وصيَّةُ الإماميْن الفوزان والمدخليّ
للشَّيخ الأُستاذ الدُّكتور سُليمان الرِّحيليّ
حفظهم اللهُ ومتَّع بهم وأطال في عُمرهم ونصرهم بالسُّنَّة ونصر السُّنَّة بهم
المقطع مِن محاضرة بعنوان:
موقفُ المُسلم مِن الفتنِّ
للشَّيخ أ.د. سليمان الرّحيليّ
بتاريخ 27 جمادى الأولى 1435هـ بعد صلاة العشاء بالجهراء ـ الكويت
وقد زُرنا الشَّيخَ صالِح الفوزان حفظه اللهُ مرَّةً، وجاء الكلامُ عمَّا قد يقعُ بين السَّلّفيِّين، ليس بين السَّلفيِّين وأهلِ البدع، الَّذي بين السَّلفيِّين وأهلِ البدع هذا على مرِّ السِّنِين، لكن الَّذي يقع بين السَّلَفِّين أحياناً، فقال وصيَّةً طيِّبةً وعجيبةً، قال: الَّذي بين السَّلفيِّين:
- إنْ كان مِمَّا يُدفنُ فينبغي دفنُهُ.
- وإنْ كان مِمَّا لا يُدفنُ فينبغي إصلاحُه بِما لا يُفرِحُ أهلَ البدع.
يعني الَّذي يُدفنُ الأُمور الشَّخصيَّة، والله فُلان قال عنِّي كذا، والله فُلان قال كلمةً، والله كذا، هذه مُمكن دفنُها، تُدفن.
وأمَّا الأُمور الشَّرعيَّة ونحو ذلك فتُصلحُ بالنَّصيحة، مع مُراعاة أنَّا قليلٌ في وسط أهل شرٍّ كُثُر يفرحون بأنْ ينالنا الأذى رُبَّما أكثر مِن فرحِهم بنَيْلِ الأذى للمُشرِكين.
وزُرنا الشَّيخَ ربيعاً متَّع اللهُ به، وأطال عُمره في طاعة، ونصرهُ بالسُّنَّة، ونصر السُّنَّة به، فذكرنا شيئا حول مثل هذه الأُمور، فقال: أنا وصيَّتي الصَّبر الصَّبر حتَّى لا يكون هُناك مجال للصَّبرِ، وذكر حفظهُ اللهُ أنَّه صبر على بعض النَّاس عشر سِنِين، أو أقلّ أو أكثر؛ وهذا لا شكّ أنَّه مِن العلاج، والأمر الّّذي ينبغي أنْ يُلتفتَ إليه.
هذا الأمرُ ينبغي مُراعاتُهُ، والنَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يقول في تسويةِ الصُّفوف: «لِينُوا في أيدي إخوانِكم»[أحمد بإسناد لا بأس به (5/ 262) وأبو داود وغيرُهما، قال أبو داود: ومعنى: "لينوا بأيدي إخوانكم" إذا جاء رجل إلى الصَّف فذهب حتى يدخل فيه، فينبغي أنْ يلِين كُلُّ رَجل منكبيْه حتَّى يدخلَ في الصَّف]،فكيف في الدَّلالة على الخير! في التَّنبيه على شرٍّ!
ينبغي علينا أنْ نلِين في أيْدي إخوانِنا وألاَّ نُكابر مع حُسن الظَّنِّ، وسلامة القلب؛ ولا سعادة للإنسان إلاَّ بسلامة قلبه، وسلامةُ القلب تكون بتخلِيصه مِن العوائق والعلائق؛ لِيَكون همُّهُ وهِمَّتُه لله سُبحانه وتعالى.
هذه في الحقيقة كُليْمات مُذكِّرات، وإلاَّ فأنا أعلمُ أنِّي لمْ أزِدكم شيئا، ولكنَّها الذِّكرى، والذِّكرى تنفعُ المُؤمِنين، وأعلمُ -ولله الحمد والمِنَّة- أنَّ عند إخواني مِن العلم ما هو أكثر وفي قُلُوبهم مِن الخير ما هو أبلغ.