الشيعة جعلوا أئمتهم آلهة يعلمون الغيب!!
نتيجة للشطط والخطأ والضلال عند الأمم الأخرى فيما يخص تصوراتهم عن الإله والخالق سبحانه، وقف الإسلام من قضية العلم بالغيب موقفا حاسماً، فبين أن لا أحد في السموات ولا في الأرض يعلم الغيب إلا الله، قال تعالى: (( قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ))[النمل:65], ونفى سبحانه علم الغيب عن أقرب الخلق إليه، وأطوعهم له، وهم الملائكة والأنبياء، فقال للملائكة وقد تساءلوا: كيف يستخلف في الأرض من يفسد فيها ويسفك الدماء؟: ((إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ ))[البقرة:30]، وتبرأ الأنبياء أنفسهم من ادعاء علم الغيب، فنوح - عليه السلام – كان يقول لقومه: (( وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ))[هود:31]، ونبينا - عليه الصلاة والسلام – أمره ربه أن يقول: (( قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ))[الأنعام:50]، وحتى الجن الذين يعتقد الكثير فيهم معرفة الغيب، بيَّن سبحانه أنهم لا يملكون هذه القدرة، وذكر كيف أنهم ظلوا مسخرين في الأعمال الشاقة التي استعملهم لها سليمان - عليه السلام – حتى بعد وفاته، ولم يعلموا بموته إلا بعد سقوطه حين أكلت الأرضة عصاه التي يتكئ عليها، قال تعالى: (( فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتْ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ))[سبأ:14].
ومن المجمع عليه بين أهل الإسلام، أن الله استأثر بعلم الغيب، فلا يُطلِع على غيبه أحدا، إلا من ارتضى من رسله المبلغين عنه، قال تعالى: (( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً ))[الجن:26] (( إِلاَّ مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ))[الجن:27]، وقال على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (( قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ))[الأعراف:188].
فهؤلاء أولوا العزم من الرسل يتبرءون من دعوى علم الغيب، لكن الشيعة تزعم أن أئمتها تعلم الغيب، وبالغت فيه جدًا، ووضعت فيه الأحاديث الكثيرة.
فقد أورد الكليني، وهو أحد أوثق علمائهم، في كتابه الكافي، الذي هو بمثابة صحيح البخاري عندهم، الذي خصص فيه أبوابا في علمهم الغيب، ذكر منها: باب أن الأئمة عليهم السلام يعلمون ما كان وما يكون، وأنهم لا يخفى عليهم شيء، وباب أن الأئمة يعلمون متى يموتون وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم، وباب أن الأئمة عليهم السلام يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل عليهم السلام، وتحت كل باب من هذه الأبواب عشرات الأحاديث، التي يشيب لهولها الولدان.
ومنها ما ينسبونه إلى علي رضي الله عنه أنه يقول فيها: "ولقد أعطيت خصالا ما سبقني إليها أحد قبلي: علمت المنايا والبلايا، والأنساب وفصل الخطاب، فلم يفتني ما سبقني، ولم يعزب عني ما غاب عني، أبشر بإذن الله وأؤدي عنه، كل ذلك من الله مكنني فيه بعلمه".
يقول إمامهم المظفر في علم الإمام: "أما علمه فهو يتلقى المعارف والأحكام الإلهية وجميع المعلومات من طريق النبي أو الإمام من قبله. وإذا استجد شيء لا بد أن يعلمه من طريق الإلهام بالقوة القدسية التي أودعها الله تعالى فيه، فإن توجه إلى شيء وشاء أن يعلمه على وجهه الحقيقي، لا يخطئ فيه ولا يشتبه، ولا يحتاج في كل ذلك إلى البراهين العقلية ولا إلى تلقينات المعلمين، وإن كان علمه قابلا للزيادة والاشتداد".
ومن هذه الخزعبلات ما ذكره الكليني في كتاب الكافي: "أن الأئمة يعلمون متى يموتون، وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم.
ومن حجج علمائهم ما قاله الإمام الصادق لهشام: (إنا نحن نتوارثُ الكمالِ والتمام، اللَّذَين أنزلهما الله على نبيه في قوله: (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا )) [المائدة : 3]، والأرض لا تخلو مِمَّن يكمل هذه الأمور التي يقصر عنها غيرنا )، فلما سمع ذلك هشام انقلبت عينه اليمنى فاحْوَلَّت، واحمرَّ وجهه، وكان ذلك علامةُ غضبه إذا غضب، ثم أطرق هنيئة، ثم رفع رأسه فقال للإمام: ألسنا بنو عبد مناف نسبنا ونسبكم واحد؟ فقال الإمام: ( نحن كذلك، ولكن الله جلَّ ثناؤه اختصَّنا من مَكنون سِرِّه، وخالص عِلمه، بما لم يختص أحداً به غيرنا ).
فقال: أليس الله جلَّ ثناؤه بعث محمداً من شجرة عبد مناف إلى الناس كافَّة، أبيضها وأسودها وأحمرها، من أين ورثتم ما ليس لغيركم، ورسول الله مبعوث إلى الناس كافة؟ وذلك قول الله تبارك وتعالى: (( وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)) [آل عمران:180]، [الحديد:10]، فمن أين ورثتم هذا العلم وليس بعد محمد نبي، ولا أنتم أنبياء؟
فقال الإمام: من قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله: (( لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ )) [القيامة : 16]. فالذي أبداه فهو للناس كافة، والذي لم يحرك به لسانه، أمر الله تعالى أن يخصَّنا به من دون غيرنا، فلذلك كان صلى الله عليه وآله يناجي أخاه عليا من دون أصحابه، وأنزل الله بذلك قرآناً في قوله تعالى: (( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ )) [الحاقة : 12].
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لأصحابه: {سألت الله تعالى أن يجعلها أذنك يا علي}.
ويحتجون بما أخبر به الإمام الرضا، ابن هذَّاب بما يجري عليه في المستقبل، حيث قال له: (إنْ أخبرتُك أنك سَتُبلى في هذه الأيام بذي رحم لك، كنتَ مُصدِّقاً لي؟ قال: لا، فإن الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى، قال الرضا: أوَ ليس الله يقول: ((عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ .. )) [الجن : 26 – 27]. فرسول الله صلى الله عليه وآله عند الله مرتضى، ونحن ورثة ذلك الرسول الذي أطلعه الله على ما يشاء من غيبه، فعلمنا ما كان، وما يكون، إلى يوم القيامة، وإن الذي أخبرتُك يا ابن هذاب لكائنٌ إلى خمسة أيام، فإن لم يَصحُّ ما قلتُ فبهذه المدة، وإلا فإني كذَّاب مُفتَرٍ، وإن صَحَّ فَتعلَمُ أنَّك الرَّادُّ على اله، وعلى رسوله، ولك دلالة أخرى، فَتُصاب بِبَصرك وتصير مكفوفا ، فلا تبصر سهلاً ولا جبلاً، وهذا كائن بعد أيام، ولك عندي دلالة أخرى، إنَّك ستحلِفُ يميناً كاذبة فَتُضرَب بأبرص.
قال محمد بن الفضل: بالله لقد نزل ذلك كله بابن هذاب. (الخرايج والجرايح للراوندي 306 الباب التاسع) .
ويحتجون أيضًا بما جاء في خطبة للإمام عليّ يذكر فيها صفات الإمام، جاء فيها: (ويلبسُ الهيبة، وعلم الضمير، ويطَّلع على الغيب، ويعطي التصرُّف على الإطلاق) انظر مشارق أنوار اليقين : 115 .
والاستشهادات السابقة كلها جاءت على لسان علماء القوم وفي أوثق كتبهم، وبات واضحًا أنهم يجهلون أن علم الغيب هو من اختصاص الله سبحانه، ولا طريق لمعرفته والاطلاع عليه إلا عن طريقه سبحانه.
وتغافل القوم عن أنه لترسيخ هذا المعنى في نفوس المسلمين أبطل الإسلام كل طريق يدعي البشر أنهم يعلمون الغيب من خلاله، فأبطل الطيرة، وهي: محاولة استكشاف الغيب عن طريق تهييج الطير من أعشاشها، فإن ذهبت يميناً ظن المتشائم أن في سفره خيراً فيمضي فيه، وإن ذهبت يساراً ظن أن في سفرا شراً فيرجع عنه.
وأبطل الإسلام الكهانة وهي: ادعاء علم الغيب عن طريق الشياطين، وأبطل الإسلام أيضًا التنجيم، وهو: الاستدلال بأحوال الكواكب في اجتماعها وافتراقها على أحوال الخلق والأرض من جفاف وخصب ومطر وموت وحياة، ومن التنجيم الباطل ما يسمى بعلم "الأبراج" والاستدلال به على مستقبل الإنسان وما سيحصل له من خير أو شر أو نجاح أو فشل، رغم ولع الناس بهذا اللون من التنجيم.
ونص العلماء على حرمة ما يفعله الجهلة من قراءة الكف والفنجان، لمعرفة الغيب واستكشاف المستقبل، وبينوا أن ذلك كله من طرق الشيطان لإضلال بني آدم، ومن أبواب الخرافة التي يجب على الإنسان أن ينزه عقله عن النزول إلى دركاتها، وأن يعلم أن الغيب باب مقفول لا يمكن أن يفتح إلا بإذن الله، كوحي من عنده، أو رؤيا صادقة، أو كرامة يمن الله بها على عبد من عباده، يكشف له بها حجب الغيب، وكل ذلك من عنده سبحانه لا تدخل للعبد في حصول شيء منه ، وما عداه مما يخترعه البشر فهو باطل وضلال.