منتديات الإسلام والسنة  

العودة   منتديات الإسلام والسنة > المنتديات الشرعية > منتدى الفقه وأصوله


إنشاء موضوع جديد إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )  أعطي طالب العلم مخالفة
طالب العلم غير متواجد حالياً
 
طالب العلم
مشرف الأدآب الشرعية

الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
 
رقم العضوية : 268
تاريخ التسجيل : Oct 2011
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 2,870 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10

افتراضي التَّوْضِيحُ الأبْهَر لِحُرْمَةِ نِكَاحِ الزَّوْجَةِ فِي الدُّبُر

كُتب : [ 08-19-2015 - 11:49 AM ]

التَّوْضِيحُ الأبْهَر لِحُرْمَةِ نِكَاحِ الزَّوْجَةِ فِي الدُّبُر
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
أمّا بعد :
فإنَّ وَطْءَ الْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا حَرَامٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى ذَلِكَ عَامَّةُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ ؛ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ .
يقول الله في كتابه العزيز : { فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ } [البقرة:187] ؛ و المراد بــ { ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ } ؛ هو : الولد ؛ ومعلوم أنّ ابتغاء الولد إنما هو بالجماع في القبل ؛ فالقبل إذن هو المأمور بالمباشرة فيه ؛ بمعنى : الجماع ، فيكون معنى الآية ؛ فالآن باشروهن ولتكن تلك المباشرة في محل ابتغاء الولد الذي هو القبل دون غيره ، بدليل قوله: { وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ } ؛ يعني الولد .
وقال تعالى : { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } [البقرة:223].
و {الْحَرْثُ} ؛ هو مَوْضِعُ الزَّرْعِ ؛ وَالْوَلَدُ إنَّمَا يُزْرَعُ فِي الْفَرْجِ لَا فِي الدُّبُرِ .
وقوله : { فَأْتُوا } ؛ أمر بالإتيان ، بمعنى : الجماع .
وقوله : { حَرْثَكُمْ } ؛ يُبَيِّنُ أنَّ الإتيان المأمور به ؛ إنما هو في محل الحرث ؛ يعني : بذر الولد بالنطفة ، وذلك هو القبل دون الدبر ، كما لا يخفى ؛ لأن الدبر ليس مَحَلَّ بَذرٍ للأولاد .
وقوله : { أَنَّى شِئْتُمْ } ؛ يعني : أن يكون الإتيان في مَحَلِّ الحَرث ، على أي حَالة شَاءَ الرجل ؛ سَوَاءٌ كانت المرأة مُقبلة ، أو مُدبرة ، أو مُسْتلقية ، أو بَارِكة ، أو على جَنْبٍ ، أو غير ذلك ؛ غير أنه لا يكون إلا في القبل ، لكونه موضع الحرث ، وهو الموضع الذي يكون منه الولد .
وفي الآية دليل على تحريم الوطء في الدُّبُر ، لأنّ الله لم يُبِح إتيان المرأة إلا في الموضع الذي منه الحرث ، وقد تكاثرت الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تحريم ذلك ، ولعن فاعله (1) ؛ فمن ذلك قوله – صلى الله عليه وسلم : استحيُوا , فإن الله لا يستحي من الحق ، لا تأتوا النساء في أدبارهن (2).
وقال - عليه الصلاة والسلام : مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا (3).
فالحديث يدلُّ على تحريم وطء النساء في أدبارهن ، وعلى أنه من الكبائر ؛ لأنه جاء اللعن عليه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم (4).
وقال - عليه الصلاة والسلام : لا يَنظُر اللهُ إلى رَجُلٍ يأتي امْرَأَتُهُ في دُبُرِهَا (5) .
وقال - صلى الله عليه وسلم - في الرجل الذي يأتي امرأته في دبرها ؛ هي : اللوطية الصغرى (6).
واتفق العلماء الذين يعتد بهم على تحريم وطء المرأة في دبرها حائضا كانت أو طاهرا ؛ فقد أجمع الأئمة الأربع على تحريم وطء الدبر ؛ ولم يَصِحّ عن أحد من السلف جوازه ؛ وما روي عن بعضهم مما ظاهره الجواز ، فمراده إتيانها من الدبر في الفرج (7).
فلا يجوز للمرأة طاعة زوجها في معصية الله ، كالوطء في الدبر ؛ أو الفرج حال الحيض ، لقول النبي – صلى الله عليه وسلم - لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (8) ولقوله - عليه الصلاة والسلام : إنما الطاعة في المعروف (9) .
ومما يؤيد أنه لا يجوز إتيان النساء في أدبارهن ؛ أنّ الله تعالى حرم الفرج في الحيض لأجل القذر العارض له ، مُبَيِّنًا أنَّ ذلك القذر هو علة المنع بقوله : { قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ } [البقرة:222] ؛ فمن باب أولى تحريم الدبر ؛ للقذر والنجاسة اللازمة ، ولا ينتقض ذلك بجواز وطء المستحاضة ؛ لأن دم الإستحاضة ليس في الاستقذار كدم الحيض ، ولا كنجاسة الدبر ؛ لأنه دم انفجار العرق ، فهو كدم الجرح (10).
يقول الإمام ابن القيم – رحمه الله : فإذا كان الله حرَّم الوطءَ في الفرج لأجل الأذى العارض (وهو الحيض )، فما الظنُّ بالحشِّ (الدُّبُرُ) الذي هو محل الأذى اللازم مع زيادة المفسدة بالتعرض لانقطاع النسل والذريعة القريبة جداً من أدبار النساء إلى أدبار الصبيان .
وأيضاً : فللمرأة حق على الزوج في الوطء ، ووطؤها في دُبرها يفوِّتُ حقها ، ولا يقضي وطَرَها ، ولا يُحَصِّل مقصودها .
وأيضاً : فإن الدبر لم يتهيأ لهذا العمل ، ولم يخلق له ، وإنما الذي هيئ له الفرج ، فالعادلون عنه إلى الدُّبُر خارجون عن حكمة الله وشرعه جميعاً .
وأيضاً : فإن ذلك مضر بالرجل ، ولهذا ينهى عنه عقلاءُ الأطباء منِ الفلاسفة وغيرهم ، لأن للفرج خاصية في اجتذاب الماء المحتقن وراحة الرجل منه والوطءُ في الدُّبُر لا يُعين على اجتذاب جميع الماء ، ولا يخرج كلَّ المحتقن لمخالفته للأمر الطبيعي .
وأيضاً : يضر من وجه آخَر ، وهو إحواجُه إلى حركات متعبةٍ جداً لمخالفته للطبيعة .
وأيضاً : فإنه محل القذر والنَّجْوِ ، فيستقبلُه الرَّجل بوجهه ، ويُلابسه .
وأيضاً : فإنه يضرُّ بالمرأة جداً ، لأنه واردٌ غريب بعيدٌ عن الطباع ، مُنافر لها غايةَ المنافرة .
وأيضاً : فإنه يُحدثُ الهمَّ والغم ، والنفرةَ عن الفاعل والمفعول .
وأيضاً : فإنه يُسَوِّدُ الوجه ، ويُظلم الصدر ، ويَطمِسُ نور القلب ، ويكسو الوجه وحشةً تصير عليه كالسِّيماء يعرِفُها مَن له أدنى فراسة .
وأيضاً : فإنه يُوجب النُّفرة والتباغض الشديد ، والتقاطع بين الفاعل والمفعول ، ولا بُدَّ .
وأيضاً : فإنه يُفسد حال الفاعل والمفعول فساداً لا يكادُ يُرجَى بعده صلاح ، إلا أن يشاءَ الله بالتوبة النصوح .
وأيضاً : فإنه يَذهبُ بالمحاسن منهما ، ويكسوهما ضِدَّها . كما يذهب بالمَوَدَّة بينهما ، ويُبدلهما بها تباغضاً وتلاعُناً .
وأيضاً : فإنه من أكبر أسباب زوال النِعَم ، وحُلول النِقَم ، فإنه يوجب اللَّعنةَ والمقتَ من الله ، وإعراضه عن فاعله ، وعدم نظره إليه ، فأيُّ خير يرجوه بعد هذا ، وأيُّ شر يأمنُه ، وكيف حياة عبد قد حلَّتْ عليه لعنة الله ومقته ، وأعرض عنه بوجهه ، ولم ينظر إليه.
وأيضاً : فإنه يذهب بالحياءِ جملةً ، والحياءُ هو حياة القلوب ، فإذا فقدها القلبُ ، استحسَن القبيح ، واستقبحَ الحسن ، وحينئذٍ فقد استَحكَم فسادُه .
وأيضاً : فإنهُ يُحيل الطباعَ عما رَكَّبَها الله ، ويُخرج الإنسانَ عن طبعه إلى طبع لم يُركِّبِ الله عليه شيئاً من الحيوان ، بل هو طبع منكوس ، وإذا نُكِسَ الطبعُ انتكس القلب ، والعمل ، والهدي ، فيستطيبُ حينئذٍ الخبيث من الأعمال والهيئات ، ويفسد حاله وعملُه وكلامه بغير اختياره .
وأيضاً : فإنه يُورِث مِنَ الوقاحة والجُرأة ما لا يُورثه سواه .
وأيضاً : فإنه يُورث مِنَ المهانة والسِّفال والحقَارة ما لا يورثه غيره .
وأيضاً : فإنه يكسو العبدَ مِن حُلَّة المقت والبغضاء ، وازدراءِ الناس له ، واحتقارِهم إيَّاه ، واستصغارِهم له ما هو مشاهَدٌ بالحسِّ ، فصلاة الله وسلامه على مَن سعادةُ الدنيا والآخرة في هَدْيِه وإتباعِ ما جاء به ، وهلاك الدنيا والآخرة في مخالفة هَدْيِه وما جاء به (11). انتهى .
فالواجب على من فعل ذلك أن يُبَادِرَ بالتوبة النصوح ، وهي الإقلاع عن الذنب ، وتركه تعظيما لله ، وحذرا من عقابه ، والندم على ما قد وقع فيه من ذلك ، والعزيمة الصادقة على ألا يعود إلى ذلك ، مع الاجتهاد في الأعمال الصالحة ، ومن تاب توبة صادقة تاب الله عليه وغفر ذنبه ؛ كما قال تعالى : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } [طه:72] .
إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ
والله تعالى أعلم ؛ وهو الهادي للصواب ، وإليه المرجع والمآب
والحمد لله رب العالمين
كتبه الحسين سلامة الربيعي
3/11/1436هــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
(1) انظر : ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (8/351) ، و ((أضواء البيان)) للشنقيطي (1/94) ، و((تيسير الكريم الرحمن)) لابن سعدي (100).
(2) رواه ابن ماجه (1924) ، والنسائي في ((الكبرى)) (8982) ، و البزار في ((البحر الزخار)) (339) ، والخرائطي في ((مساوئ الأخلاق)) ، (467) ، وأبو يعلى في ((المسند الكبير)) (779) ، وصححه الألباني في ((الصحيحة)) (3377) .
(3) رواه أحمد (9733) ، و أبو داوود (2164) ، وأبو عوانة (4292) ، وحسنه الألباني في ((صحيح وضعيف أبي داوود)) (2162) .
(4) انظر : ((شرح سنن أبي داوود)) لعبد المحسن العباد .
(5) قال الألباني في ((الصحيحة)) : حسَّنه الترمذي ، وقواه ابن الجارود (729) ، وصححه ابن حبان (1302) ، ومن قبله الإمام إسحاق بن راهويه في ((مسائل المروزي )) (ص 221) ، وابن حزم أيضاً (10/70)، وابن دقيق العيد في ((الإلمام )) (1127).
(6) رواه أحمد (6706) ، والنسائي في ((الكبرى)) ( 9000) ، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) ( 4997) ، والطيالسي (2380) ، والطبراني في ((الأوسط)) ( 5334) ، وحسنه الألباني في ((صحيح الترغيب والترهيب)) (2425) ، و ((غاية المرام)) (234) .
(7) انظر : ((شرح صحيح مسلم)) للنووي (10/6) ، و ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (8/351) ، و ((تفسير سورة البقرة)) لمحمد ابن صالح العثيمين .
(8) رواه أحمد واللفظ له برقم (1095) ، والبخاري (6830) ، ومسلم (1840) ، والنسائي في سننه (4205) ، وغيرهم .
(9) رواه البخاري برقم (6726) ، و مسلم (4872) .
(10) انظر : ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (8/351) ، و ((أضواء البيان)) للشنقيطي (1/94) .
(11) انظر : ((زاد المعاد في هدي خير العباد)) لابن القيم (4/257) .
 



توقيع : طالب العلم
قال ابن القيم -رحمه الله-:
( من أشد عقوبات المعاصي أن ينزع الله من قلبك استقباحها )
رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:57 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML