بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أتحف إخواني في شبكة سحاب السلفية بالحلقة الثالثة من الأجوبة السلفية على الأسئلة المنهجية , لشيخنا الوالد العالم الرباني الشيخ عبيد بن عبد الله بن سليمان الجابري حفظه الله وبارك فيه , وكما عهدنا من شيخنا في كل حلقة , أن يتحفنا بفوائد ودرر منهجية , وتوجيهات ونصائح سلفية , فجزاه الله عنا خير الجزاء .
وكان هذا اللقاء مع الشيخ , يوم : السبت 4 رجب 1433 من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم .
التفريغ الكامل للمادة الصوتية :
1*السائل: ما رأيكم في من يقول لا تشتغلوا برد بعض مشايخنا على بعض إخواننا من طلبة العلم الذين لا يزالون على السنة ؟
الشيخ: هذا على إ طلاقه ليس بصحيح أبدا , فرد المخالفات التي لا يسوغ فيها الإجتهاد وهي المخالفات في أصول الدين وفي الفروع التي ثبتت بنص أو إجماع وليس عند المخالف ما يسوغ مذهبه , هذه لابد من قبولها ولابد من نشرها حتى يصفو التدين لله سبحانه وتعالى , وتكون السنة محضة خالية من شوب البدعة , لكن العالم أحيانا يرى أن طلابه انشغلوا عن تحصيل المسائل العلمية التي يقررها , رأى منهم انصراف , فقال لا تنشغلوا بالردود ولم يقل أتركوها يقل لا تنشغلوا فرق بين العبارتين عبارة اتركوا هذا خطأ , والنبي صلى الله عليه وسلم حذر فمما قاله صلى الله عليه وسلم :<< سيكون في أخر أمتي أقوام يحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم>> أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه
والبغوي في [شرح السنة ] من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
وقال صلى الله عليه وسلم << إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وأن ينذرهم شر ما يعلمه لهم وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها >> وهنا الشاهد : [ وأن ينذرهم شر ما يعلمه لهم ] , وقد جعل الله في محمد صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) الآية . وكذلك في قوله : [وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها ] .
وهذا حافز على رد المحدثات , وكان ابن عباس يقول :<< تحدث البدعة في المشرق أو المغرب فيحملها الرجل إلي فإذا انتهت إلي قمعتها بالسنة فترد عليه >>
لكن بعض المفتونين , يظنون الرد تبديعا , وليس بصحيح , الرد ينصب على العبارات نفسها , وأنت ممن قرأ ولا شك ردي على الدكتور إبراهيم الرحيلي وردي على الريس , فكان الرد منصبا علي العبارات , فلم أقل بتبديع أحد منهما ولا بتضليله أقول : [ لو قلت قوله لوجب الحذر مني ] ولم أصفه ببدعة ولا ضلالة حتى الآن .
السائل : جزاكم الله خيرا وبارك فيكم .
2*السائل : وردت بعض الآثار عن السلف في إلحاق كل من يماشي أو يجالس أهل البدع والأهواء , هل هي على إطلاقها ؟
الشيخ : الذي ظهر لي من استقراء أحوال الناس وسياسة أهل العلم والإمامة لهم أنه في حال قوة أهل السنة ورجحان كفتهم , وقوة شوكتهم , يغلظون على المبتدعة
ويحذرون منهم ومما يخالطهم , يعني مخالطة ممازجة واندماج , وفي حالة الضعف , ضعف أهل السنة , وقوة المبتدعة ورجحان كفتهم , أنهم يستعملون المداراة , فعلى سبيل المثال لا يؤمر أهل السنة بهجر الرافضة في إيران يعني أهل السنة في إيران لا يؤمرون بهجر الرافضة , لأن الدولة لهم والشوكة لهم والكفة الراجحة لهم , وكذلك في بعض نواحي العراق الغلبة للرافضة , فلا يؤمر أهل تلك النواحي بهجر الرافضة , فيكتفون برد البدع والمحدثات , في كثير من الأقطار قاضي البلد أو وزير الشؤون الدينية , هو على بدع ومحدثات , ففي هذه الحال يتخذ أهل السنة المداراة معه , يردون البدع , ولكن لا يذكرون اسمه , ولا يهجرونه مداراة , الدليل على هذا من السنة , أن النبي صلى الله عليه وسلم : دخل عليه رجل فقال : ائذنوا له بئس أخو العشيرة , فلما دخل عليه ألان له الكلام وهش له وبش فلما خرج من عنده , كيف هذا يا رسول الله , قلت فيه ما قلت , ونراك ألنت له الكلام إلى آخره إلى آخره , قال : << إن شر الناس عند الله يوم القيامة, من ودعه الناس اتقاء فحشه >>
السائل : جزاكم الله خيرا وبارك فيكم .
