منتديات الإسلام والسنة  

العودة   منتديات الإسلام والسنة > المنتديات الشرعية > منتدى التوحيد والعقيدة

حقيقة الإيمان الصادق

منتدى التوحيد والعقيدة


 
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )  أعطي طالب العلم مخالفة
طالب العلم غير متواجد حالياً
 
طالب العلم
مشرف الأدآب الشرعية

الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
 
رقم العضوية : 268
تاريخ التسجيل : Oct 2011
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 2,870 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10

افتراضي حقيقة الإيمان الصادق

كُتب : [ 05-05-2015 - 03:59 PM ]

قال الشيخ العلامة عبد الرحمن السعدي نوّر الله ضريحه وقدّس روحه :

” قال تعالى : { قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } [ البقرة : 136 ] .

وفي القرآن آيات كثيرة تشرح هذه الأصولنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة الكلية وتفصِّلها ، وتُبيِّن أسماء الله وصفاته ، وأفعاله وآلائه ، وتفصِّل أحوال اليوم الآخر وما فيه من الحساب والعدل والفضل ، والثواب والعقاب ، وتبيِّن أحوال الرسل عليهم الصلاة والسلام وأوصافهم وهداهم ، وما دَعَوْا إليه ، والكتب المنزلة عليهم ، وما فيها من الحقائق النافعة والهداية المتنوعة .
وقد جمع الله في هذه الآية بين الأمر الموجَّه إلى الظاهر والباطن ، قول اللسان ، والاعتراف والتحقق بالقلب بجميع هذه الأصول ، وبين الخضوع والانقياد في الباطن والظاهر ، والاخلاص التام لله بجميع حقوق الدين ، فهذه العقائد الصحيحة النافعة تملأ القلوب أمناً وإيماناً ، ويقيناً ونوراً وهداية ، وتعبداً لله وتألهاً له ، وإنابة إليه في كل الأحوال ولجوءاً إليه في كل النوازل والمهمات ، وطمأنينة بمعرفته ، وسكوناً إلى ذِكْره والثناء عليه ، وتوجب للعبد قوة التوكل على الله والاعتماد الكامل ، والاستعانة به في مزاولة الأعمالنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة الدينية والدنيوية ، وكلما ضعفت إرادة العبد ووهنت قوته في محاولة المهمات ، أمدَّه هذا الإيمان الصادق بقوة قلبية تتبعها الأعمال البدنية ، وكلما أحاطت به المخاوف ، كان هذا الإيمان حصناً حصيناً يلجأ إليه المؤمن فيطمئن قلبه وتسكن نفسه ، قال تعالى : { الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ } [ آل عمران : 173 – 174 ] .
وهذا الإيمان الصادق واليقين الصحيح يحمل صاحبه على العزة و القوة ، والشجاعة القولية والفعلية ، فإنه متى يتيقن العبد أن الله هو النافع الضار ، المعطي المانع ، وأن من اعتز به فهو عزيز ، ومن التجأ لغيره فهو الذليل ، وأن الخلق كلهم فقراء إلى الله لا ينفعون ولا يضرون ، أوجب له ذلك القوة لله والالتجاء إليه ، وأن لا يخاف ولا يرجو أحداً غير الله ، ولا يطمع إلا في فضله ، وبهذا يتم له التحرر من رقِّ المخلوقين ، وأن لا يعلق قلبه بأحد منهم في نفع ولا دفع ضر ، بل يكون الله وحده مولاه وناصره يتولاه في طلب المنافع ، ويستنصره في دفع المضار ، فيتم له من كفاية المولى وتيسير أموره ما لا يتم لمن لم يكن معه هذا الإيمان ، ويحصل له في قوة القلب وشجاعته ما لا يصل إليه من لم يبلغ درجته وهذا كله من ثمرات الإيمان الصحيح .
