منتديات الإسلام والسنة  

العودة   منتديات الإسلام والسنة > المنتديات الشرعية > منتدى الفقه وأصوله


إنشاء موضوع جديد إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )  أعطي أ/أحمد مخالفة
أ/أحمد غير متواجد حالياً
 
أ/أحمد
عضو مميز
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
 
رقم العضوية : 121
تاريخ التسجيل : Apr 2011
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 1,285 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10

افتراضي أحكام السلام لفضيلة الشيخ عبد السلام بن برجس ال عبد الكريم رحمه الله

كُتب : [ 08-14-2012 - 12:12 AM ]

أحكام السلام لفضيلة الشيخ عبد السلام بن برجس ال عبد الكريم رحمه الله

أحكام السلام
للشيخ \ عبد السلام البرجس آل عبد الكريم


الحمد لله ، وصلي الله وسلم علي رسول الله .
أما بعد :
فهذه مسائل تتعلق بأحـكـام السلام ، كتبتها علـى وجه الاختصار ، تذكرة للغافل ، وتعليماً للمبتدئ.
وقد كان أصلها محاضرة طبعت فيما سبق، فزدت علي منوالها مباحث وأصلحت ما فيها من أخطاء لفظية اقتضاها " الارتجال " والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .

عبد السلام بن برجس آل عبد الكريم
الرياض 10/09/1412 هـ





من يبدأ بالسلام ؟

سنة لم يرعها كثير من الناس ، حتى أوشكت على الاندراس . وكان الأجدر بالمسلمين المحافظة عليها تعظيماً للسنة وإحياءً لها .
وإذا كان البعض يعجب باليهود الغربيين ، لما يرى من تقيدهم بما وضعه أربابهم من أنظمة اجتماعية ، وغيرها فإن المسلمين قد ضبطوا بآدابٍ اجتماعية وغيرها ، وهي أتم وأكمل علي وجه ، مما سواها ، إلا أن العيب فيمن تحملها إذ لم يعمل بها بل استنكف عنها ، ورغب إلي غيرها .
وما هذه السنة – سنة من يبدأ بالسلام – إلا دليل صدق وشاهد عدل علي ما يحظى به المسلمون من آدابٍ عالية ، في دقائق الأمور ، بَلْهَ جليلها .
وقد أخرج الترمذي ( 5/62 ) والبخاري في (( الأدب المفرد )) ( 2/460) من حديث فضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( يسلم الفارس على الماشي . والماشي علي القائم .. )) الحديث ([1])
قال الحافظ وإذا حمل القائم علي المستقر كان أعم من أن يكون جالساً ، أو واقفاً ، أو متكئاً ، أو مضطجعاً . ا هـ ([2])

ويسلم القليل علي الكثير :

والحكمة في ذلك : أن للجماعة فضلاً مطرداً في الشرع ، فناسب أن يبدؤا بالسلام .
أو أن الجماعة لو ابتدؤا لخيف علي الواحد الزهو ، فاحتيط له ([3])
ويسلم الصغير علي الكبير .
والحكمة في ذلك مراعاة السن فإنها معتبرة في أمور كثيرة في الشرع .
وإذا عرف هذا الأدب النبوي ، وتبينت حكمه فإن هناك صوراً مشكلة ، أو قد تشكل ، أو لم ينص عليها هذا المقام :
منها : إذا تلاقي مارات : راكبان ، أو ماشيان ، فأيهما يبدأ بالسلام ؟
الصحيح : استواؤهما ، فمن بدأ فهو أفضل . لما روى البخاري في ((الأدب المفرد )) ( 2/458 ) عقيب حديث أبي هريرة (( يسلم الراكب علي الماشي ... )) عن أبي جريج قال : فأخبرني أبو الزبير أنه سمع جابراً يقول : (( المشاشيان إذا اجتمعا فأيهما بدأ بالسلام فهو أفضل ([4])
ومنها إذا تعارض الصغر المعنوي ، والحسي ، كأن يكون الأصغر أعلم مثلاً .
فالذي يظهر اعتبار السن ، لأنه الظاهر كما تقدم الحقيقة علي المجاز ([5])
ومنها إذا التقي الكبير والصغير .
فإن كان أحدهما راكباً ، والآخر ماشياً : يبدأ الراكب .
وإن كانا راكبين ، أو ماشيين : بدأ الصغير . قاله ابن رشد ([6])
ومنها : إذا كان المشاة كثير ، والقعود قليلاً فيرجح جانب الماشي ، فيبدأ بالسلام .
وقال في (( الإقناع )) : أما إذا وردوا علي قاعدٍ أو قعودٍ فإن الوارد يبدأ مطلقاً . ا هـ . ([7])
قال النووي في (( الأذكار )):
وهذا الأدب هو فيما إذا تلاقي الاثنان في طريق ، أما إذا ورد علي قعود أو قاعدٍ فإن الوارد يبدأ بالسلام علي كل حال ، سواء كان صغيراً أو كبيراً ، قليلاً أو كثيراً . ا هـ ([8])
وإذا خالف أحد هذا الأدب فسلم الماشي علي الراكب ، والكبير علي الصغير ، والكثير علي القليل : فلهم أجر إفشاء السلام إن شاء الله ، إلا أن العمل بهذا الحديث أولى طلباً للكمال ، وتحصيلاً للسنة .

