في أوائل رمضان بعد مجالستنا للمشايخ الكرام.
والثانية:
في العشر الأواخر بعد عودتنا للمدينة النبوية وجلوسنا عند المشايخ مرة ثانية، ولقد وفقت للقاء الشيخ العلامة المجاهد الشيخ ربيع بن هادي المدخلي أربع مرات، ووفقت بلقاء العلامة الشيخ عبيد الجابري بمحاضرة وكانت تتمة لحديث
(النفر الثلاثة الذين أطبقت عليهم الصخرة)
، وبعدها التقيته خاصة به بحضور جمع من الإخوة العراقيين السلفيين، سميتهم للشيخ عبيد واحداً واحداً، منهم الشيخ رائد آل طاهر وفقه الله، والذي خصه الشيخ عبيد بالسلام، وسؤاله عنه وعن حاله ووضعه في العراق، وكذلك سؤاله عن أهله وأولاده وعن والديه، ودعا لوالدته لأنها على قيد الحياة، وكذلك الأخ محمد العثماني وغيرهم كثير، وألقيت بين يديه كلمة نقلت فيها سلام الإخوة السلفيين إليه وإلى العلماء، والثناء عليهم لدعوتهم إلى الحق ونصرتهم له ودفاعهم عنه، ومحاربتهم لأهل الزيغ والهوى والضلال.
وكذلك حضرنا للشيخ عبد الله بن عبد الرحيم البخاري محاضرة قيمة طيبة نافعة
(من حقوق الأخوة في الله)
، والتي قد نشرناها على وسائل الاتصال، وإن شاء الله سنطبعها وننشرها لفائدتها.
والتقينا بالشيخ العلامة محمد بن هادي المدخلي عدة لقاءات في مسجده، وكان جزاه الله تعالى حريصا على اللقاء بنا كثيرا لحبنا إياه وحبه إيانا، وجالسته بدعوة خاصة بداره المعمور بحضور الشيخ رائد إل طاهر، وطالت الجلسة من الساعة 12:30 ليلا إلى ما قبل الفجر، راجع معنا هموم الدعوة السلفية في العراق والفتنة والمحنة العظيمة التي نمر بها، وسألنا عن بعض الإخوة السلفيين وطالب الشيخ أبا عمر عبد الباسط المشهداني أن يستمر في كتاباته في الرد على أهل الأهواء.
وجزى الله تعالى أخانا الشيخ عبد الواحد المدخلي بتهيئة معظم هذه اللقاءات، ودعانا أنا والشيخ رائدًا آل طاهر إلى العشاء بحضور الشيخ عبد الله البخاري والذي جلسنا معه إلى ما قبل الفجر، وكان لقاءً طيباً موفقاً مع شيخي وأستاذي الشيخ عبد الله البخاري -الذي درست عنده أكثر من سنة- فأكرمنا الشيخ عبد الله البخاري ونفعنا الله تعالى بعلمه ودعوته.
كانت لقاءاتنا مع الشيخ ربيع كانت كلها نصائح وإرشادات موفقة مسددة بمنهج الأنبياء والدعوى إلى الحق وبتقوى الله، وأكد على السلفيين أن يتقوا الله في أنفسهم، وأن يتقوا الله في هذه الدعوة التي أصبحت أمانة في أعناقهم، وخص الشيخ رائداً آل طاهر ببيان جهده الطيب مشكور في إماتة الخلاف الذي أثير مؤخرا حوله، ونصحه بعدم الانشغال بمثل هذا مستقبلا، وأخبره بأن هذه القضية قد طواها ولا يلتفت إليها وطالب الآخرين بتركها والاهتمام بالدعوة إلى الله عز وجل، لنصرة الحق والدفاع عنه ضد أهل الأهواء والزيغ، وأوصى الشيخ رائداً بالرد على اثنين من الحدادية حال وصوله للعراق، كما إن الشيخ ربيعاً قد شنع بشدة على كل من يتهم الشيخ رائداً بشيء من الحدادية.
وسأذكر سؤالا قدمه أحد الإخوة للشيخ محمد بن هادي المدخلي حفظه الله:
السائل:
في بلدنا العراق -وربما قصد كردستان- محن وفتن والآن نحن نمتحن بالرجال هل أنت مع فلان أم مع فلان والذي نعرفه أن فلاناً الأول سلفي، والآخر سلفي هكذا نحسبهم والله حسيبهم، ولا نعرف جواباً فما موقفنا يا شيخ؟
فأجاب الشيخ محمد بن هادي قليلا:
أولاً:
نحن لا نتعصب للرجال لا لفلان ولا لفلان بل نحن مع الحق حيث كان وحيث دار.
ثانياً:
علينا اتباع الحق بالدليل والحجة والبيان لا مع الرجال.
ثالثاً:
علينا كسلفيين أن نكون باحثين عن الحق، أن نجلس ونسترشد بالأدلة للوصول للحق كما قال عز وجل:
(فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا)
، وقوله تعالى:
(وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب)
، فعلى طلاب العلم السلفيين، الجلوس جلسة خاصة هادئة هادفة، للمناصحة والمراجعة والرجوع إلى الحق بالدليل.
رابعاً:
إن بقي شيء عالقاً لم يستوعب فعليهم الرجوع للعلماء الربانين العارفين، لقوله عز وجل:
(ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا)
أ.هـ
وكلام الشيخ محمد بن هادي من قول السلف:
(يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال)
.
وكما قال السلف:
(لكل عالم زلة ومن تتبع رخص العلماء تزندق أو كاد).
ورضي الله عن عمر الفاروق الباحث والناصر للحق حيث قال:
(رحم الله امرئً أهدى إلي عيوبي)
.
ورضي الله عن ابن عباس القائل:
(توشك إن تقع عليكم حجارة من السماء، أقول لكم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقولون: قال أبو بكر وعمر).
ورحم الله أبا حنيفة الباحث والناصر للحق لا لنفسه حين قال
: (إذا وجدتم حديثا لرسول الله يعارض قولي فأضربوا بكلامي عرض الحائط وخذوا بحديث رسول الله، قيل له: وإن كان قول صحابي، قال: خذوا قول الصحابي وأضربوا بكلامي عرض الحائط)
ورحم الله الإمام مالكاً الباحث القائل:
(كلٌ يُؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر وأشار لرسول الله).
ورحم الله الشافعي القائل
: (ما ناظرت أحدا قط ألا تمنيت أن يجري الحق على لسانه).
ورحم الله الأمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة والجماعة فهو القائل:
(لا تقلدوني ولا تقلدوا مالكا ولا الشافعي ولا الثوري وخذوا من حيث أخذوا).
وكما قال الشيخ عبيد الجابري حفظه الله في جلستنا الأخيرة معه في رمضان قال:
(السلفي ليس بمعصوم فالسلفي قد يخطئ كما أن المبتدع قد يصيب، ولكن العبرة هو الرجوع إلى الحق بالدليل، والحمد لله السلفيون يختلفون في الفروع ويتفقون في الأصول ودعواهم الحق، ودعوى الحق توجب عليهم الرجوع للحق بالدليل فنحن أمة الدليل، ومادام طلاب العلم يتواصلون ويتراجعون مع العلماء فهذه علامة طيبة مباركة، يسترشد ويستنصح طالب العلم السلفي بنصائح وتوجيهات أئمة الهدى والنور، ثم ختم الشيخ عبيد حفظه الله مجلسه قائلاً: أبشركم بأني سأجلس مع الشيخ محمد بن هادي المدخلي والشيخ عبد الله البخاري بعد العيد لحل واحتواء كل الخلافات بين الأخوة السلفيين.
وهنا أنقل كلام العلامة الشيخ ربيع حفظه الله تعالى:
(اتركوا التعصبات لفلان وفلان ولا تتعصبوا لأي احد; تفرقون الدعوة السلفية ما نرضى لكم هذا أبدا).
وقال أيضا:
(أما أن يأتي رجل جاهل وينصب نفسه إماما ويخوض في الأباطيل والضلالات تتعصب له; فهذا من أعمال الجاهلية).
وهنا أذكر ما أوصاني به الشيخ ربيع كوني كبيراً في السن أن أكون أباً للإخوة السلفيين، وأنقل هذه النصيحة لجميع الإخوة السلفيين أن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم، وأن يتقوا الله عز وجل بهذه الدعوة السلفية ويتركوا المهاترات والكلام السيئ والانشغال بالدعوة والرجوع للحق، وإذا خفي أمر فالعلماء موجودون يرجعون إليهم، فإن الدعوة السلفية أمانة في أعناقهم، فأنها حمل عظيم لا يحمله إلا المخلصون الصادقون، وعليهم بالحق والدليل وعدم التعصب للرجال والأشخاص.
وأوصاني بوصية للإخوة طلبة العلم في الرضوانية بالحلم والصبر والمحبة والألفة والبذل مع الإخوة السلفيين وان يطووا وينسوا ما كان، فالأمر بعد الله تعالى موكل للعلماء فجزاه الله تعالى شيخا وأباً مشفقا ناصحا حنونا.
علماً، بأني جالست الأخوة أهل الرضوانية الموجودين في عمَّان يوم الثلاثاء 5 شوال 1436 في دعوة إفطار عند أخينا مؤيد أبي بكر الزوبعي وبحضور الشيخ حسن أبي معاذ والأخ هادي النزال أبي ليث والشيخ أبي عمر عبد الباسط المشهداني والشيخ محمد العثماني وآخرين، ونقلت لهم تحيات ووصايا العلماء
(الشيخ ربيع والشيخ عبيد والشيخ محمد بن هادي والشيخ عبد الله البخاري)
حفظهم الله تعالى، ووصيتهم لهم بالحلم والصبر والتأني والتروي والاجتماع والائتلاف وعدم الاختلاف وترك الأمور المعضلة للعلماء والانشغال بالعلم والعمل والدعوة والصبر عليها.
لقائاتنا المباركة مع مشايخ الدعوة بالمدينة النبوية رمضان 1436
العرض المتطور
