"من البدع، وَمَشْي اَلرِّجَالِ خلف الجنائز حُفَاةً مُنْسَلِبِينَ" يعني: مسرعين بين يديها، فالركبان، والمشاة لهم محلات من الجنازة، فهؤلاء بين يديها، وهؤلاء خلفها، ولكن! أنْ تمشِ حافيًا ما ورد بذلك نصٌّ لا في كتاب الله، ولا في سُنَّة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلعلَّ هذا كان في زمن المصنِّف، أو أدركه، أو بلغه علمه، أنَّ بعض النَّاس يفعلون ذلك، يمشون بين يدي الجنازة حفاةً منسلبين، يعني، مسرعين، منسلبين: مسرعين، ولهذا قالَ: "وَمَشْي اَلرِّجَالِ"، عطفه على لطم الخدود فيها. قالَ: "وَمَشْي اَلرِّجَالِ حُفَاةً مُنْسَلِبِينَ"، بتقديم اللام، بعدها الباء، منسلبين، يعني: مسرعين، فلعلَّه أدركه في زمنه، أو أنهُ بلغه علمه، لأنَّ البدع لا تزال تجدُّ وتحدث، فيحدث في كلِّ زمنٍ ما لم يكن في الَّذي قبله من البدع، وذلك لأنَّ لطم الخدود، وشقَّ الجيوب والصُّراخ فيه إظهارٌ للجزع والتَّسخط على قضاء الله وقدره، وهذا إشعارٌ بعدم الرِّضا، وهو غير سبيل المؤمنين، على غير السَّبيل الَّتي مدح الله أهلها وبشَّرهم بالثَّواب في قوله: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (١٥٥) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّـهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ(١٥٦) أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (١٥٧)﴾ [ البقرة: 155، 157
http://ar.miraath.net/fawaid/6975