قال النووي في (( شرح مسلم )) ([9]) :
وهذا الذي جاء به الحديث ... كله للاستحباب ، فلو عكسوا ، جاز وكان خلاف الأفضل . ا هـ .

قال ابن عبد القوي الحنبلي في منظومته :
وإن سلم المأمور بالرد منهم فقد حصل المسنون ، إذا هو مبتدي .
وقد استشكل ابن مفلح هذا البيت ، في (( الآداب )) ([10])
وأجاب السفاريني في ((شرح المنظومة )) ([11]) بأن مراد الناظيم : حصل المسنون في الابتداء فقط .
وعلي هذا فإنه لم يحز كمال السنة في البداءة بمن ذكر في الحديث ، فلا . والله أعلم .

وجوب رد السلام

سُئل الإمام أحمد – رحمه الله تعالي – عن رجل مَر بجماعة ، فسلم عليهم ، فلم يردوا عليه السلام ، فقال :

(( يُسرع في خطاهُ ، لا تلحقه اللعنة مع القوم )) ([12])

قال ابن عبد البر في (( التمهيد )) :

الحجة في فرض رد السلام ، قول الله تعالي :

) إِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا (

قال : والرد واجب عند جميعهم . ا هـ . ([13])

قال القرطبي :

أجمع العلماء علي أن الابتداء بالسلام سنة مرغب فيها ، ورده فريضة . ا هـ ([14])

وقد سبقه إلي نقل الإجماع : ابن عبد البر ، وابن حزم .

ونقله – أيضاً – شيخ الإسلام ابن تيمية ([15])

قال : ابن كثير – رحمه الله تعالي – علي قول الحسن البصري : (( السلام تطوع ، والرد فريضة )) .

وهذا الذي قاله هو قول العلماء قاطبة : أن الرد واجب علي من سلم عليه . فيأثم إن لم يفعل ، لأنه خالف أمر الله تعالي . هـ ([16])

فترك رد السلام منكر شنيع ، بلي به كثير من الناس في هذه الأزمان ، دافعهم إليه الكبر ، والعُجْبُ ، فإليهم جميعاً نقول : رويداً من أنتم ؟ وممن أنتم ؟

) قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ& من أى شيء خلقه &من نطفة خلقه فقدره ( .

أأنتم أعظم قدراً وأعلي مكاناً ، من رسول اللهr ؟ فقد رد السلام ، علي الصغير والكبير ، والحر والعبد . وسلم عليهم ، فليكن لكم في رسول الله أسوة حسنة . نسأل الله التوفيق والهداية للجميع .

تنبيه : إذا قام الإنسان من المجلس ، وسلم وجب الرد عليه ، خلاقاً لبعض العلماء .

قال المستظهري من الشافعية :

السلام سنة عند الانصراف فيكون الجواب واجبا

قال النووي : هذا هو الصواب . ا هـ ([17])

كيفية الرد

إذا كان السلام علي جماعة

أخرج أبو داود في سننه ( 5/387 ) من طريق سعيد بن خالد الخزاعي ، قال : حدثني عبد الله بن الفضل ([18]) حدثنا عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب t – قال أبو داود : رفعه الحسن بن علي ([19]) – قال :

(( يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم ))

قال الحافظ في (( الفتح )) ( 11/7 ) :

وفي سنده ضعف . لكن له شاهد من حديث الحسن بن علي عند الطبراني ، وفي سنده مقال ، وآخر مرسل في (( الموطأ )) عن زيد بن أسلم . ا هـ .

