فضيلة العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين : إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق ، فبلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ونصح الأمة ، وجاهد في الله حق جهاده ، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد : فنقف يسيرًا لنتكلم على أشياء في الطواف يخطئ فيها بعض الناس :
• أولاً : بعض الناس يحمل معه كتيبًا فيه دعاء لكل شوط في الطواف وفي السعي ، فهل لهذا أصل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أو عن الصحابة ؟ لا . ولهذا يعتبر هذا الكتيب بدعة من البدع ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجعل لأمته دعاءً لكل شوط ، لا في الطواف ولا في السعي ، فالواجب على الإنسان أن يتجنب هذه الكتيبات وأن ينصح إخوانه أيضًا بعدم اقتنائها ، وهذه الكتيبات فيها مفاسد :
المفسدة الأولى : أنها بدعة ، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( كل بدعة ضلالة ) .
المفسدة الثانية : أن كثيرًا من العامة يظنون أن هذا شيء واجب وليس هذا بواجب .
المفسدة الثالثة : أن كثيرًا ممن يقرأ هذه الكتيبات لا يفهم معناها ، لا يفهم معنى الدعاء الذي يدعو به ، ولهذا نسمع أخطاءً كثيرة ، أخطاءً يختلف بها المعنى ؛ لأن الذي يقرأ لا يعرف ما يقول ، وكيف تدعو الله بشيء لا تعرفه ! قد تدعو الله بشيء هو ضرر عليك وأنت لا تعرف .
الرابع من مفاسد هذه الكتيبات : أنها تحول بين الإنسان وبين دعائه الذي في نفسه ، كل إنسان في نفسه دعاء يحب أن يدعو الله به ، هذا يحب أن الله يرزقه علمًا ، وهذا يحب أن الله يرزقه مالاً ، وهذا يحب أن الله يرزقه ولدًا ، وهذا يحب أن الله يرزقه زوجة صالحة . وهكذا .
هذه الكتيبات تحول بين الإنسان وبين طلبه الدعاء الذي يريد ، ولهذا سُمع بعض الطائفين يقول : اللهم ارزقني فقهًا كفقه شيخ الإسلام ، ونحوًا كنحو ابن هشام ، كل إنسان له رغبة خاصة ، وهذا يعني كون هذه الكتيبات بدعة لا فرق فيه بين الطواف والسعي ، ففي السعي يحمل بعض الناس كتيبًا فيه دعاء لكل شوط ، وهذا لا أصل له .
• ثانيًا : بعض الناس يظنون أن الاضطباع أي : إخراج الكتف الأيمن يكون في الطواف والسعي وفي كل الإحرام ، ولهذا تجده من حين أن يحرم وهو مضطبع ، لو شاهدت الحجيج الآن لوجدت الحجيج كلهم أو أكثرهم يضطبعون من حين الإحرام ، وهذا خطأ ، إذ السنة أن يكون الاضطباع في طواف القدوم ، أي : في الطواف أول ما تقدم ، لا في السعي ولا في غيره .
• ثالثًا : بعض الناس مع الزحام الشديد يختصر الشوط ، فيدخل من بين الكعبة القائمة والحِجْر ، وهذا خطر عظيم جدًا ، لماذا ؟ لأنه يجب أن يكون الطواف من وراء الحِجْر ، فإذا طاف إنسان من دون الحجر بينه وبين الكعبة القائمة فإن شوطه لا يصح ، وحينئذ يرجع فإنه لم يطف ، وقد وقع هذا فعلاً ؛ فإن من الناس من طاف طواف الإفاضة ولكنه دخل من الباب الذي بين الحِجْر وبين الكعبة حتى تحلل ورجع إلى بلده ، وسأل فقيل له : إن طوافك طواف الإفاضة لم يصح ، وعليك أن ترجع الآن لتطوف طواف الإفاضة على وجه صحيح ، لماذا لم يصح ؟ لأنه لم يطف من وراء الحِجْر والطواف من وراء الحِجْر شرط لصحة الطواف .
• رابعًا : بعض الناس يطوف من سطح المسجد ، فهل هذا جائز ؟
الجواب : إن كان هناك مشقة في الطواف أسفل فلا حرج أن يطوف الإنسان في السطح ، ولكن ينبغي أن يحترز من أن يطوف فوق المسعى ، لأن المسعى ليس من المسجد ، والعلماء يقولون : لا بد أن يكون الطواف داخل المسجد ، وإذا طاف خارج المسجد فإنه طوافه لا يصح ، والمسعى إلى الآن ونحن نعتبره خارج المسجد ، ولهذا لو أن المرأة حاضت بعد الطواف وقبل السعي ، قلنا : اسعي ولا حرج عليك .