شرح ألفية ابن مالك [7]
جمع المؤنث السالم والاسم الذي لا ينصرف هما مما تكون فيه النيابة في الإعراب، لكنها نيابة حركة عن حركة؛ فتنوب الكسرة عن الفتحة في جمع المؤنث، والعكس في الاسم الذي لا ينصرف، لكن بشرط ألا يضاف ولا يحلى بأل. ومما تدخله النيابة أيضاً الأفعال الخمسة، فإنها ترفع بثبوت النون وتنصب وتجزم بحذفها.
إعراب جمع المؤنث السالم
......
نيابة الكسرة عن الفتحة في جمع المؤنث السالم
قال المؤلف رحمه الله: [ وما بتا وألف قد جمعا يكسر في الجر وفي النصب معا ] ما: مبتدأ. وبتا وألف: متعلق بـ (جمعا)، وجملة (يكسر) خبر المبتدأ. يعني: الذي يجمع بالتاء والألف يكسر في الجر وفي النصب معا. وهنا يقول: (يكسر في الجر وفي النصب) وسكت عن الرفع، فيبقى على الأصل، وهو الرفع بالضمة، وينصب ويجر بالكسرة نيابة في حال النصب عن الفتحة، أما في حال الجر فعلى الأصل، ولكن ما الذي هذا حكمه؟ يقول: (وما بتا وألف وقد جمعا)، أي: ما كان مجموعاً بزيادة الألف والتاء، يعني: جيء بالألف والتاء ليكون جمعاً، وهو جمع المؤنث السالم. فهذا الجمع يكسر في الجر على الأصل، ويكسر في حال النصب بالنيابة، ويرفع بالضمة على الأصل. وهنا يعبر عن جمع المؤنث بأنه ما جمع بألف وتاء مزيدتين على مفرده، سواء كان لعاقل أم لغير عاقل، علماً أم صفة، لمذكر أم مؤنث، فكل ما جمع بالألف والتاء الزائدتين على مفرده نعتبره جمعاً مؤنثاً سالماً فنرفعه بالضمة وننصبه بالكسرة ونجره بالكسرة. مثال ذلك أن تقول: مسلمة، الجمع: مسلمات، زيدت ألف وتاء فصار جمعاً، ولا تقل: التاء كانت موجودة في مسلمة؛ لأن التاء في مسلمة ليست تاءً حقيقة ولكنها هاء، والدليل على ذلك أن كتابة التاء في مسلمة غير كتابة التاء في مسلمات. وتقول في جمع عائشة علماً: عائشات، فيكون جمع مؤنث سالماً. وأما (أبيات) جمع (بيت) فليس منه؛ لأن التاء أصلية في بيت؛ فالزيادة في أبيات على المفرد حرف واحد وهو الألف، ونحن نقول: لا بد أن يكون بألف وتاء زائدتين على المفرد. غازٍ: جمعه غزاة، فيه ألف وفيه تاء، لكن الألف في غزاة أصلية، والتاء زائدة لكنها ليست تاء الجمع، والدليل أنها تأتي مربوطة، (غزاة)، وتاء الجمع تأتي مفتوحة غير مربوطة. إذاً: إذا وجدنا جمعاً التاء فيه أصلية فلا ينصب بالكسرة، مثل: أبيات. وإذا وجدنا جمعاً الألف فيه أصلية والتاء زائدة، فلا ينصب بالكسرة؛ لأن الألف أصلية. وإذا وجدنا جمعاً فيه الألف زائدة والتاء زائدة ينصب بالكسرة نيابة عن الفتحة. أموات: التاء أصلية، فلا ينصب بالكسرة. أسماء -علماً- جمعها: أسماوات، وهو جمع مؤنث سالم لأن فيه الألف والتاء زائدة، وأسماء وزنها: فعلاء، ولهذا لا تنصرف، بخلاف أسماء التي هي جمع اسم، فإنها تنصرف: إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا [النجم:23] لأن الهمزة فيها ليست ألف التأنيث، وأما اسم المرأة (أسماء) فإنه لا ينصرف؛ لأن فيه ألف التأنيث الممدودة. هند: جمعها هندات، فينصب بالكسرة؛ لأن فيه الألف والتاء زائدتان. فالحاصل: أن هذا الباب سهل جداً، وهو أن كل ما يكون مجموعاً بألف وتاء زائدتين على المفرد فإن حكمه: أن يرفع بالضمة، ويجر بالكسرة، وينصب بالكسرة.
أعلى الصفحة
أمثلة توضيحية
إذا قلنا: بوابة، فجمعها: بوابات، تنصب بكسرة. درجة: درجات. سهم جمعه: أسهم، لكن لو فرض أنه جمع على أسهمات لكان له هذا الحكم. أسماء يقال فيه: أسماءات أو أسماوات، وسيأتينا إن شاء الله تعالى في ألف التأنيث الممدودة أنه يجوز فيها قلب الهمزة واواً ويجوز إبقاؤها على أصلها. وغزاة جمع تكسير، لأن غزاة وزنها فُعلة، فالألف هي لام الكلمة. ولها أمثلة كثيرة: غزاة، هداة، دعاة.. فهذه كلها ليست جمع مؤنث سالماً، لأن الألف فيها أصلية. ولو قيل لك: زن غزاة؟ فالجواب: أنها من غزا يغزو. فوزنها: فُعَلَة، وأصلها غُزَوَة، لكن تحرك حرف العلة وانفتح ما قبله فوجب قلبه ألفاً، فصار: غزاة. وجمع شجرة: شجرات.. حذفت التاء ولم يقل: شجرتات لأنها في الأصل زائدة، وهي في نية الانفصال. إعراب: كلفت دعاة يدعون إلى الله. كلف: فعل ماض مبني على السكون. التاء: ضمير متصل في محل رفع فاعل. دعاة: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. يدعون: فعل مضارع.. إلى الله: جار ومجرور. في الحديث: (واجعلنا هداة مهتدين) ولم يقل: هداةٍ؛ لأن الألف أصلية. وقال تعالى: فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ [الممتحنة:10]. الإعراب: إن: أداة شرط. علم: فعل ماضي. والتاء: ضمير متصل في محل رفع فاعل. هن: ضمير متصل في محل نصب مفعول به أول لعلم. مؤمنات: مفعول به ثان لعلم منصوب بالكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم.
أعلى الصفحة
إعراب ما لا ينصرف
......
نيابة الفتحة عن الكسرة في الممنوع من الصرف
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وجر بالفتحة ما لا ينصرف ما لم يضف أو يك بعد أل ردف ] جُرَّ: يحتمل أن تكون فعلاً ماضياً مبنياً للمجهول، ويكون الذي جره هم العرب، يعني أن العرب جروا ما لا ينصرف. ويحتمل أن يكون (جُرَّ) فعل أمر، بمعنى: اجرر. فعلى تقدير أنه فعل أمر يكون قوله: (ما) مفعول جُرّ، وعلى القول بأنه: مبني لما لم يسم فاعله تكون (ما) نائب فاعل. وقول المؤلف: (جر بالفتحة ما لا ينصرف) هذا مما ناب فيه حركة عن حركة، أي: نابت فيه الفتحة عن الكسرة في حال الجر. وهو في حال الرفع يرفع بالضمة على الأصل، وفي حال النصب ينصب بالفتحة على الأصل. إذاً: هو يشبه جمع المؤنث السالم، حيث تنوب فيه حركة عن حركة، وأنها في وجه واحد من وجوه الإعراب؛ لكن جمع المؤنث السالم تنوب فيه الكسرة عن الفتحة، وهذا تنوب فيه الفتحة عن الكسرة.
