قال هاهنا رجل: تطاول بعضهم على العلَّامة ربيع المدخلي-حفظه الله-في مسألة عذاب القبر، هل من نُصرة للحق؟.
الجواب: العلَّامة شيخنا الشيخ ربيع-حفظه الله ووفقه ونصر به الحق-قوله في هذا قول أهل السنة، وكلامه في هذا كلام أهل السنة في مسائل الاعتقاد وكون المرء يزلق زلقة لسان-إن وقع-من زيد أو عمر من الناس فلا يسلم منها أحد، هو عالم من علماء أهل السنة وقوله في كتاباته وفي مقالاته وفي شروحاته ظاهرٌ تقريرات أهل السنة.
أمَّا هؤلاء الذين تحشرجوا بالحق وصدعه بالحق فلا عبرة بهم، وكما يقال: (شنشنة أعرفها من أخزم).
وقالوا في إمام أهل السنة أحمد، قالوا: يخبئ علويًا في بيته-أهل الباطل-، هكذا دائمًا لا يتركون سنيًّا على حاله، يَكْذِبُوْن ويَفْجُرون ويريدون من الناس أن يصدِّقوا الكذب والفجور، هو يعلم أنه كذب وفجور، ويأمر الناس بتصديق الكذب والفجور، ويوالي ويعادي على فجوره وعلى كذبه، عرفتم الآن؟.
فهو-حفظه الله-لا ندَّعي له العصمة، كما لا ندَّعي العصمة لا لعبد العزيز بن باز الإمام، ولا الألباني الإمام، ولا العثيمين الإمام، ولا أحمد بن حنبل الإمام، ولا ابن تيمية الإمام، ولا غيرهم من أئمة الهدى ومصابيح الدجى، صحيح؟.
(كلٌ يؤخذ من قوله ويترك) هذا تنظيرًا، لو سألت هؤلاء المتحذلقين يقولون بمقالة الإمام مالك هذه صحيح؟، لكن! تطبيقًا، إذا ما جئت إلى أسيادهم وإلى عروش هؤلاء الخاوية الهاوية المتهلهلة والمتهالكة انتفضوا!، أحسن الظن!، قل كذا يا شيخ!، قدَّمَ روحه، قدَّمَ رجله!، قدَّمَ أصبعه!، قدَّم كذا في سبيل الله!.
وما أدراك أنها في سبيل الله؟، وما أدراك أنها في سبيل الله والضلالات طافحة في كتاباتهم؟، ما في كلمة الحق لا في الرضا ولا في الغضب؟، إنصاف مدَّعى وكذب وزور-والعياذ بالله-.
وعلى كل حال: عند الله تجتمع الخصوم فيقضي الله بين هؤلاء في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة فليعدُّوا جوابًا هؤلاء الطعانين على أعلام الهدى يعدُّوا أجوبة، والله ما عندهم أجوبة.
أقول: كما قلت صباحًا ما عندهم أجوبة، إنْ هي إلَّا تخرُّصات والظنون الكاذبات.
وهنا ألفِتُ إلفاتة: ألفت ماذا؟، إلفاتة، كان قد سألني أحد الإخوة في درس مضى لَمَّا تكلَّمت عن بعض القواعد التي سلكها الأئمة وقرَّروها: في أن العالم قد يغلط، يعني: يجتهد في القول ولكن يخالف الحق، فهو معذور مأجور، صحيح تذكرون هذا لَمَّا تكلَّمنا؟، وذكرت في هذا الحديث وغيره وبعض كلام أهل العلم، وأظُنِّي ذكرت أمرًا عن الإمام ابن رجب أو لم أنقل؟.
على كل حال: الإمام ابن رجب-رحمه الله-في جامع العلوم والحكم عند شرحه لحديث أبي هريرة (لا تحاسدوا ولا تباغضوا...)[1] إلى آخره، ذكر الكلام عن مسألة القطيعة والمهاجرة والهجرة والهجر، ثمَّ قال[2]: (...وهاهنا أمرٌ خفي ينبغي أن يتفطن له، وهو أن بعض العلماء يستفرغ وسعه اجتهادًا في الوصول إلى الحق ولكن يخالف الحق فهو معذور مأجور، بخلاف الأتباع الذين يوافقونه على ذلك مع علمهم بمخالفته للحق، وما كان ذلك منهم إلَّا لأن متبوعهم قد قاله، فلو قاله غيره ما وافق عليه وما والى ولا عادى عليه، فهؤلاء ليس لهم من الحكم والنصيب مثلما للمتبوع...) يعني: العالم، (...فهم آثمون غير معذورين...) أنا أنقل معنى الكلام.
ثمَّ قال: (...فتفطن لهذا الأمر فإنه أمر مهم جدًا...).
وقرَّر هذا أيضًا الإمام ابن تيمية-رحمه الله-، وقرَّره أيضًا شيخ شيوخنا العلَّامة الأمين الشنقيطي-رحمه الله-في الأضواء لَمَّا تكلَّم عن التقليد، وبيَّن هاهنا قال: (...مسألتان مهمتان فيما يتعلق بالتقليد...) ومنها: متابعة الأتباع لمتبوعيهم والفرق بين هذا وذاك، واضح؟[3].
لسماع المادة الصوتية:
(عند الله تجتمع الخصوم فليعدُّوا جوابًا هؤلاء الطعَّانين على أعلام الهدى)
http://www.box.com/s/m4bisa4j9g85lsqi222e
[1] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ-رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا) وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ)(صحيح مسلم).
[2] (...وَهَاهُنَا أَمْرٌ خَفِيٌّ يَنْبَغِي التَّفَطُّنُ لَهُ، وَهُوَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَئِمَّةِ الدِّينِ قَدْ يَقُولُ قَوْلًا مَرْجُوحًا، وَيَكُونُ مُجْتَهِدًا فِيهِ، مَأْجُورًا عَلَى اجْتِهَادِهِ فِيهِ، مَوْضُوعًا عَنْهُ خَطَؤُهُ فِيهِ، وَلَا يَكُونُ الْمُنْتَصِرُ لِمَقَالَتِهِ تِلْكَ بِمَنْزِلَتِهِ فِي هَذِهِ الدَّرَجَةِ، لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَنْتَصِرُ لِهَذَا الْقَوْلِ إِلَّا لِكَوْنِ مَتْبُوعِهِ قَدْ قَالَهُ، بِحَيْثُ إِنَّهُ لَوْ قَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّينِ، لَمَا قَبِلَهُ، وَلَا انْتَصَرَ لَهُ، وَلَا وَالَى مَنْ وَافَقَهُ، وَلَا عَادَى مَنْ خَالَفَهُ، وَهُوَ مَعَ هَذَا يَظُنُّ أَنَّهُ إِنَّمَا انْتَصَرَ لِلْحَقِّ بِمَنْزِلَةِ مَتْبُوعِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ مَتْبُوعَهُ إِنَّمَا كَانَ قَصْدُهُ الِانْتِصَارَ لِلْحَقِّ، وَإِنْ أَخْطَأَ فِي اجْتِهَادِهِ، وَأَمَّا هَذَا التَّابِعُ فَقَدْ شَابَ انْتِصَارَهُ لِمَا يَظُنُّهُ الْحَقَّ إِرَادَةُ عُلُوِّ مَتْبُوعِهِ، وَظُهُورُ كَلِمَتِهِ، وَأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إِلَى الْخَطَأِ، وَهَذِهِ دَسِيسَةٌ تَقْدَحُ فِي قَصْدِ الِانْتِصَارِ لِلْحَقِّ، فَافْهَمْ هَذَا، فَإِنَّهُ فَهْمٌ عَظِيمٌ، وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ...)(جامع العلوم والحكم).
[3] (شرح أصول السنة للإمام أحمد/ الشريط الخامس/ لفضيلة الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد الرحيم البخاري-حفظه الله-)