بيان خطأ الدكتور عبد الكريم الخضير هداه الله
في فتواه حول جماعة الإخوان المسلمين
كتبه
أبو العباس
أصلحه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده و نستعينه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله أما بعد:
فقد وقفت على فتوى لعبد الكريم الخضير حول جماعة الإخوان المسلمين فحصل فيها بعض الأخطاء ،وعدم تبيين الصواب مع أن السائل يريد التوضيح ، فأجاب بجواب مجمل على غير طريقة أهل السنة ، وبعدها رفع له تنبيه وهو أن جوابه يشكل يحتمل أنه أخرجهم السنة ،فطلب منه أن يبين أنهم ليسوا من أهل البدع ،
فأردت أن أنبه على بعض ما فيها ، و نسأل الله التوفيق .
1ـ عدم حكمه على جماعة الإخوان أنها جماعة مبتدعة
قال عبد الكريم : (وليس معنى ذلك أنه ليس لهم أخطاء لكن أن يخرجوا من أهل السنة والجماعة فهذا أمر صعب )
([1])
وقال : (لأنه ليس لها اسم معين أو ضابط يضبطهم )، وهذا الكلام شبيه بكلام أبي الحسن المصري وتأمل كلام أبي الحسن حيث قال لكن هنا أمرهو منهج الإخوان المسلمين يقوم على الغثائية الجمع واللفلفة والمناهج الغثائية للأفراد الغثائية فيحكم على كل بلد يما يستحق ويحكم على كل فرد بما يستحق وأما أن نَعُمَ الحكم فلا ) ([2])
وقال كذلك : (نعم فيهم مخطئون فيهم مصيبون فيهم وفيهم كل هذا موجود فتعميم الحكم لا يصح ) (2). وجماعة الإخوان لهم أصول يمشون عليها وضوابط تضبطهم، يسير عليها كل من انظم إليهم ولا يستطيع أن يخالفها ومن أعظمها : (نتعاون فيما اتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ) وجعل مثل هذه القواعد من أصول الدين بغض النظر عن موافقتها للشرع، ويوالى ويعادى من أجلها من شأن أهل البدع.
أقوال بعض العلماء في تبديع جماعة الإخوان
سئل سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز - رحمه الله تعالى -:
أحسن الله إليك، حديث النبي صلى الله عليه وسلم في افتراق الأمم: قوله: (( ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة إلا واحدة )). فهل جماعة التبليغ على ما عندهم من شركيات وبدع. وجماعة الإخوان المسلمين على ما عندهم من تحزب وشق العصا على ولاة الأمور وعدم السمع والطاعة. هل هاتين الفرقتين تدخل...؟
فأجاب - غفر الله تعالى له وتغمده بواسع رحمته -:
تدخل في الثنتين والسبعين، من خالف عقيدة أهل السنة دخل في الثنتين والسبعين، المراد بقوله ( أمتي ) أي: أمة الإجابة، أي: استجابوا له وأظهروا اتباعهم له، ثلاث وسبعين فرقة: الناجية السليمة التي اتبعته واستقامة على دينه، واثنتان وسبعون فرقة فيهم الكافر وفيهم العاصي وفيهم المبتدع أقسام.قال السائل: يعني: هاتين الفرقتين من ضمن الثنتين والسبعين؟ فأجاب:
نعم، من ضمن الثنتين والسبعين والمرجئة وغيرهم، المرجئة والخوارج بعض أهل العلم يرى الخوارج من الكفار خارجين، لكن داخلين في عموم الثنتين والسبعين.
[ ضمن دروسه في شرح المنتقى في الطائف وهي في شريط مسجّل وهي قبل وفاته -رحمه الله- بسنتين أو أقل ] .
