قوله تعالى: ﴿إِذْ يُبَيِّتُونَ مَالَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ﴾[النساء: 108]
ذم لهم من وجهين: من جهة فعل الذنب، والإصرار على الذنب،
وثم وجه ثالث مِن الذم وهو: أن الله ذمهم على المكر؛ لأن التبييت هو التدبير ليلاً على وجه الخديعة للحق وأهله: من كلامهم وقولهم بما يبغضه الله ولا يرضاه من الأقوال المحرمة، ومن الإصرار على ذلك؛ فقولهم إثم وظلم، وبياتهم على ذلك وإصرارهم عليه إثم آخر، وهذا أبلغ من أن لو قال:"وهو معهم إذ يقولون ما لا يرضى من القول" فعلى العبد التوبة إلى الله من فعل الذنوب والإصرار عليها، فكما أن فعلها معصية؛ فالاستمرار عليها ونية فعلها متى سنحت له الفرصة معصيةٌ أخرى، وعلى العبد أن يُبيّت ما يرضي اللهَ تعالى من الأقوال والأفعال، فيفعل ما يقدر عليه من الخير وينوي فعل الخير الذي لم يحضر وقته، والذي لا يقدر عليه، وبذلك يتحقق العبد أن يكون ممن اتبع رضوان الله، فيدخل في هذه المعاملة المذكورة في قوله: ﴿أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ﴾[آل عمران: 162]، وتحصل له الهداية في أموره كلها،﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾[المائدة: 16].
منقول