منتديات الإسلام والسنة  

العودة   منتديات الإسلام والسنة > المنتديات الشرعية > منتدى الدفاع عن الإسلام والسنة


 
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )  أعطي طالب العلم مخالفة
طالب العلم غير متواجد حالياً
 
طالب العلم
مشرف الأدآب الشرعية

الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
 
رقم العضوية : 268
تاريخ التسجيل : Oct 2011
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 2,870 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10

افتراضي كشف جهالات وتشغيبات عبد الله الغامدي في مقالاته وتعقباته [متجدد في حلقات]

كُتب : [ 04-17-2014 - 02:46 PM ]

كشف جهالات وتشغيبات عبد الله الغامدي في مقالاته وتعقباته [متجدد في حلقات]



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدِّين؛ أما بعد:


فقد ردَّ شيخنا العلامة الشيخ ربيع بن هادي حفظه الله على تخليطات وجهالات أبي عاصم عبد الله بن صوان الغامدي في مسائل الإيمان وتارك العمل في أكثر من مقال؛ ردوداً علميةً بالأدلةِ الساطعة والبراهين القاطعة ومؤيَّدةً بالنقولِ المستفيضة من أئمة السنة وعلماء الملة الكبار، ومن تلك المقالات نصيحته له الموسومة بـ [الحدادية تتسقط الآثار الواهية والأصول الفاسدة، وهدفها من ذلك تضليل أهل السنة السابقين واللاحقين]، فما كان من الغامدي إلا العويل والصراخ على قدر الألم الذي أصابه من هذا السهم الذي لا برئ بعده، وبخاصة بعد أن وصفه الشيخ حفظه الله بـ "غلاة الحدادية"، فأصبح الرجل يتمسكن ويتشكَّى في أول أمره، ثم انتقل بعدها إلى مرحلة التهديد والوعيد بنقل كلام الشيخ ربيع وتقريراته إلى العلماء الكبار الراسخين، وكأنَّ الشيخ ربيعاً حفظه الله ليس منهم!، أو أنَّ من يحتج بهم ويتستر خلفهم هم أكبر من الشيخ ربيع سناً وأرسخ منه علماً!، وكان يكفيه أن يراجع نفسه ويعرف قدره، وينظر في مقالات الشيخ ربيع حفظه الله نظرة تجرد للحق، ويتأمل في النصوص والمنقول فيها بعين الإنصاف، ولا ينظر إلى من خالف الحق ولو كان كبيراً أو كثيراً؛ فالمسألة ليست قال فلان أو فتوى فلان!، ولا معنا عشرون ومن معكم لا يتجاوز عدد الأصابع!، ولا المسألة مسألة ألقاب؛ حتى يقال فيها: معنا الإمام بقية السلف ومعكم حامل لواء الجرح والتعديل!، وإنما المسألة مسألة دراسة وتحرير لمذهب السلف في مصطلح حادث "تكفير تارك جنس العمل"، وقد ادُّعِي فيها الإجماع واتهم المخالِف بالإرجاء، وأوَّل من نطق به في هذا العصر وأثاره سفر الحوالي في كتابه سيء الصيت "ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي" في عام 1405 هـ - 1406 هـ - وهي رسالة دكتوراه بإشراف محمد قطب، ومليئة بالنقل عن سيد قطب، واتهام الشيخ الألباني رحمه الله بالإرجاء! - فقد عقد الحوالي باباً فيه بعنوان [الباب الخامس: الإيمان حقيقة مركبة، وترك جنس العمل كفر]، قال فيه: ((وبهذا يتبين لطالب الحق: أنَّ تركَ الأركان الأربعة وسائر عمل الجوارح كفرٌ ظاهراً وباطناً؛ لأنه تركٌ لجنس العمل الذي هو ركنُ الحقيقة المركبة للإيمان، التي لا وجود لها إلا به، هذا مما لا يجوز الخلاف فيه، ومَنْ خالف فيه فقد دخلت عليه شبهة المرجئة شعر أو لم يشعر))، وقال في مقدمة الكتاب أيضاً: ((والباب الخامس: بيان أنَّ الإيمان حقيقة مركبة من ركني القول والعمل، توصلاً بذلك إلى معرفة بطلان مذهب المرجئة في حكم تارك العمل مطلقاً، وبيان حكم صاحب الكبيرة على ضوء ذلك، وسبب ضلال الفرق فيه، ثم نقض أهم الشبهات النقلية للمرجئة على أنَّ العمل غير داخل في الإيمان. هذا ولا يفوتني أن أتقدَّم بخالص الشكر وعظيم التقدير إلى أستاذي الكريم الأستاذ محمد قطب، الذي بذل من الوقت الثمين والرأي الصائب ما كان له أثره البالغ في إنجاز هذه الرسالة وتقويمها)).


فمثل هذه المسألة لا بدَّ فيها من دراسة متأنية لا أن يكون فيها الجواب مجملاً ولا يكفي فيها بيان أو فتوى تعبِّر عن رأي عالمٍ أو اجتهاد مفتٍ بألفاظ مجملة تحتمل أكثر من معنى، ولهذا استغلت من قبل غلاة الحدادية، فكلام العلماء يحتج له لا يحتج به.


ولا نعلم - بلا مبالغة ولا غلو - أحداً من كبار العلماء السلفيين المعاصرين قام بهذه الدراسة الدقيقة وجمع كلام أئمة السلف المتقدمين والمتأخرين بالإضافة إلى النصوص الشرعية الواضحة كحديث الشفاعة وحديث البطاقة ونصوص فضل التوحيد والنجاة به من الخلود في النار كما قام به العلامة الشيخ ربيع حفظه الله في عدة مقالات ردَّ فيها على حدادية فالح وحزبه، ثم تلاها بالردِّ على الحدادية الجدد كعادل آل حمدان والغامدي والجهني وأمثالهم، ومن ادَّعى غير ذلك فعليه بالدليل.


وطالب العلم المنصف يلاحظ أنَّ هؤلاء الحدادية يواجهون ما يذكره الشيخ ربيع حفظه الله في مقالاته من أدلة ونقول بقال فلان وسُئل فلان!، وكأنَّ فلاناً هذا مرجعٌ عند الاختلاف!، أو كأنَّ فلاناً هذا حجةٌ على الشيخ ربيع!، وعجباً لمن يطلب الحق كيف يكتفي بقال فلان وفتوى فلان وبيان فلان وهي كليمات مجملة مجردة عن الدليل والنقل، ثم يعرض عن مقالات الشيخ ربيع حفظه الله وهي مليئة بالأدلة والتعليق عليها من كلام الأئمة المتقدمين بالإضافة إلى النقول المستفيضة عنهم، ((فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ))؟!



وبعد هذه المقدمة الموجزة، أعود إلى الرد على مقالات وتعقبات الغامدي:



فقد كتب شيخنا العلامة الشيخ ربيع حفظه الله مقالاً جديداً بعنوان [أحاديث الشفاعة الصحيحة تدمغ الخوارج والحدادية القطبية]، وعلى عادته حفظه الله دوَّن في مقاله هذا عدة أدلة ونقول وتعليقات لأئمة السلف على نقض الإجماع المدَّعى في تكفير تارك العمل، ونقض فرية الإرجاء لمن خالف ذلك الإجماع، وبيِّنَ في مقدمته أنَّ أصل هذه الفتنة انطلقت من محمود الحداد ومحمد قطب وسفر الحوالي، ثم انخدع فيها من انخداع بدعوى محاربة ظاهرة الإرجاء!، وقد قمتُ بتلخيص مقال الشيخ ربيع في هذه النقاط:


1- قال الشيخ ربيع حفظه الله في مقدمة المقال: ((ومنهم الطائفة الحدادية القطبية التي انطلقت في حربها لأهل الحديث والسنة بالإرجاء؛ من منهج محمود الحداد القطبي المتستر، ومن منهج محمد قطب، وتلميذه سفر الحوالي))


2- وقال أيضاً: ((واخترع تلميذه سفر الحوالي لتقوية هذا المنهج أصلاً خطيراً سماه جنس العمل؛ فرفع راية ذلك المنهج الخطير وهذا الأصل الباطل لحرب أهل السنة والتوحيد؛ الطائفة الحدادية القطبية، التي جعلت حرب أهل السنة والتوحيد شغلها الشاغل، مع إضافة أصول أخرى إلى ما سلف ذكره، ومنها: التقية؛ خداعاً منهم ومكراً، ليخفوا أمرهم وكيدهم على كثير من الناس، وحتى على بعض العلماء الذين تتظاهر هذه الطائفة أمامهم بالتمسك بالمنهج السلفي والغيرة عليه، في حين أنها من أشد أهل الأهواء حرباً عليه وعلى أهله وتشويهاً لهذا المنهج وأهله، وواقعهم ومواقعهم تشهد بذلك، والحاصل: أنَّ أمرهم خطير وشرهم مستطير، وقد بيّنا عدداً من أصولهم الهدامة وانحرافاتهم الخطيرة))


3- وقال حفظه الله في أبي عاصم عبد الله الغامدي صاحب مقال [تحقيق أثر عبد الله بن شقيق] ((قال أحد غلاة الحدادية الذين لم يُسلِّموا ولم يقتنعوا بأحاديث الشفاعة إلا بالشفاعة في المصلين فقط!، وما عدى هذا الصنف فلم يرفعوا رأساً بالشفاعات فيهم...))


4- وقال حفظه الله بعد سرده لعدة روايات في حديث الشفاعة: ((فهذه الأصناف من أمة محمد أدخلوا النار بذنوبهم، وأخرجهم الله من النار بشفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما في قلوبهم من الإيمان، والصنف الأخير أخرجوا بعزة الله وكبريائه وعظمته وجبريائه ورحمته، وذلك بسبب توحيدهم وإيمانهم وإن كان في نهاية الضعف. فهذان الحديثان يجمعان بين الترهيب والترغيب؛ الترهيب من الذنوب والعقوبة الشديدة عليها ليرتدع المسلمون عن الذنوب، والترغيب في الإيمان والتوحيد ليكونوا من أهله. وأعتقد أنَّ هذا الحدادي وغيره من الحدادية اطلعوا على حديثي أبي سعيد وأنس رضي الله عنهما من خلال بحثي الذي رددتُ به عليهم ولكن!!)).


وقال أيضاً: ((وكل هذه الأحاديث تدل على أنَّ الشفاعة تتناول كل موحد لم يشرك بالله شيئاً. فالحدادية لا يرفعون رأساً بهذه الأحاديث التي تبلغ درجة التواتر، فيسلكون مسلك الخوارج في ردها وعدم التسليم بها)).


5- بعد أن ذكر حفظه الله الطوائف الثلاث من أهل السنة في مسألة الاختلاف بين الإسلام والإيمان قال معقباً: ((وهنا اتفقت كلمة هذه الثلاث الطوائف من أهل الحديث على أنه يخرج من النار من كان في قلبه مثقال خردلة من إيمان... إلخ. واتفقوا على أنه يخرج من النار بما في قلبه من الإيمان ويستوجب الجنة بما في قلبه من الإيمان؛ لأنَّ هذا الصنف لقي الله بذنوب عظيمة وبدون عمل، إلا أنه موحدٌ لم يشرك بالله عز وجل؛ فاستحقَّ بهذا التوحيد الخروج من النار، ثم دخول الجنة. وهذا يؤمن به أهل السنة والحديث جميعًا -كما مرَّ ذلك بالقارئ- هذا بالإضافة إلى أحاديث الشفاعة الكثيرة، والآيات القرآنية، وأحاديث فضل التوحيد. ويخالفهم في هذا الخوارج ومن سار على نهجهم من أهل الأهواء، مثل الفرقة الحدادية)).


6- وقال حفظه الله في بيان موقف علماء أهل السنة من مسألة تارك الصلاة: ((فكل طرف يرى أنه قد أصاب في اجتهاده، وفي الوقت نفسه يرى أنَّ أخاه وإنْ أخطأ فإنه مأجور على اجتهاده مغفور له خطؤه، والطائفة الحدادية جهلت هذا المنهج أو أنها تتجاهله؛ ومن هذا الباب أو ذاك انطلقتْ إلى حرب أهل السنة تضللهم وترميهم بالإرجاء، وبعضهم يرميهم بالتجهم، ثم اخترعوا إلى جانب تارك الصلاة: تارك العمل، فصار لهم سلاحان يحاربون بهما أهل السنة، وهذا من جهلهم أو من إمعانهم في حرب أهل السنة والحديث، ذلك الأمر الذي لم يخطر ببال غلاة الخوارج.


ثم إنَّ أهل السنة المكفرين لتارك الصلاة لا يعتقدون أنَّ له عملاً صالحاً مقبولاً عند الله، ومع اعتقادهم هذا لم يطعنوا في إخوانهم الذين لم يكفروا تارك الصلاة كما أسلفنا، فظهر أنَّ المنهج الحدادي بعيد كل البعد عن منهج أهل السنة المكفرين لتارك الصلاة)).


7- وقال حفظه الله: ((فهذان نصان عن الإمام أحمد لا يكفِّر فيهما إلا بالشرك بالله العظيم، ولا يكفر بترك العمل)).


8- وقال معقباً على كلام العلامة ابن القيم رحمه الله: ((فالظاهر: أنه يعتقد أنهم من أهل التوحيد، وأنهم ليس عندهم شيء زائد على التوحيد؛ أي يعتقد بظاهر الحديث أنهم لم يعملوا خيراً قط، والله أعلم)).


9- وقال معقباً على كلام مجدد التوحيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: ((وقوله هذا نص واضح في عدم تكفير تارك العمل؛ إذ ليس وراء الأركان الخمسة من الأعمال ما يكفر به، بل نص على أنه لا يكفر إلا بما أجمعوا عليه، وهو الشهادتان)).


10- وذكر حفظه الله في ختام رسالته هذه قولي أهل السنة في تارك الصلاة، ثم رجح عدم تكفير تارك الصلاة بعدة أدلة؛ منها أحاديث الشفاعة والبطاقة وفضل التوحيد.



أقول:


فما أن رأى الحدادية مقال الشيخ ربيع هذا إلا وتسارعوا في الرد عليه بالتشغيب والتشنيع والتجهيل والاتهام بالإرجاء، وكعادتهم اكتفوا في ردهم بمجرد لصق "الجمع الجاهز" عندهم من كلام بعض المعاصرين ممن يرى تكفير تارك العمل، وبهذا يقنعون أنفسهم والمخدوعين بهم أنهم ردوا على مقال الشيخ ربيع حفظه الله!، أما مقابلة الدليل بالدليل والحجة بالحجة والنقل بالنقل، فهذه يعجزون عنها، وإن فعلوها أحياناً فعلى سبيل البتر والتحريف وتحميل الكلام ما لا يحتمل ووضعه في غير موضعه، وعندي على صنائعهم هذه أمثلة كثيرة، ليس هذا موضعها.



وأما عبد الله الغامدي فما كان منه إلا أن كتب مقالاً بعنوان [مقال جديد لربيع المدخلي حول أحاديث الشفاعة وفهمه للاستسلام لها]، ولما رأى أنَّ مقاله هذا لا يسمن ولا يغني من جوع، وليس فيه حجة ولا جواب عما ذكره الشيخ ربيع حفظه الله من عدة أدلة ونقول عن الأئمة، عاد إلى طريقته في التهديد والوعيد والتحريش للإيقاع بين كبار العلماء، وهذه طريقة مفاليس العلم.



ولنقف مع ابن صوان الغامدي في مقاله المشار إليه هذه الوقفات الكاشفة عن جهله وتخليطه:



1- قال الغامدي في أول مقاله: ((لا زال ربيع سائر [كذا والصحيح: سائراً] في طريقه مؤكداً ما هو عليه نسأل الله السلامة والعافية ونعوذ بالله من الحور بعد الكور، وكنا في زمن مضى نسكت؛ نقول لعل الله أن يصلح حاله ويتبين الأمر، وأنَّ فهمه للنصوص غلط، وقد قاده هذا لمخالفة عقيدة أهل السنة في تلك المسائل المبحوثة شاء أم أبى، وما يقوله وأكده اليوم في بحثه المشين السيء جداً المسمى إثما وزوراً: "أحاديث الشفاعة الصحيحة تدمغ الخوارج والحدادية القطبية "، وهو ولاشك يتقصَّدني في مقاله هذا، وكما قلتُ من قبل: "والله لا نبالي بما يقوله ولا نرفع له رأساً ما دام أنه على غلط ومخالفة لأهل السنة"، ومقاله المهزوز هذا يبين بجلاء أنه مخالف لعقيدة أهل السنة في تلك المسائل وثابت على أقواله، ولكنه أظهرها بكل جلاء، وقد كنا نتمنى في زمن مضى غير هذا؛ وخصوصاً أنه في مثل هذه السن، نسأل الله السلامة ولا حول ولا قوة إلا بالله، ونحمد الله على ما نحن عليه من متابعة لعلمائنا الأجلاء على تلك العقيدة السلفية الصحيحة، ونسأله الثبات عليها حتى نلقاه سبحانه وتعالى.


وهو في مقاله السالف الذكر لم يأت بجديد وإنما كرر ما كان يخفيه لفترة مضت، ثم أظهره الآن بكل جلاء ووضوح، ومن تابع كتاباته من أولها بتمعن يجد ما قلته الآن)).


أقول:


إذا كان الشيخ ربيع حفظه الله لا زال سائراً على طريقه وثابتاً على قوله ومؤكِّداً ما هو عليه منذ زمن، فما بالك أيها الغامدي تصفه بين الحين والآخر في مقالاتك وتعليقاتك بالتقلب والتغير في مسألة تارك العمل؟!


أم هو الافتراء والتلبيس؟!


ثم يا رجل متى سكت الحداديون عن الشيخ ربيع؟!


أفي زمن محمود الحداد وحزبه؟


أم في زمن فالح وربعه؟!


أم في زمن عبد الله الجربوع وعصابته؟


إنْ سكتَّ أيها الغامدي في فترة من الفترات فلأنك كنتَ تتظاهر بالسلفية وتخدع بعض السلفيين بتعظيم أهل العلم ومنهم الشيخ ربيع حفظه الله، فلما انكشف أمرك وظهرت حداديتك بدأت تتكلَّم فيهم وتطعن بلا خجل ولا حياء، فسكوتك كان من أجل استقطاب الشباب حولك، ولكنَّ الله عزَّ وجلَّ يأبى إلا أن يكشف أمثالك من المتعالمين المغرورين.


ثم من أنت يا رجل حتى تقول في حق الشيخ ربيع: ((وكنا في زمن مضى نسكت؛ نقول لعل الله أن يصلح حاله ويتبين الأمر، وأنَّ فهمه للنصوص غلط، وقد قاده هذا لمخالفة عقيدة أهل السنة في تلك المسائل المبحوثة شاء أم أبى)).


فهل أمثالك أيها الغامدي إذا تكلَّموا أو سكتوا عن عالم من كبار العلماء يُعبأ بهم؟!


والله لا يعبأ بك إلا جاهل أو متعالم مثلك.


ثم من الذي يحتاج حقاً إلى إصلاح وتبيان وفهم سديد؛ آلذي يدرس المسألة دراسة علمية محررة كما يلاحظه القارئ المنصف في كتابات الشيخ ربيع؟ أم الذي لا يعرف فيها إلا قال فلان وسئل فلان؟!


وإذا كانت الأحاديث الصحيحة والنقول المستفيضة المبثوثة في مقال الشيخ ربيع حفظه الله توصف من قبل الغامدي بالبحث المشين السيء جداً وتوصف بالمقال المهزوز، ولا يبالي بها أصلاً ولا يرفع لها رأساً، فبأي شيء يبالي هذا المتعالم؟ وإلى أي شيء يرجع عند الاختلاف؟ لا شيء يرفع له رأساً ويرجع إليه إلا الجواب المختصر من قول فلان أو فتوى فلان!، أهذا هو العلم؟ أم هذا هو الاتباع والتجرد للحق والإنصاف؟!


وإذا لم يكن هذا هو التقليد الأعمى والتعصب لأقوال الرجال؛ فلا ندري ما هو؟!


ثم متى كان الاكتفاء بفتوى فلان من أهل العلم وجوابه المختصر المجرد عن الدليل والنقل عن أئمة السلف - في مقابل الأدلة والنقول المخالفة لقوله - يسمى اتباعاً للعلماء؟!


وأما دعوى أنَّ الشيخ ربيعاً حفظه الله كان يخفى هذا الاعتقاد ثم أظهره، فهذا إنما يفعله الحزبيون المتسترون أو المتعالمون المتظاهرون بالسلفية، أما الشيخ ربيع فيعرفه الموافق والمخالف بأنه رجل يصدع بالحق لا يخشى في الله لومة لائم ولا كيد مجرم ظالم، وإنما كان الشيخ حفظه الله في أول الأمر ينهى السلفيين من الخوض في مسألة جنس العمل وشرط الصحة وشرط الكمال، ولا يقرر في مسألة تكفير تارك العمل ثبوتاً ولا نفياً، لأنه يعلم أنَّ هذه المصطلحات حادثة مجملة وأنَّ هذه المسألة خيالية مفترضة يريد بها التكفيريون والقطبيون فتنة السلفيين وتفريق كلمتهم، فلما رأى أنَّ الفتنة عمت والفرقة عظمت كتب فيها حفظه الله كتابات محققة ومحررة مبنية على الدراسة العلمية المتأنية، وقرر فيها أن لا إجماع على تكفير تارك العمل ولا إرجاء ولا تضليل، فشنَّع عليه الغلاة وشغَّب عليه المتعالمون.


فهل فهمتَ أيها الغامدي؟


أم هو التلبيس والتشغيب؟!



2- قال الغامدي: ((وإني أُوصي طلاب العلم وبالأخص من كانوا بنجد أن ينشطوا في جمع تلك المقالات القديمة والجديدة - ونحن وإياهم جادون في هذا إن شاء الله - والذهاب بها إلى علماء الأمة ليبينوا ما احتوت عليه من مخالفة لعقيدة أهل السنة في تلك المسائل والله المستعان)).


أقول:


إنَّ مما عهدناه عن أهل العلم السلفيين أنهم يوصون الشباب بتقوى الله وطلب العلم والتجرد للحق واتباع الدليل أينما كان ومع من كان والحذر من أسباب الفتنة والافتراق، فجاء زمن الغامدي وأمثاله الذين يوصون الشباب ويجنِّدوهم لإثارة الفتن والتحريش بين العلماء وتحريض الناس وتنفيرهم من أهل العلم الصادقين المحققين.


من أنت ومن وراءك - أيها الغامدي - كي تسعون إلى إسقاط هذا الجبل الراسخ الذي طالما حاول من هو أكبر منكم مراراً أن يفعل ذلك فباءت فعالهم بالفشل وصنائعهم بالخيبة؟!


يا رجل ما أنتم إلا ثلة من سفهاء الأحلام صغار الأسنان لا تجيدون إلا ما قول فضيلتكم في من قال كذا وكذا (في عبارات مبتورة من سياقها في الكتب والرسائل والمقالات)؟، ثم تطيرون بالفتوى في "الآفاق" قال الشيخ فلان في فلان أو ردَّ الشيخ فلان على فلان!، من غير النظر إلى الدليل والبينة في جوابه، بل لو تأملنا في هذه الفتوى المجردة عن الدليل وقارنا بينها وبين عنوان مقالاتكم أو مضمون كتاباتكم فيها لرأينا الاختلاف بينهما ظاهراً، وإنما هو التلبيس والتشغيب، وهذا عادة المبطلين.


ثم على فرض أنكم فعلتم ما أردتم مع بعض أهل العلم - ومن خلال الأساليب الماكرة التي عرفناها قديماً عن التبليغيين والاخوانيين والقطبيين والسروريين والحزبيين - واستحصلتم كلاماً في تخطئة الشيخ ربيع حفظه الله من قبلهم، فهل تخطئة عالم لعالم آخر مثله أو أكبر منه سناً ومنزلةً وعلماً حجة في إسقاطه؟! أم أنَّ الحجة عند اختلاف العلماء هو الدليل والبينة؟! قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)).


إذن دعكم من هذا الإرهاب الفكري الذي تتوعَّدون به مخالفيكم بين الحين والآخر، وتحاولون من خلاله تكميم الأفواه وتكسير الأقلام القائمة في بيان الحق وكشف الباطل، وعليكم - إن كنتم حقاً أهلاً لذلك - بالرد العلمي المبني على الأدلة الصريحة والبراهين القاطعة بفهم ونقول أئمة السلف المرضين من الأولين والآخرين، أما محاولة إسكات المخالف لكم وإسقاطه بلجنة أو هيئة أو عالم دون النظر إلى الحجة والبرهان فهذه عادة أهل التعصب المذهبي وطريقة الحزبيين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في [المجموع: 26/ 202 - 203]: ((وليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع، وإنما الحجة: النص، والإجماع، ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة الشرعية؛ لا بأقوال بعض العلماء!؛ فإنَّ أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية لا يحتج بها على الأدلة الشرعية، ومَنْ تربى على مذهب قد تعوَّده واعتقد ما فيه وهو لا يحسن الأدلة الشرعية وتنازع العلماء؛ لا يفرِّق بين ما جاء عن الرسول وتلقته الأمة بالقبول بحيث يجب الإيمان به، وبين ما قاله بعض العلماء ويتعسَّر أو يتعذَّر إقامة الحجة عليه!، ومَنْ كان لا يفرِّق بين هذا وهذا لم يحسن أن يتكلَّم في العلم بكلام العلماء، وإنما هو من المقلِّدة الناقلين لأقوال غيرهم!)).


وقال رحمه الله في [المجموع 20/ 163 - 164]: ((ولهذا تجد قوماً كثيرين يحبون قوماً ويبغضون قوماً لأجل أهواء لا يعرفون معناها ولا دليلها، بل يوالون على إطلاقها أو يعادون؛ من غير أن تكون منقولة نقلاً صحيحاً عن النبي صلى الله عليه وسلم وسلف الأمة، ومن غير أن يكونوا هم يعقلون معناها ولا يعرفون لازمها ومقتضاها، وسبب هذا: إطلاق أقوال ليست منصوصة وجعلها مذاهب يُدعى إليها ويوالي ويعادي عليها!، وقد ثبتَ في الصحيح أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته: "إنَّ أصدق الكلام كلام الله" إلخ، فدين المسلمين مبني على اتباع كتاب الله وسنة نبيه وما اتفقت عليه الأمة، فهذه الثلاثة هي أصول معصومة، وما تنازعت فيه الأمة ردوه إلى الله والرسول.


وليس لأحد أن ينصِّب للأمة شخصاً يدعو إلى طريقته ويوالي ويعادي عليها غير النبي صلى الله عليه وسلم، ولا ينصِّب لهم كلاماً يوالي عليه ويعادي غير كلام الله ورسوله وما اجتمعت عليه الأمة، بل هذا من فعل أهل البدع، الذين ينصِّبون لهم شخصاً أو كلاماً يفرقون به بين الأمة، يوالون به على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويعادون)).



3- قال الغامدي: ((ولدي مقال في الرد على أقواله [يقصد أقوال الشيخ ربيع]، وانا أكتبُ فيه من فترة، يسَّر الله إخراجه، وطلبنا تقديمه من علماء أجلاء، والحمد لله على فضله، وسآخذ بعض أقواله وأحاول الرد عليها هنا قدر استطاعتي، والله الموفق)).


أقول:


لم نسمع لهذا الغامدي وأمثاله من المتعالمين المغرورين ردوداً على أهل البدع بجميع أصنافهم إلا النزر اليسير من بعضهم، بينما نراهم ينشطون ويتواطؤون ويستنفرون غيرهم ويحرضونهم على الرد على العلماء السلفيين المجاهدين لأهل البدع، ومحاولة إسقاطهم، فنراهم يردون على الإمام الشيخ الألباني رحمه الله ويتهمونه بالإرجاء أو موافقة الإرجاء أو مخالفة السلف في مسائل الإيمان!، ويردون على العلامة الشيخ ربيع حفظه الله بمثل ذلك!، ويردون على غيرهم من مشايخ السنة وطلبة العلم السلفيين بمثله، فأين ردوهم على دعاة التكفير والتفجير مثلاً؟ وأين ردودهم على القطبية والسرورية؟ وأين ردودهم على غلاة التبديع من حدادية محمود وفالح وغيرهم؟ وأين ردوهم على دعاة التمييع والديمقراطية وأخوة الأديان؟


نعم، لم تسخَّر أقلام هؤلاء المتعالمين إلا في تشويه صورة العلماء السلفيين الصادقين ومشايخ السنة المجاهدين، ومن أراد البرهان على هذا فلينظر نظرة واحدة لا أكثر إلى موقعهم الحدادي المعروف باسم "الآفاق" يعرف صدق ما أقوله هنا، وحق هذا الموقع أن يسمى بـ "الأفَّاك"، لأنَّ سمة الكذب والباطل والتحريف والتلبيس فيه ظاهرة لكلِّ ذي بصيرة في الدِّين.


