الشيخ عبد العزيز ابن باز حفظه الله ما حكم المصافحة بعد الصلاة، وهل هناك فرق بين صلاة الفريضة والنافلة؟الأصل في المصافحة عند اللقاء بين المسلمين شرعيتها، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصافح أصحابه رضي الله عنهم إذا لقيهم وكانوا إذا تلاقوا تصافحوا. قال أنس رضي الله عنه والشعبي رحمه الله: (كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا وإذا قدموا من سفر تعانقوا)، وثبت في الصحيحين أن طلحة بن عبيد الله - أحد العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم - قام من حلقة النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده عليه الصلاة والسلام إلى كعب بن مالك رضي الله عنه لما تاب الله عليه فصافحه وهنأه بالتوبة وهذا أمر مشهور بين المسلمين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما من مسلمين يتلاقيان فيتصافحان إلا تحاتت عنهما ذنوبهما كما يتحات عن الشجرة ورقها))، ويستحب التصافح عند اللقاء في المسجد أو في الصف وإذا لم يتصافحا قبل الصلاة تصافحا بعدها تحقيقا لهذه السنة العظيمة. ولما في ذلك من تثبيت المودة وإزالة الشحناء. لكن إذا لم يصافحه قبل الفريضة شرع له أن يصافحه بعدها بعد الذكر المشروع. أما ما يفعله بعض الناس من المبادرة بالمصافحة بعد الفريضة من حين يسلم التسليمة الثانية فلا أعلم له أصلا بل الأظهر كراهة ذلك لعدم الدليل عليه. ولأن المصلي مشروع له في هذه الحال أن يبادر بالأذكار الشرعية التي كان يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم بعد السلام من صلاة الفريضة. وأما صلاة النافلة فيشرع المصافحة بعد السلام منها إذا لم يتصافحا قبل الدخول فيها. فإن تصافحا قبل ذلك كفى.
ما حكم مصافحة الطالب لزميلته في الدراسة؟ وماذا يفعل لو مدت يدها للسلام عليه؟
ا تجوز الدراسة المختلطة مع الفتيات في محل واحد أو في مدرسة واحدة، أو في كراس واحدة بل هذا من أعظم أسباب الفتنة فلا يجوز للطالب ولا للطالبة هذا الاشتراك لما فيه من الفتن.
وليس للمسلم أن يصافح المرأة الأجنبية عنه ولو مدت يدها إليه. ويخبرها أن المصافحة لا تجوز للرجال الأجانب؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال حين بيعته للنساء: ((إني لا أصافح النساء))، وثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط، ما كان يبايعهن إلا بالكلام)، وقد قال الله عز وجل: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا[1]، ولأن المصافحة للنساء من غير محارمهن من وسائل الفتنة للطرفين فوجب تركها.
أما السلام الشرعي الذي ليس فيه فتنة ومن دون مصافحة ولا ريبة ولا خضوع بالقول ومع الحجاب وعدم الخلوة فلا بأس به، لقول الله عز وجل: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا[2]، ولأن النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كن يسلمن عليه ويستفتينه فيما يشكل عليهن، وهكذا كانت النساء يستفتين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يشكل عليهن.
أما مصافحة المرأة للنساء ولمحارمها من الرجال كأبيها وأخيها وعمها وغيرهم من المحارم فليس في ذلك بأس، والله ولي التوفيق.
[1] سورة الأحزاب الآية 21. [2] سورة الأحزاب الآية32.
الصفة الصحيحة للسلام على النساء الأجنبياتمثل السلام على غيرهن، السلام عليكم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، للرجال والنساء، وإن قال عليكن بالنون فلا بأس، المقصود هذا هو السلام الشرعي، وهن يقلن وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، مثلما قال لهن، فإن قال: السلام عليكم، وجب أن يقلن وعليكم السلام، وإن قال: ورحمة الله، وجب أن يقلن وعليكم السلام ورحمة والله، وإن قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجب الرد، يقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، لأن الله سبحانه يقول: وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها، فالرد واجب والزيادة مستحبة، أن يقول: ورحمة الله، مستحبة، فإذا قالها المسلِّم وجب ردها، من الرجال والنساء جميعاً، فإذا مر على النساء أو دخل عليهن في البيت سلم عليهن، لكن على وجه ليس فيه فتنة بل يكون مع التحجب، ومع الصيانة وعدم الخلوة بالمرأة فيكون على طريقة شرعية ليس فيها فتنة ولا تهمة. إنما المصافحة كيف يكون وضعها لو سمحت؟ ليس للرجل أن يصافح المرأة الأجنبية، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إني لا أصافح النساء)، وتقول عائشة رضي الله عنها: "والله ما مست يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يد امرأة قط، ما كان يبايعهن إلا بالكلام"، فالرجل لا يصافح المرأة الأجنبية، ويجب عليها التحجب منه ولكن يسلم من دون خلوة ومن دون مصافحة، أما مع المحارم لا بأس يصافح أخته، عمته أمه لا بأس.
هل ينتقض الوضوء بملامسة أو مصافحة المرأة الأجنبية مع العلم بأنه حرام؟ فقد وجدنا في كتب الفقه من الأحاديث ما يدل على أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء، ولم يقيد ذلك، فهل هذا العموم مقيد بما يحل لمسه من النساء أم لا؟
جـ 2: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه.. وبعد:
( الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 290)
الصحيح من أقوال العلماء: أن لمس المرأة أو مصافحتها لا ينقض الوضوء مطلقًا، سواءً كانت أجنبية أم زوجة أم محرمًا؛ لأن الأصل استصحاب الوضوء حتى يثبت من الشرع ما يدل على نقضه، ولم يثبت ذلك في حديث صحيح. وأما الملامسة في قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلى قوله: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ الآية من سورة المائدة، فالمراد بها: الجماع على الصحيح من أقوال العلماء.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
قال الشافعي - رحمه الله - :
من حفظ القرآن عظمت قيمته، ومن طلب الفقه نبل قدره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في النحو رق طبعه، ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم.
جامع بيان العلم و فضله