•°•
قال الإمام ابن القيم - رحمه الله -:
" وأما محبةُ الرب سبحانه فشأنها غير الشأن؛ فإنه لا شيء أحب إلى القلوب من خالقها، وفاطرها، فهو إلهها، ومعبودها، ووليها، ومولاها، وربُّها، ومدبرها، ورازقها، ومميتها، ومحييها؛ فمحبته نعيم النفوس، وحياة الأرواح، وسرور النفوس، وقوتُ القلوب، ونور العقول، وقرة العيون، وعمارة الباطن؛ فليس عند القلوب السليمة، والأرواح الطيبة، والعقول الزاكية أحلى، ولا ألذُّ، ولا أطيبُ، ولا أسرُّ، ولا أنعمُ من محبته، والأنس به، والشوق إلى لقائه.
والحلاوة التي يجدها المؤمن في قلبه فوق كل حلاوة، والنعيم الذي يحصل له بذلك أتمُّ من كل نعيم، واللذة التي تناله أعلى من كل لذة. "
إلى أن قال:
"ووجَدَانُ هذه الأمور، وذوقُها هو بحسب قوة المحبة، وضعفها، وبحسب إدراك جمال المحبوب، والقرب منه. وكلما كانت المحبةُ أكملَ، وإدراك المحبوب أتم، والقرب منه أوفر - كانت الحلاوةُ، واللذةُ، والنعيمُ أقوى. فمن كان بالله سبحانه وأسمائه وصفاته أعرف، وفيه أرغب، وله أحب، وإليه أقرب - وجد من هذه الحلاوة في قلبه ما لا يمكن التعبير عنه، ولا يُعْرَف إلا بالذوق والوَجْد. ومتى ذاق القلب ذلك لم يُمْكِنْهُ أن يقدِّم عليه حُبَّاً لغيره، ولا أنساً به، وكلما ازداد له حباً ازداد له عبودية، وذلاً، وخضوعًا، ورِقَّاً له، وحرية عن رق غيره. "
¤ انظر [إغاثة اللهفان ص567].
¤ https://goo.gl/C0H5IY°
•°•