وقول الحافظ (( سنده ضعيف )) لأن فيه علتين :

الأولي : سعيد بن خالد ، فإنه ليس بالقوي ([20]) وقد ضعفه جماعة منهم أبو ذرعة ، وأبو حاتم ، ويعقوب بن شيبة . وجعلوا حديثه هذا منكراً ، لأنه انفرد فيه بهذا الإسناد ([21])

قال ابن حبان :

لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد ([22])

والعلة الثانية : الانقطاع بين عبد الله بن الفضل وعبيد الله بن أبي رافع . قال ابن عبد البر : عبد الله ابن الفضل لم يسمع من عبيد الله بن أبي رافع ، بينهما الأعرج في غير ما حديث . ا هـ .

وقد رواه المحاملي في (( أماليه )) ([23]) عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع .

قال الدراقطني في (( العلل )) ( 4/22 ) :

والصواب قول من لم يذكر الأعرج فيه والحديث غير ثابت . ا هـ .

لكن للحديث شواهد – كما قال ابن حجر – وقد قال عبد البر عن حديث علي : (( هو حديث حسن )) ، وقد حسنه من المعاصرين المحدث شيخ الإسلام الألباني ([24]) والله تعالي أعلم بالصواب .

قال ابن مفلح – رحمه الله - :

ويجزئ سلام واحدٍ من جماعة ورد أحدهم ([25])

قال ابن عبد البر :

قال مالك والشافعي ، وأصحابهما ، وهو قول أهل المدينة : إذا سلم رجل علي جماعةٍ من الرجال فرد عليه واحد منهم .

وشبهه الشافعي – رحمه الله – بصلاة الجماعة ، والتفقه في دين الله ، وغسل الموتى ، ودفنهم ، وبالسفر إلي أرض العدو لقتالهم . قال هذه كلها فروض علي الكفاية ، وإذا قام منها بشيء بعض القوم ، أجزأ عن غيرهم . ا هـ . ([26])

وقد خالف في ذلك الحنفية . قال أبو يوسف لا يجزئ إلا أن يردوا جميعاً .

قال أبو جعفر الطحاوي :

ولا نعلم في هذا الباب شيئاً روي عن النبيr غير حديث مالك عن زيد بن اسلم ، وشيء روي فيه عن أبي النضر مولي عمر بن عبيد الله ، عن رسول اللهr وكلا الوجهين لا يحتج به ... ا هـ ([27]) .


إرسال السلام وتبليغه



كان النبيr يحمل السلام لمن يريد السلام عليه من الغائبين عنه . ويتحمل –r – السلام لمن يبلغه إليه .

فمن الأول ما رواه مسلم في صحيحه ( 3/1506 ) عن أنس بن مالك – t – أن فتىً من أسلم قال : يا رسول الله ، إني أريد الغزو وليس معي ما أتجهز . قال : ائت فلاناً فإنه قد كان تجهز فمرض . فأتاه فقال : إن رسول اللهr يقرئك السلام ويقول : أعطني الذي تجهزت به . قال : يا فلانة أعطيه الذي تجهزت به . ولا تحبسي عنه شيئاً ، فوا الله لا تحبسي منه شيئاً فيبارك لك فيه .

ففي هذا الحديث مشروعية إرسال السلام إلي الغائب ، وعليه العمل عند المسلمين .

من ذلك ما رواه أبو داود عن ابن عباس قال :

أراد رسول اللهr الحج ، فقالت أمرأة لزوجها : أحجني مع رسول اللهr فقال : ما عندي ما أحجك عليه قالت أحجني علي جملك فلان . قال ذاك حبيس في سبيل الله عز وجل فأتي رسول اللهr فقال : إن امرأتي تقرأ عليك السلام ورحمة الله ، وأنها سألتني الحج معك ، قالت أحجني مع رسول اللهr فقلت ما عندي ما أحجك عليه قالت أحجني علي جملك فلان . فقلت ذاك حبيس في سبيل الله فقال :

(( أما إنك لو أحججتها عليه كان ذلك في سبيل الله ))

قال : وإنها أمرتني أن أسألك ما يعدل حجةً معك ، فقال رسول اللهr : (( أقرأها السلام ورحمة الله وبركاته ، وأخبرها أنها تعدل حجة معي )) يعني عمرةً في رمضان ([28]) .

ولا يختص إرسال السلام إلي غائب عند الحاجة إليه ، بل هو عام عند الحاجة ، وغيرها كما وردت بذلك النصوص والآثار ، وسيأتي بعضها .

أما الهدي الثاني وهو تحمل النبيr لمن يبلغه إليه ، فمنه ما في الصحيحين ([29]) عن أبي هريرة - t – قال : أتي جبريل النبيr فقال : يا رسول الله هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام ، أو شراب ، فإذا هي أتتك فاقر أ عليها السلام من ربها ، ومني ، وبشرها ببيت في الجنة من قصبٍ لا صخب فيه ولا نصب .