ومن ثمراته أيضاً : أنه يسلِّي العبد عند المصائب ، ويهوِّن عليه الشدائد والنوائب ، ومن يؤمن بالله يهد قلبه ، وهو العبد الذي تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله ، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، فيرضى ويسلِّم للأقدار المؤلمة ، وتهون عليه المصائب المزعجة ، لصدورها من عند الله ، وإيصالها إلى ثوابه ، قال تعالى : { إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ } [ النساء : 104 ] ولهذا يوجد عند المؤمنين الصادقين حين تصيبهم النوازل والقلاقل والابتلاء من الصبر والثبات والطمأنينة والسكون والقيام بحق الله ما لا يوجد عُشر أعشاره عند من ليس كذلك ، وذلك لقوة الإيمان واليقين .
ومن ثمرات الإيمان الصادق أنه يقوي الرغبة في فعل الخيرات ، والتزود من الأعمالنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة الصالحات ، ويدعو إلى الرحمة والشفقة على المخلوقات ، وذلك بسبب داعي الإيمان ، وبما يحتسبه العبد عند الله من الثواب الجزيل .
ومن ثمراته أيضاً أنه ينهى عن الشرور والفواحش كلها ما ظهر منها وما بطن ، ويحذِّر من كل خُلق رذيل ، قال تعالى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا } [ الأنفال : 2 – 4 ] ، فذكر في هذه الآية ما يثمره الإيمان من أعمال القلوب والجوارح والقيام بحق الله وحق الخلق ، فهذه الأخلاق الحميدة ، هل يتوصل إليها بغير الإيمان ؟ وهل يَعْصِم العبدَ من انحلال الأخلاق المؤدية إلى الهلاك إلا الإيمانُ ؟ وهل أودت بكثير من الخَلْق الأمور المادية والشهوات البهيمية و الأخلاق السبعية ، وهبطت بهم إلى الهلاك ، إلا حين فقدت روح الإيمان ؟ وهل تؤدى الأمانات والحقوق الواجبة بغير وازع الإيمان ؟ وهل تثبت القلوب عند المزعجات ، وتطمئن النفوس عند الكريهات ، إلا بعدَّة الإيمان ؟ وهل تقنع النفوس برزق الله وتتم لها الراحة والحياة الطيبة في هذه الدار ، إلا بقوة الإيمان ؟ وهل يتحقق العدل بالصدق في أقواله وأفعاله ومعاملاته ، ويكون أميناً شريفاً معتبراً عند الله وعند خلقه ، إلا بالإيمان ؟
فكل أسٍّ تنبني عليه هذه الأمور الجليلة سوى الإيمان فهو منهار ، وكل رُقِيِّ مادي لا يصحبه الإيمان فهو هبوط ودمار ، ألا وإن الإيمان يحمل العبد على الصبر على قضاء الله والشكر لنعم الله ، والشفقة على عباد الله ، والتخلق بكل خلق جميل ، والتَّخَلَّي من كل خلق رذيل ، ومصداق ذلك ما هو موجود في كل متصف بالإيمان ، ومفقود ممن لم يكن كذلك ، فإن وجدت موصوفاً ببعض هذه الصفات وهو غير ملتزم للإسلام ، فعن الدين الإسلامي قد أخذها ، وقد يصبغها بغير صبغة الدين ، فيأت المعترض بمثال واحد يخرج عن هذا الأصل إن كان صادقاً ، فإن الدين يهدي للتي هي أقوم ، ويدعو إلى كل خير .
قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ الحج : 77 ] . { وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [ آل عمران : 104 ] .
ومن ثمرات الإيمان أنه يأمر بالعدل والقسط في جميع المعاملات وأداء الحقوق المتنوعة الواقعة بين الناس ، وينهى عن الظلم في الدماء والأموال والأعراض والحقوق كلها ، وهل يمكن صلاح هذه الأمور إلا بالعدل والقسط الذي هو روح الدين وقوامه ، قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ } [ النحل : 90 ] { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا } [ النساء : 135 ] وإذا اعتبرت تفاصيل العدل في الأحكام الشرعية المتعلقة بالعقود والمعاملات ، من معاوضات ، وشركات ، وحقوق المواريث ، والزوجية ، والأقارب ، والمعاملين ، وجدتها في غاية العدل و الانتظام المصلح للأحوال الجالب للمنافع ، الدافع للمضار والمفاسد .

وهذا الإيمان الصحيح الشامل لأصول الإيمان وحقائقه يتضمن الخضوع الكامل لله والإنابة إليه في كل الأحوال الذي هو غاية صلاح القلوب والأرواح ، فيدخل فيه الإخلاص لله في عبوديته والإحسان المتنوع بكل وجه لله الخالق ، و يدخل فيه الإيمان بكل كتاب أنزله الله ، وبكل رسول أرسله الله ، وبكل حق نزلت به الكتب وجاءت به الرسل واتفقت عليه الفطر السليمة والعقول المستقيمة ، وهو الدين المزكِّي للقلوب ، المطهِّر للنفوس ، المنمِّي للأخلاق ، دين الحكمة والفطرة ، دين العقل الصحيح ، والنقل الصريح ، دين يبرأ من الوثنيات ، والإلحاد ، وانحلال الأخلاق ، دين قد جاء بإباحة جميع الطيبات والمنافع ، وتحريم الخبائث والمضار ، يأمر بكل معروف شرعاً وعقلاً ، وينهى عن كل منكر ، وبغي وعداون ، دين فيه صلاح القلوب والأجساد ، والسعي لكل منفعة دينية ودنيوية مُعينَةٍ على الدِّين ، دين نزل من عند العزيز الحميد ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد ، لا يتمكن مُبطل من نقدنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة أصل من أصوله ، ولا يخبر بما تُحيله العقول ، بل بما تشهد به العقول الصحيحة أو لا تهتدي إلى تفصيله وبيانه ، دين جميع الأنبياء والمرسلين ، وعليه جميع الأصفياء والعلماء الربانيين ، أئمة الهدى ومصابيح الدجى ، ونبذه كل مشرك وجاحد ممن مرضت عقولهم ، وانحلت أخلاقهم ، وطغت عليهم المادة فدمرت أديانهم تدميراً .
الؤمن بالله حقاً قد تنعم بعبادة الله راجياً ثوابه ، وتنعم بنصيبه من الدنيا على الوجه الأكمل ، فإنه تناوله من حِلِّه ، ووضعه في مَحَلِّه ، قاصداً به قيام ما عليه من الوجبات ، مستعيناً به على عبادة ربه .
المؤمن : وَصْفُهُ التواضع للخلق وللحق ، يتبع الحق أين كان ، ويدين بالنصيحة لعباد الله على اختلاف مراتبهم .
والجاحد : وَصْفُهُ التكبر على الحق وعلى الخلق ، والإعجاب بالنفس ، لا يدين بنصيحة أحد من الخلق .
المؤمن : سليم القلب من الغش والغل الحقد ، صدوق اللسان ، حسن المعاملة ، وَصْفُهُ الحلم والوقار والسكينة والصبر والرحمة والوفاء والثبات ، لا يَذِلُّ إلا لله ، قد صان قلبَهُ ووجهَه عن بذله وتذلله لغير ربه ، قد جمع بين السعي في فعل الأسباب النافعة ، والتوكل على الله والثقة به ، وطلب العون منه في كل الأمور ، وبقوة توكله وثقته وطمعه بربِّه قد يسره الله لليسرى وجنَّبه العسرى ، إذا أتته الدنيا والنعم والمحاب تَلَقْاها بالشكر وصرفها فيما ينفعه ويعود عليه بالخير ، وإذا أصابته المكاره تلقاها بالصبر والاحتساب وارتقاب الأجر والثواب والرجاء لفرج الله بزوالها ، فيكون ما عوض من الخير والإيمان والطمأنينة أعظم مما فاته من محبوب ، أو حصل له من مكروه ، فهذه الخصال الجميلة ، من عقائد صادقة ، وأخلاق راقية ، وآداب سامية ، هل يمكن أن يتصف بها إلا المؤمن حقاً ، وهي من أكبر البراهين على أن الدين بعقائده وأخلاقه هو الدين الحق الذي يؤول إليه أولوا الألباب والحجا ، وأرباب البصائر والنهى ، ولا يزهد فيه إلا الأراذل الذين اختاروا الضلالة على الهدى ، والشقاوة بالسعادة .
لهفي على المؤمنين الأخيار ، وحنيني المتتابع على الصادقين الأبرار ، الذين عمرت قلوبهم بمعرفته الله ومحبته ، ولهجت ألسنتهم بذكر الله والثناء عليه ، وعمرت أوقاتهم بطاعته وخدمته ، وحَنَوْا بهذا الإيمان الحقيقي على الخَلق بالرأفة والرحمة والنصح ، ومنعهم هذا الإيمان من كل خُلق رذيل كما حثهم على كل خُلق جميل .
أين الإيمان الصحيح من أهل الرياء والتملق والنفاق ، وأين الإيمان ممن دأبهم الفسوق والعصيان والشقاء ، أين الإيمان من المعرضين عن معرفة الله ومحبته ، الناكبين عن طاعته وخدمته ، وأين الإيمان ممن ملأت قلوبهم بالتعلق بالحب والتعظيم ، والخوف و الرجاء للمخلوقين ، وخَلَت من تعلقها برب العالمين ، أين الإيمان من الطَّعَّانين اللَّعَّانين ؟ وأين الإيمان من الكذابين والنمَّامين ، وأين الإيمان من المعاملين بالربا والغشاشين ، فليس الإيمان بالتحلَّي والتمنِّي ، وإنِّما الإيمان ما وَقَرَ في القلوب ، وصدقته الأعمالنقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة عند التمحيص والتحقيق ، والامتحان يظهر الكاذب وصادق ”


[ الرياض النّاضرة والحدائق النيّرة ( من 15 إلى 20 ) ]
منقول من شبكة سحاب السلفية
 



توقيع : طالب العلم
قال ابن القيم -رحمه الله-:
( من أشد عقوبات المعاصي أن ينزع الله من قلبك استقباحها )
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:27 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML