قال المدائني: خرج فتيانٌ في صيدٍ لهم فأثاروا ضبعةً فنفرت ومرَّت، فاتَّبعوها، فلجأت إلى بيت رجلٍ، فخرج إليهم بالسيف مسلولاً، فقالوا له: يا عبد الله، لِمَ تمنعنا من صيدنا؟ فقال: إنه استجارت بي، فخلَّوْا بينها وبينه، فنظر إليها فإذا هي مهزولةٌ مضرورةٌ، فجعل يسقيها اللبن صبوحًا ومقيلاً وغبوقًا، حتى سمنت وحسنت حالها، فبينما هو ذات يوم متجرِّدٌ عدت عليه فشقَّت بطنه وشربت دمه، فقال ابن عمٍّ له:
وَمَنْ يَصْنَعِ المَعْرُوفَ فِي غَيْرِ أَهْلِهِ * يُلاَقِي الَّذِي لاَقَى مُجِيرُ امِّ عَامِرِ
أَعَدَّ لَهَا لَمَّا اسْتَجَارَتْ بِقُرْبِهِ * مَعَ الأَمْنِ أَلْبَانَ اللِّقَاحِ الـدَّرَائِرِ
فَأَشْبَعَهَا حَتَّى إِذَا مَا تَمَكَّنَتْ * فَرَتْهُ بِأَنْيَابٍ لَهَا وَأَظَافِرِ
فَقُلْ لِذَوِي المَعْرُوفِ هَذَا جَزَاءُ مَنْ * يُوَجِّهُ مَعْرُوفًا إِلَى غَيْرِ شَاكِرِ
[«شرح مقامات الحريري» (2/212)]