.....أما ما جاء في ذكر قراءة التوراة وذكر الحديثين فيه: حديث عبد الله بن ثابت الأنصاري وحديث أبي هريرة فإن فيها النهي عن قراءة التوراة والإنجيل لأننا أُعطينا القرآن والوصية بالقرآن ولا يجوز لأحد ولا يحل له أن ينظر في التوراة والإنجيل نظراً للقراءة، لكن أباح العلماء للعلماء أن ينظروا فيها للرد على اليهود والنصارى ولإقامة الحجة عليهم أخذاً من إقرار النبي عليه الصلاة والسلام طلب عبد الله بن سلاّم في أن يؤتى بالتوراة لمعرفة حد الزاني فوضعوا يدهم على آية الرجم، والله جل وعلا يقول: ( قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)(آل عمران: من الآية93)، فهذا في مواضع الرد عليهم لا لمجرد القراءة إعمالاً للدليل فيما جاء فيه.
أيضاً مما له حكم التوراة والإنجيل كل ما فيه إضلال عن هدي النبي عليه الصلاة والسلام وسنته من الكتب المضلة ككتب السحر والكهانة وضرب الرمل وكتب الضلال المختلفة في ذكر النجوم والأفلاك وتأثيراتها أو كتب الصابئة أو كتب الوثنيين في الاطلاع عليها، هذه لا شك أنها كلها من الدين الباطل أصلاً ، والتوراة والإنجيل فيها تحريف، تحريف ألفاظ وزيادات وفيها حذف إلى آخره، ففيها حق كثير ولذلك نؤمن بأصل التوراة والإنجيل الموجودة هذه التي أنزلها الله جل وعلا نؤمن بها ولا نكذب بشيء مما أنزل ربنا لكن هذه لما جاء فيها التحريف وصارت الرسالة من النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الأمة لم يجز النظر فيها كيف يجوز النظر في كتب الوثنيين وكتب أهل السحر والشعوذة ونحو ذلك، ولهذا ضل قوم زعموا أن تعلُّم الأوقاط جائز وأن النظر في هذه وتعلمها للردع أنه لا بأس ونحو ذلك، لا شك أن هذا من أبطل الباطل فلا يجوز لأحد أن يقرَّ ذلك ولا أن ينظر فيه هو إلا لعالم يريد الردِّ أو عالم يريد إيضاح الشريعة عالم مأمون على ذلك يريد الرد فإن هذا يجوز بشرطه دون غيره
هل يقاس على التوراة استماع للإذاعات التي تتحدَّث عن دين النصارى وعقائدهم؟ طبعاً، لا شك بل تلك أخطر لأن فيها دعاية وفيها أسلوب قد يكون مؤثراً فالاستماع لهم في بعض الإذاعات التي تنشر دينهم لا شك أن هذا أعظم في التأثير في قراءة التوراة مجردة لأن هذه يصبغونها بدعاية وبألفاظ جميلة وربما بأصوات حسنة تغري السامع ، فالمسلم يجب عليه أن يحافظ على دينه .
وسألت مرّة بعض الصالحين من أهل العلم – وأهل العلم إن شاء الله جميعاً فيهم صلاح – قلت له وهو موجود حي – الله يثبتنا وإياه وينفعنا وإياه – قلت له: كيف الحال عسى الأمور مطمئنة وزينة ، قال : الواحد ما يرتاح إلى أن يموت. وهذه كلمة ليست سهلة، وفعلاً والمؤمن لا يرتاح حتى يموت لأنه يطمئن، ولأن الحياة تقلُّب فالرجل يصبح مؤمناً قد يمسي غير ذلك فالواحد لا يرتاح ولا يطمئن إلا إذا جاءه الأجل وهو ثابت، هذا الاطمئنان هذا القلب الحي والقلب عرضة للتقلب والتنقل واليوم المغريات كثيرة والشهوات والشبهات أكثر الآن ن والشهوات تأثيرها وقتي يروح ويجيء لكن الآن الشبهات كثيرة شبهات في أصل دين الإسلام وشبهات من المسلمين فيما بينهم على التمسك بالهدى الصحيح وطريقة الفرقة الناجية وأمور كثيرة ، فالواحد فعلاً لا يطمئن حتى يلقى الله جل وعلا وهو ثابت وعسى الرب جل جلاله أن يكرمنا وإياكم بعفوه ومنته ورحمته فنحن ضعفاء لفضله ولو وُكلنا أو إلى علمنا أو إلى ما قدمنا سنهلِك، لكن ما ثّمَّ إلا عفو الله جل وعلا، اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة إنك سميع قريب.
من شرح أصول الإيمان للعلامة صالح آل الشيخ حفظه الله ورعاه.