يجب على ( العودة ) وجوبا شرعيا لا تبرأ ذمته إلا به وهو إصلاح ما أفسده
ـــــــــــــــ
قال الشيخ الدكتور / حمد بن إبراهيم العثمان ، حفظه الله تعالى ، في مقالته المعنونة تحت اسم ( البراكين القطبية لا تطفئها إلا مراجعات صريحة صحيحة ) والمنشورة في جريدة " عالم اليوم " .... الثلاثاء 22 / 12 / 1428 هـ ـ 1 / 1 / 2008 م .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
لا شك أن الإنسان يمر بتقلبات فكرية ، ومناهج دعوية ، وأفكار حركية ، يتلقاها بالقبول عن أقوام يحسن فيهم الظن ، ثم إذا اعتقدها وتدين لله بها وأخذ في ترويجها ونشرها ، لا سيما إذا كان يعتقد أن هذه الأفكار والمناهج هي المخرج للأمة الإسلامية من ضعفها وتراجعها وتقهقرها .
وهذه الأفكار والمناهج تتفاوت في عظم ضررها لكن مما لا شك فيه أن من أعظمها خطورة وأشدها فتنة ما يتعلق بالتثبيط على الولاة والخروج عليهم ، فإن آثاره ماثلة أمام العيان في إزهاق الأنفس المعصومة وزعزعة الأمن ، وترويع الآمنين ، وتدمير الاقتصاد ، وتعطيل التنمية ، وخسارة أعظم ثروات البلد وهم أبناؤنا الذين نزعوا يد الطاعة ، وانصرفت هممهم لتدمير بلدانهم ، حتى صار شغلهم الشاغل ليصل إلى تدمير منشآت وطنه النفطية ، فأي انحراف أعظـــم من هذا !!
وأولويات هذه المرحلة الوقوف على مواطن الخلل ، وأسباب وصول أبنائنا إلى هذه المرحلة من الانحراف الفكري ، ومعالجته بشجاعة وصدق نية وتحمل المسؤولية خصوصا ممن صدرت منه تنظيرات اسهمت في صناعة التطرف ، أو كانت هي الانطلاقة الأولى في تكفير الولاة ، وكراهية العلماء الربانيين التي هي المدخل لكل شر ، حيث انقطع هؤلاء الشباب عن أسباب هدايتهم وتنشئتهم على وسطية الإسلام الفطري .
ولم أفاجأ بما ذكره الإخوة أن د. سلمان العودة هداه الله هو من أسباب انحراف عموم الشباب الفكري ، وأن أشرطته تدعو للخروج على الولاة ، فهذا ما يقر به كل شباب القاعدة كما يعرف ذلك العارف بحقيقة ما كان عليه د. سلمان العودة ، ومن قرأ مجلة ( صوت الجهاد ) ، للقاعدة وجد إقرارهم بذلك صريحا .
د. سلمان العودة تجاوز تخبيبه شريحة الشباب المتدين الذي لم يتأصل بالمنهج الصحيح على يد كبار العلماء كالإمامين ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله ، والفوزان والعباد حفظهما الله إلى تخبيب بعض كبار المشايخ كالشيخ حمود العقلا الشعيبي ، فلا أحد ينكر أن د. سلمان العودة عنده من مهارات ترويج أفكاره ما يوجب الانقياد له إلا من عصمة الله بالعلم النافع وأئمة الهدى .
ود. سلمان العودة تغير بلا شك ولكن الشباب الذين انحرفوا من يقنعهم بخطأ تنظيرات سلمان العودة السابقة !!
لا شك أن العلماء كانوا ولا يزالون قائمين بواجبهم في مزاحمة الباطل والأخذ بأيدي الشباب إلى طريق الحق وأسباب السلامة ، ولكن يجب على د. سلمان العودة وجوبا ضروريا شرعيا لا تبرأ ذمته إلا به وهو إصلاح ما أفسده بمراجعات صحيحة صريحة مع تحمل المسؤولية ، فإن قلت أما يكفي ما صدر منه من تصريحات وتعليقات على بعض الحوادث وكذلك نقده لأسامة بن لادن !!
