الشيخ العلامة بن عثيمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما
أما بعد
أيها الناس اتقوا الله تعالى واعرفوا حكمته البالغة في شرعه وخلقه وتقديره فإن الله سبحانه وتعالى اختار نبيه محمد صلى الله عليه وسلم للرسالة إلى الخلق لهذا الدين الكامل لينشره بين العالمين فيهتدي به المهتدون واختار له من الأصحاب أفضل الناس بعد النبيين أبر هذه الأمة قلوباً وأعمقها علماً وأقومها عملاً وأقلها تكلفا واختار له قوماً جاهدوا في الله حق جهاده في حياة نبيهم وبعد وفاته فنشر الله بهم الدين ونصرهم به وأظهرهم على كل الأديان وأهلها كان منهم الخلفاء الراشدون الأئمة المهديون الذين قووا بالحق وبه كانوا يعدلون فكانت خلافتهم أفضل خلافة في مستقبل الزمان وماضيه تشهد بذلك أفعالهم وتنطق بها وتنطق به آثارهم أبو بكر الصديق عبد الله بن عثمان وأبو حفص الفاروق عمر بن الخطاب وأبو عبد الله ذو النورين عثمان بن عفان وأبو الحسن بن عم النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين وكان أفضلهم خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفيقه في الغار الذي نطق بما نطق به رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية حين اشتد الأمر على كثير من المهاجرين والأنصار فكان نطق أبي بكر رضي الله عنه نطق رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت الله بأبي بكر المسلمين يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ونصر الله به الإسلام حين ارتد من أرتد من العرب بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وكان من بركته رضي الله عنه على هذه الأمة ورشده لها ووفور عقله وصدق فراسته أن استخلف على الأمة بعده وزيره وقرينه عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم لقد فيما كان من قبلكم من الأمم ناس يحدثون يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر وقال صلى الله عليه وسلم يخاطب عمر والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط إلا سلك فجاً غير فجك وسأله عمرو بن العاص رضي الله عنه عن أحب الرجال إليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر قال ثم من قال ثم عمر بن الخطاب وعد رجالاً وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ينزع من بئر رأى ذلك في المنام كان ينزع من بئر فجاء أبو بكر فنزع ذنوباً أو ذنوبين يعني دلوا أو دلوين قال ثم أخذها ابن الخطاب من يدي أبي بكر فاستحالت في يده غرقاً فلم أرى عبقرياً من الناس يسري سريه حتى ضرب الناس بعطن ولقد صدق الله رسوله الرؤيا فتولى الخلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد أبي بكر رضي الله عنه وقوي سلطان الإسلام وانتشر في مشارق الأرض ومغاربها وفتحت في عهده بلاد الشام والعراق ومصر وأرمينية وفارس حتى أنه قيل إن الفتوحات في عهده بلغت ألفاً وست وثلاثين مدينة مع سوادها بنى فيها أربعة آلاف مسجد وكان رضي الله عنه مع سعة خلافته مهتماً برعيته قائماً بهم خير قيام قال شيخ الإسلام بن تيميه رحمه الله إن الله أعز بعمر الإسلام وأذل به الشرك وأهله وأقام شعائر الدين الحنيف ومنع من كل أمر فيه رجوع إلى نقض عرى الإسلام مطيعاًَ في ذلك لله ورسوله وقافاً عند كتاب الله ممتثلاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم محتذياًحذو صاحبيه مشاوراً في أموره السابقين الأولين مثل عثمان وعلي وطلحة والزبير وغيرهم ممن له علم أو رأي أو نصيحة للإسلام وأهله حتى إن العمدة في السوق على أهل الذمة على شروطه رضي الله عنه وقد شرط على أهل الذمة من النصارى وغيرهم ما ألزموا به أنفسهم من إكرام المسلمين والتميز عنهم في اللباس والأسامي وغيرها وأن لا يظهروا الصليب على كنائسهم ولا في شيء من طرق المسلمين وأن لا ينشروا كتبهم أو يبيعوها في أسواق المسلمين ولقد كان رضي الله عنه يمنع من استعمال الكفار في أمور الأمة أو إعزازهم بعد أن أذلهم الله قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قلت لعمر إن لي كاتباً نصرانيا فقال عمر ما لك قاتلك الله أما سمعت الله يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض )(المائدة: من الآية51) ألا اتخذت حنيفاً يعني مسلماً قال قلت يا أمير المؤمنين إن لي كتابته وله دينه قال رضي الله عنه لا أكرمهم إذ أهانهم الله ولا أعزهم إذا أذلهم الله ولا أدنيهم إذ أقصاهم الله و أرجو من إخواننا أصحاب المؤسسات والشركات أن ينتبهوا لهذه الخطبة جيداً وكتب إليه أي إلى عمر خالد بن الوليد يقول إن بالشام كاتباً نصرانياً لا يقوم خراج الشام إلا به فكتب إليه عمر لا تستعمله فكتب خالد إلى عمر إنه لا غنى له عنه فرد عليه عمر لا تستعملوا النصارى في أمور المسلمين فكتب خالد إلى عمر إنما إذا لم نستعمله ضاع المال فكتب عمر إلى خالد مات النصراني والسلام . يعني إذا مات النصراني الذي كنت تعتمد عليه فهل تضيع أمور المسلمين ولقد كانت هذه السياسة الحكيمة لعمر من منع تولي غير المسلمين لأمور المسلمين حتى في أمور بسيطة كانت هذه السياسة مستوحاة من سياسة النبي صلى الله عليه وسلم حيث لحقه مشرك ليقاتل معه فقال النبي صلى الله عليه وسلم إني لا استعين بمشرك ولقد كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع هذا الحزم والحيطة لأمور المسلمين في مجانبة أعدائهم والغيرة عليهم فقد كان رضي الله عنه سببا قوياً لنصر الإسلام وعزة المسلمين فكان يكتب إلى عماله يحذرهم من الترفع والإفراط كتب إلى عتبة بن طلحة وهو في ازربيجان وقال يا عتبة إنه يعني بيت المال إنه ليس من كد أبيك ولا من كد أمك فأتبع المسلمين في رحالهم مما تستعمله في رحلك و إياك والتنعم ورياء أهل الشرك ولباس الحرير وكان رضي الله عنه لا يحابي في دين الله قريباً ولا صديقاً الناس عنده سواء يروى عنه إنه كان إذا نهى عن شيء جمع أهله فقال إن نهيت الناس عن كذا وكذا وإنه لينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم والله لا أجد أحد منكم فعل ما نهيت عنه إلا أضعفت عليه العقوبة وكان رضي الله عنه يقوم في الناس في مواسم الحج فيقول إني لا أبعث عليكم عمالي ليضربوا جلودكم ولا ليأخذوا أموالكم ولكن أبعثهم إليكم ليعلموكم دينكم ويحكموا فيكم بسنة نبيكم فمن فعل به سوى ذلك فليرفعه إليّ وكان رضي الله عنه مع ذلك مهتماً بأمور الرعية صغيرها وكبيرها خرج ذات ليلة إلى الحرة إلى حرة المدينة ومعه مولى له يقال له أسلم فإذا نار تسعر فقال يا أسلم ما أظن هؤلاء إلا ركباً قصر بهم الليل والبرد فلما وصل إلى مكانها إذا هي امرأة معها صبيان يتضاغون من الجوع قد نصبت لهم قدر ماء على النار تسكتهم به لأجل أن يناموا فقال عمر رضي الله عنه السلام عليكم يا أهل الضوء وكره أن يقول يا أهل النار ما باللكم وما بال هؤلاء الصبية يتضاغون قالت المرأة يتضاغون من الجوع قالت قال فأي شيء في هذا القدر قالت ماء أسكتهم به أوهمهم أني أصنع طعاماً حتى يناموا والله بيننا وبين عمر فقال عمر رضي الله عنه يرحمك الله وما يدري عمر بكم قالت أيتولى أمرنا ويغفل عنا فبكى عمر رضي الله عنه ورجع مهرولاً فأتى بعجل من دقيق وجراب شحم وقال لاسلم أحمله على ظهري قال أنا أحمله عنك يا أمير المؤمنين قال أنت تحمل وزري يوم القيامة فحمله حتى أتى المرأة فجعل يصلح الطعام لها وجعل ينفخ تحت القدر والدخان يتخلل من لحيته حتى نضج الطعام فأنزل القدر وأفرغ منه في صفحة لها فأكل الصبية حتى شبعوا وجعلوا يضحكون ويتصارعون فقالت المرأة جزاك الله خيراً أنت أولى بهذا الأمر من عمر فقال لها عمر رضي الله عنه قولي خيراً عباد الله هكذا تكون الرعاية وهكذا تكون الولاية وهكذا يكون التواضع للحق خليفة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يتجول في المدينة ليرى أحداً عليه قصور فيتداركه وهذا أمير المؤمنين عمر قائد المسلمين في مشارق الأرض ومغاربة من الأمة الإسلامية كلها تحت ولايته يأتي ليوقد النار تحت قدر هذه المرأة والدخان يتخلل من لحيته جزاك الله خيراً يا عمر عن أمة محمد وما زال رضي الله عنه قائماً بأمر الله ناصحاً لعباد الله إلى أن قتل شهيداً في أخر شهر ذي الحجة سنة 23 من الهجرة خرج لصلاة الفجر وكان رضي الله عنه إذا مر بين الصفوف قال استووا حتى إذا لم يرى فيهم خلل تقدم فكبر وربما قرأ سورة يوسف أو النحل أو نحوهما في الركعة الأولى حتى يجتمع الناس فما هو إلا أن كبر فطعنه غلام مجوسي فتناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف فقدمه ليصلي بالناس ثم حمل إلى بيته حمل جريحاً يثعب جرحه دماً فجعل الناس يدخلون عليه ويثنون عليه فدخل عليه شاب من الأنصار فلما أدبر الشاب فإذا إزاره يمس الأرض فقال عمر ردوا علي الغلام ثم قال ثم قال له يا ابن اخي أرفع ثوبك فإنه أطهر لثوبك وفي لفظ أنقى لثوبك وأتقى لربك هكذا في آخر حياته هذه المسألة وهذا المنكر ينهى عنه في هذه اللحظة الرهيبة ودخل ابن عباس رضي الله عنهما عليه فقال له أليس قد دعى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعز الله بك الدين والمسلمين فلما اسلمت كان إسلامك عزاً وظهر بك الإسلام وهاجرت فكانت هجرتك فتحاً ثم لم تقف عن مذهب شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتال المشركين ثم قبض وهو عنك راض ووازرت الخليفة بعده على منهاج النبي صلى الله عليه وسلم ثم قبض الخليفة وهو عنك راض ثم وليت بخير ما ولي الناس مصر الله بك الأمصار وجبا بك الأموال ونفى بك العدو ثم ختم لك بالشهادة فهنيئا لك فقال عمر يا ابن عباس أتشهد لي بذلك عند الله يوم القيامة قال نعم قال اللهم لك الحمد ثم قال عمر لابنه عبد الله يا عبد الله بن عمر انطلق إلى عائشة أم المؤمنين وقل يقرأ عليك عمر السلام وقل يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه وكانا قد دفنا في حجرة عائشة رضي الله عنها فدخل عبد الله على عائشة بعد أن سلم واستأذن فوجدها قاعدة تبكي فأخبرها بقول أبيه عمر فقالت رضي الله عنه وجزاها خيراً عن عمر وعنا قالت كنت أريده لنفسي ولأوثرنه به اليوم على نفسي فرجع عبد الله فلما أقبل قيل هذا عبد الله فقال عمر أرفعوني فأسنده رجل إليه فقال ما لديك قال الذي تحبه يا أمير المؤمنين أذنت عائشة أن تدفن مع صاحبيك قال الحمد لله ما كان من شيء أهم إلي من ذلك فإذا أنا مت فأحملوني ثم سلم وقل يستأذن عمر بن الخطاب فإن أذنت لي فادخلوني وإن ردتني ردوني إلى مقابر المسلمين ففعلوا ذلك حين قبض فأذنت فدفن مع صاحبيه رضي الله عنه ورضي عن أبي بكر وصلى الله وسلم على نبيه وعبده محمد هكذا كانت سيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في نفسه وفي رعيته خلوص لله وقوة في دين الله وعدل في عباد الله فكان من خيار الصحابة الذين قال الله فيهم )وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة:100) وكان الناس على عهده وكان الناس على عهده في قرن من خير القرون فلما تغير الناس وتبدلت أحوالهم وظلموا أنفسهم تغيرت أحوال ولاتهم وكما تكونون يولى عليكم فنسأل الله تعالى أن يصلح المسلمين وأن يصلح ولاتهم وأن يعيد لهم العزة والكرامة والتمكين في الأرض حتى تكون كلمة الله هي العليا واستغفر الله وأتوب إليه فاستغفروا ربكم إنه هو الغفور الرحيم
الحمد لله على إحسانه وأشكره على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي أيده بحجته وبرهانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه واتباعه وأعوانه وسلم تسليما كثيراً
أما بعد
أيها الناس فإنما إنما نتلوا عليكم ما سبق من سيرة الخلفاء الراشدين لا لمجرد القصص والتسلية ولا لأنها أساطير تنشر ولكن نقصها عليكم للاعتبار بها وبيان ما كان عليه سلف الأمة من الأئمة الصالحين والرعاة المجتهدين إنكم قد تقولون إن هذا الطراز من الخلفاء قد أنقضى واندثر ومضى عليه قرون لم يأتي مثله وهذا هو الأمر الواقع وذلك لأن الله سبحانه وتعالى بحكمته ربط الأمور بأسبابها وجعل الرعية والرعاة جعلهم متناسبين متكافئين وكما سمعتم في الأثر كما تكونون يولى عليكم إن هذا الخليفة الراشد الذي تلونا عليكم شيئا من نير حياته إنه رضي الله عنه كان خليفة على قوم هم من أنصح الناس لرعاتهم ومن أنصح الناس لدينهم ومن أشد الناس أمانة لما فتحت المدائن وكانت عاصمة الفرس جيء بتاج كسرى من المدائن في أقصى العراق إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ليلقى بين يدي الخليفة هذا التاج العظيم الذي ذكروا بأنه قد حمله بعيران من العراق إلى المدينة لأنه تاج عظيم مرصع بالذهب والآلي والجواهر فلما ألقي بين يدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه وتأمله وتأمل هذا التاج وما فيه من خرز اللؤلؤ ومرصع بالذهب وإذا هو لم يسحب منه خرزة واحدة فقال رضي الله عنه إن قوما أدوا هذا لأمناء فقال له أمنت فأمنوا يعني أنك لما كنت قائماً بالأمانة خير قيام كانوا كذلك هم أمناء وكذلك نقول لما كانوا أمناء ولى الله عليهم أمناء فكما تكونون يولى عليكم أما الآن وفي وقتنا فإن الخيانة ومع الآسف موجودة في المسئولين تحت الخلفاء وموجودة في الرعية بعامة الناس فما تكاد ترى إنسانا مسئولاً إلا إذا تدبرت أمره وجدت فيه خيانة أما بأكل المال بالباطل وإما بالتخلف عن الحضور وإما بالتعجل بالخروج قبل أن ينتهي الدوام وإما بغير ذلك من أسباب الخيانة التي لا تكاد تجد موظفاً كبيرا أم صغيراً إلا وجدته متصفاً بها فكيف يكون هؤلاء الرعية كيف تكون حالهم وكيف يريدون أن يولي الله عليهم مثل عمر بن الخطاب رضي الله عنه إنهم إذا حاولوا ذلك أو فكروا فيه فإنهم في الحقيقة سفهاء لأن ذلك ينافي حكمة الله عز وجل إننا نسمع أن بعض من ولي على أمور المسلمين من تحت الخلفاء والأئمة نجد أنه عندما تكون مقاولة لبناء أمر للحكومة نجده يأخذ الرشوة ويأخذ مبلغاً كبيراً على هذا الأمر مع أنه هو الأمين عليه وهو المسئول عنه أمام الله عز وجل ثم أمام ولاته الذين ولووه ثم أمام الرعية جمعاء لأن هذا المال ليس ملكاً لواحد من الناس ولكنه ملك لكل من تحت هذه الولاية إننا نجد أيضاً من بعض الناس بعض الرعية من يفرضون على رعيتهم ومن يقدمون على ولاتهم ويخدعونهم ويمكرون وأضرب بذلك مثلاً بسيطاً قد علم أن نظام بنك التنمية العقاري أن الإنسان إذا استفاد منه مرة واحدة لم يستفد منه مرة أخرى ولكن ماذا كان حال الناس اليوم يتحيلون ويسحبون أراضي لهم ويكتبونها باسم عجوز من عجائزهم أو شيخ كبير من شيوخهم لا يريد الدنيا ولا يتلفت إليها ولا يهتم بها ولكنهم يطلبونها باسمه ويطلبون القرض باسمه تحيلاً ومكراً لحكومتهم وولاة أمورهم وهؤلاء بلا ريب هم آثمون ومن أعطاهم الإذن أيضاً أكل معهم وهم آكلون للمال بالباطل وسوف يجدون بئس ذلك إذا فارقوا هذه الدنيا وفارقوا ما عمروه فسكنه غيرهم وعمروا حفرة من الأرض يتركون فيها لا أنيس ولا مال إلا الأعمال التي قدموها وهم إذا كان هذا شأنهم في حياتهم وهذا ما تكسبهم وهذا ما يأكلون في بطونهم وما يلبسون على عوراتهم فإنهم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( حين ذكر الرجل يطيل السفر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنى يستجاب لذلك ) ... ويتوكل إليه بربوبيته وهو مسافر أيضا فأسباب الإجابة موجودة لا بد