وفي الصحيحين ([30]) – أيضاً – عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : قال رسول اللهr يوماً : (( يا عائش : هذا جبريل يقرئك السلام )) فقلت : وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ، ترى ما لا أرى . تريد رسول اللهr . وهذا لفظ البخاري ، وليس في رواية مسلم : (( وبركاته )) .



قال النووي في شرح مسلم ( 15/211 )

وفيه استحباب بعث السلام ويجب علي الرسول تبليغه . ا هـ .

قال العلامة ابن مفلح – رحمه الله – في ( الآداب 1/419 ) :

وهذا ينبغي أن يجب إذا تحمله لأنه مأمور بأداء الأمانة ، وإلا فلا يجب . ا هـ .



قال الحافظ ابن حجر في ( الفتح 11/38 ) :

والتحقيق أن الرسول إنِ ألتزمه أشبه الأمانة ، وإلا فوديعة ، والودائع إذا لم تقبل لم يلزمه شيء . ا هـ .

فعلي هذا إذا حمل اشخص سلاماً ، فلا يخلوا من أحد أمرين :

الأول : أن يحمل سلاماً ، فلا يتحمله إما بقوله : لا أتحمل سلامك . وإما بقوله إن شاء الله قاصداً التعليق لا التحقيق .وما شابه ذلك .

الثاني : أن لتزم ما حمله . وذلك بقوله : سأبلغ سلامك ، أو سأبلغه إن شاء الله . قاصداً التحقيق وما شابه ذلك .

فالأول : لا يجب عليه تبليغ السلام .

والثاني : يجب لأنه تحمل أمانة ، فأوجب علي نفسه تبليغها والدليل علي ذلك عموم ([31]) الآيات والأحاديث الدالة علي وجوب حفظ الأمانة وتأديتها والله أعلم .





كيفية رد السلام المبلغ

إذا بلغك شخص سلا م شخصٍ عليك ، وجب أن ترد عليه السلام ، فإذا قال لك : فلان يقرأ عليك السلام . أو فلان يسلم عليك قلت : وعليه السلام ، وإن زدت : ورحمة الله وبركاته ، فحسن .

وذلك لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها – أن النبيr قال لها يوماً : (( يا عائش : هذا جبريل يقرئك السلام )) فقالت : وعليه السلام ، ورحمة الله وبركاته . هذا لفظ البخاري .

لأن رد السلام واجب كما هو متقرر ، فيستوي فيه المشافهة ، والإبلاغ .

قال النووي في شرح مسلم ( 15/211 ) علي حديث عائشة :

قال أصحابنا هذا الرد واجب علي الفور . وكذا لو بلغه سلام في ورقة من غائب لزمه أن يرد السلام عليه باللفظ علي الفور إذا قرأه . ا هـ .

وهل يرد السلام علي المرسلل أيضاً ، فيقول عليه وعليك السلام ؟

في حديث عائشة أنها ردت علي جبريل فقط .

فدل ذلك علي أن الواجب رد السلام علي المرسِل

وقد وردت أحاديث في رد السلام علي المرسل والمرسَل وأمثلها ما رواه النسائي في (( عمل اليوم والليلة )) ص 301 من طرف جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس ، قال : جاء جبريل إلي النبيr وعنده خديجة ، وقال إن الله يقرئ خديجة السلام . فقالت إن الله هو السلام وعلي جبريل السلام وعليك السلام ورحمة الله وبركاته .

قال الحاكم في (( المستدرك )) ( 3/186 ) :

حديث صحيح علي شرط مسلم ولم يخرجاه . ا هـ ([32])

قال ابن مفلح في (( الآداب ( 1/419 ) :

ويستحب أن يسلم علي الرسول . قيل لأحمد : إن فلاناً يقرئك السلام . قال : عليك وعليه السلام . وقال في نوضع آخر : وعليك وعليه السلام . ا هـ .

وقال النووي في الأذكار ص 212

ويستحب أن يرد علي المبلغ أيضاَ ، فيقول : وعليك وعليه السلام . ا . هـ .

قرن المعانقة بالسلام

يعتقد بعض العامة أن من كمال التحية مصاحبة المعانقة لها ، فكلما سلم علي شخص عانقه ، وربما يغضب إذا لم يعامل بذلك وقد جاء النهي الصريح عن هذا العمل . ففي مسند الإمام أحمد ، وسنن الترمذي ، وابن ماجة ، عن أنس بن مالك - t – قال :

(( قال رجل : يا رسول الله : أحدنا يلقي صديقه أينحني له ؟ فقال رسول اللهr : لا ، قال : فيلتزمه ويقبله ؟ قال : لا . قال يصافحه ؟ قال : نعم )) .

وفي لفظ أحمد : (( إن شاء )) .

وعند ابن ماجه : (( لا ، ولكن تصافحوا )) قال الترمذي : حديث حسن .

فدل الحديث علي أن الصديق إذا لقي صديقه أكتفي بالمصافحة – مع السلام – ويستنثي من ذلك من قدم من سفر ، فإن معانقته مستحبة عندئذ ، لما ثبت عن أنس بن مالك - t –من قوله : (( كان أصحاب رسول اللهr إذا تلاقوا تصافحوا ، وإذا قدموا من سفر تعانقوا )) .

رواه الطبراني في الأوسط وقال الهيثمي في ((المجمع )) : رجاله رجال الصحيح . ا هـ .

فدل الأثر علي أن الصحابة إذا لاقى بعضهم بعضاً اكتفوا بالمصافحة ما لم يكن أحدهم قدم من سفر ففي هذه الحالة يعانقونه ويقبلونه .

تنبيه :

يخطئ كثير من الناس عندما يعانقون أهل الميت حال تعزيتهم ، لأن المعانقة محلها السرور لا الحزن ولما في ذلك من الوقوع في النهي المتقدم ، مع مخالفة السنة النبوية والخروج عن منهج السلف الصالح والله تعالي أعلم .


القيام للداخل عند السلام عليه



مسألة القيام للداخل كثر النزاع فيها ، وطال الجدل حولها . وقبل البدء في تقرير المسألة أشير إلي أمرين ينبغي لطالب العلم استحضارهما عند هذه المسألة ونحوها من المسائل الاجتهادية التي تتنازع الأفهام فيها نصوص الشرع :

الأمر الأول :

أن مسائل الاجتهاد لا إنكار فيها .

بمعني أن المسألة إذا تجاذبنها الأدلة ، أو اختلفت الأفهام في مدلول نصوصها ، ولم يكن الصواب واضحاً كالشمس ، فإن علي الطالب أن يذكر ما وصل إليه اجتهاده ، وأداه إليه فهمه ، مع الإجابة عن حجج المخالف ، ويكتفي بهذا القدر لأنه لو أنكر فعل المخالف ، لخرج من يُنكر عليه قوله ، فتصبح المسألة دوراً ، ويشغل المسلمون عما هو أهم من هذه المسائل ، بالإضافة إلي تشتيت أذهان العوام ، وجعلهم في حيرة من أمرهم .

الأمر الثاني

وجوب مراعاة القاعدة الشرعية التالية :

(( إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضرراً بارتكاب أخفهما ))

وكذا القاعدة القائلة (( درء المفاسد أولي من جلب المصالح )) .

وبعد هذا العرض نقول :

اختلف العلماء رحمهم الله تعالي قديماً وحديثاً في القيام للداخل هل يجوز أم يحرم ، أم يجوز في حق أُناس ، ويحرم في حق آخرين ، إلي غير ذلك من الآراء .

وقبل الدخول في هذا الخلاف نحرر محل النزاع ، فنقول : القيام علي أقسام ، وهي :

1- القيام علي الرجل :

بمعني أن يقوم شخص أو أكثر علي شخص جالسٍ كما هو حال الملوك والجبابرة .

فهذا القيام محرم ، لورود النهي عنه صراحة في حديث جابر بن عبد الله ، ونصه قال :

(( اشتكي رسول اللهr فصلينا وراءه وهو قاعد ، وأبو بكر يسمع الناس تكبيره ، فالتفت إلينا فرآنا قياماً ، فأشار إلينا فقعدنا ، فصلينا بصلاته قعوداً ، فلما سلم قال : كدتم أنفاً لتفعلون فعل فارس والروم يقومون علي ملوكهم وهم قعود فلا تفعلوا ... )

أخرجه مسلم في صحيحه ( 1/176 ط الحلبي )

ويستثني من ذلك ما إذا كان القيام لفائدة . قال ابن مفلح في ( الآداب ) ( 1/460 ) : (( وأما القيام لمصلحة أو فائدة ، كقيام معقل بن يسارٍ يرفع غصناً من شجرة عن رأس رسول اللهr وقت البيعة . رواه مسلم وقيام أبي بكر يظله من الشمس : فمستحب )) . ا هـ .



2- القيام للتهنئة أو التعزية :

وهذا القيام جائز لأن النبيr أقر طلحة بن عبيد الله علي قيامه لكعب بن مالك تهنئة له بتوبة الله عليه ، وهذا نص الشاهد من القصة . قال كعب :

(( حتى دخلت المسجد فإذا رسول اللهr جالس في المسجد ، وحوله الناس ، فقام طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني والله ما قام رجل من المهاجرين غيره ، فكان كعب لا ينساها لطلحة ))

ويلحق بذلك التعزية ، لأنه لما جوز القيام في شدة الفرح ، فالقيام في شدة الحزن أولى والله أعلم .



3- القيام لإعانة العاجز :

وهذا القيام مستحب ، لما ثبت في مسند الإمام أحمد عن عائشة – رضي الله عنها – في قصة بني قريظة ، وفيه ( قال أبو سعيد : فلما طلع – يعني سعد بن معاذ – علي رسول اللهr قال : (( قوموا إلي سيدكم فأنزلوه )) ، فقال عمر : سيدنا الله عز وجل . قال : (( أنزلوه )) ، فأنزلوه . قال الحافظ ابن حجر : سنده صحيح ( الفتح 11/51 )

فهذه الرواية تبين أن الأمر بالقيام إليه إنما هو لأجل إعانته ، لأنه كان مصاباً يوم الخندق ، ففيها استحباب القيام لمساعدة العاجز .

ولو كان القيام المأمور به في هذا الحديث لغير المنى المذكور لما خص الأنصار دون غيرهم . قاله ابن الحجاج في المدخل ( 1/159 ) وقال أيضاً : لو كان القيام لسعد علي سبيل البر والإكرام لكان هوr أول من فعله ، وأمر به من حضر من أكابر الصحابة ، فلما لم يأمر به ، ولا فعله ولا فعلوه ، دل علي أن الأمر بالقيام لغير ما وقع فيه النزاع ، وإنما لينزلوه عن دابته ، لما كان فيه من المرض ... إلخ . ا هـ .



4- قيام الابن لأبيه والزوجة لزوجها ، والعكس :

وهذا القيام جائز ، لما ثبت في صحيح البخاري عن عائشة – رضي الله عنها – في حديث الإفك ، وفيه :

(( فقالت لي أمي : قومي إليه ، فقلت : والله إني لا أقوم إليه إني لا أحمد إلا الله عز وجل )) فأقر النبيr أم عائشة علي هذا ويستفاد منه - أيضاً – القيام للتهنئة ، وقد سبقت .

وعن عائشة – رضي الله عنها – قالت :

ما رأيت أحداً كان أشبه سمتاً ودلاً وهدياً – وقال الحسن – ( حديثاً وكلاماً ) برسول اللهr من فاطمة – رضي الله عنها – كانت إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها فقبلها وأجلسها في مجلسه . وكان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبلته وأجلسته في مجلسها ))

أخرجه أبو داود في سننه ( 20 / البذل )

وقال ابن مفلح في ( الآداب) بعد أن ساق سنده : إسناد صحيح ، ورواه النسائي والترمذي وقال : صحيح غريب من هذا الوجه . ا هـ .

ففي هذا الحديث جواز قيام الابن لأبيه والعكس . وفي معني الأب : الأم والعم والخال والخالة والله أعلم .

وقد سأل حنبل الإمام أحمد – وهي احدي الروايات عنه – فقال : قلت لعمي تري للرجل أن يقوم للرجل إذا رآه ؟ قال : لا يقوم أحد لأحد إلا الولد لوالده أو لأمه . فأما لغير الوالدين فلا ، تهى النبيr عن ذلك . ا هـ من ( الآداب ) لابن مفلح ( 1/463 )

وسئل الإمام مالك عن المرآة تبالغ في إكرام زوجها فتتلقاه ، وتنزع ثيابه ، وتقف حتى يجلس ، فقال أما التلقي فلا بأس وأما القيام حتى يجلس فلا ، فإن هذا فعل الجبابرة . وقد أنكره عمر بن عبد العزيز . ا هـ من ( فتح الباري ) ( 11/51 )



5- القيام للقادم من سفر :

وهذا القيام جائز ، لأن الصحابة كانوا إذا قدموا من سفر تعانقوا . قال ابن مفلح في ( الآداب 1/459 ) : والمعانقة لا تكون إلا بالقيام . ا هـ .

وسأل مُثني أبا عبد الله أحمد بن حنبل : ما تقول في المعانقة ؟ وهل يقوم أحد لأحد في السلام إذا رآه ؟ قال : لا يقوم أحد لأحد في السلام إذا رآه ؟ قال : لا يقوم أحد لأحد وأما إذا قدم من سفر فلا أعلم به بأساً ، إذا كان علي التدين يحبه في الله ، أرجوا ، لحديث جعفر أن النبيr اعتنقه وقبل جلده بين عينيه . ا هـ .



6- القيام للاستقبال عند القدوم :

وهذا القيام لا بأس به وصورته أن يقوم الشخص من مجلسه لاستقبال إنسان قادم عليه . وقد حمل العلامة ابن القيم الأحاديث الواردة في القيام

- كحديث قيام فاطمة للنبيr وقيامها له – علي هذا النوع من القيام . كما قال – رحمه الله تعالي – جمعاً بين الأحاديث الواردة في القيام والناهية عنه :

وأما الأحاديث المتقدمة: فالقيام فيها عارض للقادم ، مع أنه قيام للرجل للقائه ، لا قياماً له وهو وجه حديث فاطمة .

فالمذموم القيام للرجل وأما القيام إليه للتلقي إذا قدم : فلا بأس به . وبهذا تجتمع الأحاديث والله أعلم . ا هـ من (( حاشية السنن )) ( 4/84 )

وقال أيضاً في الحاشية ( 8/93 ) :

ففرق بين القايم للشخص المنهي عنه ، والقيام عليه : المشبه لفعل فارس والروم . والقيام إليه عند قدومه الذي هو سنة العرب ، وأحاديث الجواز تدل عليه فقط . ا هـ .

وقد نقل اللفظ ابن حجر – رحمه الله تعالي – في (( الفتح )) ( 11/51 ) كلاماً لابن القيم وعزاه إلي حاشية السنن )) هذا نصه :

قال – أي ابن القيم – والقيام يتقسم إلى ثلاث مراتب :

قيام علي رأس الرجل . وهو فعل الجبابرة .

وقيام إليه عند قدومه . لا بأس به .

وقيام له عند رؤيته . وهو المتنازع فيه . ا هـ .



7- القيام عند رؤية الرجل :

وذلك بأن يكون الناس في مجلس فيدخل واحد ، فيقومون له ، ويسلمون عليه .

وقد كثر الكلام حول حكم هذه الصورة من صور القيام . والقول الراجح – إن شاء الله تعالي – تحريمها والنهي عنها ، وذلك لورود الأدلة الصحيحة بالزجر عنها ، والترهيب منها ، وما خالف ذلك من الأحاديث فإنه صحيح غير صريح أو صحيح لا دلالة فيه ، أو غير صحيح البتة . ومن الأدلة علي ذلك :

مما رواه الإمام أحمد في مسنده ( 20/353 فتح ) وأبو داود في سننه ( 20/167 بذل ) والترمذي ، وغيرهم ، عن أبي مجلز أن معاوية دخل بيتاً فيه ابن عامر وابن الزبير . فقام ابن عامر وجلس ابن الزبير . فقال معاوية - t – اجلس فإني سمعت رسول اللهr يقول (( من سره أن يتمثل له العباد قياماً فليتبوأ مقعده من النار )) . هذا لفظ أحمد .

قال الترمذي : حديث حسن . ا هـ .

فدل الحديث علي تحريم القيام للداخل عند رؤيته .

ووجه دلالته أن الصحابي الجليل راوي الحديث : معاوية – t – فهم منه تحرم القيام للداخل ، ولم يعترض عليه من كان حاضراً .

وهذا هو المستقر في أذهان الصحابة – t – ولذا لم يقر ابن الزبير لمعاوية لما دخل .

وقد استدل بهذا الحديث علي تحريم القيام في هذه الصورة : العلامة ابن القيم – رحمه الله تعالي – ووضح وجه دلالته الحديث علي المراد ، ورد علي من زعم أن الحديث لا يتناول هذه الصورة . وذلك في حاشيته علي السنن ( 8/93 ) . ويتلخص كلامه فيما يلي :

( أ ) الرد علي من زعم أن هذا الحديث يتناول القيام علي الرجل ، كما هو فعل فارس والروم . وذلك من وجوه :

1- سياق حديث معاوية يدل علي خلاف ذلك .

2- أنهr كان ينهي عن القيام له إذا خرج عليهم .

3- لأن العرب لم يكونوا يعرفوا هذا .

4- لأن هذا لا يقال له : قيام للرجل ، وإنما هو قيام عليه .



( ب) أن هذا الحديث يدل علي تحريم القيام للشخص .

وقال ابن القيم - رحمه الله تعالي – في موضع آخر من (( الحاشية )) ( 8/48 ) علي هذا الحديث :

(( وفيه رد علي من زعم أن معناه : أن يقوم الرجل للرجل في حضرته وهو قاعد ، فإن معاوية روى الخبر لما قاما ([33]) له حين خرج )) . ا هـ .

وقال ابن الحجاج – رحمه الله تعالي – في كتابه (( المدخل )) ( 1/185 ) : (( وانظر – رحمك الله وإيانا – إلي معاوية الذي تلقي الحديث من صاحب الشريعة – صلوات الله وسلامه عليه – كيف نهي عن ذلك علي العموم ، وذلك الذي فهم ، فكان ينبغي أتباعه في فهمه وفقهه )) . ا هـ .

فإن قال قائل : إن قولهr : (( من سره أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار )) .

يدل علي أن الإنسان إذا أحب أن يقوم له الناس ، وقع في الوعيد . أما إذا لم يحب فلا شيء عليه . وكذا لا حرج علي القائم له ، لأن الحديث ليس فيه ذكر له ولا وعيد عليه .

*****

والجواب عن هذه الشبهة يحصل بالمقدمات التالية :

أولاً : أن معرفة من يحب قيام الناس له ، ممن لا يحب ذلك ، أمر يستحيل علي المكلف معرفته .

ثانياً : أن التعاون علي البر والتقوى ، وعدم التعاون علي الإثم والعدوان واجب شرعي ، ويبني عليه من الأحكام ما لا يحصى .

إذا تبين هذا فإن ترك القيام واجب ، سدا للذريعة ، لأنك لا تعلم هل يحب من قمت له ، قيامك ، أم يكرهه . وإذا كنت لا تعلم فترجيح المحظور أحوط ، وهو أنه يحب القيام ، لما جبلت عليه النفوس من محبة التعظيم ، وهذا أحد صوره فيحرم القيام تعاوناً علي البر والتقوى .

ويجلي هذا ويوضحه ما رواه الإمام أحمد في المسند ( 3/132 ) والترمذي ، عن أنس بن مالك – t – قال :

(( ما كان أحد أحب إليهم من رسول اللهr وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك )) .

قال الترمذي : حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه . ا هـ .

فانظر غلي هذا الهدي النبوي العظيم وتأمله ، يتبين لك ما كان عليه النبيr من سد أبواب الذرائع المفضية إلي المعاصي وغيرها .

فها هوr يربي أصحابه علي ترك القيام له ، حتى أصبحوا لا يقومون له ، وهو أحب الناس إلي نفوسهم .

فالأولي بأهل العلم أن يأخذوا بهذا الهدي وينهوا العامة عن القيام لهم ، حتى تنتشر السنة ، وتعلوا رايتها . وما يؤمن أحدهم أن يحب قيام الناس له ، فيدخل صراحة في الوعيد الشديد ، الوارد في الحديث

وماذا علي عامة المسلمين لو علموا بهذا الهدي ، فدرأوا عن علمائهم وصلحائهم وكبرائهم الشر والضرر ؟

إنك لتأسف أسفاً شديداً عندما ترى عالماً يتمعر وجهه إذا لم يقم له ، وإن كلم ، تذرع بأحاديث الجواز – التي لا تصح حجة – ونسي أننا لو سلمنا له الجواز ، فأين مفره من هذا الحديث الذي يبين هدي المصطفيr في القيام . أليس هو أحق الناس بالتأسي برسول اللهr ؟

وفي هذا الهدي النبوي أبلغ ردً علي من زعم أن القيام لأهل العلم ونحوهم علي سبيل البر والإكرام ، مسنون ومندوب ( وذلك أن القيام لو كان إكراماً شرعاً ، لم يجز لهr أن يكرهه من أصحابه له ، وهو أحق الناس بالإكرام ، وهو أحق الناس بحقه عليه الصلاة والسلام ) قاله العلامة المحدث الألباني .

وأما قول القائل أن القائم لا حرج عليه لأن الحديث لم يتعرض لذكره ، ولوعيده .

فجوابه : أن معاوية بن أبي سفيان – راوي الحديث – من فقهاء الصحابة ، وقد استدل بهذا الحديث الذي سمعته أذنه من فم رسول اللهr علي المنع من القيام للداخل ، وأقره علي ذلك ابن الزبير وهو من الصحابة ، وغيره ممن حضر . ففهمهما أحق وأولي من فهم غيرهما ..

والمتأمل يجد أن القائم له نصيب من هذا الحديث جزاء إعانة الشيطان علي أخيه القادم والله أعلم.

 

رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:53 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML