أحيانا لا تجد ما تشكو فتشكو مما لا تشكو ، وأخرى تئن ولا تئن.
صديقٌ وحبيبٌ وأستاذٌ رأيتُ عليه تمتمات لا أعرف حقيقتها ، فسألته أخي ،فقال : أي بنيّ ، فقلت : ممّ تبكي؟ فقال : ... من البكاء، ثم عرض قصته فأعطيته نوعاً مما أراه دواءً ،قد أفاق ، لعله بها :
حبيبُ أجبني : كيف تبكي من البُكا؟ ... أما زال شاكيكُم إلى الآن ما اشتكى
أبِنْ قُلْ لنا : هل قلبُ قلْبِكَ واقفٌ ... أم المشتهى نادى الحبيبَ فأمسكا
أظنُّ أسى الأيامِ قدْ هدَّ جسمكُمْ ... كما تترك الريحُ الغصونَ مفكّكا
أتحكي لي الأنباءَ يا عمرو لا تخف ... وما العيبُ إن خلٌّ لصاحبه حكى!
أليْ عنكَ إحجامٌ عنِ السرِّ في يديْ؟ ... أما شأنكَ الماضي بدا وتهتّكا
أأنتَ ابنُ أمي أم أخٌ لعصابةٍ؟ ... أبِنْ لي فلا أبكي ولا أخْلعُ الوِكا
سأنبيكَ أني في الكرامِ سميُّهم ... وأني إذا ما شئتُ أشتطُّ فيْلَكا
إذا (مالكٌ) جافى أخاهُ تركتُهُ ... وإن عفَّ تلقاني صديقاً (ومالكا)
أما رجبٌ قد حلَّ في الناسِ فانسحبْ ... وكنْ رادِعاً شؤماً وللشرطِ أملكا
أفق مكن ظلامِ الليل واستنشقِ الرؤى ... وصير لياليْ الظلم ضوءاً كليلكَ
وقل : نظرةُ الحسنى هي الحقُّ إن رأتْ ... ظلاماً يُرى نوراً وإن كان حالِكا
وما إن تجدْ شخصاً عليه عبوسةٌ ... فهوِّنْ عليه الأمرَ عزْماً ليضحكا
ويوماً تجدْ حِبَّاً مُعلَّاً محطَّماً ... فحوِّلْهُ للراحاتِ إن كان منهكا
فما أحسن السُّبْلَ التي تهتدي بها ... رضى اللهِ!، أكرمْها طريقاً ومسلكا
وقل للفتى : هذا الطريقُ معبَّدٌ ... ولكنْ طريقُ الحقِّ يبغِيْ مُحنَّكا
فلا تلبسن ثوباً يُبيْن بما خفا ... كثعلبهم لما استقى وتديَّكا
أما لكَ من أهل النفاقِ حذيرةٌ ... فهذا ادّعى الإسلامَ إذ كان مشركا
وهذا ادَّعَى التوحيدَ من غيرٍ حجةٍ ... وكيف سينجو إذ بقبرٍ تبرّكا
متى كان حبُّ المرْءِ حباً له صدى ... وقد كنتَ في عشقِ الحبيبِ مشكِّكا
فهذي يدانيها وهذي يحبّها ... وصار على هذي الفعالِ ( مُتَكْتِكَا)
فهياتَ حبٌّ يستحقُّ قلوبَكُمْ ... فلا تعشقُ البيداءُ إلا التصعْلُكا
ولا تتركَنَّ النَّفْسَ تسعى لراحةٍ ... ولا تصحبِ النَّمَّامَ واحْذَرْ إذا اتَّكَا
وكنْ صادقاً قولاً وفِعْلاً ولا تخفْ ... وإياكَ أن تخطوْ خُطى من ( تفبْرَكَا)
تحركَ قلبيْ نحوكُمْ يستميْحُكمْ ... أما آن أن تحنوْ لقلبٍ تحرَّكَا!
فإني أصبتُ الرُّوْحَ بالسَّهْمِ من فميْ ... وإني على قدرٍ منَ الفهْمِ والذَّكَا
تزهَّدْ وفي الدنيا تخيَّرْ ثقاتِها ... وطهِّرْ فَمَاً ذِكْراًَ وأيْضاً تمسْوُكَا
فهذي الوصايا لم تجدْ باعثاً بها ... سوايَ ولا تعجبْ إذا قلبُكُمْ زكا
إذا ما اتَّقيْتَ اللهَ حلِّيْتَ حليةً ... تُنِيْرُ لكَ الدُّنْيا وتهْدِيْكَ مسْلَكَا
وكتب / صالح بن عبد الله بن صالح البيضاني
1 رجب 1432هـ ، الموافق 2 يونيو 2011 الجمعة.