وصف المقريزي
يصف المؤرخ المقريزي إحتفال المولد الفاطمي بقوله الخليفة الفاطمي كان يجلس للمولد، ويعمل الموائد والأطعمة، كما توزع الأطعمة كالسكر والعسل واللوز والدقيق على المشاهد والأضرحة، كما تفرق هذه الأطعمة على المتصدرين وقراء الحضرة والفقراء، وتوزع الأموال على أهل القرافة وساكنيها، والقضاة والعلماء وطلبة العلم. ثم يركب الخليفة والقضاة والوزراء والشهود إلى الجامع الأزهر في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول، ويقرأ القراء القرآن، ويخطب الخطباء، وهكذا مولد علي والحسن والحسين وفاطمة ومولد الخليفة. (1)
وصف ابن خلكان ت 681هـ
أما مولد الملك المظفر والذي يزعم بعضهم أنه أول من اخترع المولد وهو غير صحيح، فاذكر وصف ابن خلكان لمولده لما فيه من رقص ولهو وضياع وإهدار لأموال المسلمين وأوقاتهم فقال
فإن الوصف يقصر عن الإحاطة به لكن نذكر طرفا منه وهو أن أهل البلاد كانوا قد سمعوا بحسن اعتقاده فيه فكان في كل سنة يصل إليه من البلاد القريبة من إربل مثل بغداد والموصل والجزيرة وسنجار ونصيبين وبلاد العجم وتلك النواحي خلق كثير من الفقهاء والصوفية والوعاظ والقراء والشعراء ولا يزالون يتواصلون من المحرم إلى أوائل شهر ربيع الأول ويتقدم مظفر الدين بنصب قباب من الخشب كل قبة أربع أو خمس طبقات ويعمل مقدار عشرين قبة وأكثر منها قبة له والباقي للأمراء واعيان دولته لكل واحد قبة فإذا كان أول صفر زينوا تلك القباب بأنواع الزينة الفاخرة المستجملة وقعد في كل قبة جوق من المغاني وجوق من أرباب الخيال ومن اصحاب الملاهي ولم يتركوا طبقة من تلك الطبقات في كل قبة حتى رتبوا فيها جوقا وتبطل معايش الناس في تلك المدة وما يبقى لهم شغل إلا التفرج والدوران عليهم وكانت القباب منصوبة من باب القلعة إلى باب الخانقاه المجاورة للميدان فكان مظفر الدين ينزل كل يوم بعد صلاة العصر ويقف على قبة قبة إلى آخرها ويسمع غناءهم ويتفرج على خيالاتهم وما يفعلونه في القباب ويبيت في الخانقاه ويعمل السماع ويركب عقيب صلاة الصبح يتصيد ثم يرجع إلى القلعة قبل الظهر هكذا يعمل كل يوم إلى ليلة المولد وكان يعمله سنة في ثامن الشهر وسنة في الثاني عشر لأجل الاختلاف الذي فيه فإذا كان قبل المولد بيومين أخرج من الإبل والبقر والغنم شيئا كثيرا زائدا عن الوصف وزفها بجميع ما عنده من الطبول والمغاني والملاهي حتى يأتي بها إلى الميدان ثم يشرعون في نحرها وينصبون القدور ويطبخون الألوان المختلفة فإذا كانت ليلة المولد عمل السماعات بعد ان يصلي المغرب في القلعة ثم ينزل وبين يديه من الشموع المشتعلة شيء كثير وفي جملتها شمعتان أو أربع أشك في ذلك من الشموع الموكبية التي تحمل كل واحدة منها على بغل ومن ورائها رجل يسندها وهي مربوطة على ظهر البغل حتى ينتهي إلى الخانقاه فإذا كان صبيحة يوم المولد أنزل الخلع من القلعة إلى الخانقاه على ايدي الصوفية على يد كل شخص منهم بقجة وهم متتابعون كل واحد وراء الآخر فينزل من ذلك شيء كثير لا أتحقق عدده ثم ينزل إلى الخانقاه وتجتمع الأعيان والرؤساء وطائفة كبيرة من بياض الناس وينصب كرسي للوعاظ وقد نصب لمظفر الدين برج خشب له شبابيك إلى الموضع الذي فيه الناس والكرسي وشبابيك كرسي وشبأبيك أخر للبرج أيضا إلى الميدان وهو ميدان كبير في غاية الإتساع ويجتمع فيه الجند ويعرضهم ذلك النهار وهو تارة ينظر إلى عرض الجند وتارة إلى الناس والوعاظ ولايزال كذلك حتى يفرغ الجند من عرضهم فعند ذلك يقدم السماط في الميدان للصعاليك ويكون سماطا عاما فيه من الطعام والخبز شيء كثير لا يحد ولا يوصف ويمد سماطا ثانيا في الخانقاه للناس المجتمعين عند الكرسي وفي مدة العرض ووعظ الوعاظ يطلب واحدا واحدا من الأعيان والرؤساء والوافدين لأجل هذا الموسم من قدمنا ذكره من الفقهاء والوعاظ والقراء والشعراء ويخلع على كل واحد ثم يعود إلى مكانه فإذا تكامل ذلك كله حضروا السماط وحملوا منه لمن يقع التعيين على الحمل إلى داره ولا يزالون على ذلك إلى العصر أو بعدها ثم يبيت تلك الليلة هناك ويعمل السماعات إلى بكرة هكذا يعمل في كل سنة. (2)
وصف ابن الحاج (ت 737هـ)
ذكر رحمه الله من الأمور المنكرة والقبيحة التي كانت تعمل فيها، من رقص وغناء ولهو وصحبة للمردان وغناهم ورقصهم في الموالد كالنساء، كما ذكر وانتقد عمل النساء للموالد وما جره من مفاسد. (3)
وصف المؤرخ الجبرتي (ت 1237)
يصف لنا الإحتفالات التي كانت تقام في زمنه، حيث ذكر عجائب الآثار ج2/ص74
واستهل شهر ربيع الثاني فيه حضر شيخ السادات الى بيته الذي عمره بجوار المشهد الحسيني وشرع في عمل المولد واعتنى بذلك ونادوا على الناس بفتح الحوانيت بالليل ووقود القناديل من باب زويلة الى بين القصرين وأحدثوا سيارات وأشاير ومواكب واحمال قناديل ومشاعل وطبولا وزمورا واستمر ذلك خمسة عشر يوما وليلة.
كما وصف أحد الإحتفالات بقوله:
عجائب الآثار ج2/ص201
واجتمع الفرنساوية يوم المولد ولعبوا ميادينهم وضربوا طبولهم ودبادبهم وأرسل الطبلخانة الكبيرة الى بيت الشيخ البكري واستمروا يضربونها بطول النهار والليل بالبركة تحت داره وهي عبارة عن طبلات كبار مثل طبلات النوبةالتركية وعدة آلات ومزامير مخلفة الاصوات مطربة وعملوا في الليل حراقة نفوط مختلفة وسواريخ تصعد في الهواء.
كما وصف أحد الإحتفالات بقوله:
وفيه نودى بتزيين الاسواق من العد تعظيما ليوم المولد النبوي الشريف فلما اصبح يوم الاربعاء كررت المناداة والامر بالكنس والرش فحصل الاعتناء وبدل الناس جهدهم وزينوا حوانيتهم بالشقق الحرير والزردخان والتفاصيل الهندية مع تخوفهم من العسكر وركب المشار اليه عصر ذلك اليوم وشق المدينة وشاهد الشوارع وعند المساء أوقدوا المصابيح والشموع ومنارات المساجد وحصل الجمع بتكية الكلشني على العادة وتردد الناس ليلا للفرجة وعملوا مغاني ومزامير ! فيعدة جهات وقراءة قرآن !!!!!.(4)
وصف المولد في القرن العشرين
أما المولد في هذه الأيام فلا يختلف كثيرا عما سبق وصفه، ومن راقب فضائيات الدول التي تنقل الموالد والإحتفالات بها يتقرر لديه أن هذه الإحتفالات قامت على اللهو والرقص وإهدار الأموال وتضييع الأوقات .
فيا ترى هل هذا المولد يحبه رسول الله ويرضاه لنفسه صلى الله عليه وسلم ، لهو ورقص وهدر للأموال والأوقات ؟؟!.
(1) انظر الخطط (2/332).
(2) انظر وفيات الأعيان (4/117).
(3) انظر كتابه المدخل (2/2 -10).
(4) عجائب الآثار ج2/ص483
منقول