بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِـــيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومَن تبعه بإحسان إلى يوم الدِّين، أما بعد ...
فلقد نُشِرَت قبل أيام قليلة تغريدة لحساب يُعنى بخدمة اللغة العربية وعلومها، وكانت التغريدة تتضمن البيتين الآتيين لقائلها:
كانت لسانَ اللهِ في فرقانهِ
وقوامُ نهضته وسِرُّ كيانهِ
والضادُ حَسْب الضادِ فخرًا أنَّها
هي سؤدد العربي يوم فخاره
والبعض كان يشرع بتنبيه أصحاب الحساب بخطأ استعمال هذه العبارة قبل أن يقوم أصحاب الحساب بحذف التغريدة ـ والحمد لله تعالى الذي بنعمته تتم الصالحات ـ؛ ولكن هذا الحذف كان الواجب أن يلحقه التنبيه والبيان لحكم استعمال عبارة (لسان الله) بعدما قام البعض بإعادة تغريد التغريدة الآنفة الذكر قبل الحذف وربما تم تداولها في وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى دون أن يعلم مروجي التغريدة سبب الحذف أو أنها حُذِفَتْ أصلًا، ومن المهم التنبيه على الأمر لسببين:
الأول: تعلق المسألة بموضوع العقيدة، التي يجب حماية جنابها من أي أخطاء أو انحرافات أو شوائب جاهلية.
والثاني: سرعة انتشار كل ما تبثه وسائل التواصل الاجتماعي دون التحقق من صحة ما يُنشر، فحذف الخطأ يجب أن يلحقه بيانًا للخطأ لتنبيه جميع المتابعين والناشرين لهذا الخطأ قبل حذفه.
والآن وقت الشروع بالمقصود، وهو: بيان حكم استعمال لفظ (لسان الله)، والبيان من الشيخ العلامة الفقيه الوالد محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى.
الســـــؤال: فضيلة الشيخ، في موضوع العقيدة نسمع بعض الأشخاص يقولون إذا أرادوا أن يستدلوا بآية: "كما ورد على لسان الحق جَلَّ وَعَلا"، السؤال: هل لهذا أصلٌ في السُّنَّة أو دليل بأنْ نثبت هذا الوصف بأن نقول: "على لسان الحق ونحو ذلك"، وما هي عقيدة المسلم الحق في أسماء الله وصفاته التي لم تُذكر؟
الجواب:
من المعلوم أنَّ الكلامَ في أسماء الله وصفاته موقوفٌ على ما جاء به الوحي، فإنَّ أسماءَ الله وصفاته توقيفية؛ لأنها خبرٌ عن مُغَيَّبٍ، والخبر عن المُغَيَّبِ لا يجوز للإنسان أن يتفوه به إلا بدليل؛ لقول الله تعالى: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) [الإسراء:36]، ولقوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) [الأعراف:33] فلا يجوز أن نقول: بلسان الحق يعني: بلسان الله.
مَن قال: إن لله لسانًا؟! ولهذا يعتبر من قال ذلك قائلًا بغير علم، والقرآن الكريم ليس فيه أنه بلسان الله بل فيه: أنَّه بلسان عربي مبين.
واللسان يطلق ويراد به اللغة، أي: بلغة عربية، وإنما أطلق اللسان على اللغة؛ لأن المتكلم باللغة يتكلم بلسان، أما الرب عَزَّ وَجَلَّ فلا يجوز أنْ نثبت له اللسان ولا ننفيه عنه؛ لأنه لا علم لنا بذلك، وقد قال العلماء: إن صفات الله تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
ـــــــ قسم وصف الله به نفسه فيجب علينا إثباته، كالسمع والبصر وما أشبه ذلك.
ـــــــ وقسم نفاه الله عن نفسه فيجب علينا نفيه كالظلم والغفلة والتعب والإعياء وما أشبه ذلك.
ـــــــ وقسم سكت الله عنه فلا يجوز لنا نفيه ولا إثباته إلا إذا كان دالًا على نقص محض فيجب علينا نفيه؛ لأن الله منزه عن كل نقص.
[مقطع صوتي من اللقاءات الشهرية، اللقاء برقم 3]
رابط المقطع الصوتي
https://drive.google.com/open?id=0B3...DZYRTZNWGNZSmM