3*السائل : متى يقال للرجل مبتدع , هل بدعوته لبدعته أو بفعله للبدعة فقط ؟
الشيخ : يفرق بين , هذه قاعدة أذكرها لك ولمن يسمع حديثي معك , عند أهل السنة قاعدة , وهي التفريق بين القول والقائل وكذلك الفعل والفاعل , فالحكم على المخالفة بأنها بدعية أو كفرية أو فسقية , لا بد فيه من دلالة الشرع على حكمها , فالشرك دل الشرع على أنه كفر, والذبح لغير الله دل الشرع على أنه من الشرك الأكبر وهو كفر والإحداث في الدين الذي لم يصل إلى الكفر, دل الشرع على أنه بدعة , من أمثلة ذلك : الذكر الجماعي والإحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم المجرد من الشركيات , وإنما هو ذكر جماعي أو مدائح للنبي صلى الله عليه وسلم , لا تشتمل على كفر ولا على شرك , والقذف دل الشرع على أنه فسق , وبهذا يقال من قبيل العموم : المشرك كافر , جاحد الصلاة كافر , القاذف فاسق , الذي يفعل كذا مبتدع هذا من حيث الحكم على العموم , لأن الشرع دل على هذا , ودل على أن من فعله حكمه حكم مخالفته , وأما المعين , الشخص المعين , فلا بد فيه من أمرين :
الأمر الأول : دلالة الشرع , على أن مخالفته كفرية أو بدعية أو فسقية .
والثاني : إنطباق الوصف على هذا المعين , وذلك لا يكون إلا باجتماع الشروط وانتفاء الموانع , فهذا الذي فعل البدعة أو دعا إلى البدعة , إذا كان يعلم , إذا صدر منه ذلك , عالما عامدا مكلفا مختارا ذاكرا , حكم عليه بالبدعة , سواء فعلها أو دعا إليها , وأرى أن يراجع السائل هذا , وكل من أحب التزود , القواعد المثلى لمحمد بن صالح ابن عثيمين رحمه الله .
السائل : يعني يا شيخ الجمهور يقولون : المبتدع هو الداعي لبدعته ؟
الشيخ : هذا التقسيم بارك الله فيك المبتدعة , فالمبتدعة أقسام :
قسم بدعته مكفرة , فحكم عليه بها لأنه أجتمعت فيه الشروط وانتفت في حقه الموانع فهذا ليس من المسلمين , وإن صلى وصام وحج وفعل كل عمل صالح .
الثاني من بدعته مفسقة : وهذا قسمان :
قسم لا يدعوا إلى بدعته بدعته في نفسه : فهؤلاء خطرهم أخف , ولهذا أخذ العلم عن بعضهم , وعدوا من المحدثين , مثل : قتادة ابن دعامة السدوسي رحمه الله تعالى , عنده شيء في القدر , وغيره كثيرون الآن لا أستحضر أسماءهم
الثاني من هو داعية إلى بدعته : فهذا هل يؤخذ العلم عنه أو لا يؤخذ عنه ؟
ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه يؤخذ عنه العلم مطلقا .
و الثاني : لا يؤخذ عنه العلم , وممن قال هذا الإمام مالك رحمه الله تعالى , قال : لا يؤخذ العلم عن أربعة : ذكر منهم المبتدع .
القول الثالث : التفصيل وهو : أنه يؤخذ عنه من العلم , ما ليس فيه دعوة إلى بدعته هذا في الرواية طبعا , قالوا : المبتدع الداعي إلى بدعته , يؤخذ عنه من روايته ما لا تقوى به بدعته , وأخذ العلم عنه كذلك مثلها , يؤخذ عنه من العلم ما لا يقرر فيه بدعته , وهذا لا يصلح أن يقصده المبتدئون , بل لا يقصده إلا الحذاق , أهل كياسة وفطنة , وقد تحصنوا تحصنا جيدا , بالفقه في دين الله , وأصبح عندهم تمييز بين الغث والسمين , ويتفطنون إلى ما يلقيه من البدع , يتفطنون له , فيعرفون ما تقوى به بدعته , وما لا تقوى به , ويعرفون ما ينشر من البدع وما لا ينشره في دروسه , فيأخذون منه الصالح ويدعون الطالح , مع بغضهم لبدعته , يبغضون بدعته , لكنهم مضطرون إلى أخذ العلم عنه , فإذا تزودوا ذهبوا وتركوه, وبقي هو على بدعته , حتى عندهم يقولون مبتدع , لا يجاملونه , وإنما رأوا أنهم محتاجون إلي علم لا يوجد عند غيره , فإذا تحصل شروط :
الشرط الأول : ألا يقرر بدعة , لا يدعوا إليها بالعلم .
الثاني : أن يكون هؤلاء الطلاب مميزين , عندهم أهلية يميزون بها بين الغث والسمين والحق والباطل , والصالح والطالح .
الثالث : أن تكون بهم ضرورة إلى ما عنده .
وثمة شرط رابع وهو : بغضه في ذات الله , وإن كانوا يصفونه في حضرتهم عنده بأنه مبتدع , لكن يبغضونه في ذات الله , فإذا خرجوا من عنده وسئلوا عنه , قالوا : بأنه مبتدع , إنما درسنا عنده للضرورة , بارك الله فيكم .
السائل : ما رأيكم فيمن يقول : أن بفعله للبدعة هو داع لها ؟
الشيخ : لا هذا لا يلزم .
السائل : يعني لا بد من تقرير البدعة .
الشيخ : تقرير , يقررها تقريرا .
السائل : جزاكم الله خيرا وبارك فيكم .
4*السائل : بالنسبة للردود , هل لطالب العلم أن ينظر الجديد على الساحة , أو يمضي في طلب العلم فقط ؟
الشيخ : هو يكفيه أن يعلم بأن أخاه في الله أو شيخه رد على فلان , كذا وكذا , هذا يكفي , ولا يلزم أنه كلما صدر رد قرأه من أوله إلى آخره , ويمكن أن يقال هو بين حالين :
أحدهما : أن يكون عنده وقت يمكنه أن يطلع , فهذا يطلع يستفيد ويفيد
الثاني : ألا يكون عنده وقت , فهذا يكتفي بما يسمعه بأن فلان شيخه أو أخاه في الله رد على فلان قوله في كذا وكذا يكفي , ويحذر هذه المسائل التي رد فيها .
السائل : جزاكم الله خيرا وبارك فيكم .
5*السائل : إذا سئل عالم من العلماء عن عالم آخر, معروف بين طلبة العلم , بالعلم والفضل والذب عن السنة والتصدي لأهل الأهواء والبدع , فقال : لا أعرفه أو معرفتي به قليلة , هل ينقص من قدر المسؤول عنه شيئا ؟
الشيخ : لا هو قال لا أعرفه , ولا يلزم في العالم أن يعرف كل من حوله , فضلا عن البعيدين منه , هذا لا ينقص من قدره شيئا .
السائل : جزاكم الله خيرا وبارك فيكم .
الشيخ : وفيكم أهلا وسهلا .
رابط المادة الصوتية :
http://www.mediafire.com/?piaiyyy0bd6jll7