ثم هب أنك أيها الغامدي لديك كتاب في الرد على الشيخ ربيع حفظه الله وله مقدِّمات من قبل بعض العلماء، فهل الحجة في تقديمهم هذا أم في أدلة الكتاب وما فيه من نقولات موثَّقة عن سلف الأمة الصالح؛ إنْ وجدت؟!


نعم قد يكون لهذا التقديم وجه لو كان المردود عليه هو دون منزلة المقدِّمين للكتاب بمفاوز، أما أن يكون في منزلتهم أو فوق ذلك، فهذا مثله كمثل من يستدل على تخطئة الشيخ الألباني رحمه الله في مسائل الإيمان بمجرد كلام لعالم من علماء الحجاز المعاصرين أو دونه في العلم والمنزلة بكثير!، أو كمن يستدل على تخطئة الشيخ ابن باز رحمه الله في مسألة عدم تكفير من يحكم بالقوانين الوضعية من غير استحلال بقول الشيخ الفوزان حفظه الله أو سماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله أو اللجنة الدائمة الحالية أو بمن هو دونهم في العلم والسن والمكانة.


فهل يُقبل هذا على وجه الإطلاق؟!


أم المرجع في مثل هذه الاختلافات إلى الحجة والبرهان؟!


وجواب هذا يعرفه المتجرد للحق الذي ينظر إلى الخلاف والمختلفين بعين الإنصاف.



4- قال الغامدي: ((وقد بدأتُ بحمد الله في الردِّ على ما قاله من استدلالات مخالفة لعقيدة أهل السنة في مسألة الإيمان واتبع فيها المتشابه من النصوص، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله؛ عن عائشة رضي الله عنها قالت: تـلا رسـول الله صلى الله عليه وسلم "هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ ءايَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ ءامَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ"، قالت: قال رسـول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم الذين يتَّبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سماهم الله فاحذروهم"، رواه البخاري)).


أقول:


هذه بداية تدل على الخيبة والفشل!


فأما مخالفة عقيدة أهل السنة واتباع المتشابه من النصوص؛ فهذه كما يُقال: رمتني بدائها وانسلت!


فمن الذي خالف عقيدة جماهير أهل السنة من الأولين والآخرين الذين لا يكفِّرون تارك الصلاة كسلاً ولا يكفِّرون تارك المباني الأربعة من غير جحود؛ وبالتالي لا يكفِّرون تارك الأعمال الصالحة؛ ومعلوم أنَّ الصلاة والمباني الأخرى هي أعظم أعمال الجوارح كما لا يخفى على أحد، فمن لا يُكفِّر بها فلا يكفِّر بما دونها بلا أدنى ريب؟!


ومن الذي خالف عقيدة أهل السنة في تقسيم الإيمان إلى أصل وكمال أو إلى أصل وفرع، والأعمال الظاهرة هي فروع الإيمان وكماله (الواجب والمستحب)؟!


ومن الذي اتَّبع المتشابه من النصوص في تكفير تارك العمل والحكم عليه بالخلود في النار مع وجود حديث الشفاعة وحديث البطاقة وأحاديث فضل التوحيد وعدم خلود الموحدين في النار ولو فعلوا ما فعلوا من ترك الواجبات وفعل المحرمات، وكلها أحاديث صريحة منصوصة في المسألة بعينها، فاعرضوا عنها لنصوص عامة في دخول العمل في مسمى الإيمان، أو نصوص في أنَّ ترك الصلاة كفر، أو بدعوى إجماع موهوم؟!


ثم أتدري أيها القارئ ماذا يقصد الغامدي وأمثاله بكون الشيخ ربيع حفظه الله وغيره من السلفيين يتبعون المتشابه من النصوص؟


يقصدون بالمتشابه من النصوص حديث الشفاعة وحديث البطاقة وأحاديث فضل التوحيد ونجاة الموحدين من الخلود في النار إن دخلوها، والنصوص التي تبين أنَّ من لا يشرك بالله الشرك أكبر فلا يخلَّد في النار ولو عمل ما عمل فهو تحت المشيئة، وهذه النصوص كما لا يخفى على أحد من أهل السنة هي النصوص التي ردَّ بها أئمة السلف على شبهات الخوارج الذين يقولون بكفر فاعل الكبيرة وخلوده في النار، وهي النصوص التي استدل بها أهل السنة على زيادة الإيمان ونقصانه وأنَّ العمل جزء منه، وأنَّ أهل الإيمان يتفاضلون من جهة الأعمال في الدنيا والآخرة.


فإذا أصبحت هذه النصوص من المتشابه الذي لا يجوز اتباعه والعمل به؛ فليخبرنا الغامدي وأمثاله بأي شيء يردون على شبهة الخوارج في تكفير فاعل الكبيرة؟!


فهؤلاء بين ثلاثة أمور لا رابع لها:


- إما أن يردوا هذا النصوص كما فعل الخوارج والمعتزلة من قبل!


- وأما أن يستسلموا لها كما فعل أهل السنة، ويؤمنوا ويعملوا بما تقتضيه من معاني ودلالات.


- وإما أن يأخذوا ببعض مدلولاتها ويردوا البعض الآخر على حسب ما يوافق أهواءهم، والله تعالى يقول: ((أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ))!.


ثم من هم العلماء الراسخون الذين يُرجع إليهم في معرفة المتشابه من النصوص إذا لم يكن الشيخ ربيع حفظه الله منهم؟!


وإذا كنتَ أيها الغامدي ممن يستدل بحديث: ((إذا رأيتم الذين يتَّبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سماهم الله فاحذروهم)) في التحذير من الشيخ ربيع!، فلماذا لا نرى تحذيركم وتجريحكم إلا في أهل السنة وعلمائهم على وجه الخصوص؟!


ما بالكم تسكتون عن رؤوس البدعة في بلادكم وفي غيرها من القطبية والسرورية والحدادية والمميعة؛ فضلاً عن الإخوان المسلمين وجماعة التبليغ والدعوة، وما أكثرهم، لا كثَّرهم الله؟!


وما بالكم تشنِّعون على أهل السنة بدعوى أنهم مشتغلون في التجريح والتحذير؛ وها أنتم تجرِّحون وتحذِّرون من علماء السلفيين ومشايخ السنة وطلبة العلم بتهمة الإرجاء؟!


أم أنَّ التحذير من أهل السنة حق، والتحذير من أهل البدع والباطل غلو؟!


ما لكم كيف تحكمون؟!



5- قال الغامدي: ((وكان ردي أولاً على استدلاله بنص لابن بطة، ورددتُ عليه رداً مطولاً جداً استللتُ منه هذه الأقوال:


قال -رحمه الله –في الإبانة الكبرى (2/773): " فَقَدْ أَنْبَأَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ عَنْ مَعْرِفَةِ الْإِيمَانِ بِدَلَالَاتِ الْقُرْآنِ أَنَّهُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَتَصْدِيقٌ وَيَقِينٌ , وَأَنَّ جَمِيعَ مَا فَرَضَهُ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ شِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ مِنَ الشَّكِّ وَالشُّبْهَةِ وَالرَّيْبِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْبَيَانِ , وَالْبُرْهَانِ , وَالْحَقِّ الْمُبِينِ , وَلَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَهُ شِفَاءً وَرَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ: {وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء: 82]. فَمَنْ لَمْ يَشْفِهِ الْقُرْآنُ , وَلَمْ تَنْفَعْهُ السُّنَّةُ وَمَا فِيهِمَا مِنَ النُّورِ وَالْبَيَانِ وَالْهُدَى وَالضِّيَاءِ , وَتَنَطَّعَ وَتَعَمَّقَ , وَقَالَ بِرَأْيِهِ , وَقَاسَ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ بِفِعْلِهِ وَهَوَاهُ دَاخَلَ اللَّهَ فِي عَمَلِهِ , وَنَازَعَهُ فِي غَيْبِهِ , وَلَمْ يَقْنَعْ بِمَا كَشَفَ لَهُ عَنْهُ , حَتَّى خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ , وَخَرَقَ إِجْمَاعَ الْأُمَّةِ , وَضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا , وَخَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا , وَاتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ , وَوَلَّاهَ اللَّهُ مَا تَوَلَّى , وَأَصْلَاهُ جَهَنَّمَ , وَسَاءَتْ مَصِيرًا".


وقال –أيضا- (2/744):"وَمَنْ قَالَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ بِلَا عَمَلٍ فَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ دِينِ الْحَقِّ وَلَا مُؤْمِنٌ وَلَا مُهْتَدٍ , وَلَا عَامِلٌ بِدِينٍ الْحَقِّ , وَلَا قَابِلٌ لَهُ , لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَعْلَمَنَا أَنَّ كَمَالَ الدِّينِ بِإِكْمَالِ الْفَرَائِضِ , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}".


وقال –أيضا - (2/ 778-779 ): " ..وَبَلَغَنِي عَنْ يَعْقُوبَ الدَّوْرَقِيِّ , مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ الْمَحَامِلِيِّ قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ سُفْيَانَ أَنَّهُ قَالَ: " مَا عَلِمْتُ أَنَّ الصَّلَاةَ مِنَ الْإِيمَانِ حَتَّى قَرَأْتُ هَذِهِ الْآيَةَ , فَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَعَلَ الصَّلَاةَ مِنَ الْإِيمَانِ , وَسُمِّيَ الْعَالَمِينَ بِهَا مُؤْمِنِينَ , فَقَالَ: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 2] , ثُمَّ نَعَتَ وَصْفَ الْإِيمَانِ فِيهِمْ , ثُمَّ ذَكَرَ مَا وَعَدَهُمْ بِهِ عِنْدَ آخِرِ وَصْفِهِمْ , فَقَالَ: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون: 10]. وَالْمُرْجِئَةُ تَزْعُمُ أَنَّ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ لَيْسَتَا مِنَ الْإِيمَانِ , فَقَدْ أَكْذَبَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ , وَأَبْانَ خِلَافَهَمْ. وَاعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ جَلَّ لَمْ يُثْنِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ , وَلَمْ يَصِفْ مَا أَعَدَّ لَهُمْ مِنَ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ , وَالنَّجَاةِ مِنَ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ , وَلَمْ يُخْبِرْهُمْ بِرِضَاهُ عَنْهُمْ إِلَّا بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ , وَالسَّعْيِ الرَّابِحِ , وَقَرَنَ الْقَوْلَ بِالْعَمَلِ , وَالنِّيَّةَ بِالْإِخْلَاصِ , حَتَّى صَارَ اسْمُ الْإِيمَانِ مُشْتَمِلًا عَلَى الْمَعَانِي الثَّلَاثَةِ لَا يَنْفَصِلُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ , وَلَا يَنْفَعُ بَعْضُهَا دُونَ بَعْضٍ , حَتَّى صَارَ الْإِيمَانُ قَوْلًا بِاللِّسَانِ , وَعَمَلًا بِالْجَوَارِحِ , وَمَعْرِفَةً بِالْقَلْبِ خِلَافًا لِقَوْلِ الْمُرْجِئَةِ الضَّالَّةِ الَّذِينَ زَاغَتْ قُلُوبُهُمْ , وَتَلَاعَبَتِ الشَّيَاطِينُ بِعُقُولِهِمْ "


اكتفي بتلك الأقوال للعلامة السلفي ابن بطة، وسأخرجها إن شاء الله تعالى مفصَّلة في أكثر من عشر صفحات)).


أقول:


أيها القارئ المنصف انظر إلى صنيع هذا المتعالم المغرور، واحكم بنفسك.


كتبَ الغامدي مقالاً زعم فيه الرد على مقال الشيخ ربيع!، طيب لا حرج؛ فباب النقد والرد والتخطئة مما دعا إليه الشيخ ربيع حفظه الله نفسه، فبدأ الغامدي بالتشنيع والتشغيب كمقدمة لمقاله!!، ثم ثنى بالتحشيد والتجنيد وتحريض الشباب للتحريش بين العلماء وإسقاط الشيخ ربيع زعموا!!!، ثم جاءت مرحلة التفاخر والدعاية الإعلامية وأنَّ عندي رداً وله مقدِّمات من علماء أجلاء سيظهر قريباً!، طيب طيب، وماذا بعدها؟ بدأ الغامدي في رده بحديث التحذير من الذين يتبعون المتشابه من النصوص، يا رجل فهمنا أنك تحذِّر من الشيخ ربيع في مقدمتك، فلا تطل، أين الرد؟، قال الغامدي: ورددتُ عليه رداً مطولاً جداً، يا رجل فهمنا - والله الذي لا إله إلا هو - أنَّ عندك رداً على الشيخ ربيع!، وماذا بعد؟، واستللتُ من هذا الرد (ومعلوم أنَّ المستل هو خلاصة الرد وزبدته وأقوى ما فيه)، يا الله سيأتي الفرج اصبروا أيها القراء ولا تستعجلوا بارك الله فيكم، ها هو الرد بين أيديكم!، الرد: هو ...! هو ...! هو، يا الله يا الله، هو: نقولٌ ثلاثةٌ عن الإمام ابن بطة رحمه الله فحسب!، وليس بينها تعليق ولا بكلمة!، ثم خاتمة المقال: ((اكتفي بتلك الأقوال للعلامة السلفي ابن بطة، وسأخرجها إن شاء الله تعالى مفصَّلة في أكثر من عشر صفحات))، طبعاً نسي الغامدي من شدة تعالمه – عفواً - تواضعه أن يقول: وهذا جهد المقل!!.


يا رجل ألا تستحي من نفسك؟!


عنوان! ... وإنشاء مقال للرد مثبَّت في الموقع! ... وموضوع فيه مقدمة وتحذير وتحريض ودعاية!... ثم مجرد ثلاثة نقول عن إمام واحد من أئمة السلف؟


أهذا هو ردك على مقال الشيخ ربيع؟!!


طيب؛ إذا كنت قد وصفتَ مقال الشيخ ربيع - الذي جمع فيه عدة أدلة وتعليقات للأئمة بالإضافة إلى نقول عن جماعة من أئمة السلف وعلمائهم – بأنه مشين وسيء جداً ومهزوز!!، فيا ترى ماذا تنتظر من القارئ أن يصف مقالك المبتور؟!


وإذا كنتَ تظن بمقالك هذا ذي النقول الثلاثة عن إمام واحد أنك أَقمتَ الحجة البالغة في الرد على الشيخ ربيع التي ينقطع بها العذر، فماذا تنتظر منا أن نقول نحن في مقال الشيخ ربيع إذن مع هذه الأدلة والنقول؟


يا رجل اعرف نفسك، وتعلَّم العلم وطريقة الرد قبل أن تكتب مقالاً، ولا تقرر قبل البحث والدراسة والتحقيق، ولا تؤصِّل قبل الاستدلال والتحرير، واحذر أن تناطح بطريقتك هذه الهزيلة جبلاً تعلَّم على ردِّ الباطل والتحذير منه ومن أهله منذ أوائل دعوته، بل وشهد له الكبار بزعامة هذا المضمار، ولا يغرنَّك يا هذا تصفيق السفهاء ولا مباركة الجهلاء، فمثل هؤلاء يصفِّقون ويثنون قبل أن يطلعوا على موضوع المقال أو قبل أن يُكمِلوه أو من غير أن يفهموه، فلا عبرة بك ولا بهم.


طيب؛ ولكي لا ينزعج الغامدي ويقول: لم تردوا عليَّ ما ذكرتُه من حجج وبراهين في الرد على شيخكم الربيع!، فلننظر نظرة تأمل فيما ذكره من نقول عن الإمام ابن بطه رحمه الله.


النقل الأول:


((فَقَدْ أَنْبَأَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ عَنْ مَعْرِفَةِ الْإِيمَانِ بِدَلَالَاتِ الْقُرْآنِ أَنَّهُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَتَصْدِيقٌ وَيَقِينٌ))


أقول:


وهل الشيخ ربيع حفظه الله يقول: الإيمان قول بلا عمل؟!


هذه كتبه ورسائله ومقالاته وردوده كلها تشهد بلا أدنى ريب أنه يقرر أنَّ الإيمان قول وعمل.


إذن أين وجه الاستدلال من هذا النقل؟!


هذه حجة الغامدي الأولى!



النقل الثاني:


((وَمَنْ قَالَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ بِلَا عَمَلٍ فَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ دِينِ الْحَقِّ وَلَا مُؤْمِنٌ وَلَا مُهْتَدٍ , وَلَا عَامِلٌ بِدِينٍ الْحَقِّ , وَلَا قَابِلٌ لَهُ , لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَعْلَمَنَا أَنَّ كَمَالَ الدِّينِ بِإِكْمَالِ الْفَرَائِضِ))


أقول:


حتى لا نتعب أنفسنا، الجواب هو: الجواب السابق!


ولينظر القارئ إلى مكر هؤلاء وتلبيسهم كيف يصوِّرون للمخدوعين بهم أنَّ السلفيين يقولون بأنَّ الإيمان قول بلا عمل!!، وهذا دليل على إفلاسهم من الحجة، فيحاولون بهذه الأساليب تهويل قول مخالفهم وأنه كقول المرجئة!.


ثم إنَّ هذا النقل المذكور فيه دليل على أنَّ الفرائض - وهي الأعمال الظاهرة - هي كمال الدِّين، ومعلوم أنَّ زوال الكمال لا يستلزم زوال الأصل إلا عند الخوارج والمعتزلة!، فيظهر أنَّ الغامدي لم ينتبه لهذا الكلام، ولعله في المرة القادمة يذكر هذا النقل في مقالاته مبتوراً منه آخره، والله أعلم.



النقل الثالث:


((وَالْمُرْجِئَةُ تَزْعُمُ: أَنَّ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ لَيْسَتَا مِنَ الْإِيمَانِ, فَقَدْ أَكْذَبَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ, وَأَبْانَ خِلَافَهَمْ، وَاعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ: أَنَّ اللَّهَ عَزَّ جَلَّ لَمْ يُثْنِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ, وَلَمْ يَصِفْ مَا أَعَدَّ لَهُمْ مِنَ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ, وَالنَّجَاةِ مِنَ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ, وَلَمْ يُخْبِرْهُمْ بِرِضَاهُ عَنْهُمْ إِلَّا بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَالسَّعْيِ الرَّابِحِ, وَقَرَنَ الْقَوْلَ بِالْعَمَلِ وَالنِّيَّةَ بِالْإِخْلَاصِ, حَتَّى صَارَ اسْمُ الْإِيمَانِ مُشْتَمِلًا عَلَى الْمَعَانِي الثَّلَاثَةِ؛ لَا يَنْفَصِلُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ, وَلَا يَنْفَعُ بَعْضُهَا دُونَ بَعْضٍ, حَتَّى صَارَ الْإِيمَانُ قَوْلًا بِاللِّسَانِ وَعَمَلًا بِالْجَوَارِحِ وَمَعْرِفَةً بِالْقَلْبِ، خِلَافًا لِقَوْلِ الْمُرْجِئَةِ الضَّالَّةِ الَّذِينَ زَاغَتْ قُلُوبُهُمْ وَتَلَاعَبَتِ الشَّيَاطِينُ بِعُقُولِهِمْ)).


أقول:


أيها الغامدي حبذا لو تذكر لنا في أي كتاب أو مقال قال الشيخ ربيع: إنَّ الصلاة والزكاة ليستا من الإيمان؟!


وكذلك اذكر لنا أين قال الشيخ ربيع: إنَّ الأعمال ليست من الإيمان؟


وأين قال: إنَّ ثناء الله عزَّ وجلَّ ورضاه والوعد بالجنة والنجاة من النار في القرآن كان على الإيمان المجرد عن العمل؟!


وأين قال: إنَّ الإيمان يتحقق أو أنَّ اسم الإيمان يكون من غير اجتماع الاعتقاد والقول والعمل، أو أنَّ الإيمان النافع الذي أثنى الله سبحانه على صاحبه ووعده بالجنة والنجاة من النار قد يكون مع انفصال بعض هذه الأجزاء الثلاثة من أجزاء الإيمان؟!


فإن لم تجد من ذلك شيئاً، فاتق الله ولا تحرِّف كلام العلماء عن موضعه، ولا تفتري على عالم كبير بمثل هذه التهويلات والتشغيبات.


فأين ما يقوله المرجئة الذين ذكرهم الإمام ابن بطة مما يقوله أهل السنة ومنهم الشيخ ربيع؟!


وأين محل النزاع معكم أيها الحدادية الغلاة؟!


هل خلافنا معكم في هذه الأمور التي ذكرها الإمام ابن بطة رحمه الله؟!


أم هو مجرد التشغيب والتهويل؟!


إنَّ خلافنا معكم - كما يعرفه القاصي والداني - ليس في إثبات الإيمان لمن ترك الأعمال؛ لأننا نعلم بيقين أنَّ اسم الإيمان يزول بترك الواجبات وفعل المحرمات، وإنما الخلاف معكم في زوال اسم الإسلام عنه وإثبات الكفر له والخلود في جهنم، وابن بطة رحمه الله يفرِّق بين مسمى الاسلام والإيمان.


نعم الإيمان النافع الذي يترتب عليه الوعد بالجنة والنجاة من النار والثناء والرضا لا يكون إلا بالعمل المقترن معه، وهذا أمرٌ مفروغٌ منه، دلت عليه النصوص الكثيرة والإجماع، وقرره الأئمة ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مواضع من كتبه، لكن أين الدليل على زوال الإيمان بالكلية وإثبات الكفر والخلود في جهنم لمن ترك العمل أو في حق من لم يحقق الإيمان النافع هذا؟!


والرجل لو ارتكب كبيرة واحدة من كبائر الذنوب خرج عن اسم الإيمان ولم يكن من أهل الإيمان النافع، فلا يثنى عليه ولا يرضى عنه، ولا يوعد بالجنة والنجاة من النار على وجه الإطلاق، بل إنْ مات على هذه الكبيرة ولم يتب منها، فهو تحت المشيئة، إن شاء غفر الله له ولا يدخله النار أصلاً، وإن شاء عذَّبه فيها مدة ثم لا يخلَّد، فهذا في حق فاعل كبيرة واحدة، فما بالكم بمن يترك كل الأعمال ويفعل كل الكبائر؟!


إذن الموضوع ليس موضوع الإيمان النافع وتحقق الوعد والثناء، وإنما محل الخلاف معكم في زوال اسم الإسلام عنه وثبوت الكفر والخلود في جهنم، فافهم هذا جيداً، ولا تلبِّس في الاستدلال ولا تخلط في النقل.



وأخيراً:



ما دام أنَّ الغامدي استدل بهذه النقول عن الإمام ابن بطة رحمه الله والتي رأينا بعدها عن موضع الخلاف معهم، فلنذكر له ولأصحابه نقولاً عن الإمام ابن بطة رحمه الله هي أظهر في عدم تكفير تارك العمل، وهي في صلب الموضوع:



1- قال الإمام ابن بطة رحمه الله في [الشرح والإبانة (ص124-125)]: ((وَيَخْرُجُ اَلرَّجُلُ مِنْ اَلْإِيمَانِ إِلَى اَلْإِسْلَامِ، وَلَا يُخْرِجُهُ مِنْ اَلْإِسْلَامِ إِلَّا اَلشِّرْكُ بِاَللَّهِ أَوْ بِرَدِّ فَرِيضَةٍ مِنْ فَرَائِضِ اَللَّهِ عز وجل جَاحِدًا بِهَا؛ فَإِنْ تَرَكَهَا تَهَاوُنًا وَكَسَلاً: كَانَ فِي مَشِيئَةِ اَللَّهِ عز وجل، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ)).



2- وقال في الإبانة الكبرى [1/ 286 طبعة دار الحديث]: ((فَقَدْ عَلِمَ الْعُقَلَاءُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ فَفَهِمَ هَذَا الْخِطَابَ مِنْ نَصِّ الْكِتَابِ وَصَحِيحِ الرِّوَايَةِ بِالسُّنَّةِ: أَنَّ كَمَالَ الدِّينِ وَتَمَامَ الْإِيمَانِ إِنَّمَا هُوَ بِأَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَالْعَمَلِ بِالْجَوَارِحِ؛ مِثْلِ: الصَّلَاةِ, وَالزَّكَاةِ, وَالصِّيَامِ, وَالْحَجِّ, وَالْجِهَادِ، مَعَ الْقَوْلِ بِاللِّسَانِ, وَالتَّصْدِيقِ بِالْقَلْبِ)).



3- وقال فيها: ((فَمَنْ لَقِيَ اللَّهَ حَافِظًا لِجَوَارِحِهِ, مُوَفِّيًا كُلَّ جَارِحَةٍ مِنْ جَوَارِحِهِ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ: لَقِيَ اللَّهَ مُؤْمِنًا مُسْتَكْمِلَ الْإِيمَانِ, وَمَنْ ضَيَّعَ شَيْئًا مِنْهَا وَتَعَدَّى مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِيهَا: لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى نَاقِصَ الْإِيمَانِ, وَهُوَ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ؛ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ, وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ, وَمَنْ جَحَدَ شَيْئًا كَانَ كَافِرًا. فَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ فِي آيٍ كَثِيرَةٍ مِنْهُ أَنَّ هَذَا الْإِيمَانَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالْعَمَلِ وَأَدَاءِ الْفَرَائِضِ بِالْقُلُوبِ وَالْجَوَارِحِ, وَبَيَّنَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرَحَهُ فِي سُنَّتِهِ, وَأَعْلَمَهُ أُمَّتَهُ, وَكَانَ مِمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ مِمَّا أَعْلَمَنَا أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ الْعَمَلُ, وَأَنَّ الْعَمَلَ مِنَ الْإِيمَانِ؛ مَا قَالَهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: "لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ"، فَانْتَظَمَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أَوْصَافَ الْإِيمَانِ وَشَرَائِطَهُ مِنَ: الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ وَالْإِخْلَاصِ)).



4- ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في [شرح العمدة 4/ 72] عن الإمام ابن بطة رحمه الله تعالى الأدلة التي استدلَّ بها على عدم كفر تارك الصلاة؛ ثم نقل عنه قوله: ((ولأنَّ الصلاة عمل من أعمال الجوارح: فلم يكفر بتركه كسائر الأعمال المفروضة، ولأنَّ من أصول أهل السنة: أنَّهم لا يُكفِّرون أحداً من أهل السنة بذنب، ولا يُخرجونه من الإسلام بعمل؛ بخلاف ما عليه الخوارج، وإنما الكفر بالاعتقادات)).



فهذا هو مذهب الإمام ابن بطة رحمه الله، فهو لا يرى كفر تارك الصلاة كسلاً ويعلل ذلك: بأنَّ الصلاة عمل من أعمال الجوارح ولا يكفر تاركها، ويعتقد أنَّ أداء الفرائض والعمل بالجوارح من كمال الدِّين وتمام الإيمان، ومعلوم أنَّ زوال كمال الإيمان لا يلزم منه زوال أصله إلا عند الخوارج والمعتزلة.


والله الموفِّق.



تنبيه/


هذا هو الرد الأول على مقال الغامدي [مقال جديد لربيع المدخلي حول أحاديث الشفاعة وفهمه للاستسلام لها]، وسيليه إن شاء الله الرد الثاني على مقاله [تعامل أهل السنة مع أحاديث الشفاعة بخلاف تعامل المرجئة الضالة].



كتبه / الشيخ رائد آل طاهر

منقول من شبكة سحاب السلفية حفظها الله
 



توقيع : طالب العلم
قال ابن القيم -رحمه الله-:
( من أشد عقوبات المعاصي أن ينزع الله من قلبك استقباحها )

التعديل الأخير تم بواسطة طالب العلم ; 04-17-2014 الساعة 02:50 PM
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:59 AM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML