فضيلة الشيخ محمد صالح العثيمين
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب هدى للمتقين ورحمة للمؤمنين وبشرى للمسلمين وموعظة للمعتبرين القانتين ومنهجاً سليماً للسالكين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين وولي المتقين المؤمنين وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث إلى الناس أجمعين الذي شرع الله على يديه لعبادة أفضل شريعة في العالمين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلما تسليما
أما بعد
أيها الناس فإن بين أيديكم كتاب الله تتلونه صباحاً ومساء في صلواتكم وخلواتكم جميعاً وفرادا هذا الكتاب الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم هو أفضل الكتب نزل على أفضل الرسل أمركم الله عز وجل أن تتدبروه فتعلموا أيها المسلمون هذا الكتاب وتدبروا آياته واتعظوا بمواعظه فإنه لذلك أنزل كما قال الله تعالى: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) إن القرآن الكريم لم ينزل لمجرد التبرك به أو لتلاوته على اللسان دون أن يفهمه القلب ولكنه نزل ليتدبر الناس آياته وليتعظوا بما فيه من المواعظ ولقد كان نبينا وإمامنا وأسوتنا محمد صلى الله عليه وسلم يعظ الناس بهذا القرآن العظيم لأنه لا شئ أشفى لمرض القلوب ولا شئ أقوم للعباد في أمور دينهم وديناهم من هذا القرآن الكريم قال الله عز وجل(إن هذا القرءان يهدي للتي هي أقوم) (ويبشر المؤمنون الذين يعملون الصالحات أن لهم اجراً حسناًماكثين فيه ابدا وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا) وفي صحيح مسلم عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان رضي الله عنها قالت لقد كان تنورنا وتنور رسول الله صلى الله عليه وسلم واحداً سنتين أو سنة و بعض سنة وما أخذت: (ق * وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس وإنما أختار النبي صلى الله عليه وسلم هذه السورة أختارها والله أعلم لما فيها من الموعظة الكبرى التي قال الله عنها(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) ابتدأ الله تعالى هذه السورة بأحد الحروف الهجائية لبيان عظمة القرآن وأعجازه مع أنه من الحروف التي يتركب منها كلام الناس ولهذا لا تجد سورة من القرآن ابتدأت بالحروف الهجائية إلا ويتلو هذه الحروف ذكر القرآن أو ذكر ما لا يدرك إلا بالوحي أو نحو ذلك مما يتعلق بالقرآن ثم إن الله عز وجل أقسم بالقرآن المجيد وأقسام الله بالشيء يدل على أنه من أعظم آياته ثم أنكر الله على أولئك المكذبين بالبعث المستبعدين له وبين أنهم إنما كذبوا بما هو الحق وأنهم في أمر مريج مختلط التبست عليهم الحقائق حين كذبوا بالحق وهكذا أيها المسلمون انتبهوا لما أقول هكذا كل من كذب بالحق أو تقهقر في قبوله فإن الحقائق سوف تلتبس عليه وسيظل حيران هائما قال الله تعالى: (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) فاتقوا الله أيها المسلمون يا عباد الله اتقوا ربكم ولا تترددوا في قبول الحق ولا تتباطئوا عن العمل به فإن ذلك يكون سبباً لالتباس الأمور عليكم ولضلالكم ولعدم تميزكم بين الحق والباطل والصالح والفاسد بل ربما زين للإنسان سوء عمله فرآه حسنا ثم إن الله تعالى بين لهؤلاء المكذبين بالبعث آية مشهودة يشاهدونها في باديتهم وحاضرتهم تدل دلالة صريحة على إمكان البعث وأنه ليس بمستحيل على الله وهو الذي يقول للشيء كن فيكون فقال جل وعلا: (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ) (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) (تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) ففي بناء السماء هذا البناء القوي المحكم وفي تزينها بالنجوم وفي سلامتها من العيوب والفطور وفي مد الأرض وإلقاء الرواسي وهي الجبال الراسية لأن لا تميد الأرض بأهلها وفي تزين الأرض بأصناف النبات ما يكون فيه التبصرة والذكرى لكل عبد ذي إنابة إلى الله وبعد عن الهوى إن هذه الآيات العظيمة في السماوات والأرض لدليل واضح على كمال قدرة الله عز وجل على إعادة الموتى وبعثهم لأن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم ثم ذكر الله عز وجل لقدرته على إحياء الموتى آية مشهودة أخرى أقرب صلة إلى البعث من خلق السماوات والأرض وهو ما يشاهده وهو ما يشاهده الناس في حاضرتهم وباديتهم من أحياء الأرض بعد موتها حين ينزل عليها المطر وهي هامدة خاشعة لا ترى فيها ورقة خضراء فتصبح الأرض مخضرة من كل نبات فقال الله عز وجل: (وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ) (وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ) (رِزْقاً لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ) أيها المسلمون تأملوا هذا فإن القادر على أحياء الأرض بعد موتها قادر على نظير ذلك بالقياس الجلي الواضح كما قال الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أيها المسلمون إن حكمة الله البالغة ورحمته الواسعة لتقتضيان أحياء الموتى للمجازاة على أعمالهم إنه لولا ذلك لكان الخلق عبثاً لا فائدة منه وإنه لولا ذلك لفاتت رحمة الله تعالى في الآخرة حيث لم يكتسب العامل في الآخرة شيئا قال الله تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ) والله لولا البعث لكانت الدنيا كلها عبثا ولكان الناس يعيشون كما تعيش البهائم لا ثواب ولا عقاب ولكن حكمة الله ورحمته الواسعة تقتضيان أن يحي الله الموتى ليجازيهم على أعمالهم ثم ذكر الله تعالى في سورة ق أحوال المكذبين السابقين وما آل إليهم أمرهم تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتحذيراً لمن كذب به فقال: (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ) (وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ) (وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ) فهل نجا أولئك المكذبون لرسلهم من العقوبة كلا بل حق عليهم وعيد الله بالهلاك وهكذا المكذبون لرسول الله صلى الله عليه وسلم سيحق عليهم وعيد الله: (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا) (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ) (أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ) (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) (بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ) ثم ذكر الله عز وجل آية ثالثة ودليلاً قاطعاً على قدرته على أحياء الموتى فقال منكراً على هؤلاء المكذبين فقال: (أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّل) يعني عجزنا عن الخلق أول مرة حتى نعجز عنه ثاني مرة ومن المعلوم أنهم لا ينكرون قدرة الله على الخلق الأول ولكنهم ينكرون قدرة الله على الخلق الثاني لأنهم كانوا في لبث من هذا الخلق حيث لبث عليهم الشيطان قدرة الله عز وجل على إعادة الخلق ( وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ) وإلي هنا ينتهي بنا الحديث هذه الجمعة عن ما في هذه السورة سورة ق من المواعظ العظيمة والذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ونسأل الله أن ييسر لنا جميعاً الاتعاظ بما في هذه السورة وغيرها فتدبروا عباد الله تدبروا كتاب الله واتعظوا بما فيه من المواعظ فإن الله قال في كتابه: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) اللهم أنفعنا بالقرآن الكريم اللهم أنفعنا بالقرآن الكريم اللهم أنفعنا بالقرآن الكريم وأهدنا به الصراط المستقيم واجعله حجة لنا لا علينا يا رب العالمين اللهم أرفع لنا به الدرجات وأنقذنا به من الهلكات وأسكنا به غرف الجنات يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ....
الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره ذلك من أشرك به وكفر وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد البشر الشافع المشفع في المحشر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان ما بدأ الفجر وأنور وسلم تسليماً كثيرا
أما بعد
أيها المسلمون اتقوا الله تعالى وأعلموا أنه ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ولكن الإيمان ما وقر في القلب و صدقته الأعمال فحققوا أيها المؤمنون إيمانكم بالله عز وجل آمنوا بالله إيماناً لا كفر معه أيقنوا كونوا من الموقنين إيقاناً لا شك معه واتقوا الله تعالى في جوارحكم واعصموا أنفسكم بقدر ما تستطيعون من مخالفة أمر ربكم فإن الله تعالى قال في كتابه( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) أيها المؤمنون إنه لمن المؤسف حقا أن تتلى علينا آيات الله عز وجل وأن نتلوها نحن بأنفسنا آيات الله الشرعية ولكن القلوب قاسية قد ران على القلوب ما كسبت فلا نتعظ إلا من شاء الله وكذلك الآيات الكونية نشاهدها فيما حولنا من البؤس من الفقر من الحروب من الخوف ونشاهدها أيضاً في بلادنا من قلة الأمطار التي أصبحت تهدد المياه الجوفاء التي في بطن الأرض واعلموا أيها المسلمون أن الماء الذي في بطن الأرض هو الماء الذي ينزل من السماء كما بين الله ذلك في كتابه حيث ذكر أنه ينزل من الماء فيسلكه ينابيع في الأرض وقال في كتابه: ( فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ) وقال: (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ) (أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ) (لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ) أيها المسلمون يقول الله عز وجل هنا: (لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً) ولم يقل لو نشاء لم ننزله لأن الله إذا أنزله وجعله أجاجاً لا يستساق فإن ذلك أعظم في الحسرة من عدم نزوله ولهذا يجب علينا أن نتذكر هذه النعمة ويجب علينا أن نلجأ إلى الله عز وجل في أن ينزل علينا الغيث ويجب علينا أن نفعل الأسباب التي توجب ذلك من ترك معصية الله فيما بيننا وبينه ومن ترك معصية الله فيما بيننا وبين الخلق وأهم شئ في هذا أن يؤدي الناس زكاة أموالهم من الحبوب والزروع والأموال حتى يخرجوا من ذلك وتبرأ بذلك ذممهم إن كثيراًَ من الناس يبخلون بما أتاهم الله من فضله وقد قال الله لهؤلاء بل قال الله في حق هؤلاء: (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) أخرجوا زكاة أموالكم لا تبخلوا على أنفسكم فإنه من يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم اجتنبوا الغش في المعاملات في البيع والشراء والإجارة اجتنبوا التزوير على الحكومة في إدخال الحبوب بأسماء غيركم من أجل ابتزاز الأموال اجتنبوا كل ما حرم الله عليكم وإني أخاطب بالذات هؤلاء الذين يبيعون الخضار حول هذا المسجد فإن الشكاية كثيرة منهم يقولون إنهم يضعون الرديء في أسفل الإناء ويجعلون الطيب في أعلاه أو ينقصون من الإناء ويبيعونه على أنه كامل وكل هذا حرام عليهم كل هذا والله ينزع البركة من أموالهم كل هذا يلقي الشح في قلوبهم كل هذا ينسيهم ذكر الله كل هذا يخرجهم فيما قال النبي صلى الله عليه وسلم(من غش فليس منا) فهل يرضى الإنسان أن يخرج من النبي صلى الله عليه وسلم أو أن يتبرأ منه النبي صلى الله عليه وسلم لمجرد دريهمات يحوزها من هذا الغش لا يدري أيأكلها أم يموت ويأكلها غيره فاتقوا الله أيها البائعون اتقوا الله في أنفسكم واتقوا الله في إخوانكم بين الطيب على حدة اجعلوا الرديء على حدة حتى يكون المشتري على بينة واضحة أيها المسلمون لقد خرجتم في أثناء الأسبوع لتستسقوا الله عز وجل والله تعالى قد يعطي الشيء لحكمة وقد يمنعه لحكمة فإنه سبحانه وتعالى أعلم بمصالح خلقه وأرحم بهم من أنفسهم وأحكم فيما يحكم به عليهم وعلينا أن لا نيأس علينا أن نكرر الدعاء فإن الله يحب الملحين في الدعاء وكلما دعاء الإنسان ربه فإنه يزداد قرباً منه ويزداد طاعة وعبادة ويزداد إيمانا فإن حصل له ما دعا به وإلا فإن الله يدخر له ما هو أفضل أو يدفع عنه من السوء ما هو أشد اللهم إنا نسألك أن تسقينا الغيث والرحمة ولا تجعلنا من القانتين اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا غيثاً مغيثا هنيئا مريئا غدقاً مجللا عاماً نافعاً غير ضار يا رب العالمين اللهم أغث قلوبنا بالعلم والإيمان اللهم أغث قلوبنا بالعلم والإيمان اللهم أغث قلوبنا بالعلم والإيمان اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا اللهم تقبل منا يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم أيها المسلمون إنه من المشروع إذا استسقى الإمام في خطبة الجمعة أن يرفع يديه ويرفع الناس أيديهم كما فعل الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم حين دخل رجلاً والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة فقال يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فأدعو الله يغيثنا فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا وكان أغلب دعائه صلى الله عليه وسلم إذا دعا أن يدعوا ثلاثاً قال أنس بن مالك رضي الله عنه الذي روى الحديث قال وما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة أي ليس فيه غيم واسع كثير ولا قزعة إي ليس فيه قطع من غيم وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار وسلع جبيل في المدينة تخرج من نحوه السحاب قال فخرجت من ورائه سحابة مثل الترس فارتفعت فلما توسطت السماء انتشرت ورعدت وبرقت ثم نزل المطر فما نزل النبي صلى الله عليه وسلم من منبره إلا والمطر يتحادر من لحيته وبقي المطر ينزل سبتاً إي أسبوعاً كاملاً فلما كانت الجمعة الثانية أتي الرجل الأول فقال يا رسول الله غرق المال وتهدم البناء فأدعو الله يمسكها عنا طلب الرجل من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله أن يمسك المطر ولكن النبي صلى الله عليه وسلم دعا أن يجعل الله المطر حواليهم ولا عليهم فقال حوالينا وعلينا وجعل يشير إلى نواحي السماء فما يشير إلى ناحية إلا انفرجت بإذن الله فخرج الناس يمشون في الشمس وبقي قناة وهو وادي في المدينة معروف بهذا الاسم حتى الآن بقي يمشي شهراً كاملا والله على كل شئ قدير فاحسنوا أيها المسلمون الظن بالله عز وجل وأملوه الخير وأرجوه لعلكم تفلحون اللهم اجعلنا من المؤمنين المخلصين من الموقنين الراجين لعفوك ولرحمتك يا ارحم الراحمين اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .