بسم الله الرحمن الرحيم
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ........ أما بعد
فإن من المعاول القوية في هدم الشريعة المحمدية أن يتكلم منسوب لعلم أو دعوة أو جهة شرعية بخلاف الشريعة ، ويزداد الأمر سوءاً أن يجادل وينافح عن ذلك ، ويلبس الباطل لباس الحق ليروج على العامة من جهة ، ويتمسك به دعاة الباطل والمنافقون من العلمانيين والليبراليين من جهة أخرى . وصدق الخليفة المحدث المعلم الفاروق عمر بن الخطاب لما قال:" ثلاث يهدمن الدين " وذكر منها " وجدال منافق بالقرآن " أخرجه الدارمي بإسناد صحيح
وكم كان السلف أهل حكمة ونور من الله لما قال الإمام سفيان الثوري : اتقوا فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل فإنها فتنة لكل مفتون . أخرجه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل
ومصداق ما ذكره الإمام سفيان الثوري قوله تعالى ( وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) [الأحزاب : 72]، فالفساد والعصيان لا يخرج عن سببين إما الجهل أو الظلم وهو المخالفة بعمد
ومن المفسدين الضالين والدعاة المبطلين الدكتور - في غير العلوم الشرعية - أحمد بن قاسم الغامدي – هداه الله – رئيس هيئة مكة المكرمة بالتكليف .فقد طالعنا بمقالين سيئين في جريدة عكاظ أولهما العدد (15810) الصادر يوم الأربعاء بتأريخ (22من ذي الحجة عام 1430) يحمل مقالاً باسم الدكتور أحمد بن قاسم الغامدي عنوانه: الاختلاط طبيعي في حياة الأمة ومانعوه لم يتأملوا أدلة جوازه الصريحة
وثانيهما: العدد (15811) الصادر في يوم الخميس بتأريخ 23/12/1430هـ
تحت عنوان: القول بتحريم الاختلاط افتئات على الشارع وابتداع في الدين
قرر فيهما شنائع منها
1-جواز مخالطة الرجال للنساء
.2-جواز دخول الرجل الأجنبي بيت المرأة الأجنبية والنوم في فراشها
.3-جواز فلي وقص وحلق المرأة الأجنبية لشعر رأس الرجل الأجنبي .وقد رددت عليه رداً صوتياً في درس مسجل بعنوان ( النقض والإسقاط لشبه الغامدي في الاختلاط ) http://islamancient.com/lectures,item,822.html
وقدمت بمقدمات علمية نقلتها من كلام أهل العلم من أدركها عرف بطلان دعواه العارية من دليل وعقل . وإني لأحمد الله أن أهل الخير من علمائنا بادروا بالرد كالشيخ العلامة محدث المدينة النبوية عبدالمحسن العباد – حفظه الله –http://islamancient.com/articles,item,610.html
وأيده الشيخ العلامة سعد الحصين في مقال ومناصحة أرسلها إلى الغامدي
http://islamancient.com/articles,item,611.html
وقد قام الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي بكتابة رد مفصل على مقاليه فجاوز حجمه مائة صحيفة
http://islamancient.com/books,item,456.html
فجزاهم الله عنا وعن الإسلام خيرا
وأحب في هذا المقال أن أشير إلى بعض المهمات
المهمة الأولى: إن الاختلاط قد عمّ كل بلاد العالم الإسلامي خلا هذه الدولة المباركة ، فلا زالت المعركة سجالاً بين مانعي الاختلاط ومنكريه ، وكثير منهم من أهل الصلاح والعامة وهم الأكثر ، وبين دعاته وراغبيه وهم قلة وفيهم منافقون من العلمانيين والليبراليين ، ثم ساندهم أناس محسوبون من أهل الخير والديانة كوزير العدل الدكتور محمد العيسى والقاضي الدكتور عيسى الغيث والدكتور أحمد بن قاسم الغامدي
وبمثل مؤازرة هؤلاء يستساغ الاختلاط ، ويبدأ يقبل عند كثير من العامة لا سيما الذين يزعمون أن لديهم علماً ومعرفة وهم ليسوا كذلك ، لذا الواجب أن توقف الوقفة الشرعية تجاه هذا الاختلاط وأن يناصح ولاة أمرنا – جزاهم الله خيراً – في هذا الاختلاط من جهة، ومن جهة أخرى يثبت العامة على بغض هذا المنكر الشنيع ومن ذلك الرد على كل داعي إلى الاختلاط بالعلم والبرهان ، وينبغي لأهل الخير ألا يستخفنهم هؤلاء المنافقون من العلمانيين والليبراليين، فيضطرون للوقوع فيما لا تحمد عقباه ، وليقنوا أن ولاتهم ولاة توحيد وسنة ، فينبغي وضع اليد في أيديهم لقطع الطريق على قطاع الطرق ومريدي الفساد
ونشكوا إلى الله من حماسات أقوام ، وعدم النظر في عواقب الأمور حتى يستخف بعضهم فيخرج فتوى بتكفير الداعين إلى الاختلاط ويذكر في ثناياها قيوداً لا يتبصرها كل أحد ، فتكون فرصة للمنافقين من العلمانيين والليبراليين للتشغيب بمثل هذه الفتاوى التي هي ردود أفعال
المهمة الثانية : ينبغي للراد أن يكون رده بعلم لا بحماسات واندفاعات ، وإن الرد إذا لم يكن بعلم وبحجة استغل دعاة الاختلاط مثل هذا لتعزيز موقفهم ، لذا من الخطأ الكبير إظهار المناظرة له أمام العامة لا لقوة حجته وإنما لأن أكثر الناس مقتنعون بفساد ما يدعو إليه وهم ليسوا في الفهم على درجة واحدة، فلذا إذا سمع بعضهم كلامه فلقلة علمه وإدراكه يظن أن لديه حجة فقد تقع الشبهة في قلبه بتزيين من الشيطان الرجيم ، ولا يقع الجواب موقعه . وهذا ما رأيته عند جمع من العامة بعد المناظرة معه علانية
وما أحسن طريقة علمائنا الأجلاء لما ردوا عليه بتفنيد أدلته كفعل الشيخ الدكتور العلامة ربيع بن هادي المدخلي – وفقه الله - ، فقد رد على أدلته دليلاً دليلاً ، رداً حمده وأثنى عليه من قرأه لأنه كان بعلم وبحجة
المهمة الثالثة: كم يفرح كل غيور على دينه إذا رأى مواجهة الناس لهذا المنكر الشنيع الاختلاط، وإن كان من رجل ظاهره التدين والصلاح ويشغل منصب رئيس هيئة مكة المكرمة ، ولم يرددوا تلك الكلمات التي تفتح الطريق لكل من أراد الإفساد باسم الدين . كقولهم : لا تردوا عليه فإن عنده حسنات، وقولهم: لا تردوا عليه فإن الرد يقسي القلب أو يفرق الأمة . وقولهم : ما يدريك لعله يريد كذا وكذا . بل ولله الحمد هبوا هبة واحدة تجاه هذا المنكر الشنيع وأتمنى أن تستمر هذه الغيرة فيما هو أشد وهو تجاه الأخطاء العقدية كسب الصحابة أو الدفاع عن سبابة الصحابة أو تهوين الخلاف مع الرافضة وهكذا
وبعد فليس بغيتي من هذا المقال الرد على أدلته فقد فعلت ذلك – ولله الحمد – في الدرس الصوتي فليراجعه من شاء
أسأل الله سبحانه أن يرشدنا وأن يأخذ بنواصينا إلى البر والتقوى
عبد العزيز بن ريس الريس