وقال الشيخ الألباني - رحمه الله- :
"ليس صواباً أن يقال إن الإخوان المسلمين هم من أهل السنة ، لأنهم يحاربون السنة" ([3])
و قال الشيخ مقبل ـ رحمه الله ـ :"أنا لا أشك أن هذه الجماعات مبتدعة، فليبلغ الشاهد الغائب".(المصارعة 68)
وسئل الشيخ النجمي ـ رحمه الله ـ عن جماعة الإخوان فذكر من أخطائهم :
1ـ التهاون في توحيد العبادة الذي هو أهم شيء في الإسلام، ولا يصح إسلام الشخص إلا به. 2ـ سكوتهم وإقرارهم للناس على الشرك الأكبر ،من دعاء لغير الله ([4])
و التطوف بالقبور والنذر لأصحابها والذبح غلى أسمائهم وما إلى ذلك . 3ـ أن هذا المنهج مؤسسه صوفي له علاقة بالصوفية حيث أخذ البيعة من عبد الوهاب الحصافي على الطريقة الحصافية الشالية
([5])
4ـ عدم الولاء والبراء عندهم أو ضعفه
([6])
، ويتبين من دعوتهم للتقريب بين أهل السنة والشيعة وقول المؤسس : (نتعاون فيما اتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ) .
5ـ كراهيتهم لأهل التوحيد وأصحاب الطريقة السلفية وبغضهم لهم ويتبين ذلك من كلامهم في الدولة السعودية التي قامت على التوحيد وتدرس التوحيد في مدارسها ومعاهدها وجامعاتها ، ومن قتل جميل الرحمن الأفغاني لكونه يدعو إلى التوحيد والذي عنده مدارس يدرس فيها التوحيد .
6ـ الحزبية الممقوتة التي ينتمون إليها ،فيوالون من أجل الحزب ويعادون من أجله
([7]) . 7ـ أخذ البيعة على العمل للمنهج الإخواني بالشروط العشرة التي ذكرها المؤسس.(
[8]
)
وسئل الشيخ الفوزان : ما حكم وجود مثل هذه الفرق كالتبليغ والإخوان المسلمين وغيرها في بلادنا خاصة وبلاد المسلمين عامة ؟ .
فقال: بلادنا ولله الحمد جماعة واحدة، كل أفرادها وكل حاضرتها وباديتها تسير على منهج الكتاب والسنة يوالي بعضهم بعضًا، ويحب بعضهم بعضًا .أما هذه الجماعات الوافدة فيجب أن لا نتقبلها لأنها تريد أن تنحرف بنا أو تفرقنا، وتجعل هذا تبليغي وهذا إخواني وهذا.. وهذا..، لِمَ هذا التفرق؟؟ هذا كفر بنعمة الله تعالى حيث يقول الله تعالى: { وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً } . نحن على جماعة واحدة وعلى وحدة وعلى بينة من أمرنا، فلماذا نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير ؟!! .
لماذا نتنازل عمّا أكرمنا الله عز وجل به من الاجتماع والألفة والطريق الصحيح وننتمي إلى أحزاب تفرقنا وتشتت شملنا وتزرع العداوة بيننا، هذا لا يجوز أبدًا ([9]).
2ـ إنكار الحكم العام
واشتراط الحكم على كل فرد بحسبه
وقول عبد الكريم وكل شخص يحكم عليه بمفرده )، فعبد الكريم سائر على في هذه المسألة ـ وربما غيرها ـ على طريقة أبي الحسن التمييعية ، واقرأ كلام أبا الحسن : (فيحكم على كل بلد يما يستحق ويحكم على كل فرد بما يستحق )(2)،وقال مرة أخرى : (فالصواب في ذلك أن يحكم على كل رجل بعقيدته )(2)، ومن تأمل في كلامهما علم أنه يخرج من مشكاة واحدة.
وعلق الشيخ ربيع على كلام أبي الحسن فقال : هذا تكليف مالا يطاق ، ولا يصح نسبته إلى شرع الله ومنهج السلف خاصة أن الأفراد راضون بمنهج الإخوان الفاسد وعليه يوالون و يعادون ويحاربون أهل السنة من أجله ،وانظر كيف يلوم اليهود ويذمهم على أفعال وتصرفات لم يفعلوها بل فعلها آباؤهم وهم راضون عنها فاستحقوا بذلك اللوم والذم واللعن والعذاب ، وسبب هذه الأحكام هو رضاهم ([10])
.
والسلف رحمهم الله ربما حكم على الرجل بمجرد صحبته للمبتدعة وأما إذا كان لا يعرف فيبين له فإن أصر على مجالستهم يحكم عليه بحكمهم ويلحق بهم .
3ـ عدم تبديع من انتسب إلى جماعة الإخوان
وقوله ولا يخرج عن كونه من أهل السنة بانتمائه إلى هذه الجماعة) وقوله فتجد السني ينتسب إليها) وقوله: ( بل فيهم من ينتسب إلى أهل السنة ).
قال شيخ الإسلام ـ فيمن انظم إلى أهل البدع ـ : (ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم، أو ذب عنهم، أو أثنى عليهم ، أو عظم كتبهم، أو عرف بمساعدتهم ومعاونتهم، أو كره الكلام فيهم، أو أخذ يعتذر لهم بأن هذا الكلام لا يدرى ما هو، أو : من قال : إنه صنف هذا الكتاب، وأمثال هذه المعاذير، التي لا يقولها إلا جاهل، أو منافق، بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم، ولم يعاون على القيام عليهم، فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات).
ولو فرضنا أن شخصا من أهل السنة انضم إلى مثل هذه الجماعات التي فيها تفريق لجماعة المسلمين ،ويترك أهل السنة فهذا يعتبر مبتدعا ، فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : النبي صلى الله عليه و سلم قال " الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " [11] ، و قال شيخ الإسلام :فَأَمَّا الِانْتِسَابُ الَّذِي يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِ خُرُوجٌ عَنْ الْجَمَاعَةِ والائتلاف إلَى الْفُرْقَةِ وَسُلُوكِ طَرِيقِ الِابْتِدَاعِ وَمُفَارَقَةِ السُّنَّةِ وَالِاتِّبَاعِ فَهَذَا مِمَّا يُنْهَى عَنْهُ وَيَأْثَمُ فَاعِلُهُ وَيَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
سئل الشيخ مقبل ـ رحمه الله ـ :هل يجوز إطلاق لفظ (مبتدع)على شخص بالتعيين لكونه ينتمي إلى إحدى الجماعات الحزبية المعاصرة ؟
فأجاب :لا أعلم مانعا من هذا ،إلا جماعة الحق فلا ، وإذا كان جاهلا هذا بينه وبين الله سبحانه وتعالى(2).
4ـ حصره البدع المخرجة من السنة في الاعتقادات
ويدل على ذلك أنه بنى الحكم على فرد بالابتداع بالتزامه عقيدة من عقائد التي سيذكرها بقوله : (فهم لا يلزمون أحدا بمعتقد معين لا يقولون أنت سنى لابد أن تعتنق مذهب الأشاعرة حتى تكون معنا أو تدخل مذهب المعتزلة حتى تكون معنا ) ، وأما بقية الأصول المبتدعة التي يسير عليها الإخوانفلا اعتبار له بها، بل نفى ذلك كله بقوله : ( الجماعة لأنه ليس لها اسم معين أو ضابط يضبطهم) . وأنظر مشابهته لكلام أبي الحسن في الإخوان حيث قال :(وإن كانت هناك خلافات كثيرة في طريقة الدعوة إلى الله عز وجل وفي طريقة إقامة الخلافة الإسلامية في الأرض إلا أن هذه خلافات لا تستطيع أن تعدها من الفرق الهالكة فأصول الفرق الهالكة قد بينها العلماء قد بينوا أصول الجهمية والقدرية والمعتزلة والخوارج والمرجئة والشيعة والروافض والنواصب وغير ذلك ) ، وقال أبو الحسن : (إيش هي ضابط إخراج الرجل من أهل السنة ؟:أن يلتزم أصلا من أصول أهل الفرق الهالكة، لابد أن تفهموا هذا )[12].
ولا يشترط في الفرد أن يلتزم فرقة من الفرق الكبرى التي خالفت في العقيدة حتى يصير مبتدعا، وضابط الابتداع أن يخالف أصلا من أصول الدين أو يكثر من المخالفة في الفروع وهذا يشمل الأفراد والجماعات .كما ذكر الشاطبي في الاعتصام.
قال الشاطبي :ذلك أن هذه الفرق إنما تصير فرقاً بخلافها للفرقة الناجية في معنى كلي في الدين وقاعدة من قواعد الشريعة ، لا في جزئي من الجزئيات.
وقال: ويجري مجرى القاعدة الكلية كثرة الجزئيات ، فإن المبتدع إذا أكثر من إنشاء الفروع المخترعة عاد ذلك على كثير من الشريعة بالمعارضة ، كما تصير القاعدة الكلية معارضة أيضاً.
وعرف الأصل فقال: فما عظمه الشرع في المأمورات فهو من أصول الدين وما جعله دون ذلك فمن فروعه و تكميلاته .(الموافقات 1/213) ([13]).
قال شيخ الإسلام(مجموع3/348) : ومما ينبغي أيضًا أن يعرف أن الطوائف المنتسبة إلى متبوعين في أصول الدين والكلام على درجات، منهم من يكون قد خالف السنة في أصول عظيمة، ومنهم من يكون إنما خالف السنة في أمور دقيقة .
قرر شيخ الإسلام (مجموع3/343) دخول المقالات والأفعال في البدع لم يخصها بالعقائد قال شيخ الإسلام : الانتساب إلى جنس معين من أجناس بعض شرائع الدين كالتجند للمجاهدين والفقه للعلماء والفقر والتصوف للعباد أو الانتساب إلى بعض فرق هذه الطوائف كإمام معين أو شيخ أو ملك أو متكلم من رؤوس المتكلمين أو مقالة أو فعل تتميز به طائفة أو شعار هذه الفرق من اللباس من عمائم أو غيرها كما يتعصب قوم للخرقة أو اللبسه يعنون الخرقة الشاملة للفقهاء والفقراء أو المختصة بأحد هذين أو بعض طوائف أحد هؤلاء أو لباس التجند أو نحو ذلك كل ذلك من أمور الجاهلية المفرقة بين الأمة وأهلها خارجون عن السنة والجماعة داخلون في البدع والفرقة .
ولمشابهة كلام الخضير لكلام أبي الحسن نقلت رد الشيخ ربيع عليه،
قال الشيخ ربيع : (إذا كنت ترى أنه لا يخرج عن دائرة أهل السنة إلا من التزم أصلاً من الأصول التي ذكرتها "أصل الروافض والخوارج ...الخ .
فما قولك في القائلين بالحلول ووحدة الوجود وما قولك في الطرق الصوفية وهي تزيد على ستين طريقة كلهم لا تستطيع أن تسميهم خوارج أو جهمية ...الخ ، وما قولك فيمن لا تستطيع أن تسميه جهمياً ...الخ وهو يؤمن بنظرية دارون أو يؤمن بالاشتراكية أو يؤمن بالفكر العلماني وهو يصلي ويعترف بالعقائد الإسلامية .
أين التأصيل الذي تدعيه لقد وجدت بدع كثيرة لو وجدت في عصر السلف لربما حكموا عليهم بأحكام أشد من أحكامهم على أهل البدع التي عاصروها، ولكن الفقيه هو الذي يضع نصب عينيه ميزان الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي لا يغيره زمان ولا مكان " من كان على ما أنا عليه وأصحابي " بل ميزان الله ( إن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) .
فكم هي السبل التي تخالف صراط الله المستقيم قد اتبعها الإخوان المسلمون وتذكر قوله - صلى الله عليه وسلم - " لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموه " .
5ـ التفريق([14])بين المنهج والعقيدة
وأنه يمكن أن يكون سلفي العقيدة أخواني المنهج (على طريقة أهل البدع)
قال ولا يخرج عن كونه من أهل السنة بانتمائه إلى هذه الجماعة ) فمعناه أن عقيدته عقيدة أهل السنة والمنهج منهج الإخوان، وهذه قاعدة مبتدعة ـ بهذا المعنى ـ فالذي يكون من أهل السنة يكون سنيا منهجا وعقيدة علما وعملا، فالسنة شاملة لجميع نواحي الدين ولا تختص بالعقائد .
سئل الشيخ ربيع: هل هناك فرق بين المنهج والعقيدة وإن كان بينهما فرق فهل هناك مدخل لأهل التحزّب من خلال ذلك التفريق؟
فأجاب: طبعًا المنهج قد كَثُر الكلام فيه، والحديث عنه في هذا العصر بعكس ما كان عند السلف قد يذكرون كلمة منهج ومنهاج لكن ما كان عندهم هذا اللهج بالمنهج بالمنهج ، لكن لَمّا انتشر اضطرّ السلفيون أن يقولوا: المنهج المنهج.
أنا سمعت الشيخ ابن باز لا يفرِّق بين العقيدة والمنهج ويقول: كلّها شيء واحد، والشيخ الألباني يفرِّق، وأنا أفرِّق، أرى أنّ المنهج أشمل من العقيدة، فالمنهج يشمل العقيدة ويشمل العبادات ويشمل كيف تتفقَّه ويشمل كيف تنتقد، ويشمل كيف تواجه أهل البدع فالمنهج شامل، منهج أهل السنّة في العقيدة، منهجهم في العبادة، منهجهم في التلقّي، منهجهم في كذا منهجهم في كذا، فالمنهج أشمل بلا شك، لكنّ أهل الأهواء بعضهم يفرِّق بين العقيدة والمنهج لأهداف حزبية وسياسية، فيحتالون على كثير من (السلفيين) فيقولون أنت تبقى على عقيدتك ولكنّ المنهج نحن محتاجون أن نتعاون فيه.
فلا مانع أن تقول: أنا سلفيٌّ عقيدة إخوانيٌ منهجًا. ومعلوم أنّ من منهج الإخوان حرب العقيدة السلفية، فهذا السلفي الذي يقول أنا سلفي إذا قال أنا سلفي العقيدة إخواني المنهج أو تبليغي المنهج فهو ينادي على نفسه بأنّه يحارب المنهج السلفي والعقيدة السلفية.
فهي من الحيل الحزبية والسياسية التي أشاعها التبليغ والإخوان وفرَّقوا بين العقيدة والمنهجللتلاعب بعقول السلفيين خاصّة.
وقوله (فيهم من ينتسب إلى أهل السنة) والعبرة بالحقائق لا بالدعاوى.
قال الشيخ ربيع : هذا النوع قد يوجد في الإخوان ، ولكن هذه العقائد التي ذكرتها تكون عنده مجرد نظرية ومجرد معرفة ولكنها أفكار لا قيمة لها عنده فلا يحب أهلها ولا يواليهم بل يخاصمهم ويعاديهم ويتولى من انتظم في سلك الإخوان مهما فسدت عقيدته ومهما حارب أهل السنة وعقيدتهم فمثل هذا لا يكون إلا مبتدعاً في ميزان أهل السنة بل من شر أهل البدع وأشدهم غدراً وخيانة للمنهج السلفي وأهله . وقال :إن عقيدتهم في الأسماء والصفات وغيرها مجرد معرفة فلا ولاء ولا براء عليها ولا دعوة إليها ولا حماس لها ولا اهتمام بها بل هي عندهم أقل شأناً من التمثيليات والأناشيد والذي يقول بسلفيتهم بناء على هذه المعرفة إنما يسير على عقيدة الجهمية في أن الإيمان عندهم هو معرفة الله فيكون إبليس وفرعون وهامان وأمثالهم مؤمنون في ميزان هؤلاء الجهمية ويصير المفلسون من الإخوان المسلمين سلفيين بهذا الميزان الجهمي والسياسي المتلاعب.([15])
6ـ نفيه أن يكون لهم أصول وضوابط يمشون عليها
قال عبد الكريم : ( لأنه ليس لها اسم معين أو ضابط يضبطهم
)ويكفي في رد هذا الكلام قاعدة (نتعاون فيما اختلفنا فيه ويعذر بعضنا البعض ).
وسئل الشيخ ابن بازـ رحمه الله تعالى ـ عن هذه القاعدة فقال: نعم يجب أن نتعاون فيما اتفقنا عليه من نصر الحق والدعوة إليه والتحذير مما نهى الله عنه ورسوله ، أما عذر بعضنا لبعض فيما اختلفنا فيه فليس على إطلاقه بل هو محل تفصيل ، فما كان من مسائل الاجتهاد التي يخفى دليلها فالواجب عدم الإنكار فيها من بعضنا على بعض ، أما ما خالف النص من الكتاب والسنة فالواجب الإنكار على من خالف النص.([16])
فلا ينصبون مقالة ويجعلونها من أصول دينهم وجمل كلامهم إن لم تكن ثابتة فيما جاء به الرسول بل يجعلون ما بعث به الرسول من الكتاب والحكمة هو الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه([17]).
نص الفتوى
قال السائل :هل هناك فرق بين جماعة الإخوان وأهل السنة نرجو التوضيح ؟
الجواب :على كل حال جماعة الإخوان جماعة برزت في مصر صار لها فروع في كثير من بلدان المسلمين وصار لها انتشار وعليهم ملاحظات لأنهم لا يعتنون في التفريق بين المحقق وغيره، يهمهم الانطواء تحت لواء واحد وعلى أن تجمعهم كلمة الإسلام وماعدا ذلك مما يتعلق بالعلم والعمل في الفروع والأصول هذا لا يعتنون به كثيرا ،فتجد السني ينتسب إليها تجد الأشعري ينتسب إليها تجد المعتزلي والشيعي وغيرهم ينتسبون إليها ،فهم يجمعون أكبر قدر ممكن يمكن أن يعينهم على ما يريدون تحقيقه والله مستعان ،وأما أهل السنة والجماعة فهم ينطوون تحت معتقد واحد لا يختلفون فيه من خالفهم في معتقدهم فهو مبتدع لا يدخل تحت مسمى أهل السنة والجماعة .(شرح الورقات الشريط الثالث د49).
وبعدها رفع إليه تعقب قال السائل : يظهر من السؤال السابق أن السائل كأنه أخرج جماعة الإخوان من أهل السنة و الجماعة أرجو التنبيه حتى لا يختلط الأمر على البعض.
وليس معنى ذلك أنه ليس لهم أخطاء لكن أن يخرجوا من أهل السنة والجماعة فهذا أمر صعب، عرفنا أن جماعة الإخوان لا يفرقون بين أفراد هذه الجماعة وليس لهم شرط في المعتقد يعني لم يعتمدوا على أهل السنة و الجماعة اعتمادا كليا بل فيهم من ينتسب إلى أهل السنة فيهم من ينتسب إلى الأشاعرة فيهم من ينتسب إلى المعتزلة ،فيهم من طوائف البدع من فيهم ، فجماعة الإخوان أعم من أن يكونوا مبتدعة أو أهل السنة ، وكل شخص يحكم عليه بمفرده ،هي جماعة تنظيمية وإن كنا لا نؤيد مثل هذه التنظيمات ، لكن تنظيم وجد ؛ انضوى تحت هذا التنظيم من ينتسب إلى أهل السنة ولا يخرج عن كونه من أهل السنة بانتمائه إلى هذه الجماعة لأنه ليس لها اسم معين أو ضابط يضبطهم فهم لا يلزمون أحدا بمعتقد معين لا يقولون أنت سنّي لابد أن تعتنق مذهب الأشاعرة حتى تكون معنا أو تدخل مذهب المعتزلة حتى تكون معنا هي مجرد جماعة تنظيمية تجمع السنّي والمبتدع كما ذكرنا لكن على الإنسان لاسيما في هذه الأوقات التي توالت فيها الفتن والمحن أن يعتصم بالكتاب والسنة وأن يلتف حول أهل العلم المحققين المعروفين بالعلم والعمل والورع والتقوى ويترك عنه هذه الجماعات لا جماعة إخوان لا جماعة تبليغ لا جماعة يمين ولا شمال ، يعتصم بالكتاب والسنة ففيهما المخرج من هذه الفتن الباطنة والظاهرة وبعض الناس قد لا يشهد في واقعه فتن قد يكون مفتون في قلبه الفتنة في الرجل الفتنة في أهله وفي ماله الفتن في جاره الفتن كثيرة منها ما ظهر ومنها ما بطن فنعوذ بالله من الفتن كلها صغيرها وكبيرها خفيها وظاهرها والله المستعان .اهـ ( شرح الورقات الشريط الثالث د59) .
دار الحديث بدماج
ذو القعدة 1433
) 1)من شرح الورقات الشريط الثلث (د59 ) وسيأتي بتمامه.
)2) مجموع الرسائل للشيخ ربيع (13/335).
( [3]) حكم العلماء في جماعة الإخوان للشيخ ربيع .
([4]) وفي كتاب : " مجموع رسائل حسن البنا " رسالة : التعاليم، تحت عنوان : " الأصول العشرون "، يقول في الأصل الخامس عشر : (( والدعاء إذا قُرِن بالتوسل إلى الله بأحد من خلقه خلافٌ فرعي في كيفية الدعاء، وليس من مسائل العقيدة )) (ص : 392 ) (المناهج الجديدة للشيخ الفوزان).
([5]) يقول حسن البنا : (( وصحبتُ الإخوان الحصافية بدمنهور، وواظبت على الحضرة في مسجد التوبة في كل ليلة )) ." مذكرات الدعوة والداعية" له، ط. دار التوزيع . (ص : 24) (المناهج الجديدة للشيخ الفوزان).
([6])((والإخوان المسلمون يرون الناس جميعاً حملة خير ومؤهلين لحمل الأمانة ، وموقفنا من إخواننا المسيحيين في مصر والعالم العربي موقف واضح وقديم ومعروف ، لهم مالنا وعليهم ما علينا ، وهم شركاء في الوطن ، وأخوة في الكفاح الوطني الطويل ، لهم كل حقوق المواطن المادي منها والمعنوي ، المدني منها والسياسي ، والبر بهم والتعاون معهم على الخير فرائض إسلامية لا يملك مسلم أن يستخف بها أو يتهاون في أخذ نفسه بأحكامها . ومن قال غير ذلك أو فعل غير ذلك فنحن براء منه ومما يقول ويفعل)) (جماعة لا جماعات ) للشيخ ربيع.
( 1) قال حسن البنا مؤسس فِرقة الإخوان المسلمين في كتاب " مجموع الرسائل " ص24)، تحت عنوان : (( موقفنا من الدعوات)) يقول :…(( موقفنا من الدعوات المختلفة .. أن نزنها بميزان دعوتنا؛ فما وافقها فمرحبًا وما خالفها فنحن براء منه )) !! . (المناهج الجديدة للشيخ الفوزان) .
([8]) (فتاوى الجلية مختصرا 1/78).
[9])) (المناهج الجديدة ).
([10]) مجموع الرسائل (13/335) .
([11]) أخرجه أبوداود في سننه بسند حسن .
(2) فضائح ونصائح.
([12]) مجموع الرسائل (13/334) .
([13]) أنظر في ذلك كتاب (ضوابط الابتداع ) للشيخ سعيد دعاس رحمه الله تعالى.
([14]) على طريقة أهل البدع.
([15]) مجموع الرسائل (13/331).
([16]) مجموع الفتاوى (3/58).
([17]) (مجموع الفتاوى 3/347).
منقول