بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
ذكر الأمام الألباني رحمه الله تعالى الكثير من البدع في كتابة مناسك الحج والعمرة وقال :
وقد رأيت أن ألحق بالكتاب ذيلا أسرد فيه بدع الحج وزيارة المدينة المنورة وبيت المقدس ( 1 ) لأن كثيرا من الناس لا يعرفونها فيقعون فيها فأحببت أن أزيدهم نصحا ببيانها والتحذير منها ذلك لأن العمل لا يقبله الله تبارك وتعالى إلا إذا توفر
فيه شرطان اثنان :
الأول : أن يكون خالصا لوجهه عز وجل .
والآخر : أن يكون صالحا ولا يكون صالحا إلا إذا كان موافقا للسنة غير مخالف لها ومن المقرر عند ذوي التحقيق من أهل العلم أن كل عبادة مزعومة لم يشرعها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله ولم يتقرب هو بها إلى الله بفعله فهي مخالفة لسنته لأن السنة على قسمين :
سنة فعلية وسنة تركية فما تركه صلى الله عليه وسلم من تلك العبادات فمن السنة تركها ألا ترى مثلا أن الأذان للعيدين ولدفن الميت مع كونه ذكرا وتعظيما لله عز وجل لم يجز التقرب به إلى الله عز وجل وما ذلك إلا لكونه سنة تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد فهم هذا المعنى أصحابه صلى الله عليه وسلم فكثر عنهم التحذير من البدع تحذيرا عاما كما هو
مذكور في موضعه حتى قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : ( كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تعبدوها ) .
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : ( اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم عليكم بالأمر العتيق ) .
فهنيئا لمن وفقه الله للإخلاص له في عبادته واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولم يخالطها ببدعة إذا فليبشر بتقبل الله عز وجل لطاعته وإدخاله إياه في جنته . جعلنا الله من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه .
واعلم أن مرجع البدع المشار إليها إلى أمور :
الأول : أحاديث ضعيفة لا يجوز الاحتجاج بها ولا نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومثل هذا لا يجوز العمل به عندنا على ما بينته في مقدمة ( صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ) وهو مذهب جماعة من أهل العلم كابن تيمية وغيره .
الثاني : أحاديث موضوعة أو لا أصل لها خفي أمرها على بعض الفقهاء فبنوا عليها أحكاما هي من صميم البدع ومحدثات الأمور .
الثالث : اجتهادات واستحسانات صدرت من بعض الفقهاء خاصة المتأخرين منهم لم يدعموها بأي دليل شرعي بل ساقوها مساق المسلمات من الأمور حتى صارت سننا تتبع ولا يخفى على المتبصر في دينه أن ذلك مما لا يسوغ اتباعه إذ لا شرع إلا ما شرعه الله تعالى وحسب المستحسن إن كان مجتهدا أن يجوز له هو العمل بما استحسنه وأن لا يؤاخذه الله به أما أن يتخذ الناس
ذلك شريعة وسنة فلا ثم لا . فكيف وبعضها مخالف للسنة العملية كما سيأتي التنبيه عليه إن شاء الله تعالى ؟
الرابع : عادات وخرافات لا يدل عليها الشرع ولا يشهد لها عقل وإن عمل بها بعض الجهال واتخذوها شرعة لهم ولم يعدموا من يؤيدهم ولو قي بعض ذلك ممن يدعي أنه من أهل العلم ويتزيا بزيهم .
ثم ليعلم أن هذه البدع ليست خطوتها في نسبة واحدة بل هي على درجات فبعضها شرك وكفر صريح كما سترى وبعضها دون ذلك ولكن يجب أن يعلم أن أصغر بدعة يأتي الرجل بها في الدين هي محرمة بعد تبين كونها بدعة فليس في البدع كما يتوهم بعضهم ما وهو في رتبة المكروه فقط كيف ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) أي صاحبها .
وقد حقق هذا أتم تحقيق الإمام الشاطبي رحمه الله في كتابه العظيم ( الاعتصام ) ولذلك فأمر البدعة خطير جدا لا يزال أكثر الناس في غفلة عنه ولا يعرف ذلك إلا طائفة من أهل العلم وحسبك دليلا على خطورة البدعة قوله صلى الله عليه وسلم :
( إن الله احتجر التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته ) . رواه الطبراني والضياء المقدسي في ( الأحاديث المختارة ) وغيرهما بسند صحيح وحسنه المنذري ( 2 ) .
وأختم هذه الكلمة بنصيحة أقدمها إلى القراء من إمام كبير من علماء المسلمين الأولين وهو الشيخ حسن بن علي البربهاري
من أصحاب الإمام أحمد رحمه الله المتوفى سنة ( 329 ) قال رحمه الله تعالى : ( واحذر من صغار المحدثات فإن صغار البدع تعود حتى تصير كبارا وكذلك كل بدعة أحدثت في هذه الأمة كان أولها صغيرا يشبه الحق فاغتر بذلك من دخل فيها ثم لم يستطيع المخرج منها فعظمت وصارت دينا يدان به فانظر رحمك الله كل من سمعت كلامه من أهل زمانك خاصة فلا تعجلن ولا تدخل في شيء منه حتى تسأل وتنظر : هل تكلم فيه أحد من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم أو أحد من العلماء ؟ فإن أصبت أثرا عنهم فتمسك به ولا تجاوزه لشيء ولا تختر عليه شيء فتسقط في النار .
واعلم رحمك الله أنه لا يتم إسلام عبد حتى يكون متبعا ونصدقا مسلما فمن زعم أنه قد بقي شيء من أمر الإسلام لم يكفوناه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كذبهم وكفى بهذا فرقة وطعنا عليهم فهو مبتدع ضال مضل محدث في الإسلام ما ليس فيه ) .
قلت : ورحم الله الإمام مالك حيث قال : ( لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا ) .
وصلى الله على نبينا القائل :
( ما تركت شيئا يقربكم إلى الله إلا وقد أمرتكم به وما تركت شيئا يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا وقد نهيتكم عنه ) .
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
بدع ما قبل الإحرام :
1 الإمساك عن السفر في شهر صفر وترك ابتداء الأعمال فيه من النكاح والبناء وغيره .
2 ترك السفر في محاق الشهر وإذا كان القمر في العقرب .
3 ترك تنظيف البيت وكنسه عقب السفر المسافر .
4 صلاة ركعتين حين الخروج إلى الحج يقرأ في الأولى بعد الفاتحة و{ قل يا أيها الكافرون } وفي الثانية ( الإخلاص ) فإذا فرغ قال : ( اللهم بك انتشرت وإليك توجهت . . . . ) ويقرأ آية الكرسي وسورة الإخلاص ةالمعوذتين وغير ذلك مما جاء في بعض الكتب الفقهية .
5 صلاة أربع ركعات .
6 قراءة المريد للحج إذا خرج من منزله آخر سورة ( آل عمران ) وآية الكرسي و{ أنا أنزلناه } و( أم الكتاب ) بزعم أن فيها قضاء حوائج الدنيا والآخرة .
7 الجهر بالذكر والتكبير عند تشييع الحجاج وقدومهم .
8 الأذان عند توديعهم .
9 المحمل والاحتفال بكسوة الكعبة ( 3 ) .
10 توديع الحجاج من قبل بعض الدول بالموسيقى .
11 السفر وحده أنسا بالله تعالى كما يزعم بعض الصوفية .
12 السفر من غير زاد لتصحيح دعوى التوكل .
13 ( السفر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين ) .
14 ( عقد الرجل على المرأة المتزوجة إذا عزمت على الحج وليس معها محرم يعقد عليها ليكون معها كمحرم ) ( 4 ) .
15 مؤاخاة المرأة للرجل الأجنبي ليصير بزعمهما محرما لها ثم تعامله كما تعامل محارمها .
16 سفر المرأة مع عصبة من النساء الثقات بزعمهن بدون محرم ومثله أن يكون مع إحداهن محرم فيزعمن أنه محرم عليهن جميعا .
17 أخذ المكس ( 5 ) من الحجاج القاصدين لأداء فريضة الحج .
18 صلاة المسافر ركعتين كلما نزل منزلا وقوله : اللهم أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين .
19 قراءة المسافر في كل منزل ينزله سورة الإخلاص إحدى عشرة مرة وآية الكرسي مرة وآية { وما قدروا الله حق قدره } مرة .
20 الأكل من فحا ( يعني البصل ) كل أرض يأتيها المسافر .
21 ( قصد بقعة يرجو الخير بقصدها ولم تستحب الشريعة ذلك مثل المواضع التي يقال : إن فيها أثر النبي صلى الله عليه وسلم كما يقال في صخرة بيت المقدس ومسجد القدم قبلي دمشق وكذلك مشاهد الأنبياء والصالحين ) ( 6 ) .
22 ( شهر السلاح عند قدوم تبوك ) .
يتبع