السـؤال: ما حكم الحلف ﺑ: «وحقِّ الله»، «وحقّ ربِّي» ؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجـواب: الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فالحلف ﺑ: «حقِّ الله» أو ﺑ: «حقِّ ربِّي» تُعَدُّ يمينًا مُكَفِّرَةً على مذهب مالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ خلافًا لأبي حنيفةَ(١- انظر: «المغني» لابن قدامة: (8/393)، «المقنع» لابن قدامة: (3/559)، «الذخيرة» للقرافي: (4/8)، «الهداية» للمرغيناني: (2/357)، «روضة الطالبين» للنووي: (8/13))؛ لأنَّ الحقَّ اسمٌ من أسماء اللهِ تعالى وصِفةٌ من صفاته يستحقُّها في ذاته، ولا يصحُّ أن يوصف بِضِدِّه، فاللهُ تعالى هو الحقُّ في ذاته وصفاته، فهو كما لو قال: واللهِ الحقِّ، أو قال: وجلالِ الله، وعظمةِ الله، فكأنه قال: واللهِ الجليلِ، واللهِ العظيمِ، قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ البَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ﴾ [الحج: 62]، وقال تعالى: ﴿فَذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ﴾ [يونس: 32]، وهذا كلّه إذا ما اقترن عُرف الاستعمال بالحلف بهذه الأوصاف التي هي حقوقٌ يستحقّها اللهُ لنفسه من البقاء والعَظَمة والجلال والعِزَّة، فَتَـنْصَرِفُ إلى صفة الله تعالى، أمَّا إن نوى القَسَم بمخلوقٍ مثلَ طاعته التي أوجبها والعباداتِ التي فرضها فهي حقُّ الله، ولا تكون على الصحيح يمينًا مكفّرةً لظهورها في المخلوق، والقَسَمُ به غيرُ جائزٍ، قال ابنُ قدامة: «إلاَّ أنّ احتمالَ المخلوق بهذا اللفظِ أظهرُ»(٢- «المغني» لابن قدامة: (8/693)). وعليه، فينبغي العدول عنه لوجود هذا الاحتمال إلى قَسَمٍ لا احتمالَ فيه حِفظًا للدِّين وجناب التوحيد.
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.
http://www.ferkous.com/rep/Ba44.php