المثال السابع والأربعون : رد السنة الصحيحة الصريحة المستفيضة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الصلاة على القبر ، ما في الصحيحين من حديث ابن عباس : { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر منبوذ ، فصفهم وتقدم فكبر عليه أربعا } وفيهما من حديث أبي هريرة : { أنه صلى على قبر امرأة سوداء كانت تقم المسجد } وفي صحيح مسلم من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم : { صلى على قبر امرأة بعدما دفنت } وفي سنن البيهقي والدارقطني عن ابن عباس { أن النبي صلى الله عليه وسلم : صلى على قبر بعد شهر } وفيهما عنه : { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على ميت بعد ثلاث } وفي جامع الترمذي : { أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على أم سعد بعد شهر } فردت هذه السنن المحكمة بالمتشابه من قوله : { لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها } وهذا حديث صحيح والذي قاله هو النبي صلى الله عليه وسلم الذي صلى على القبر ; فهذا قوله وهذا فعله ، ولا يناقض أحدهما الآخر ; فإن الصلاة المنهي عنها إلى القبر غير الصلاة التي على القبر ; فهذه صلاة الجنازة على الميت التي لا تختص بمكان ، بل فعلها في غير المسجد أفضل من فعلها فيه ; فالصلاة عليه على قبره من جنس الصلاة عليه على نعشه فإنه المقصود بالصلاة في الموضعين ، ولا فرق بين كونه على النعش وعلى الأرض وبين كونه في بطنها ، بخلاف سائر الصلوات ; فإنها لم تشرع في القبور ولا إليها ; لأنها ذريعة إلى اتخاذها مساجد ، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك ، فأين ما لعن فاعله وحذر منه وأخبر أن أهله شرار الخلق كما قال : { إن من شرار الخلق من تدركهم الساعة وهم أحياء ، والذين يتخذون القبور مساجد } إلى ما فعله صلى الله عليه وسلم مرارا متكررا ؟ وبالله التوفيق...
إعلام الموقعين 1/685 ـ 687
منقول