: والتصوير في الإسلام حرام إلا لحاجة ماسة كالصور التي تقدم في معاملات رسمية ونحوها، والدليل على تحريم التصوير قوله صلى الله عليه وسلم (أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله) متفق عليه، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (كل مصور في النار، يجعل الله له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جهنم) متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم (إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة) متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم (قاتل الله قوماً يصورون ما لا يخلقون) رواه الطيالسي. و(استأذن جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم : ادخل. فقال : كيف أدخل، وفي بيتك ستر فيه تصاوير فإما أن تقطع رؤوسها، أو تجعل بساطاً يوطأ، فإنا معشر الملائكة لا ندخل بيتاً فيه تصاوير) رواه النسائي. وقد جر التصوير شراً كثيراً على الأديان والأخلاق والأعراض، فبادر أخي المسلم إلى تطهير بيتك وهاتفك ومناسباتك من الصور والتصوير امتثالاً لما مر بك من الوعيد في شأن الصور والمصورين.
هذا بعض ما تيسر ذكره في هذه العجالة وأسأل الله أن يلهمنا رشدنا وأن يقينا شر أنفسنا، وأن يهدينا سواء السبيل، وأن يحفظ علينا وعلى إخوتنا وأخواتنا إيماننا وديننا وحياءنا وأن يوفق ولاة أمر المسلمين لما فيه رضاه وصلاح البلاد والعباد. والله أعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه.
والذهاب إليهم معصية كبيرة وتصديقهم فيما يدعون من علم الغيب كفر بالله تعالى، وتنفيذ ما يطلبونه من الذبح لغير الله شرك أكبر مخرج من الملة، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم) رواه أبو داود
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له ومن أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ) رواه البزار