قال الشيخ محمد سعيد رسلان حفظه الله في شريط صفة الحمد :
لا يمكن أن تقام شريعة الله إلا على يدي جيل تحقق بالشريعة في نفسه ؛ فإن البذور
لا تستنبت في الهواء؛ ومن أراد أن يستنبت البذور في الهواء فقد ضل سعيه وخاب
مسعاه وخسر خسرانا مبينا ؛ كذلك الذين يريدون أن يجعلوا الشريعة معلقة في
الهواء مستنبتة ، تؤتي أكلها كل حين لا بإذن ربها وإنما على حسب أهوائهم .
وأبى الله رب العالمين أن يعطي هذا الدين عطاءه إلا لمن تحقق به ؛ فلن يعرف
الإسلام إلا من عاش الإسلام ومن عاش بالإسلام عاش للإسلام ، ومن عاش للإسلام
كان نفعه محققا؛ فنفعه الله في نفسه ونفع الله به العالم.
والجيل الأول ضرب المثال الذي لا يتكرر؛ فإن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله
وسلم ربوا على الإسلام العظيم، وحققوا النصوص تحقيقا عمليا مطبقا في دنيا الله
جل وعلا ؛ فمالت إليهم القلوب وصغت إليهم الأفئدة .
واعلم أن كل ما أوتيت من علم فليس مقصودا لذاته وإنما تقصد نتيجته وثمرته ؛
فمهما أوتيت من علم لم يثمر فيك ثمرة ؛ من خشية لله رب العالمين ظاهرة وباطنة ،
ومن اتباع للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا ؛ فاعلم أن ما أوتيت من
علم فإنما هو عليك لا لك .
ومهما أوتيت من طرف من علم فحوله إلى عمل ؛ عشه وتحقق به واعمل به و ادع
إليه واثبت عليه.
والله يتولاك ويرعاك وهو حسبي وحسبك وهو حسبنا ونعم الوكيل وصلى الله على
نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .