💡آثار قاضية بقطع دابر الاجتماعات السرية، التي تُعقَد بعيداً عن أنظار ولاة الأمر وعلماء المسلمين ..
الحمدلله و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال :
" اعبد اللهَ ولا تشرك به شيئاً، وأقم الصلاة، وآت الزكاة، وصم رمضان، وحُجَّ البيت واعتمر، واسمع وأطع، وعليك بالعلانية، وإياك والسر " أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" [(2/508-509)]. وقال الألباني إسناده جيد
عن الأوزاعي رحمه الله قال : (قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله
تعالى ورضي عنه : إذا رأيت قوماً يتناجون في دينهم بشيء دون العامة؛ فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة).
رواه أحمد في "الزهد" [(ص48)]، والدارمي في "سننه" [(1/343/344)
عن زيد بن أسلم العدوي،
عن أبيه، قال : (بلغ عمر بن الخطاب أنَّ ناساً يجتمعون في بيت فاطمة، فأتاها، فقال: يا بنت رسول الله ﷺ ! ما كان أحدُ من الناس أحبَّ إلينا من أبيك، ولا بعد أبيك أحبَّ إلينا منك، وقد بلغني أنَّ هؤلاء النَّفر يجتمعون عندك، وايم الله؛ لئن بلغني ذلك؛ لأحرقنَّ عليهم البيت، فما جاءوا فاطمة قالت: إن ابن الخطاب قال كذا وكذا، فإنه فاعل ذلك، فتفرقوا حين بويع لأبي بكر رضي الله عنه).
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" [(14/567-5 68)]، وابن أبي عاصم في "المُذَكِّر والتذكير" [(ص91)]
قال أبو بكر أحمد بن أبي عاصم
(ت 287هـ) رحمه الله معلقا على أثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال :
" وفي حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما يدلُّ على أنَّ الإمام إذا بلغه أنَّ قوماً يجتمعون على أمر يخاف أن يحدث عن اجتماعهم ما يكون فيه فسادٌ: أن يتقدم إليهم، ويوعِّدهم في ذلك وعيداً يرهبون به، مع اعتراف عمر بحق فاطمة رضي الله عنها-، ومعرفة فاطمة بحق عمر -رضي الله عنه وأنه يفي بوعده. "
[المُذَكِّر والتذكير والذكر (ص97)]
سئل الفوزان حفظه الله :
هل كلام السر حرام وما معنى قول بعض السلف إذا وجدت قوما يتسارون في دينهم فاعلم أنهم على ضلالة أو على تأسيس ضلالة ؟
الجواب :
الدين يجب إظهاره ، ويجب إظهار العلم فلا يجوز السرية في العلم والدين فالذين يجعلون لهم مجالس خاصة فهؤلاء محل تهمة ، العلم ينشر في المساجد وفي مجامع الناس ، ولا يختزن في البيوت أو في الاستراحات ، أو في مكان بعيد عن الناس ؛ لأن هذا محل تهمة ومحل شكوك ، فينبغي إظهار العلم لينتفع به الناس ، وتعمر به المساجد وبيوت الله عز وجل . (1)
----------------------
(1) الشريط السابع منظومة الآداب للشيخ الفوزان حفظه الله ... بواسطة كتاب الإجابات المهمة في المشاكل الملمة ص 64
قال فضيلة الشيخ عبد السلام بن برجس -رحمه الله-
في رسالته العظيمة
[الأمر بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم (صـ83 - 88)]:
فالاجتماعات السرية هذه مُحرَّمة بالنَّص عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والأثرِ عن الصحابة والتابعين؛ لأنها طريق إلى الخروج المحرَّم على الولاة المسلمين، وإلى التفريق بين المؤمنين.
وفي جَمْعِ النبي -صلى الله عليه وسلم- بين الأمر بالسمع والطاعة والنهي عن السرية، وبين الأمر بأركان الإسلام الخمسة، إشارة إلى أن أمر السمع والطاعة عظيم، وأنَّ كل ما يعيق أو يُخِلُّ بمبدأ السمع والطاعة جُرْمٌ كبير، إذ هو هدم لأصل عظيم.
وقد رأيتُ مَن يذهب إلى أنَّ الاجتماعات السرية في هذا الزمن عمل صحيح، احتجاجاً بأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بدأ بالدعوة في مكة سراً.
وهذا الاحتجاج مبني على أنَّ المجتمع الذي نعيش فيه مجتمع جاهلي، أي: كافر.
وهذا مذهب فاسد، جميع علماء المسلمين على إنكاره؛ إذ لا يُسَلِّم العقلاء فضلاً عن العلماء أنَّ مجتمعنا مجتمع جاهلي كالجاهلية الأولى، بل نحن -بحمد الله- في الإسلام؛ الأذان معلن، والصلاة مقامة، والشعائر ظاهرة، فأين نحن من الجاهليين الأوائل من كفار العرب وغيرهم؟! {سبحانك هذا بهتان عظيم}، ولا يخلو بشر من خطأ، فكل بني آدم خطّاء، وخير الخطّائين التوابون.
فلا يقول أحد: إننا في مرحلة الدعوة السرية، إلا وهو منطوٍ على تكفير المسلمين بغير حق، مليء القلب غيظاً على أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-.
وقد أمر الله تعالى نبيه محمداً بالصدع بالدعوة في قوله تعالى: {فاصدع بما تُؤمر وأعرض عن المشركين}، أي: أعلن بما تُؤمر، فمنذ أن نزل هذا الأمر الكريم إلى يومنا هذا وبلاد المسلمين ليست بحاجة إلى الدعوة السرية، بل هي إثم مبين، وافتراء على الدين.
أعده : نورس الهاشمي
سحاب السلفية