بسم الله الرحمن الرحيم
قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ( .. وأصحابي أمنةً لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون ).
وحب الصحابة يجب أن يتربى عليه الصغير ويهرم عليه الكبير من غير غلو وإفراطٍ ـ أعني تجاز الحد في
حبهم ورفعهم عن منزلتهم ـ كما تفعل الرافضة بآل البيت ـ.
وشعارنا
ما قاله الطحاوي رحمه الله: "وَنُحِبُّ أَصْحَابَ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَلاَ نُفْرِطُ في حُبِّ أَحَدٍ
مِنْهُم؛ وَلاَ نَتَبَرَّأُ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُم، وَنُبْغِضُ مَنْ يُبْغِضُهُم، وَبِغَيْرِ الخَيْرِ يَذْكُرُهُم، ولا نُذْكُرُهُم إِلاَّ بِخَيْرٍ, وَحُبُّهُم دِينٌ
وإيمَانٌ وإحْسَانٌ، وَبُغْضُهُم كُفْرٌ ونِفَاقٌ وطُغْيَانٌ".
وما قاله الشاعر:
حُبُّ الصَّحابَةِ كُلُّهُمْ لي مَذْهَبٌ = وَمَوَدَّةُ القُرْبى بِها أَتَوَسّل
فهذه سلسلة محاضرات في مناقب الصحابة اسأل الله أن ينفعني بما قلت وبما كتبت، فسأضعها كتابةً للقارىء
وسأضعها ملف صوتي للسامع في هذا الرابط:
http://www.zshare.net/download/71035359c405c5a5/
ثانياً
مناقب الفاروق
نسبه
عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن
غالب القرشي العدوي . ينتهي إلى الشجرة التي منها النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعثمان بثمانية آباء
كعب يجتمع نسبه مع نسب محمد بن عبد الله رسول الإسلام.
أمه حنتمة بنت هشام المخزوميه أخت أبي جهل.
لقبه: الفاروق.
وكنيته: أبو حفص.
وقد لقب بالفاروق لأنه كان يفرق بين الحق والباطل ولا يخاف في الله لومة لائم. وكان منزل عمر في الجاهلية
في أصل الجبل الذي يقال له اليوم جبل عمر، وكان اسم الجبل في الجاهلية العاقر، وكان عمر من أشراف
قريش، وإليه كانت السفارة فهو سفير قريش.
إسلامه
أسلم بعد إسلام أربعين سوى من هاجر إلى الحبشة لأنه أسلم سنة ست من النبوة وهو ابن خمس وعشرين
وقيل ست وعشرين سنة، وكان سبب إسلامه:
أنه دخل على أخته فاطمة بنت الخطاب وهي تقرأ القرآن وكان خباب بن الأرت ينتابها ويقرئها القرآن فسألها
عمر ما هذه الهينمة التي سمعتها وأنا على الباب فأخفت إسلامها في بادىء الأمر ثم أظهرت اسلامها أمام
أخيها فطلب الصحيفة التي بيدها فامتنعت وقالت تغتسل، فاغتسل وأخذ الصحيفة وقرأ صدرا من السورة
فأعجب به وألقى الله في قلبه الإسلام فخرج إليه خباب وقد كان قد اختبأ عنه خوفا منه، وقال يا عمر إني
لأرجو أن يكون الله قد خصك بدعوة نبيه فخرج عمر هو وخباب إلى دار الأرقم حتى قرع الباب فقام رجل من
الصحابة فنظر من خلل الباب فرجع وهو فزع مذعور فقال هذا عمر
متوشحا بسيفه فقال حمزة بن عبد المطلب إن كان جاء يريد خيرا بذلناه وإن كان يريد شرا قتلناه بسيفه فأذن
له ونهض رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيه وأخذ بحجزته ثم جذبه جذبة شديدة فقال ما جاء بك يا ابن
الخطاب فوالله ما أراك تنتهي حتى ينزل الله بك قارعة قال جئت لأؤمن بالله ورسوله فقال النبي الله
أكبر وأسلم عمر وقال كم أنتم قال أربعون قال والله لا نعبد الله بعده سرا فخرج إلى الناس وأظهر الإسلام.
فضله
عن بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال اللهم أعز الإسلام بعمر هذا حديث
صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب خاصة هذا
حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه
وأخرج ابن سعد والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال كان إسلام عمر فتحا وكانت هجرته نصرا وكانت
إمامته رحمة ولقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي إلى البيت حتى اسلم عمر فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا
فصلينا.
وأخرج ابن سعد والحاكم عن حذيفة قال لما أسلم عمر كان الإسلام كالرجل المقبل لا يزداد إلا قربا فلما قتل
عمر كان الإسلام كالرجل المدبر لا يزداد إلا بعدا وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أول من
جهر بالإسلام عمر بن الخطاب إسناده صحيح حسن
وأخرج ابن سعد عن صهيب قال لما أسلم عمر رضي الله عنه أظهر الإسلام ودعا إليه علانية وجلسنا حول
البيت حلقا وطفنا بالبيت وانتصفنا ممن غلظ علينا ورددنا عليه بعض ما يأتي به.
في هجرته رضي الله عنه
أخرج ابن عساكر عن علي قال ما علمت أحدا هاجر إلا مختفيا إلا عمر بن الخطاب فإنه لما هم بالهجرة تقلد
سيفه وتنكب قوسه وانتضى في يده أسهما وأتى الكعبة وأشراف قريش بفنائها فطاف سبعا ثم صلى ركعتين
عند المقام ثم أتى حلقهم واحدة واحدة فقال شاهت الوجوه من أراد أن تثكله أمه وييتم ولده وترمل زوجته
فليلقني وراء هذا الوادي فما تبعه منهم أحد.
وأخرج عن البراء رضي الله عنه قال أول من قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير ثم ابن أم مكتوم ثم
عمر بن الخطاب في عشرين راكبا فقلنا ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هو على أثري ثم قدم رسول
الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه معه قال النووي شهد عمر مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم المشاهد كلها وكان ممن ثبت معه يوم أحد.
وورد في فضله الأحاديث الكثيرة نذكر بعضاً منها
أخرج الشيخان عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بينا أنا نائم رأيتني في
الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر قلت لمن هذا القصر قالوا لعمر فذكرت غيرتك فوليت مدبرا فبكى عمر
وقال أعليك أغار يا رسول الله).
وأخرج الشيخان عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بينا أنا نائم شربت يعنى اللبن حتى
أنظر الرى يجري في أظفاري ثم ناولته عمر ، قالوا: فما أولته يا رسول الله قال العلم).
وأخرج الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (بينا
أنا نائم رأيت الناس عرضوا علي وعليهم قمص فمنها ما يبلغ الثدي ومنها ما يبلغ دون ذلك وعرض علي عمر
وعليه قميص يجره قالوا فما أولته يا رسول الله قال الدين).
وأخرج الشيخان عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا ابن الخطاب والذي
نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط إلا سلك فجا غير فجك).
وأخرج البخاري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد كان فيما قبلكم من الأمم ناس
محدثون فإن يكن في أمتي أحد فإنه عمر). أي: ملهمون
وأخرج الترمذي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه)
، قال ابن عمر وما نزل بالناس أمر قط فقالوا وقال إلا نزل القرآن على نحو ما قال عمر.
وأخرج الترمذي والحاكم وصححه عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو كان بعدي
نبي لكان عمر بن الخطاب).
وهو رضي الله عنه من العشرة المبشرين بالجنة، وقد ولي الخلافة بعد خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم
أبو بكر الصديق رضي الله عنه باستخلاف منه.
بعض أقوال الصالحين في عمر:
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه ما على ظهر الأرض رجل أحب إلى من عمر أخرجه ابن عساكر .
وقيل لأبي بكر في مرضه ماذا تقول لربك وقد وليت عمر قال أقول له وليت عليهم خيرهم. أخرجه ابن سعد.
وقال علي رضي الله عنه إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر أخرجه
الطبراني في الأوسط.
وسمي أمير المؤمنين وأول من سمى بأمير المؤمنين عمر عدي بن حاتم الطائي وأول من سلم عليه بالإمارة
المغيرة بن شعبة، وأول من دعا له على المنبر بالصلاح أبو موسى الأشعري وصار إليه خاتم النبي صلى الله
عليه وسلم ورداؤه .
وفي سنة سبع من خلافته فرض للناس العطايا.
وأما موافقات عمر رضي الله عنه للقرآن فكثيرة نوجز منها:
أخرج الشيخان عن عمر قال: "وافقت ربي في ثلاث قلت يا رسول الله لو اتخدنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت
واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وقلت يا رسول الله يدخل على نسائك البر والفاجر فلو أمرتهن يحتجبن فنزلت
آية الحجاب واجتمع نساء النبي صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم في الغيرة فقلت عسى ربه إن طلقكن
أن يبدله أزواجا خيرا منكن فنزلت كذلك".
وأخرج مسلم عن عمر قال وافقت ربي في ثلاث في الحجاب وفي أسارى بدر وفي مقام إبراهيم". ففي هذا
الحديث خصلة رابعةوفي تحريم الخمر فزاد خصلة خامسة وحديثها في السنن ومستدرك الحاكم أنه قال اللهم
بين لنا في الخمر بيانا شافيا فأنزل الله تحريمها
وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره عن أنس قال قال عمر وافقت ربي في أربع نزلت هذه الآية ولقد خلقنا
الإنسان من سلالة من طين الآية فلما نزلت قلت أنا فتبارك الله حسن الخالقين فنزلت فتبارك الله أحسن الخالقين
فزاد في هذا الحديث خصلة سادسة .
و في كتاب فضائل الإمامين لأبي عبد الله الشيباني قال وافق عمر ربه في أحد وعشرين موضعا فذكر هذه
الستة.
وزاد سابعا قصة عبد الله ابن أبي قلت حديثها في الصحيح عنه قال لما توفي عبد الله بن أبي دعي رسول الله
صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم للصلاة عليه فقام إليه فقمت حتى وقفت في صدره فقلت يا رسول الله
أو على عدو الله ابن أبي القائل يوم كذا كذا فوالله ما كان إلا يسيرا حتى نزلت ولا تصل على أحد منهم مات
أبدا الآية .
وثامنا يسألونك عن الخمر الآية.
وتاسعا يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة الآية.
وعاشرا لما أكثر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الاستغفار لقوم قال عمر سواء عليهم فأنزل الله سواء
عليهم استغفرت لهم الآية أخرجه الطبراني عن ابن عباس
الحادي عشر لما استشار صلى الله عليه وسلم الصحابة في الخروج إلى بدر أشار عمر بالخروج فنزلت كما
أخرجك ربك من بيتك بالحق الآية
الثاني عشر لما استشار الصحابة في قصة الإفك قال عمر من زوجكها يا رسول الله قال الله قال افتظن أن ربك
دلس عليك فيها سبحانك هذا بهتان عظيم فنزلت كذلك.
الثالث عشر قصته في الصيام لما جامع زوجته بعد الانتباه وكان ذلك محرما في أول الإسلام فنزل أحل لكم ليلة
الصيام الآية أخرجه أحمد في مسنده.
الرابع عشر قوله تعالى من كان عدوا لجبريل الآية قلت أخرجه ابن جرير وغيره من طرق عديدة وأقر بها
للموافقة ما أخرجه ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن يهوديا لقى عمر فقال إن جبريل الذي يذكره
صاحبكم عدولنا فقال له عمر من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين فنزلت
على لسان عمر.
الخامس عشر قوله تعالى فلا وربك لا يؤمنون الآية قلت أخرج قصتها ابن أبي حاتم وابن مروديه عن أبي
الأسود قال اختصم رجلان إلى النبي صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم فقضى بينهما فقال الذي قضى
عليه ردنا إلى عمر بن الخطاب فأتيا إليه فقال الرجل قضى لي رسول الله صلى الله عليه و
على آله و صحبه و سلم على هذا فقال ردنا إلى عمر فقال أكذاك قال نعم فقال عمر مكانكما حتى أخرج إليكم
فخرج إليهما مشتملا على سيفه فضرب الذي قال ردنا إلى عمر فقتله وأدبر الآخر فقال يا رسول الله قتل عمر
والله صاحبي فقال ما كنت أظن أن يجترىء عمر على قتل مؤمن فأنزل الله فلا وربك لا
يؤمنون الآية فأهدر دم الرجل وبرىء عمر من قتله وله شاهد موصول أوردته في التفسير المسند.
السادس عشر الاستئذان في الدخول وذلك أنه دخل عليه غلامه وكان نائما فقال اللهم حرم الدخول فنزلت آية
الاستئذان.
السابع عشر قوله في اليهود إنهم قوم بهت.
الثامن عشر قوله تعالى ثلة من الأولين وثلة من الآخرين قلت أخرج قصتها ابن عساكر في تاريخه عن جابر بن
عبد الله وهي في أسباب النزول التاسع عشر رفع تلاوة الشيخ والشيخة إذا زنيا الآية.
العشرون قوله يوم أحد لما قال أبو سفيان أفي القوم فلان لا نجيبنه فوافقه رسول الله صلى الله عليه و على
آله و صحبه و سلم قلت أخرج قصته أحمد في مسنده قال ويضم إلى هذا ما أخرجه عثمان بن سعيد الدارمي في
كتاب الرد على الجهمية من طريق ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن كعب الأحبار قال ويل لملك الأرض من
ملك السماء فقال عمر إلا من حاسب نفسه فقال كعب والذي نفسي بيده إنها في التوراة لتابعتها فخر عمر
ساجدا ثم رأيت في الكامل لابن عدي من طريق عبد الله بن نافع وهو ضعيف عن أبيه عن عمر أن بلالا كان
يقو ل إذا أذن اشهد أن لا إله إلا الله حي على الصلاة فقال له
عمر قل في أثرها أشهد أن محمدا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قل كما قال عمر.
من كراماته رضي الله عنه
ما أخرج البيهقي وأبو نعيم كلاهما في دلائل النبوة واللالكائي في شرح السنة والخطيب في رواة مالك عن نافع
عن ابن عمر قال وجه عمر جيشا ورأس عليهم رجلا يدعى سارية فبينما عمر يخطب جعل ينادي يا سارية
الجبل ثلاثا ثم قدم رسول الجيش فسأله عمر فقال يا أمير المؤمنين هزمنا فبينا نحن
كذلك إذ سمعنا صوت ينادي يا سارية الجبل ثلاثا فأسندنا ظهورنا إلى الجبل فهزمهم الله قال قيل لعمر إنك كنت
تصيح بذلك وذلك الجبل الذي كان سارية عنده بنهاوند من أرض العجم قال ابن حجر في الإصابة إسناده حسن.
نبذ من سيرته وزهده
أخرج ابن سعد عن الأحنف بن قيس قال كنا جلوسا بباب عمر فمرت جارية فقالوا سرية أمير المؤمنين فقال ما
هي لأمير المؤمنين بسرية ولا تحل له إنها
من مال الله فقلنا فماذا يحل له من مال الله تعالى قال إنه لا يحل لعمر من مال الله إلا حلتين حلة للشتاء وحلة
للصيف وما أحج به وأعتمر وقوتي وقوت أهلي كرجل من قريش ليس بأغناهم ولا بأفقرهم ثم أنا بعد رجل من
المسلمين وقال خزيمة بن ثابت كان عمر إذا استعمل عاملا كتب له واشترط عليه أن
لا يركب برذونا ولا يأكل نقيا ولا يلبس رقيقا ولا يغلق بابه دون ذوي الحاجات فإن فعل فقد حلت عليه العقوبة
وقال عكرمة بن خالد وغيره إن حفصة وعبد الله وغيرهما كلموا عمر فقالوا لو أكلت طعاما طيبا كان أقوى لك
على الحق قال أكلكم على هذا الرأي قالوا نعم قال قد علمت نصحكم ولكني تركت صاحبي على جادة
فإن تركت جادتهما لم أدركهما في المنزل.
قال وأصاب الناس سنة 3 فما أكل عامئذ سمنا ولا سمينا وقال ابن مليكة كلم عتبة بن فرقد عمر في طعامه فقال
ويحك آكل طيباتي في حياتي الدنيا وأستمتع بها وقال الحسن دخل عمر على ابنه عصام وهويأكل لحما فقال ما
هذا قال قرمنا إليه قال أو كلما قرمت إلى شيء أكلته كفى بالمرء سرفا أن يأكل كل ما اشتهى وقال أسلم قال
عمر لقد خطر على قلبي شهوة السمك الطري قال فرحل يرفأ راحلته وسار أربعا مقبلا وأربعا مدبرا واشترى
مكتلا فجاء به وعمد إلى الراحلة فغسلها فأتى عمر فقال انطلق حتى أنظر إلى الراحلة فنظر وقال أنسيت أن
تغسل هذا العرق الذي تحت أذنيها عذبت بهيمة في شهوة
عمر إلا والله لا يذوق عمر مكتلك وقال قتادة كان عمر يلبس وهو خليفة جبة من صوف مرقوعة بعضها بآدم
ويطوف في الأسواق على عاتقه الدرة يؤدب بها الناس وقال أنس رأيت بين كتفي عمر أربع رقاع في قميصه
وقال أبو عثمان النهدي رأيت على عمر إزارا مرقوعا بأدم وقال عبد الله بن عامر بن
ربيعة حججت مع عمر فما ضرب فسطاطا ولا خباء كان يلقى الكساء والنطع على الشجرة ويستظل تحته.
خلافته رضي الله عنه
ولى الخلافة بعهد من أبي بكر في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة قال الزهري استخلف عمر يوم توفي أبو بكر
وهو يوم الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة أخرجه الحاكم فقام بالأمر أتم قيام وكثرت الفتوح في أيامه ففي
سنة أربع عشرة فتحت دمشق ما بين صلح وعنوة وحمص وبعلبك صلحا والبصرة
والأبلة كلاهما عنوة وفيها جمع عمر بالناس على صلاة التراويح قاله العسكري في الأوائل وفي سنة خمس
عشرة فتحت الأردن كلها عنوة إلا طبرية فإنها فتحت صلحا وفيهاكانت وقعة اليرموك والقادسية قال ابن جرير
وفيها مصر سعد الكوفة وفيها فرض عمر الفروض ودون الدواوين وأعطى العطاء على
السابقة وفي سنة ست عشرة فتحت الأهواز والمدائن وأقام بها سعد الجمعة في إيوان كسرى وهي أول جمعة
جمعت بالعراق وذلك في صفر وفيها كانت وقعة جلولاء وهزم فيها يزدجرد بن كسرى وتقهقر إلى الري وفيها
فتحت تكريت وفيها سار عمر ففتح بيت المقدس وخطب بالجباية خطبته المشهورة
وفيها فتحت قنسرين عنوة وحلب وإنطاكية ومنبج صلحا وسروج عنوة وفيها فتحت قرقيسياء صلحا وفي ربيع
الأول كتب التاريخ من الهجرة بمشورة علي وفي سنة سبع عشرة زاد عمر في المسجد النبوي وفيها كان
القحط بالحجاز وسمى عام الرمادة واستسقى عمر للناس بالعباس أخرج ابن سعد عن
نيار الأسلمي أن عمر لما خرج يستسقى خرج وعليه برد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرج عن ابن عون
قال أخذ عمر بيد العباس ثم رفعها وقال اللهم إنا نتوسل إليك بعم نبيك أن تذهب عنا المحل وأن تسقينا الغيث
فلم يبرحوا حتى سقوا فأطبقت السماء عليهم أياما وفيها فتحت الأهواز صلحا وفي
سنة ثمان عشرة فتحت جنديسابور صلحا وحلوان عنوة وفيها كان طاعون عمواس وفهيا فتحت الرها
وسميساط عنوة وحران ونصيبين وطائفة من الجزيرة عنوة وقيل صلحا والموصل ونواحيها عنوة وفي سنة
تسع عشرة فتحت قيسارية عنوة وفي سنة عشرين فتحت مصر عنوة وقيل مصر كلها
صلحا إلا الإسكندرية فعنوة وقال على بن رباح المغرب كله عنوة وفيها فتحت تستر وفيها هلك قيصر عظيم
الروم وفيها أجلى عمر اليهود عن خيبر وعن نجران وقسم خيبر ووادي القرى وفي سنة إحدى وعشرين
فتحت الإسكندرية عنوة ونهاوند ولم يكن للأعاجم بعدها جماعة وبرقة وغيرها وفي سنة
اثنتين وعشرين فتحت أذربيجان عنوة وقيل صلحا والدينور عنوة وما سبذان عنوة وهمذان عنوة وطرابلس
المغرب والري وعسكر وقومس وفي سنة ثلاث وعشرين كان فتح كرمان وسجستان ومكران من بلاد الجبل
وأصبهان ونواحيها وفي آخرها كانت وفاة سيدنا عمر رضي الله عنه بعد صدوره من الحج شهيدا قال سعيد بن
المسيب لما نفر عمر من مني أناخ بالأبطح ثم استلقى ورفع يديه إلى السماء وقال اللهم كبرت سني وضعفت
قوتي وانتشرت رعيتي فأقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط فما انسلخ ذو الحجة حتى قتل" أخرجه الحاكم .
