مطلب : مراتب التعلم ستة ، وحرمان العلم بستة
واعلم أن للتعلم ست مراتب : أولها حسن السؤال : ثانيها حسن [ ص: 44 ] الإنصات والاستماع . ثالثها حسن الفهم . رابعها الحفظ ، خامسها التعليم سادسها وهي الثمرة العمل به ومراعاة حدوده .
وحرمان العلم يكون بستة أوجه :
( أحدها ) : ترك السؤال .
( الثاني ) : سوء الإنصات وعدم إلقاء السمع .
( الثالث ) : سوء الفهم .
( الرابع ) : عدم الحفظ .
( الخامس ) : عدم نشره وتعليمه ، فمن خزن علمه ولم ينشره ابتلاه الله بنسيانه جزاء وفاقا .
( السادس ) : عدم العمل به ، فإن العمل به يوجب تذكره وتدبره ومراعاته والنظر فيه ، فإذا أهمل العمل به نسيه . قال بعض السلف : كنا نستعين على حفظ العلم بالعمل به . وقال بعضهم : العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل ، فما استدر العلم واستجلب بمثل العمل به .
فإن قلت : قول الناظم ليصغ إن كان من صغى بمعنى مال بقلبه فهذا ظاهر وإن كان من أصغى بمعنى استمع فكيف يكون الاستماع بالقلب مع أن السمع والاستماع إنما يكون بالأذن ؟ والجواب أن الاستماع إلقاء السمع ، والإلقاء الذي هو قصد الاستماع إنما يكون بالقلب . وأيضا فبين الأذن والقلب تمام الارتباط ، فالعلم يدخل من الأذن إلى القلب ، فهي بابه والرسول الموصل إليه العلم ، كما أن اللسان رسوله المؤدي عنه .
ومن عرف ارتباط الجوارح بالقلب علم أن الأذن أحقها بالارتباط من جهة الإيصال إلى القلب به ، فجائز أن يقال للقلب استمع والله أعلم .