أقول : قطعا لا يكفي !!
د. سلمان العودة يجب عليه أن يصرح تصريحات واضحة صريحة بتنظيراته الخاطئة التي كان عليها وأن يذكرها بعينها ثم ينقدها ، ويبين أن ما كان عليه خطأ
وهذا المفروض أنه لا يخفى على مثل د. سلمان العودة أنه من شروط التوبة النصوح فيما يتعلق بالبدع !!
قال ابن القيم رحمه الله : ( ولهذا كان من توبة الداعي إلى البدعة أن يبين أن ما كان يدعو إليه بدعة وضلالة ، وأن الهدى في ضده ) عدة الصابرين ص108
ومثل د. سلمان العودة لا يخفى عليه ما فعله الأئمة الربانيون الصادقون في مراجعاتهم ، حيث كانوا صريحين واضحين في مراجعاتهم ، كما فعل الإمام أبو الحسن الأشعري رحمه الله لما صعد المنبر ( وأعلن براءته من مذهب ابن كلاب ، وتأويل الصفات الذي هو منهج الأشاعرة الآن ، ورجوعه إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل ) .
ما نراه من تصريحات للدكتور سلمان العودة ليست مراجعات علمية صحيحة صريحة ، وإنما هي أشبه ما تكون في إصطلاح أهل العصر .. .. ..
" NEW LOOK "
وبعض تصريحات د. سلمان العودة تناقضات تدل على تذبذب ، لا تثمر كثيرا في إيجاد قناعة علمية قوية توجب التراجع لمن تأثر بأفكاره السابقة .
فعلى سبيل المثال :
د. ســــلمان العودة من قبل كان يقول عن حديث افتراق الأمة " مقطوع بثبوته " ، وأخيرا في زيارته لليمن يشكك في صحته .
وفي مقابلة له مع صحيفة " المدينة " قبل سنوات انتقد كتب ومقالات ومحاضرات الردود ، وفي مقابلة له مع قناة " المجد " يدعو إلى الرد المفصل ، هكذا انتقال من قول إلى ضده بدون أسس أو أصول علمية .
وللتذكير فإن بداية انطلاق د. سلمان العودة و د. سفر الحوالي وشهرتهما إنما كانت بكتب ومقالات الردود ، فالدكتور سلمان العودة بدأ بالرد على ناس في بريدة بمحاضرة ألقاها في نادي مكة الثقافي " المسلمون بين التشديد والتيسير " ، ثم الرد على الشيخ محمد الغزالي رحمه الله ، و كذلك د. سفر الحوالي بالرد على الحزافيين .
والدعوة إلى المراجعات لا يختص به د. سلمان العودة وحده ، بل هو خطاب لكل من أسهم في صناعة التطرف ، وتفجير براكين الخروج والإفساد.
ولعلي أسوق نموذجا من الكلمات التي تصنع من العاقل الرزين قنبلة توشك أن تضرب يمنة أو يسرة في أي لحظة.
قال د. عائض القرني في ( لحن الخلود ) ص141 :
وعبيد الأرض لا حول لهم
وزوال الملك عنهم في وشك
أيها المؤمن لا تحفل بمن
يرفع السوط ومن يلقي الشرك
فارفع الذل ولا ترى الخضوع
لرئيس مستبد أو ملك
أنت كالبركان لا يدرى به
فإذا ثار تلظى واحترك
دمك الطهرى لا تبخل به
وابذل النفس بساح المعترك
بواسطة تخليص العباد
المسؤولية كبيرة ومازال أملنا في الدعاة كبير ، والرجوع إلى الحق فضيلة ، والتبعة يوم القيامة كبيرة ، فما من نفس تقتل ظلما بسبب تنظيرات منحرفة إلا كان على المنظر كفل منها ، وفق الله الجميع للأوبة والرجوع إلى الحق .
والحمد لله رب العالمين