وقال أبو صالح السمان قال كعب الأحبار لعمر أجدك في التوراة تقتل شهيدا قال وأني لي بالشهادة وأنا بجزيرة
العرب وقال أسلم قال عمر اللهم ارزقني شهادة في سبيلك واجعل موتي في بلد رسولك أخرجه البخاري
وقال معدان بن أبي طلحة خطب عمر فقال رأيت كأن ديكا نقرني نقرة أو نقرتين وإني لا أراه إلا حضور أجلي
وإن قوما يأمروني أن استخلف وإن الله لم يكن ليضيع دينه ولا خلافته فإن عجل بي أمر فالخلافة شورى بين
هؤلاء الستة الذين توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راض عنهم أخرجه الحاكم
وقال أبو رافع كان أبو لؤلؤة عبد المغيرة يصنع الأرحاء وكان المغيرة يستغله كل يوم أربعة دراهم فلقى عمر
فقال يا أمير المؤمنين إن المغيرة قد أثقل علي فكلمه فقال أحسن إلى مولاك ومن نية عمر أن يكلم المغيرة فيه
فغضب وقال يسع الناس كلهم عدله غيري وأضمر قتله.
قال عمرو بن ميمون الأنصاري إن أبا لؤلؤة عبد المغيرة طعن عمر بخنجر له رأسان وطعن معه اثني عشر
رجلا مات منهم ستة فألقى عليه رجل من أهل العراق ثوبا فلما اغتم فيه قتل نفسه .
وفي رواية
واتخذ خنجرا وشحذه وسمه وكان عمر يقول أقيموا صفوفكم قبل أن يكبر فجاء فقام حذاءه في الصف وضربه
في كتفه وفي خاصرته فسقط عمر وطعن.
ثلاثة عشر رجلا معه فمات منهم ستة وحمل عمر إلى أهله وكادت الشمس تطلع فصلى عبد الرحمن بن عوف
بالناس بأقصر سورتين وأتى عمر بنبيذ فشربه فخرج من جرحه فلم يتبين فسقوه لبنا فخرج من جرحه فقالوا لا
بأس عليك فقال إن يكن بالقتل بأس فقد قتلت فجعل الناس يثنون عليه ويقولون كنت وكنت فقال أما والله
وددت أني خرجت منها كفافا لا على ولا لي وأن صحبة رسول الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم
سلمت لي واثنى عليه ابن عباس فقال لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من هول المطلع.
الخلافه بعده
قال عمر وقد جعلتها شورى في عثمان وعلى وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد وأمر صهيبا أن
يصلي بالناس أخرجه الحاكم.
وقال ابن عباس كان أبو لؤلؤة مجوسيا
وتوفي سنة ثلاث عشرة من الهجرة فرثاه حسان بن ثابت:
إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة === فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا
خير البرية أثقاها وأعدلها ==== بعد النبي وأوفاها بما حملا
ومما رُثي به عمر بن الخطاب رضي الله عنه قول الشماخ:
أبعد قتيل بالمدينة أصبحت === له الأرض تهتز العضاه بأسوق
جزى الله خيرا من إمام وباركت === يد الله في ذاك الأديم الممزق
فمن يسع أو يركب جناحي نعامة === ليدرك ما قدمت بالأمس تسبق
وما كنت أخشى أن يكون وفاته === بكفي سبنتى أزرق العين مطرق
قضيت أمورا ثم غادرت بعدها === نوافج في أكمامها لم تفتق
والرافضة يترحمون على أبي لؤلؤة فقيل: سبحان الله تترحمون على رجل مجوسي قتل عمر بن الخطاب ؟!!
قالوا: كانت طعنته إسلامه، وقد بنوا اليوم على قبره ضريحاً يزار. فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ولده
اثني عشر ولدا، ستة من الذكور هم
عبدالله
عبد الرحمن
زيد
عبيدالله
عاصم
عياض
وست من الإناث وهن
حفصة
رقية
فاطمة
صفية
زينب
أم الوليد.
وله من الولد عبد الله وعبيد الله وعاصم ومجبر وأبو شحمة عياض، وزيد وفاطمة وأمهما أم كلثوم الكبرى
بنت علي بن أبي طالب.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين،،
ورضي الله عن الصحابة أجمعين،،،،
كتبته
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
الثلاثاء 27/2/1429هـ.