أعلى الصفحة
موانع الصرف
وقوله: (ما لا ينصرف): يقول العلماء في تعريف الذي لا ينصرف: هو ما كان فيه علتان من علل تسع، أو علة واحدة تقوم مقام علتين. ومعنى الصرف: التنوين، كما قال ابن مالك في الألفية: الصرف تنوين أتى مبيناً معنى به يكون الاسم أمكنا وهذه العلل يجمعها قول الشاعر: اجمع وزن عادلاً أنث بمعرفة ركب وزد عجمة فالوصف قد كملا قوله: (اجمع): يشير بهذه الكلمة إلى ما يسمى بصيغة منتهى الجموع، وهو كل ما كان على وزن مفاعل أو مفاعيل، مثل: مساجد، مصابيح، فمساجد على وزن: مفاعل، ومصابيح على وزن: مفاعيل. ولا يلزم أن يكون بهذه الحروف، (بالميم والفاء والألف مثلاً)، بل إذا جاء على حروف أخرى فله نفس الحكم فمثلاً فعائل كصحائف مثل: مفاعل. عندكم تقولون في الكلام السيئ: هذا خرابيط، على وزن مفاعيل وإن لم يكن بلفظه، والمهم أن يكون على هذا الميزان: مفاعل ومفاعيل؛ فكل جمع جاء على هذا الوزن فإنه ممنوع من الصرف، تقول: مررت بمساجدَ كثيرة، وقلنا: بمساجدَ ولم نقل: بمساجدٍ؛ لأنه ممنوع من الصرف. ولا نحتاج إلى علة أخرى مع هذه العلة وهي صيغة منتهى الجموع، فمتى وجدنا اسماً على مفاعل أو مفاعيل منعناه من الصرف، سواء كان علماً أم صفة أم اسماً جامداً أم غير ذلك، لأن هذه العلة تقوم مقام علتين، ونحن قلنا: إن الاسم الذي لا ينصرف هو الذي اجتمع فيه علتان من علل تسع أو علة واحدة تقوم مقام علتين. قوله: (وزن): يشير إلى وزن الفعل، يعني: أن تكون الكلمة على وزن فعل من الأفعال. مثاله: أحمد، اسم على وزن: أفعل. وأفعل وزن الفعل المضارع، بل إن أحمد نفسها تصلح أن تكون فعلاً، كما لو قلت: إني أحمد الله، فما كان على وزن الفعل لا ينصرف. إذاً: وزن الفعل يكون علماً مثل: أحمد، ويكون وصفاً مثل: أحمر، فأحمر لا ينصرف، والمانع له الوصفية ووزن الفعل. إذاً: ما كان على وزن الفعل فإنه ممنوع من الصرف. ولكن يشترط في الذي يمنع من الصرف إذا كان على وزن الفعل أن يكون علماً أو صفة، فالعلم مثل: أحمد، والصفة مثل: أحمر، أسود، أخضر، فإن كان اسماً جامداً فإنه لا يمنع من الصرف ولو كان على وزن الفعل، لأننا نشترط أن يكون علماً أو صفة. قوله: (عادلاً) إشارة إلى العدل، وهي أن تكون الكلمة معدولة عن كلمة أخرى، وهي ألفاظ قليلة، مثل: عُمَر، معدول عن عامر، زُحَل معدول عن زاحل، فكل اسم حول من مشتق إلى مشتق آخر أو من علم إلى علم آخر فإنه ممنوع من الصرف. وهنا نسأل: هل يشترط انضمام شيء إلى العدل أو لا؟ نقول: نعم، وهو العلمية أو الوصفية. والوصفية مثلوا لها بقولهم: مثنى وثلاث ورباع، قالوا: إنه معدول عن اثنين اثنين في مثنى، وعن ثلاثة ثلاثة في ثُلاث، وعن أربعة أربعة في رُباع. قوله: (أنث): إشارة إلى التأنيث، والتأنيث خمسة أنواع: مؤنث بالتاء لفظاً لا معنى. ومؤنث بالتاء لفظاً ومعنى. ومؤنث معنى لا لفظاً. ومؤنث بألف التأنيث الممدودة. ومؤنث بألف التأنيث المقصورة. فهذه خمسة أنواع كلها داخلة في قوله: (أنث). أما الثلاثة الأولى التي هي التأنيث المعنوي، واللفظي، واللفظي المعنوي، فلا يكون أحدها مانعاً من الصرف إلا إذا كان علماً، فإن كان غير علم فإنه يصرف، سواء كان وصفاً أو اسماً جامداً. ومثال اللفظي: قتادة، حمزة، طلحة، معاوية، خليفة.. فهذه مؤنثة تأنيثاً لفظياً، لأنها لمذكر، ولفظها مؤنث، فهي ممنوعة من الصرف. واللفظي المعنوي مثل: فاطمة، عائشة، خديجة، منيرة، لؤلؤة، ماجدة.. وهلم جرا. هذا مؤنث تأنيثاً لفظياً ومعنوياً، ويشترط في هذا المؤنث أن يكون علماً، أما إذا كان جامداً فإنه مصروف، مثل: شجرة، وطلحة اسم للشجرة، تقول: هذه طلحةٌ كبيرة، وجلست تحت طلحةٍ كبيرة، وكذلك: نخلة. ومتى يكون (نخلة) غير مصروف؟ الجواب: إذا كان علماً، كما لو سميت بنتك نخلة. وتقول: مررت بامرأةٍ مسلمةٍ، فلفظ امرأة مصروف لأنه اسم جامد وليس علماً، فهو مثل شجرة. والمؤنث بألف التأنيث الممدودة ما كان آخره همزة، مثل: حمراء، صفراء، سوداء.. والأمثلة كثيرة. والمؤنث بألف التأنيث المقصورة ما كان آخره ألف، مثل: العزى، سلمى، سلوى، ليلى.. والأمثلة كثيرة. فألف التأنيث سواء كانت مقصورة أم ممدودة في علم أو وصف أو اسم جامد، فهي تمنع الاسم من الصرف، وهي من العلل التي تقوم واحدة منها مقام علتين، فهي مثل صيغة منتهى الجموع. فهاتان علتان تكفي فيهما العلة الواحدة: صيغة منتهى الجموع، وألف التأنيث الممدودة أو المقصورة، وهي ثلاث بالبسط. قوله: (بمعرفة): هذه ليست علة مستقلة، وهي العلمية. قوله: (ركب): يعني التركيب المزجي، وعندهم أن التراكيب أنواع: إضافي، مزجي، وإسنادي. والمراد هنا التركيب المزجي، وهو: ضم كلمة إلى أخرى لا على سبيل الإضافة ولا على سبيل الإسناد، ويسمى تركيباً مزجياً لأنه مزج وخلط حتى تصير الكلمتان كلمة واحدة، مثل: بعلبك، حضرموت، معدي كرب، فهذه أسماء ممنوعة من الصرف، للعلمية والتركيب المزجي، ويشترط فيها أن يكون الاسم علماً، فالوصفية لا تأتي هنا، والجامد لا يأتي، بل لا بد أن يكون علماً. ومر علينا ما يشترط أن يكون علماً. وهو: إذاً: التأنيث اللفظي والتأنيث المعنوي بغير الألف، والتركيب، هذه ثلاث علل لا بد أن تكون علماً، وثلاث علل فيها علة واحدة تقوم مقام علتين، وثلاث علل لا بد أن تكون علماً أو وصفاً، وبهذا تتم العلل التسع. قوله: (وزد): الزيادة، هي زيادة الألف والنون، فكل علم فيه زيادة ألف ونون، أو وصف فيه زيادة ألف ونون، فهو ممنوع من الصرف. فالعلم مثل: سلمان، سليمان، إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ [النمل:30] ما قال: من سليمانٍ. والوصف مثل: سكران، عطشان، غضبان، ريان.. والأمثلة كثيرة. قوله: (عجمة): لا بد فيها من علتين: العلمية والعجمة، والعجمة أن يكون الاسم أعجمياً غير عربي، وأسماء الملائكة كلها أعجمية إلا ما استثني، وأسماء الأنبياء كلها أعجمية إلا ما استثني، وسيبين إن شاء الله. إسرائيل: ممنوع من الصرف، للعلمية والعجمة. إبراهيم: ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة. إسماعيل: ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة. إسحاق: ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة. يعقوب: ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة. فإن كان وصفاً فإنه غير ممنوع من الصرف ولو كان أعجمياً، ومن ذلك قولهم: قالون، أي: جيد في الرومية، لكنه ينصرف لأنه ليس بعلم.
أعلى الصفحة
شرط جر ما لا ينصرف بالفتحة
يقول ابن مالك : (ما لم يضف أو يك بعد أل ردف): أي: فإن أضيف فإنه يصرف، لكنه لا ينون من أجل الإضافة، فتقول: مررت بأفضل القوم، فتجر (أفضل) بالكسرة لأنه مضاف. وقوله: ( أو يك بعد أل ردف ) يعني: تقترن به أل، فتقول: مررت بالأفضلِ، فتجره بالكسرة لأنه حلي بأل. فالحاصل أن الاسم الذي لا ينصرف يخرج عن القاعدة في الإعراب في وجه واحد وهو الجر، حيث يجر بالفتحة، وذلك بشرط ألا يضاف ولا يحلى بأل، فإن أضيف أو حلي بأل صار مصروفاً. قال تعالى: وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ [الملك:5]. قوله: ( بمصابيح ) مجرور بالفتحة لأن الصيغة من منتهى الجموع. وقال الله تعالى: وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ [النساء:163]. جر إبراهيم بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف بسبب العلمية والعجمة، ولولا ذلك لقيل إلى إبراهيمٍ. وإذا قلنا: وعن طلحةَ بن عبيد الله فإنا نفتح طلحة لأنه ممنوع من الصرف، للعلمية والتأنيث اللفظي. وإذا قلنا: مررت بطلحةٍ كبيرة، فإنا نجر طلحة بالكسرة مع أنها مؤنثة؛ لكن المؤنث بالتاء لابد أن يكون علماً أو صفة، وهنا طلحة اسم شجرة، فليس علماً ولا صفة فلا يمنع من الصرف. علي بن أبي طالب رضي الله عنه جاءته امرأة مطلقة، تقول: إنها انتهت عدتها بشهر واحد، فأحال القضية إلى شريح ، فقال شريح : إن جاءت ببينة من بطانة أهلها تشهد بأنها جاءها الحيض ثلاث مرات فقد خرجت من العدة، فقال له علي: قالون! وقالون معناها في اللغة الرومية: جيد. فهذا اللفظ ليس بعلم، فلا يكون ممنوعاً من الصرف؛ لأن العجمة لا تمنع من الصرف إلا إذا انضمت إليها العلمية، أما لو كانت صفة فإنها لا تمنع من الصرف. إذا قلت: مررت برجل أفضل من فلان، جررت أفضل بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للوصفية ووزن الفعل. فإذا قلت: مررت بالرجل الأفضل من فلان، جررت الأفضل بالكسرة؛ لأنه محلى بأل. وكذلك إذا قلت: مررت بأفضلكم، أو بأفضل الناس، فإنك تجر أفضل بالكسرة، لأنه أضيف. ولذا قال ابن مالك : (ما لم يضف أو يك بعد أل ردف) وفي اللغة العربية إذا أضفت الاسم الذي لا ينصرف انصرف، وإذا حليته بأل انصرف، وعلل فلاسفة النحويين لذلك فقالوا: لأنك إذا أضفته أو حليته بأل ابتعد عن مشابهة الفعل؛ لأن أل لا تدخل إلا على الأسماء، والإضافة من خصائص الأسماء، فلهذا انصرف. أما إذا جرد من أل والإضافة فإنه بعيد من الاسم شبيه بالفعل، ولهذا يسمونه متمكناً غير أمكن، يقولون: الأسماء بالنسبة للاسمية ثلاثة أقسام: متمكن أمكن، ومتمكن غير أمكن، وغير متمكن، تقسيم عجيب! وكل قوم لهم فلاسفة. الذي ليس بمتمكن هو المبني، والمتمكن غير أمكن هو الذي لا ينصرف، والمتمكن أمكن هو الذي ينصرف، فإذا أضيف أو دخلت عليه أل يكون متمكناً أمكن؛ لأنه اتصل به ما هو من خصائص الأسماء.
أعلى الصفحة
حكم التمثيل في النحو وفي المسرحيات
فائدة: التمثيل في دروس النحور وغيرها ليس من الكذب، والفرائض كلها أمثلة، فإذا قلنا: مات ميت عن فلان أو عن كذا وكذا، فنحن ليس عندنا ميت، ولا نقول إن هذا كذب، فالتمثيل ليس فيه كذب، لأنه حكاية عن شيء وقع، ولهذا قال بعض الناس: إن التمثيل في المسرحيات جائز إذا لم ينسب إلى شخص معين، قالوا: لأن التمثيل تقدير، فكما تضرب مثلاً باللسان اضرب مثلاً بالأفعال، لكن إن نسبت إلى شخص معين أنه قال كذا صار التمثيل كذباً، أما مجرد أن تحكي قصة تخيلتها وضربتها مثلاً فليس هذا بكذب. وقد يقال: فيه إضاعة بعض الوقت؛ لكن إضاعة الوقت أو عدم إضاعة الوقت هذا شيء آخر، قد لا يكون فيه إضاعة وقت، بل قد يكون فيه حفظ وقت، أرأيت لو كانت الاجتماع طويلاً وجئنا بتمثيلية في أثنائه، فعالجت المشكلة الاجتماعية وفي نفس الوقت صار هذا حفظاً للوقت، وهذه التمثيلية نبهتهم وأيقظتهم، لكن لو بقوا على ما هم عليه من الجد لوجدت كل واحد قد وضع ذقنه على صدره، وصدره على بطنه، وهكذا. يبقى عندنا الهيئة: بعض الممثلين يأتي بهيئة عجيبة يريد أن يُضحك بها الناس، تجد لهم قرناً طويلاً أو ثياباً شكلها غريب، وما أشبه ذلك، حتى إن الإنسان ربما يقول: هذه صورة تشبه الكاريكاتير! وكلامي على التمثيل الذي بين الشباب، أما التلفزيون وما فيه من التمثيليات والأغاني فهذا لا شك في تحريمه، فكله دمار، وهذا ليس عندنا فيه إشكال، ولذلك يقولون لي: إن في التلفزيون - نسأل الله العافية وأن يهديهم- يمثلون بالسرقات، وبتسلق البيوت، وبالمخدرات، ويمثلون أيضاً بعداد الكهرباء أنه يغازل ربة البيت وما أشبه ذلك، فهذه هدم، يعني: الذي لا يعرف الجريمة يجعلونه يعرفها، لكن نسأل الله أن يهديهم.
أعلى الصفحة
إعراب الأفعال الخمسة
......
رفع الأفعال الخمسة بالنون ونصبها وجزمها بحذف النون
قال المؤلف: [واجعل لنحو يفعلان النونا رفعاً وتدعين وتسألونا وحذفها للجزم والنصب سمه كلم تكوني لترومي مظلمه] الفعل المضارع معرب؛ يرفع بالضمة، وينصب بالفتحة، ويجزم بالسكون، لكن الأفعال الخمسة تخالف: فترفع بثبوت النون، ولهذا قال: (واجعل لنحو يفعلان النونا رفعاً) أي: اجعل النون في حال الرفع، تقول: الرجال يقومون، وأنتم تفهمون، وتقول: الرجلان يقومان وأنتما تفهمان، وتخاطب المرأة فتقول: أنت تفعلين. هذه خمسة أفعال تسمى الأفعال الخمسة، وقد نقول: الأمثلة الخمسة، والمعنى واحد. تقول: الرجلان يقومان، يقومان: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون، لأنه من الأفعال الخمسة، والألف فاعل. وتقول: الرجال يقومون، يقومون: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون، والواو فاعل؛ لأنه من الأفعال الخمسة. وتقول للمرأة: أنت تقومين، تقومين: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والياء فاعل. بقي النصب والجزم، قال المؤلف: [ وحذفها بالجزم والنصب سمه ]. سمة: يعني: علامة، فإذا نصبت أحد الأفعال الخمسة فاحذف النون، وإذا جزمت فاحذف النون، قال الله تعالى: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا [البقرة:24]الأول مجزومه، والثاني منصوبه. قال الناظم رحمه الله تعالى: [ كلم تكوني لترومي مظلمه ]. لم تكوني أصله: تكونين، حذفت النون من أجل الجزم بلم. وقوله: (لترومي) منصوبة بلام الجحود والجحود هو: النفي، فـ (ترومي): منصوب باللام وعلامة نصبه حذف النون، والياء فاعل. ومظلمة: مفعول به. الأفعال الخمسة يجوز أن تقول هي: يفعلان وتفعلان ويفعلون وتفعلون وتفعلين، ويجوز أن تقول: كل مضارع اتصل به ألف اثنين أو واو جماعة أو ياء مخاطبة.
أعلى الصفحة
حذف نون الأفعال الخمسة في غير النصب والجزم
وظاهر كلام المؤلف: أن النون لا تحذف إلا في حال الجزم أو النصب؛ ولكن ليس هذا مراده، فالمراد: أنها إذا نصبت وجب حذف النون، وإذا جزمت وجب حذف النون، وقد تحذف النون لغير ذلك، تخفيفاً كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا) . والأصل: ( لا تدخلون )؛ لأن ( لا ) نافية. وكذلك تحذف مع نون الوقاية جوازاً، فتقول مثلاً: أتكرموني، والأصل أتكرمونني، لكن تحذف النون مع نون الوقاية للتخفيف، وكراهة توالي نونين زائدتين. وتحذف النون وجوباً مع نون التوكيد، مثل: ( لتقومُنَّ ) وأصلها ( لقوموننَّ ) فتحذف مع نون التوكيد وجوباً لتوالي الأمثال. إذاً تحذف وجوباً إذا دخل عليها ناصب أو جازم ومع نون التوكيد، وقد تحذف تخفيفاً في حال الرفع.
أعلى الصفحة
أمثلة على إعراب الفعل المضارع
إذا قلت: ( لا تكونون من السفهاء ) فالعبارة خطأ. وصوابها: لا تكونوا من السفهاء بحذف النون؛ للجزم بلا الناهية. وإذا قلت تخاطب جماعة: لم يخلقكم الله لتكونون كالبهائم، فالعبارة غير صحيحة. والصواب: لتكونوا بحذف النون، لأن الفعل منصوب. وإذا قلت تخاطب امرأة: لا تتبرجي تبرج الجاهلية، فالعبارة صحيحة. وقوله: كَلَّا سَيَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ [النبأ:4-5] الفعل مرفوع بثبوت النون. وقوله تعالى: فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيْنَ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ [مريم:26] ( قولي ) لماذا حذفت النون منها؟ والجواب: هذا ليس من الأفعال الخمسة، الأفعال الخمسة هي أفعال مضارعة، وهذا فعل أمر. وقال الله تعالى: فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ [الأنعام:135]. الإعراب: سوف: حرف دال على التسويف. تعلمون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة، وواو الجماعة ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل. ( الرجلان يقومان ): الرجلان: مبتدأ مرفوع بالألف نيابة عن الفتحة لأنه مثنى. يقومان: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة، والألف ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة (يقومان) في محل رفع خبر المبتدأ. إذا قلت: مررت بامرأة تبكي. فالفعل (تبكي) فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الياء، لأن الياء من أصل الكلمة وليست ياء المخاطبة حتى نقول إنه من الأفعال الخمسة التي حذفت نونها. فإذا قلت لامرأة: أنت تبكين. فهذا فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة. أنتما تقومان: أنتما: ضمير مخاطب مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. وتفصيل إعرابه أن الضمير هو (أن) فقط، والتاء: حرف خطاب، والميم والألف علامة التثنية، فيكون أن: ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، هكذا يقول النحويون: والتاء حرف خطاب، والميم والألف علامة التثنية. تقومان: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون عوضاً عن الضمة، وألف الاثنين ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل، والجملة الفعلية (تقومان) في محل رفع خبر المبتدأ. إعراب: (ولا تؤمنوا حتى تحابوا). لا: نافية لا محل لها من الإعراب. تؤمنوا: فعل مضارع مرفوع بالنون المحذوفة للتخفيف. واو الجماعة: ضمير متصل في محل رفع فاعل. حتى: حرف نصب. تحابوا: فعل مضارع منصوب بحذف النون. والواو: ضمير متصل في محل رفع فاعل. إعراب: لم تقوموا: لم: أداة جزم. تقوموا: فعل مضارع مجزوم بحذف النون لأنه من الأفعال الخمسة، والواو واو الجماعة فاعل. ( لتبلون ) أصلها ( لتبلووننَّ ) فحذفت نون الرفع لتوالي الأمثال وجوباً.