بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن أبي أمامة الباهلي قال - و رأى سكة و شيئا من آلة الحرث فقال : سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول :" لا يدخل هذا بيت قوم إلا أدخله الله الذل " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 14 :
التكالب على الدنيا يورث الذل :
ذكرت في المقال السابق بعض الأحاديث الواردة في الحض على استثمار الأرض , مما
لا يدع مجالا للشك في أن الإسلام شرع ذلك للمسلمين و رغبهم فيه أيما ترغيب .
و اليوم نورد بعض الأحاديث التي قد يتبادر لبعض الأذهان الضعيفة أو القلوب المريضة أنها معارضة للأحاديث المتقدمة , و هي في الحقيقة غير منافية له ,إذا ما أحسن فهمها , و خلت النفس من اتباع هواها !
الأول : عن # أبي أمامة الباهلي # قال - و رأى سكة و شيئا من آلة الحرث فقال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" لا يدخل هذا بيت قوم إلا أدخله الله الذل " .
أخرجه البخاري في " صحيحه " ( 5 / 4 بشرح " الفتح " ) , و رواه الطبراني في
" الكبير " من طريق أخرى عن أبي أمامة مرفوعا بلفظ : " ما من أهل بيت يغدو عليهم فدان إلا ذلوا " .
ذكره في " المجمع " ( 4 / 120 ) .
و قد وفق العلماء بين هذا الحديث و الأحاديث المتقدمة في المقال المشار إليه
بوجهين اثنين :
أ - أن المراد بالذل ما يلزمهم من حقوق الأرض التي تطالبهم بها الولاة من خراج
أو عشر , فمن أدخل نفسه في ذلك فقد عرضها للذل .
قال المناوي في " الفيض " : " و ليس هذا ذما للزراعة فإنها محمودة مثاب عليها
لكثرة أكل العوافي منها , إذ لا تلازم بين ذل الدنيا و حرمان ثواب البعض " .
و لهذا قال ابن التين : " هذا من أخباره صلى الله عليه وسلم بالمغيبات , لأن
المشاهد الآن أن أكثر الظلم إنما هو على أهل الحرث " .
ب - أنه محمول على من شغله الحرث و الزرع عن القيام بالواجبات كالحرب و نحوه ,
و إلى هذا ذهب البخاري حيث ترجم للحديث بقوله : " باب ما يحذر من عواقب الاشتغال بآلة الزرع , أو مجاوزة الحد الذي أمر به " .
فإن من المعلوم أن الغلو في السعي وراء الكسب يلهي صاحبه عن الواجب و يحمله على
التكالب على الدنيا و الإخلاد إلى الأرض و الإعراض عن الجهاد , كما هو مشاهد من
الكثيرين من الأغنياء .
و يؤيد هذا الوجه قوله صلى الله عليه وسلم :
" إذا تبايعتم بالعينة , و أخذتم أذناب البقر و رضيتم بالزرع و تركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم " .إ.هـ كلام رحمه الله تعالي.
(المرجع:سلسلة الأحاديث الصحيحة المجلد الأول الحديث العاشر).
ولا تنسونا من الدعآء بارك الله فيكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
__________________