بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لما كان الصبر المحمود هو الصبر النفساني الاختياري عن إجابة داعي الهوى المذموم كانت مراتبه وأسماؤه بحسب متعلقه
فإنه إن كان صبراً عن شهوة الفرج المحرمة سمي عفة وضدها الفجور والزنا والعهر
وإن كان عن شهوة البطن وعدم التسرع إلى الطعام أو تناول مالا يجمل منه سمي شرف نفس وشبع نفس وسمي ضده شرها ودناءة ووضاعة نفس
وإن كان عن إظهار ما لا يحسن إظهاره من الكلام سمي كتمان سر وضده إذاعة وإفشاء أو تهمة أو فحشاء أو سباً أو كذباً أو قذفا
وإن كان عن فضول العيش سمي زهداً وضده حرصا
وان كان على قدر يكفي من الدنيا سمي قناعة وضدها الحرص أيضا
وإن كان عن إجابة داعي الغضب سمي حلماً وضده تسرعا
وإن كان عن إجابة داعي العجلة سمي وقاراً وثباتاً وضده طيشاً وخفّة
وإن كان عن إجابة داعي الفرار والهرب سمي شجاعة وضده جبناً وخورا
وإن كان عن إجابة داعي الإنتقام سمي عفواً وصفحاً وضده انتقاماً وعقوبة
وإن كان عن إجابة داعي الإمساك والبخل سمي جوداً وضده بخلا
وإن كان عن إجابة داعي الطعام والشراب في وقت مخصوص سمي صوما
وإن كان عن إجابة داعي العجز والكسل سمي كيسا
وإن كان عن إجابة داعي إلقاء الكيل على الناس وعدم حمل كلهم سمي مروءة
فله عند كل فعل وترك إسم يخصه بحسب متعلقه والإسم الجامع لذلك كله الصبر وهذا يدلك على ارتباط مقامات الدين كلها بالصبر من أولها إلى آخرها
وهكذا يسمى عدلاً إذا تعلق بالتسوية بين المتماثلين وضده الظلم ويسمى سماحة إذا تعلق ببذل الواجب والمستحب بالرضا والإختيار وعلى هذا جميع منازل الدين
عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين
الإمام ابن القيم-رحمه الله-
http://www.sahab.net/forums/showthread.php?p=795853#post795853