يقول الإمام البربهاري رحمه الله في " شرح السنة ":
« فانْظُر - رحمكَ اللهُ - كلَّ من سمعتَ كلامَهُ من أهلِ زمانك خاصّةً فلا تعجلنَّ ولا تدخُلَنَّ في شيءٍ منه حتى تسألَ وتنظرَ : هل تكلم فيه أحدٌ من أصحابِ النبي صلى الله عليه و سلم أو أحدٌ من العلماء ؟ فإن أصبتَ فيه أثرا عنهم فتمسّك به ولا تجاوزه لشيءٍ ولا تخترْ عليه شيئا فتسقط في النار »
يقول العلامة صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله – في " إتحاف القاري بالتعليقات على شرح السنة للبربهاري " (106-107/1):
" هذه وصية عظيمة , إذا أعْجَبَكَ كلامٌ من أحد في الدين , أمّا الكلامُ الذي في أمور الدنيا فليس موضوع البحث , لكن إذا أعجَبَكَ كلامٌ في الدين فلا تعجل حتى تنظرَ فيه :
هل هو مؤسسٌ على حقٍ وأدلة ؟
أم هو من الرأسِ والفكرِ ؟ فهذا غثاءٌ كغثاء السيل اتْرُكْهُ .
أمّا إن كان مؤسساً ومؤصلاً على الكتاب والسنّة فهذا حقٌ , فلا تعجل في أخذ الكلام على عواهنه , حتى ولو أعجَبَكَ فصاحتُهُ وبلاغتُهُ وقوّتُهُ وجزالتُهُ , لا تعجل فيه حتى تنظر , وتَعْرِضَه على الكتاب والسنّة , وتنظر من قاله :
هل هو فقيهٌ أم ليس بفقيه ؟
حتى تسألَ أهلَ العلم عنه , وتنظر هل قاله أحدٌ من السلف أو لم يقولوه ؟
وهذا ما حذّرتُ منه مرّات , أقول :
لا تُحدثوا اجتهاداتٍ وآراءً وأقوالاً وعباراتٍ لم تُسبقوا إليها , خذوا القدوةَ من السلف ومن كلام السلف , لو أتيتَ بشيءٍ لم تُسبق إليه فإنه يكون شذوذاً , وخطرُهُ أكثرُ من نفعه .
فكلام الصحابة هو الميزان , لأنهم تلاميذُ الرسول صلى الله عليه وسلم , يُنظرُ قولهم في الآية , بماذا فسروها , وفي الحديث , بماذا شرحوه , تأخذ من كلامهم وتفسيرهم لأنهم أقرب إلى الحق ممن جاء بعدهم لأنهم تلاميذ الرسول صلى الله عليه وسلم , وسمعوا التأويل والتفسير من الرسول صلى الله عليه وسلم , وتلّقوه منه , فهم أقرب الناس إلى الحق .
ولا عبرة بقول من يقول : إن الصحابة لا عبرة بهم , هم رجال ولهم أفكارهم , ونحن رجال ولنا أفكارنا , والزمان تغيّر !! "
وقال الشيخ حفظه الله (154/1) :
" وكذلك المتعالمون الذين لم يدرسوا العلم ولم يأخذوا قواعد الاستدلال والمدارك , يستدلون بلا فقه , ويثبتون أشياء ما أثبتها قبلهم أحدٌ من أهل العلم , بسبب الجهل والتعالم , فهذه القضايا عظيمة , تحتاج إلى تعلم , وإلى دقة وإلى ترو , وإلى تثبت لأن العقيدة هي الأصل , وأي خلل فيها فهو خلل في الأصل "
وقال الشيخ حفظه الله (283/1) :
" وأنا أرى كثيرا من الشباب المتعالمين تجرؤوا على مسائل العقيدة , وصاروا يجترّون منها أشياء ويتكلمون فيها , ويتعادون فيما بينهم , ويتقاطعون فيما بينهم إذا اختلفوا .
يا إخوان ما كلّفكم الله بهذه الأمور , عليكم أن تسيروا على منهج السلف , وتقولوا بقولهم , كتب العقائد محرّرة ولله الحمد ومطبوعة ومصحّحة ومدروسة ومنضبطة , فلا تحدثوا أشياء من عندكم وأفهاما من عندكم , كُفيتم هذا الأمر "
والله أعلم
منقول من منتديات الوحيين