ذكر بعض الأحاديث التي أوردها الشيخ رحمه الله في رسالته "التحفة الكريمة في بيان بعض الأحاديث الموضوعة والسقيمة"
1- أفضل وأشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة
((أفضل الناس عند الله منزلةً يوم القيامة إمام عادل رفيق، وشر عباد الله منزلةً يوم القيامة إمام جائر)) رواه الطبراني في الأوسط من رواية ابن لهيعة ذكره المنذري في الترغيب.
وابن لهيعة ضعيف، ولا شك أن الإمام العادل الرفيق من أفضل الناس؛ لما في عدله من النفع العظيم، والمصالح الكثيرة للمسلمين وغيرهم.
ولا شك أيضاً أن الإمام الجائر من شرّ الناس؛ لما في جوره وظلمه من المضار الكثيرة على المسلمين.
وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((سبعةٌ يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله...))[1] وبدأ بالإمام العادل.
وفي الصحيحين أيضاً عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من عبدٍ يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت، وهو غاش لرعيته إلا حرّم الله عليه الجنة))[2].
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به، اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه))[3].
بهذه الأحاديث الصحيحة، يعلم أن الإمام العادل الرفيق من خير الناس، وأن الإمام الجائر الغاش للأمة من شر الناس.
وهكذا كل من ولي من أمر الأمة شيئاً من أمير قرية، أو مدينة أو وزير أو أي موظف على شيء من أمور المسلمين، له هذا الحكم. فالواجب الحذر والنصح وأداء الأمانة، والله ولي التوفيق.
2- حديث: ((أخروهن من حيث أخرهن الله)) يعني النساء
حديث: ((أخروهن من حيث أخرهن الله)) يعني النساء.
ذكر صاحب كشف الخفاء ص 67 مجلد أول عن المقاصد، وعن الزركشي، أنه موقوف على ابن مسعود.. أخرجه عبد الرزاق والطبراني من طريقه، وليس بمرفوع... انظر تمامه في الكشف. وله شاهد في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها))[4].
3- حديث: ((أفضل طعام الدنيا والآخرة اللحم))
حديث: ((أفضل طعام الدنيا والآخرة اللحم))، ضعيف أو موضوع، وقد ذكره في كشف الخفاء ص 154 ج 1، وقال: روه أبو نعيم والعقيلي من طريق عمرو السكسكي عن ربيعة بن كعب رفعه، قال: وعمرو المذكور ضعيف جداً، وقال العقيلي: لا يعرف هذا الحديث إلا به، ولا يصح فيه شيء.
وذكر في الكشف له طرقاً أخرى، ونقل عن ابن الجوزي أنه أدخله في الموضوعات فراجع كلامه فيه إن شئت، والله الموفق.
4- حديث: ((فضل علي وسلمان وأبي ذر والمقداد رضي الله عنهم))
حديث: ((إن الله يحب من أصحابي أربعة: علياً وسلمان وأبا ذر والمقداد ابن الأسود الكندي)) أخرجه الإمام أحمد في المسند في المجلد الخامس، ص 351، 356.
والترمذي في المجلد الرابع من الطبعة الهندية بشرح المباركفوري صفحة 327، وقال: حسن غريب لا نعرفه إلا من طريق شريك، يعني به شريكاً القاضي.
وأخرجه ابن ماجه في المجلد الأول صفحة 66، وأخرجه الحاكم صفحة 130 من المجلد الثالث كلهم من طريق شريك القاضي عن أبي ربيعة الإيادي عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وكلهم رووه عن شريك عن أبي ربيعة بالعنعنة ما عدا أحمد في إحدى روايتيه، فإن شريكاً صرح فيها بأن أبا ربيعة حدثه بذلك.
وإسناده ضعيف من أجل أبي ربيعة المذكور فإنه انفرد به وهو منكر الحديث. قاله أبو حاتم الرازي، وصححه الحاكم.
وزعم أنه على شرط مسلم، وأنكر الذهبي عليه ذلك. وقال: إن مسلماً لم يخرج عن أبي ربيعة المذكور.. انتهى.
وكثيراً ما يصحح الحاكم رحمه الله أحاديث ضعيفة وموضوعة، فلا ينبغي أن يغتر بتصحيحه، وقد أغرب الحافظ ابن حجر في ترجمة المقداد، فحسن هذا الحديث، وليس ذلك بجيد؛ لضعف إسناده بانفراد أبي ربيعة به، ونكارة متنه؛ ولأن هذا الحديث لو كان صحيحاً لم يخف على الحفاظ من أصحاب بريدة.
وعلى فرض صحته فإنه لا مفهوم له؛ لأن الله جل وعلا يحب جميع صحابة نبيه صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم وأرضاهم، ويحب كل مؤمنٍ ومؤمنة من سائر الثقلين، كما قال عز وجل: {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ}[5]، {وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}[6]، {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}[7]، وقوله عز وجل: {وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا}[8]، وقوله عز وجل: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}.. إلى أن قال عز وجل: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}[9]، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
تنبيه آخر:
نقل الحافظ الذهبي كلام أبي حاتم المذكور في شأن أبي ربيعة في الميزان في ترجمة عمر بن ربيعة ص 257 الجلد رقم 2.
5- وقت القيام للصلاة عند الإقامة
خرج البيهقي في السنن من طريق الحجاج بن فروج الواسطي عن العوام بن حوشب عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: كان بلال إذا قال: قد قامت الصلاة، نهض النبي صلى الله عليه وسلم وكبر.
وأعله بالحجاج المذكور وذكر أن ابن معين ضعفه. وذكره صاحب الميزان: أعني الحافظ الذهبي رحمه الله من طريق الحجاج المذكور وذكر ابن معين، والنسائي ضعفاه.... انتهى المقصود.
قلت: وفي السند المذكور علة أخرى. وهي الانقطاع بين العوام، وبين عبد الله بن أبي أوفى؛ لأن العوام لم يسمع منه، ولا من غيره من الصحابة رضي الله عنهم، كما يعلم ذلك من تهذيب التهذيب وغيره.
وبذلك يكون الحديث المذكور ضعيفاً؛ لعلتين وهما: الانقطاع وضعف الحجاج... وقد ذكره كثير من الفقهاء في أول باب صفة الصلاة، محتجين به على استحباب قيام المأموم عند قول المؤذن: قد قامت الصلاة. ولم يعزه كثير منهم إلى أحد، ولا حجة فيه لضعفه.
وبذلك يعلم أنه لا تحديد في وقت قيام المأموم للصلاة إذا أخذ المؤذن في الإقامة فهو مخير في القيام في أول الإقامة، أو في أثنائها أو آخرها. وهو قول أكثر أهل العلم، وأما التكبير فلم يكن صلى الله عليه وسلم يكبر تكبيرة الإحرام إلا بعد الفراغ من الإقامة، وبعد أن يأمر الناس بتسوية الصفوف، وسد الخلل، كما استفاضت بذلك الأحاديث الصحيحة عنه عليه الصلاة والسلام، وذلك يدل على بطلان هذا الحديث، وعدم صحته. والله ولي التوفيق.
6- حديث: ((إذا كثرت ذنوبك فاسق الماء...))
حديث: ((إذا كثرت ذنوبك فاسق الماء على الماء. تتناثر ذنوبك)) رواه أبو بكر الخطيب البغدادي عن إسحاق بن محمد التمار، وقال: كان لا بأس به. قال: حدثنا هبة الله بهذا، قال الذهبي رحمه الله في الميزان ج4 ص293: وهبة الله هو ابن موسى المزني الموصلي. عرف بابن قتيل لا يعرف. أ هـ.
قلت: وبذلك يكون هذا الحديث ضعيفاً بهذا الإسناد؛ ولكن يعلم فضل سقي الماء من أدلةٍ أخرى؛ لكون ذلك من أعمال البر والخير، والله ولي التوفيق.
7- حديث: ((حبك الشيء يعمي ويصم))
حديث: ((حبك الشيء يعمي ويصم)) لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ}[10]، قال الإمام أحمد: حدثنا عصام بن خالد، حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني، عن خالد بن محمد الثقفي عن بلال بن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((حبك الشيء يعمي ويصم)) رواه أبو داود عن حيوة بن شريح، عن بقية عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم به. انتهى
قلت: هذا الحديث المذكور ضعيف؛ لأن في إسناده أبا بكر بن عبد الله بن أبي مريم، وهو ضعيف لا يحتج به. ولكن معناه صحيح نسأل الله العافية.
8- حديث علي رضي الله عنه أنه تصدق بخاتمه وهو راكع
حديث: إن قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}[11]، نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله عنه تصدق بخاتمه وهو راكع ليس بصحيح، ذكره الحافظ ابن كثير في التفسير، وحكم عليه بالضعف؛ لضعف رجال أسانيده، وجهالة بعضهم.. وذكر أنه لم يقل أحد من أهل العلم فيما يعلم بفضل الصدقة حال الركوع. أ هـ. المقصود.
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في المنهاج المجلد الأول ص165 الطبعة التي حققها الدكتور محمد رشاد سالم: أن الحديث المذكور موضوع.. وبهذا يعلم أن قوله تعالى: {وَهُمْ رَاكِعُونَ}، معناها وهم خاضعون، ذليلون لله تعالى؛ لأن الركوع والسجود يمثلان غاية الذل لله والاستكانة، فالمؤمن يتصدق وهو خاضع لله، لا متكبر ولا مدل بعمله ولا مراء ولا مسمع.. والله ولي التوفيق.
9- حديث: ((دفن عيسى عليه السلام مع النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزوله آخر الزمان))
الأحاديث الواردة في دفن عيسى ابن مريم عليه السلام في حجرة النبي صلى الله عليه وسلم، بعد نزوله آخر الزمان وموته كلها ضعيفة، وهكذا ما روى الترمذي عن عبد الله بن سلام أنه مكتوب في التوراة أن عيسى عليه الصلاة والسلام يدفن مع النبي صلى الله عليه وسلم ضعيف. انظر ص 81 من المجلد العاشر من تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي، الطبعة المصرية.
10- حديث: ((عقوبة تارك الصلاة بخمس عشر عقوبة... الخ))
حديث: ((عقوبة تارك الصلاة بخمس عشرة عقوبة)) الخ، من الأحاديث الباطلة المكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم، كما بين الحفاظ من العلماء رحمهم الله كالحافظ الذهبي في الميزان، والحافظ ابن حجر وغيرهما.
قال ابن حجر في كتابه لسان الميزان في ترجمة محمد بن علي بن العباس البغدادي العطّار، إنه ركَّب على أبي بكر بن زياد النيسابوري حديثاً باطلاً في تارك الصلاة.
وروى عنه محمد بن علي الموازيني شيخ لأبي النرسي زعم المذكور أن ابن زياد أخذه عن الربيع عن الشافعي عن مالك عن سُميْ عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه: ((من تهاون بصلاته عاقبه الله بخمس عشرة خصلة..)) الحديث، وهو ظاهر البطلان من أحاديث الطرقية. أ هـ.
فكيف يرضى مؤمن لنفسه بترويج حديث موضوع، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من روى عني حديثاً وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين))[12] خرجه مسلم في صحيحه.
وفيما جاء عن الله وعن رسوله في شأن الصلاة عقوبة تاركها ما يكفي ويشفي، قال تعالى: {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا}[13]، وقال تعالى عن أهل النار: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ}[14] الآيات.
فذكر سبحانه من صفاتهم التي دخلوا بسببها النار ترك الصلاة، قال سبحانه: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}[15].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت))[16].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر))[17]، والآيات والأحاديث الصحيحة في هذا كثيرة معلومة..
11- حديث: ((إذا سألتم الله فاسألوه بجاهي.....))
حديث التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم موضوع، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى ج1 ص319: (وروى بعض الجهال عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا سألتم الله فاسألوه بجاهي، فإن جاهي عند الله عظيم).
وهذا الحديث كذب ليس في شيء من كتب المسلمين التي يعتمد عليها أهل الحديث، ولا ذكره أحد من أهل العلم بالحديث..
12- حديث: ((يا علي ليلة أسري بي إلى السماء رأيت نساء من أمتي في عذاب شديد))
حديث عن علي رضي الله عنه قال: (دخلت أنا وفاطمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدته يبكي بكاء شديداً، فقلت: فداك أبي وأمي يا رسول الله، ما الذي أبكاك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((يا علي ليلة أسري بي إلى السماء، رأيت نساء من أمتي في عذاب شديد فأنكرت شأنهن، لما رأيت شدة عذابهن، رأيت امرأة معلقة بشعرها يغلي دماغ رأسها، ورأيت امرأة معلقة بلسانها والحميم يصب في حلقها، ورأيت امرأة معلقة بثديها، ورأيت امرأة تأكل لحم جسدها، والنار توقد من تحتها، ورأيت امرأة قد شدت رجلاها إلى يديها، وقد سلط عليها الحيات والعقارب. ورأيت امرأة صماء عمياء خرساء في تابوت من نار يخرج دماغ رأسها من منخرها وبدنها، فتقطع من الجذام والبرص، ورأيت امرأة تقطع لحم جسدها من مقدمتها ومؤخرتها بمقارض من نار، ورأيت امرأة تحرق وجهها ويديها وهي تأكل أمعاءها، ورأيت امرأةً رأسها رأس خنزير وبدنها بدن الحمار، وعليها ألف ألف لون من العذاب، ورأيت امرأة على صورة الكلب والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها، والملائكة يضربون رأسها وبدنها بمقامع من نار. فقالت فاطمة رضي الله عنها: حبيبي وقرة عيني، أخبرني ما كان عملهن وسيرتهن حتى وضع الله عليهن هذا العذاب؟ فقال صلى الله عليه وسلم: يا ابنتي: أما المعلقة بشعرها فإنها كانت لا تغطي شعرها من الرجال، وأما المعلقة بلسانها فإنها كانت تؤذي زوجها، وأما المعلقة بثدييها فإنها كانت تمتنع من فراش زوجها، وأما المعلقة برجليها فإنها كانت تخرج من بيتها بغير إذن زوجها، وأما التي كانت تأكل جسدها فإنها كانت تزين بدنها للناس، وأما التي شدت يداها إلى رجليها وسلط عليها الحيات والعقارب فإنها كانت قذرة الوضوء، قذرة الثياب، وكانت لا تغتسل من الجنابة والحيض، ولا تتنظف، وكانت تستهين بالصلاة. وأما العمياء الصماء الخرساء، فإنها كانت تلد من الزنا، فتعلقه في عنق زوجها، وأما التي كانت يقرض لحمها بالمقارض، فإنها كانت تعرض نفسها على الرجال، وأما التي كانت تحرق وجهها وبدنها، وهي تأكل أمعاءها فإنها كانت قوادة، وأما التي كان رأسها رأس خنزير، وبدنها بدن الحمار، فإنها كانت نمامة كذابة، وأما التي كانت على صورة الكلب والنار تدخل في دبرها، وتخرج من فيها. فإنها كانت قينة - مغنية - نوّاحة حاسرة. ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ويل لامرأة أغضبت زوجها، وطوبى لامرأة رضي عنها زوجها)). انتهى..
هذا خبر مكذوب، ومتنه منكر، وبعد البحث التام لم نجد إلا أن بعض الناس عزاه إلى كتاب: بحار الأنوار.. وبمراجعة إيضاح المكنون، ذيل كتاب كشف الظنون وجدنا في حرف الباء، أن الكتاب المذكور من مؤلفات بعض الشيعة، وهو محمد بن باقر بن محمد تقي الشهير بالمجلسي الشيعي المتوفى عام 1111هـ.
كذا في الكتاب المذكور، وقد ذكر في البطاقة الموجهة إليّ المتضمنة السؤال عن هذا الحديث، أن صاحب البحار ذكره في الجزء 18 ص351، وقد حدثني من لا أتهم عن بعض من له عناية بكتب الشيعة، أن هذا الكتاب أعني: بحار الأنوار، مملوء من الأحاديث المكذوبة الموضوعة، والله ولي التوفيق. أ.هـ.
13- حديث: ((يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا...))
حديث: الرخصة للمرأة في كشف وجهها وكفيها لغير محارمها... ضعيف جداً لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ما رواه أبو داود في سننه: حدثنا يعقوب بن كعب الأنطاكي ومؤمل بن الفضل الحراني، قالا: حدثنا الوليد عن سعيد عن بشير عن قتادة عن خالد بن دريك، عن عائشة رضي الله عنها، أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم، وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها وقال: ((يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا)) وأشار إلى وجهه وكفيه.
قال أبو داود: هو مرسل وكذا قال أبو حاتم الرازي.
قلت هذا الحديث ضعيف جداً، ولا تقوم به حجة للعلة المذكورة، وهي الانقطاع بين خالد وعائشة، وهو مراد أبي داود وأبي حاتم بقولهما مرسل، ولضعف سعيد بن بشير، وتدليس قتادة وقد عنعن.
وبذلك يتضح أن هذا الحديث بهذا الإسناد في غاية الضعف والسقوط؛ لهذه العلل الثلاث، ولو صحّ لكان محمولاً على ما كانت عليه الحال، قبل نزول آية الحجاب، وهناك علة خامسة وهي نكارة متنه فإنه لا يظن بأسماء رضي الله عنها مع تقواها وإيمانها أن تدخل على النبي صلى الله عليه وسلم في ثياب رقاق ولا تستر عورتها، والله ولي التوفيق.
14- حديث: احتجاب المرأة عن الأعمى
حديث الاحتجاب عن الأعمى ضعيف شاذ.. وهو ما روى أبو داود والترمذي من حديث الزهري عن نبهان مولى أبي سلمة، حدثته أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة قالت: فبينما نحن عنده أقبل ابن أم مكتوم فدخل عليه، وذلك بعدما أمرنا بالحجاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((احتجبن منه)) فقلت: يا رسول الله أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أوعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟))، ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
قلت في تحسين الترمذي وتصحيحه لهذا الحديث نظر؛ لأن نبهان ليس مشهوراً بالحفظ والعدالة، وإن وثَّقه ابن حبان، كما في تهذيب التهذيب.
والصواب أنه ضعيف شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة الدالة على عدم وجوب الحجاب عن الأعمى كحديث فاطمة بنت قيس المخرج في صحيح مسلم، وحديث إنما جعل الاستئذان من أجل النظر المخرج في الصحيحين، والله أعلم.
15- حديث: ((أنا مدينة العلم وعليّ بابها))
حديث: ((أنا مدينة العلم وعلي بابها)) قال العجلوني في كشف الخفاء، وهذا حديث مضطرب غير ثابت، كما قال الدارقطني في العلل، وقال الترمذي: منكر، وقال البخاري: ليس له وجه صحيح. ونقل الخطيب البغدادي عن يحيى بن معين أنه قال: إنه كذب لا أصل له.
وذكره ابن الجوزي في الموضوعات، ووافقه الذهبي وغيره، وقال أبو زرعة كم خلق افتضحوا فيه، وقال أبو حاتم ويحيى بن سعيد: لا أصل له، وقال ابن دقيق العيد: لم يثبتوه.
وروى الديلمي بلا إسناد عن ابن مسعود ورفعه: ((أنا مدينة العلم وأبو بكر أساسها وعمر حيطانها وعثمان سقفها وعلي بابها)).
روي أيضاً عن أنس مرفوعاً: ((أنا مدينة العلم وعلي بابها ومعاوية حلقتها)). قال في المقاصد: وبالجملة فكلها ضعيفة وألفاظ أكثرها ركيكة. وقال النجم: كلها ضعيفة واهية. قلت: بل هي موضوعة بلا شك، والله ولي التوفيق.
16- حديث: صلاة التسبيح
حديث صلاة التسبيح موضوع.
في سنن أبي داود الجزء الثاني ص29-30: باب صلاة التسبيح، وعند ابن ماجه ج1 ص419.
حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم النيسابوري، ثنا موسى بن عبد العزيز، ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن عبد المطلب: ((يا عباس يا عماه ألا أعطيك، ألا أمنحك، ألا أحبوك، ألا أفعل بك، عشر خصال إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك، أوله وآخره، قديمه وحديثه، خطأه وعمده، صغيره وكبيره، سره وعلانيته، عشر خصال: أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة وأنت قائم قلت: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة، ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشراً، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشراً، ثم تهوي ساجداً فتقولها وأنت ساجد عشراً. ثم ترفع رأسك فتقولها عشراً، فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، تفعل ذلك في أربع ركعات، إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل، فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة. فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة. فإن لم تفعل ففي عمرك مرة)) أ.هـ.
هذا الحديث ذكر ابن الجوزي رحمه الله أنه موضوع على النبي صلى الله عليه وسلم، انتهى.
وضعفه الترمذي والعقيلي.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص ما نصه: والحق أن طرقه كلها ضعيفة، وإن كان حديث ابن عباس يقرب من شرط الحسن، إلا أنه شاذ لشدة الفردية فيه، وعدم المتابع والشاهد من وجه معتبر، ومخالفة هيئتها لهيئة باقي الصلوات، وموسى بن عبد العزيز وإن كان صادقاً صالحاً فلا يحتمل فيه هذا التفرد، وقد ضعفها ابن تيمية والمزّي، وتوقف الذهبي.
حكاه ابن عبد الهادي عنهم في أحكامه، وقد اختلف كلام الشيخ محيي الدين النووي، فوهاها في شرح المهذب فقال: حديثها ضعيف. وفي استحبابها عندي نظر؛ لأن فيها تغييراً لهيئة الصلاة المعروفة، فينبغي أن لا تفعل، وليس حديثها بثابت، انتهى.
17- حديث: ((كيف أنتم إذا غدي عليكم بجفنة...))
حديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كيف أنتم إذا غدي عليكم بجفنة، وريح عليك بأخرى؟)) قالوا: يا رسول الله: إنا يومئذٍ لخير؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بل أنتم اليوم خير))[18] رواه أبو يعلى وفيه من لم أعرفهم، انظر مجمع الزوائد ج1 ص267.
18- حديث: ((إذا مشت أمتي المطيطاء))
حديث: مشي المطيطا...
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا مشت أمتي المطيطاء وخدمتهم فارس والروم تسلط بعضهم على بعض))[19] رواه الطبراني وإسناده حسن..
وفي رواية: ((إذا مشت أمتي المطيطاء وخدمها أبناء فارس والروم سلط شرارها على خيارها))[20] حديث حسن.
وانظر كتاب إتحاف الجماعة للشيخ حمود بن عبد الله التويجري فقد خرجهما مع أحاديث أخرى.
19- حديث: ((سب أصحابي ذنب لا يغفر))
حديث: ((سب أصحابي ذنب لا يغفر)) لا يصح.
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى ج3 ص290 ما نصه بعد كلام سبق: كما أن طائفة أخرى زعموا أن من سب الصحابة لا يقبل الله توبته وإن تاب... ورووا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((سب أصحابي ذنب لا يغفر)).
وهذا الحديث كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يروه أحدٌ من أهل العلم، ولا هو في شيء من كتب المسلمين المعتمدة، وهو مخالف للقرآن الكريم؛ لأن الله جل وعلا قال: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء}[21]، هذا في حق من لم يتب.
وقال في حق التائبين: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[22].
فثبت بالكتاب من الله سبحانه، وبالسنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كل من تاب تاب الله عليه.
ومعلوم أن من سب الرسول من الكفار المحاربين، وقال: هو ساحر أو شاعر أو مجنون أو معلم أو مفتر، وتاب تاب الله عليه، وقد كان طائفة يسبون النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الحرب ثم أسلموا، وحسن إسلامهم، وقبل النبي صلى الله عليه وسلم منهم.
منهم أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن أبي سرح، انتهى.
ويؤيد ما ذكره شيخ الإسلام رحمه الله أن الشرك هو أعظم الذنوب، ومن تاب منه تاب الله عليه بنص الآيات المحكمات، والأحاديث الصحيحة وإجماع أهل العلم.
وسب الصحابة رضي الله عنهم دون ذلك، فمن تاب منه توبةً نصوحاً تاب الله عليه من باب أولى، والله ولي التوفيق.
20- حديث: ((الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا))
حديث يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا)).
هذا كلام ليس بحديث بل هو من كلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقيل من كلام سهل بن عبد الله التستري، حسب ما ذكره العجلوني في كشف الخفاء.
21- حديث: ((إن الله تعالى لا يقبل صلاة رجل مسبل إزاره))
الحديث الذي أخرجه أبو داود برقم (638) ج1 ص172 ورقم (4086) ج4 ص57 عن موسى بن إسماعيل عن أبان عن يحيى عن أبي جعفر عن عطاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما رجل يصلي مسبلاً إزاره إذ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اذهب فتوضأ)) فذهب فتوضأ ثم جاء، فقال له: ((اذهب فتوضأ)) فذهب فتوضأ ثم جاء، فقال له رجل: يا رسول الله ما لك أمرته أن يتوضأ ثم سكت عنه؟!.. فقال: ((إنه كان يصلي وهو مسبل إزاره، وإن الله تعالى لا يقبل صلاة رجل مسبل إزاره)).
قال النووي في رياض الصالحين: رواه أبو داود على شرط مسلم.
قلت: هذا وهم من النووي رحمه الله فليس إسناده على شرط مسلم، بل هو ضعيف لعلتين:
إحداهما: أنه من رواية أبي جعفر غير منسوب وهو مجهول.
والعلة الثانية: أنه من رواية يحيى بن أبي كثير عن أبي جعفر المذكور بالعنعنة، ويحيى مدلّس، والمدلس إذا لم يصرح بالسماع لم يحتج به، إلا ما كان في الصحيحين.
ولو صح فمعناه التغليظ والتشديد؛ ليحذر العود إلى الإسبال.. أما صلاته فصحيحة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمره بإعادتها، وإنما أمره بإعادة الوضوء، ونفي القبول في الصلاة لا يلزم منه بطلان الصلاة في جميع موارده؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال: ((من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة))[23] رواه مسلم في صحيحه.
وقد حكى النووي الإجماع أنه لا يؤمر بالإعادة، وإنما فاته الثواب للزجر والتحذير، وله نظائر في أحاديث أخرى. ويدل على أن نفي القبول في حديث المسبل، لا يلزم منه بطلان الصلاة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمره بالإعادة. وهكذا في حديث ابن مسعود لم يأمره بالإعادة، فدل ذلك على أن مراده صلى الله عليه وسلم بأمره بإعادة الوضوء هو الزجر والتحذير.. ولعل وضوءه يخفف عنه الإثم.
وهذا كله على تقدير صحة الحديث المذكور، وقد يستدل بنفي القبول على عدم الصحة؛ لعدم وجود ما يقتضي خلاف ذلك، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ))[24] متفق عليه.
وحديث ابن مسعود المشار إليه آنفاً خرجه أبو داود برقم (637) ج1 ص172 بإسناد صحيح، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في حل ولا حرام)).
ثم ذكر أبو داود رحمه الله أنه رواه جماعة موقوفاً على ابن مسعود، انتهى.
وهذا الموقوف له حكم الرفع؛ لأنه لا يقال من جهة الرأي، كما يعلم ذلك من كلام أهل العلم في أصول الفقه. ومصطلح الحديث، وبالله التوفيق..
22- حديث: ((إن أكثر شهداء أمتي أصحاب الفرش...))
حديث: ((إن أكثر شهداء أمتي أصحاب الفرش، ورب قتيلٍ بين الصفين الله أعلم بنيته)) أخرجه الإمام أحمد رحمه الله في المسند مجلد واحد ص367 من طريق عبد الله بن لهيعة، وهو ضعيف لاختلاطه، فيكون هذا الحديث ضعيفاً بهذا السند.
وفي السند أيضاً أبو محمد الراوي؛ للحديث المذكور عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يصرح بسماعه منه عليه الصلاة والسلام، فيحتمل أن يكون مرسلاً، والمرسل لا يحتج به، إلا أن يكون له شواهد تدل على صحته أو حسنه، إن لم يثبت سماع أبي محمد المذكور من النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر في السند أنه من أصحاب ابن مسعود، والله ولي التوفيق.
23- حديث: ((تعشّوا ولو بكف من حشف...))
حديث: ((تعشوا ولو بكف من حشف، فإن ترك العشاء مهرمة)) خرجه الترمذي في جامعه رحمه الله حيث قال: حدثنا يحيى بن موسى حدثنا محمد بن يعلى الكوفي، حدثنا عنبسة بن عبد الرحمن القرشي، عن عبد الملك بن علاق عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم... فذكره. ثم قال رحمه الله هذا حديث منكر لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وعنبسة يضعف في هذا الحديث. وعبد الملك بن علاق مجهول... انتهى كلامه رحمه الله.
وقال الحافظ في التقريب: محمد بن يعلى السلمي أبو ليلى الكوفي لقبه زنبور، ضعيف من التاسعة..
وقال الحافظ أيضاً في عنبسة عن عبد الرحمن المذكور: متروك رماه أبو حاتم بالوضع من الثامنة، وقال الحافظ أيضاً في عبد الملك بن علاق المذكور: مجهول من الخامسة.
وبهذا يتضح أن هذا الحديث بهذا الإسناد ضعيف جداً، ويحتمل أنه موضوع والحمل فيه على عنبسة..
أما شيخ الإمام الترمذي، وهو يحيى بن موسى فثقةٍ معروف، روى له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي كما في التقريب. وقال العجلوني في كشف الخفاء، بعد ما عزاه للترمذي، وذكر أن فيه ضعيفاً ومجهولاً ما نصه. ورواه أبو نعيم عن أنس بلفظ: ((لا تدعوا عشاء الليل، ولو بكف من حشف فإن تركه مهرمة)) ورواه ابن ماجه عن جابر مرفوعاً بلفظ: ((لا تدعوا العشاء ولو بكفٍ من تمر، فإن تركه مهرمة)) ورواه في اللآلئ معزواً لابن ماجه عن جابر بلفظ: ((لا تتركوا العشاء ولو على كف تمر، فإن تركه يهرم)).
قال: وفي سنده إبراهيم بن عبد السلام ضعيف يسرق الحديث، وقال في المقاصد: وحكم عليه الصّنعاني.
24- حديث: ((اطلبوا العلم ولو في الصين))
حديث: ((اطلبوا العلم ولو في الصين))، جمهور أهل العلم بالحديث قد حكموا على هذا الحديث بأنه ضعيف من جميع طرقه، وقد بسط الكلام في ذلك الشيخ إسماعيل بن محمد العجلوني رحمه الله في كتابه (كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس) في حرف الهمزة مع الطاء، وعزاه إلى البيهقي والخطيب البغدادي وابن عبد البر والديلمي وغيرهم، عن أنس رضي الله عنه، وجزم بضعفه، ونقل عن الحافظ ابن حبان صاحب الصحيح أنه باطل، كما نقل عن ابن الجوزي أنه ذكره في الموضوعات، ونقل عن المزي أن له طرقاً كثيرة، ربما يصل بمجموعها إلى الحسن، وعن الذهبي أنه روي من عدة طرق واهية، وبعضها صالح، وبهذا يتضح لطالب العلم حكم هذا الحديث، وأنه من الأحاديث الضعيفة عند جمهور أهل العلم، وقد حكم عليه ابن حبان بأنه باطل، وابن الجوزي بأنه موضوع.
أما قول الحافظ المزي رحمه الله: إنه له طرقاً ربما يصل بمجموعها إلى الحسن، فليس بجيد في هذا المقام؛ لأن كثرة الطرق المشتملة على الكذابين والمتهمين بالوضع وأشباههم، لا ترفع الحديث إلى الحسن.
وأما قول الحافظ الذهبي رحمه الله: إن بعض طرقه صالح، فيحتاج إلى بيان ذلك الطريق الصالح حتى ينظر رجاله، والجرح في هذا المقام مقدم على التعديل، والتضعيف مقدم على التصحيح، حتى يتضح من الأسانيد وجه التصحيح، وذلك بأن يكون الرواة كلهم عدولاً ضابطين، مع اتصال السند وعدم الشذوذ، والعلة القادحة، كما نبه عليه أهل العلم في كتب المصطلح والأصول، ولو صح لم يكن فيه حجة على فضل الصين وأهلها؛ لأن المقصود من هذا اللفظ: ((اطلبوا العلم ولو بالصين)) لو صح: الحث على طلب العلم ولو كان بعد المكان غاية البعد؛ لأن طلب العلم من أهم المهمات لما يترتب عليه من صلاح أمر الدنيا والآخرة، في حق من عمل به، وليس المقصود ذات الصين.
ولكن لما كانت الصين بعيدة بالنسبة إلى أرض العرب، مثَّل بها النبي صلى الله عليه وسلم لو صح الخبر. وهذا بيّن واضح لمن تأمل المقام، والله ولي التوفيق.
25- حديث: ((إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حلَّ بها البلاء...))
روى الترمذي في آخر جامعه في كتاب الفتن، عن علي رضي الله عنه ما نصه: حدثنا صالح بن عبد الله الترمذي حدثنا الفرج بن فضالة: أبو فضلة الشامي عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن عمر بن علي، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة، حلّ بها البلاء فقيل وما هن يا رسول الله؟ قال: إذا كان المغنم دولاً، والأمانة مغنماً، والزكاة مغرماً، وأطاع الرجل زوجته، وعق أمه، وبر صديقه، وجفا أباه وارتفعت الأصوات في المساجد، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكر الرجل مخافة شره، وشربت الخمور، ولبس الحرير، واتخذت القينات والمعازف، ولعن آخر هذه الأمة أولها، فليرتقبوا عند ذلك ريحاً حمراء أو خسفاً ومسخاً))[25]، قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث علي بن أبي طالب، إلا من هذا الوجه ولا نعلم أحداً رواه عن يحيى بن سعيد الأنصاري غير الفرج بن فضالة، والفرج بن فضالة قد تكلم فيه بعض أهل الحديث وضعفه من قبل حفظه، وقد رواه عنه وكيع وغير واحد من الأئمة... أ هـ.
وهو بهذا السند ضعيف لعلتين: إحداهما: ضعف فرج المذكور كما ذكر المؤلف، وقد جزم الحافظ في التقريب بضعفه ونقل في تهذيب التهذيب ضعفه عن جماعة من الأئمة، ونقل عن البرقاني أنه سأل الدار قطني رحمه الله عن حديثه هذا، فقال: باطل.
والعلة الثانية: انقطاعه؛ لأن محمداً بن عمر بن علي رحمه الله لم يسمع من جده علي رضي الله عنه، ولم يدرك زمانه كما يعلم ذلك من تهذيب التهذيب والتقريب، والله ولي التوفيق.
26- حديث: ((إذا اتخذ الفيء دولاً والأمانة مغنماً والزكاة مغرماً...))
وقد أخرجه الترمذي رحمه الله من طريق أخرى عن أبي هريرة رضي الله عنه حيث قال في جامعه بعد روايته حديث علي المذكور: حدثنا علي بن حجر، حدثنا محمد بن يزيد الواسطي، عن المستلم بن سعيد، عن رميح الجذامي، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا اتخذ الفيء دولاً، والأمانة مغنماً، والزكاة مغرماً، وتعلم لغير الدين، وأطاع الرجل امرأته، وعقَّ أمه، وأدنى صديقه، وأقصى أباه، وظهرت الأصوات في المساجد، وساد القبيلة فاسقهم، وكان زعيما لقوم أرذلهم، وأُكرم الرجل مخافة شره، وظهرت القينات والمعازف، وشربت الخمور، ولعن آخر هذه الأمة أولها. فليترقبوا عند ذلك ريحاً حمراء وزلزلة وخسفاً ومسخاً وقذفاً وآيات تتابع كنظام بالٍ قطع سلكه فتتابع))، قال أبو عيسى: وفي الباب عن علي، وهذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، انتهى كلامه رحمه الله. ومراده بقوله: وفي الباب عن علي هو الحديث السابق.
وهذا الحديث أعني حديث أبي هريرة ضعيف جداً، لأن رميحاً الجذامي مجهول، كما في التقريب وتهذيب التهذيب، ويقال له: الحزّامي بالميم المهملة، والزاي، ولا يتوجه الحكم على الحديث بالحسن لغيره؛ لكونه جاء من طريقين؛ لأن ضعف كل واحد منهما شديد فلا يصلح الحكم على متنهما بالحسن؛ لما عرف في الأصول وعلم مصطلح الحديث ولهذا لم يحسِّن الترمذي واحداً منهما للعلة المذكورة. والله ولي التوفيق.
27- حديث: ((السخي قريب من الله قريب من الجنة..))
روى الترمذي: حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا سعيد بن محمد الورَّاق، عن يحيى بن سعيد عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((السخي قريب من الله، قريب من الجنة، قريب من الناس، بعيد من النار، والبخيل بعيد من الله، بعيد من الجنة، بعيد من الناس، قريب من النار، ولجاهل سخي أحب إلى الله تعالى من عابد بخيل)).
قلت: ذكر الحافظ في التقريب ضعف سعيد المذكور، ونقل في تهذيب التهذيب من أئمة الحديث تضعيف سعيد المذكور، وعن الدار قطني أنه متروك وشذ ابن حبان فذكره في الثقات، وهو متساهل فلا يعول على توثيقه.
28- حديث: ((من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له لملك...))
خرج الترمذي في جامعه ج9 ص386 في الطبعة المصرية طبعة المكتبة السلفية في المدينة رقم الحديث (3488، 3489) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة ومحي عنه ألف ألف سيئة ورفع ألف درجة))[26]، وقال: هذا حديث غريب.
وقد روى عمرو بن دينار وهو قهرمان آل الزبير عن سالم بن عبد الله هذا الحديث نحوه ثم ساقه مسنده مثل الأول، لكن قال فيه بدل ((ورفع له ألف ألف درجة)) ما نصه: ((وبني له بيتاً في الجنة))، وهذا الحديث ضعيف من الطريقين جميعاً؛ أما الطريق الأول ففيه أزهر بن سنان وهو ضعيف، كما في التقريب، ورمز له بعلامة الترمذي.
وقال في تهذيب التهذيب عن ابن معين: ليس بشيء، ونقل عن أبي غالب الأزدي عن علي ابن المديني أنه ضعفه جداً بسبب حديثه هذا، ونقل عن الساجي أن فيه ضعفاً، وعن ابن شاهين أنه ذكره في الضعفاء، ونقل عن المروذي عن أحمد أنه ليَّنه، وذكره أنه روى حديثاً منكراً في الطلاق، أما ابن عدي فنقل عنه الحافظ في تهذيب التهذيب ما نصه: أحاديثه صالحة ليست بالمنكرة جداً وأرجو أن لا يكون به بأس. أ هـ.
وبما ذكرنا يعلم أن غالب الأئمة ضَّعفوه، والقاعدة أن الجرح مقدم على التعديل، وفي هذا السند علة أخرى، وهي أن أزهر رواه عن محمد بن واسع، وفي سماعه منه نظر، كما يعلم ذلك من تذهيب التهذيب، أما السند الثاني ففيه عمرو بن دينار البصري قهرمان آل الزبير، وهو ضعيف جداً وهو أضعف من أزهر المذكور، وقد ذكر الحافظ في تهذيب التهذيب ما يدل على إجماع أئمة الحديث على ضعفه، وقد جزم في التقريب بضعفه، ورمز له بعلامة الترمذي وابن ماجه؛ وبذلك يعلم ضعف هذا الحديث من الطريقين جميعاً، ومما يقوِّي ضعفه غرابة متنه ونكارته؛ لأن من قواعد أئمة الحديث أن الثواب العظيم على العمل اليسير يدل على ضعف الحديث، ولا شك أن ما ذكر في المتن غريب جداً من حيث الكمية فيما يعطى من الحسنات ويمحى من السيئات ويرفع من الدرجات، ولكن هذا التضعيف والنكارة في المتن لا يمنع من شرعية الذكر في الأسواق؛ لأنها محل غفلة فالذكر فيها له فضل عظيم، وفيه تنبيه للغافلين ليتأسُّوا بالذاكر فيذكروا الله. والله ولي التوفيق..
29- حديث: ((من اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض ذلك العام...))
جميع الأحاديث الواردة في الاغتسال يوم عاشوراء والكحل والخضاب وغير ذلك مما يفعله أهل السنة يوم عاشوراء ضد الشيعة فهو موضوع ما عدا الصيام.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى ج4 ص513 ما نصه: (وقوم من المتسننة رووا ورويت لهم أحاديث موضوعة بنوا عليها ما جعلوه شعاراً في هذا اليوم - يعني يوم عاشوراء - يعارضون به شعار ذلك القوم -يعني الرافضة- فقابلوا باطلاً بباطل وردوا بدعة ببدعة، وإن كانت إحداهما -يعني بدعة الرافضة- أعظم في الفساد وأعون لأهل الإلحاد مثل: الحديث الطويل الذي روي فيه: ((من اغتسل عاشوراء لم يمرض ذلك العام، ومن اكتحل يوم عاشوراء لم يرمد ذلك العام)) وأمثال ذلك من الخضاب يوم عاشوراء والمصافحة فيه ونحو ذلك، فإن هذا الحديث ونحوه كذب مختلق باتفاق من يعرف علم الحديث، وإن كان قد ذكره بعض أهل الحديث، وقال: إنه صحيح وإسناده على شرط الصحيح، فهذا من الغلط الذي لا ريب فيه كما هو مبين في غير هذا الموضع، ولم يستحب أحد من أئمة المسلمين الاغتسال يوم عاشوراء ولا الكحل فيه والخضاب وأمثال ذلك، ولا ذكره أحد من علماء المسلمين الذين يقتدى بهم ويرجع إليهم في معرفة ما أمر الله به ونهى عنه، ولا فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي رضي الله عنهم، ولا ذكر مثل هذا الحديث في شيء من الدواوين التي صنفها علماء الحديث لا في المسندات كمسند أحمد وإسحاق وأحمد بن منيع الحميدي والدالاني[27] وأبي يعلى الموصلي وأمثالها، ولا في المصنفات على الأبواب كالصحاح والسنن، ولا في الكتب المصنفة الجامعة للمسند والآثار مثل موطأ مالك ووكيع وعبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأمثالها) انتهى المقصود من كلامه رحمه الله.
وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله في كتابه (لطائف المعارف) عند الكلام على صوم عاشوراء ما نصه: وكل ما روي في فضل الاكتحال في يوم عاشوراء والاختضاب والاغتسال فيه فموضوع لا يصح، وأما الصدقة فيه فقد روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: ((من صام عاشوراء فكأنما صام السنة ومن تصدق فيه كان كصدقة السنة)) أخرجه أبو موسى المديني.
وأما التوسعة فيه على العيال، فقال حرب: سألت أحمد عن الحديث الذي جاء ((من وسَّع على أهله يوم عاشوراء)) فلم يره شيئاً. وقال ابن منصور: قلت لأحمد: هل سمعت في الحديث ((من وسَّع على أهله يوم عاشوراء أوسع الله عليه سائر السنة))، فقال: نعم. رواه سفيان بن عيينة عن جعفر الأحمر، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، وكان من أفضل أهل زمانه أنه بلغه أنه ((من وسع على عياله يوم عاشوراء أوسع الله عليه سائر سنته))، قال ابن عيينة جربناه منذ خمسين سنة أو ستين سنة فما رأينا إلا خيراً، وقول حرب: إن أحمد لم يره شيئاً إنما أراد به الحديث الذي يروى مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يصح إسناده.
وقد روي من وجوهٍ متعددة لا يصح منها شيء، وممن روى ذلك محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وقال العقيلي: هو غير محفوظ، وقد روي عن عمر من قوله وفي إسناده مجهول لا يعرف.
وأما اتخاذه مأتماً كما تفعله الرافضة لأجل قتل الحسين رضي الله عنه فيه، فهو من عمل من ضل سعيه في الحياة الدنيا، وهو يحسب أنه يحسن صنعاً ولم يأمر الله ولا رسوله باتخاذ أيام مصائب الأنبياء وموتهم مأتماً فكيف بمن دونهم... أ هـ. كلامه رحمه الله.
وبما ذكرنا من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ ابن رجب رحمهما الله يعلم أن الأحاديث الواردة في تخصيص يوم عاشوراء بالاكتحال أو الاغتسال أو الاختضاب موضوعة، وهكذا أحاديث التوسعة على العيال كلها غير صحيحة، وأما ما نقله إبراهيم بن محمد المنتشر وهو من صغار التابعين عن غيره ولم يسمه وهكذا عمل سفيان بن عينية الإمام المشهور فلا يجوز الاحتجاج بذلك على شرعية التوسعة على العيال؛ لأن الحجة في الكتاب والسنة لا في عمل التابعين ومن بعدهم؛ وبذلك يعتبر أمر التوسعة على العيال يوم عاشوراء بدعة غير مشروعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))[28]، خرجه مسلم في صحيحه وعلقه البخاري جازماً به؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))[29] متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها.
وأما الصدقة فيه: ففيها حديث عبد الله بن عمرو المذكور آنفاً في كلام الحافظ ابن رجب وهو موقوف عليه رواه عنه أبو موسى المديني، ولم يتكلم الحافظ ابن رجب رحمه الله على سنده والغالب على أبي موسى المديني الضعف وعدم الصحة فلا يشرع الأخذ به إلا بعد صحة سنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، ومتى صح عنه وهو في حكم الرفع؛ لأن مثله لا يقال من جهة الرأي، وأما اتخاذ يوم عاشوراء مأتماً فهو من البدع المنكرة التي أحدثها الرافضة، وخالفوا بها أهل السنة والجماعة، وما درج عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز التشبه بهم في ذلك. والله المستعان.
30- حديث: ((من غشَّ العرب لم يدخل في شفاعتي...))
حديث: ((من غشَّ العرب لم يدخل في شفاعتي ولم تنله مودتي)) خرجه الإمام أحمد في مسند عثمان رقم (519) بتحقيق الشيخ أحمد شاكر رحمه الله. قال أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد، وجدت في كتاب أبي حدثنا محمد بن بشر حدثني عبد الله بن عبد الإله بن الأسود عن حصين بن عمر عن مخارق بن عبد الله بن جابر الأحمسي عن طارق بن شهاب عن عثمان بن عفان مرفوعاً فذكره.
ورواه الترمذي في المناقب في فضل العرب ج10 ص429 الطبعة المصرية بشرح تحفة الأحوذي من طريق حصين المذكور، وقال هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حصين بن عمر الأحمس عن مخارق وليس حصين عند أهل الحديث بذاك القوي... أ هـ.
وقال العلامة أحمد شاكر رحمه الله في حاشيته على هذا الحديث: إسناده ضعيف، وحصين بن عمر الأحمس ضعيف جداً رماه أحمد بالكذب، وقال البخاري والساجي وأبو زرعة منكر الحديث. أ هـ. ملخصاً.
وذكر الحافظ في تهذيب التذهيب تضعيفه عن جماعة من أئمة الحديث، وبعضهم رماه بالكذب، وشذ العجلي فوثقه وقال الحافظ في التقريب: متروك في الثامنة، وبذلك يعلم أن هذا الحديث بهذا الإسناد ضعيف جداً أو موضوع، والله ولي التوفيق.
31- حديث: ((الصّبحة تمنع الرزق))
32- حديث ((الصبحة تمنع الرزق))، ضعيف خرجه عبد الله بن الإمام أحمد في مسند عثمان رقم (530) بتحقيق الشيخ أحمد شاكر رحمه الله وهذا سنده:
قال عبد الله بن أحمد حدثنا أبو إبراهيم الترجماني، حدثنا إسماعيل بن عياش عن ابن أبي فروة عن محمد بن يوسف، عن عمرو بن عثمان بن عفان عن أبيه قال، قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الصّبحة تمنع الرزق)).
ثم رواه عبد الله بسند آخر برقم (533) وهذا نصه: قال عبد الله بن أحمد حدثني يحيى بن عثمان يعني الحربي أبو زكريا، حدثنا إسماعيل بن عياش عن رجلٍ قد سماه عن محمد بن يوسف عن عمرو بن عثمان بن عفان عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الصّبحة تمنع الرزق)).
قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تحت السند الأول: إسناده ضعيف جداً، ابن أبي فروة هو إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة قال البخاري في التاريخ الكبير 1/1/396 (مديني تركوه) ثم قال: نهى ابن حنبل عن حديثه، وفي التهذيب عن أحمد لا تحل عندي الرواية عنه، ورماه بعضهم بالكذب، واتهمه أهل المدينة في دينه، وقال ابن معين: بنو أبي فروة ثقات إلا إسحاق.
إلى أن قال: والصّبحة بفتح الصاد، وضمها نوم الغداة، وفي اللسان: وفي الحديث أنه نهي عن الصبحة، وهي النوم أول النهار؛ لأنه وقت الذكر، ثم وقت طلب الكسب. وقال الشيخ أحمد شاكر أيضاً: والحديث ذكره السيوطي في الجامع الصغير رقم (5129) ونسبه أيضاً لابن عدي في الكامل، والبيهقي في الشعب أيضاً من حديث أنس ورمز له بالصحة وهو خطأ؛ لأن أسانيده تدور على ابن أبي فروة؛ وبذلك تعقبه المناوي في الشرح الكبير ج4 ص232، وقد استدركه قاضي الملك المدراسي في ذيل القول المسدد (65/67) وأطال القول فيه وتكلف في بعض ما قال، حتى لقد قال في ابن أبي فروة تكلموا فيه لكن لم يتهم بالكذب، وهذا غير جيد، فإن إسحاق اتهم بالكذب، كما نقلناه آنفاً.
ثم قال الشيخ أحمد تحت السند الثاني (533) إسناده ضعيف جداً وهو مكرر (530) وقد سبق الكلام عليه مفصلاً، وقد زاده ضعفاً إبهام الرجل الذي روى عنه إسماعيل بن عياش وهو إسحاق بن أبي فروة وهو علة الحديث.. أ هـ.
المقصود من كلام الشيخ أحمد شاكر رحمه الله، والأمر كما قال فالحديث المذكور ضعيف جداً، من الطريقتين جميعاً وقد جزم الحافظ في التقريب بأن إسحاق المذكور متروك الحديث، وذلك يدل على اقتناعه رحمه الله بأنه متهم بالكذب، ويزيده ضعفاً أنه من رواية إسماعيل بن عياش عن إسحاق المذكور وهو مدني، ورواية إسماعيل المذكور عن غير الشاميين ضعيفة لا يحتج بها، كما يعلم ذلك من التهذيب والتقريب وغيرهما. والله ولي التوفيق.
32- حديث: ((من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً))
روى عبد الله ابن الإمام أحمد أنه وجد بخط أبيه، وأبو داود وابن ماجه والنسائي في عمل اليوم والليلة، عن الوليد ابن مسلم قال: أخبرني الحكم بن مصعب المخزومي أنه سمع محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيقٍ مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب)).
وأخرجه الحاكم من طريق الوليد المذكور عن الحكم بن مصعب المذكور قال أبو حاتم الرازي: الحكم مجهول وتناقض ابن حبان رحمه الله فذكره في الثقات والضعفاء، وجزم الحافظ في التقريب، قاله أبو حاتم، فقال فيه ما نصه: الحكم بن مصعب المخزومي الدمشقي مجهول من السابعة ورمز له بعلامة أبي داود والنسائي وابن ماجه أما الحاكم فصححه، واعترض عليه الذهبي بقوله: الحكم فيه جهالة، وذكره البخاري في التاريخ الكبير، وذكر أنه روى عن محمد بن علي، وروى عنه الوليد بن مسلم، وسكت فلم يوثقه ولم يجرحه، وجزم الشيخ العلامة أحمد شاكر في حاشيته على المسند بأنه صحيح بناءً على سكوت البخاري عنه، وهو دليل عند الشيخ أحمد على ثقته عند البخاري، وهذا فيه نظر إلا أن يثبت بالنص أو الاستقراء ما يدل على أن البخاري أراد ذلك، ومن تأمل حاشية العلامة أحمد شاكر اتضح له منها تساهله في التصحيح لكثيرٍ من الأسانيد التي فيها بعض الضعفاء كابن لهيعة وعلي بن زيد بن جدعان وأمثالهما، والله يغفر له ويشكر له سعيه ويتجاوز له عما زل به قلمه أو أخطأ فيه اجتهاده إنه سميع قريب.
وعلى كل حال فالحديث المذكور يصلح ذكره في الترغيب والترهيب؛ لكثرة شواهده الدالة على فضل الاستغفار؛ ولأن أكثر أئمة الحديث قد سهلوا في رواية الضعيف في باب الترغيب والترهيب لكن يروى بصيغة التمريض كيروى، ويذكر، ونحوهما لا بصيغة الجزم، قال الحافظ العراقي في ألفيته، رحمه الله:
وإن ترد نقلاً لواهٍ أو لمـــا يشـك فيـه لا بإسـنادهمـا
فأت بتمريض كيروى واجـزم بنقـل مـا صح كقال فـاعلم
وسهلوا في غير موضوع رووا من غير تبيين لضعـف ورأوا
بيانـه في الحكـم والعقـائـد عن ابن مهدي وغير واحــد
تكميل: وقع في بعض روايات هذا الحديث: ((من لزم الاستغفار))، وفي بعضها ((من أكثر الاستغفار)) والمعنى متقارب.
33- حديث: ((يا علي أسبغ الوضوء وإن شق عليك، ولا تأكل الصدقة...))
روى الإمام الحافظ عبد الله ابن الإمام أحمد في مسند أبيه عفا الله عنهما عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال له: ((يا علي أسبغ الوضوء وإن شق عليك، ولا تأكل الصدقة، ولا تُنز الحمير على الخيل، ولا تجالس أصحاب النجوم)) أ هـ. ج2 ص28 رقم (582) وهذا سنده، قال عبد الله ابن الإمام أحمد حدثني محمد بن أبي بكر المقدسي حدثنا هارون بن مسلم حدثنا القاسم بن عبد الرحمن عن محمد بن علي عن أبيه عن علي فذكره: قال الشيخ العلامة أحمد شاكر في تعليقه عليه: إسناده ضعيف؛ لأن علي بن الحسين لم يدرك جده علياً رضي الله عنه، وهو كما قال، وفي سنده أيضاً هارون بن مسلم قال فيه أبو حاتم فيه لين ويعرف هارون المذكور بصاحب الحناء، ووثقه الحاكم وابن حبان كما في تهذيب التذهيب لكن لمتنه شواهد تدل على صحته.
34- حديث: ((إذا أكل أحدكم طعاماً فليقل: اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيراً منه....))
روى أبو داود قال: حدثنا مسدد قال أخبرنا حماد يعني ابن زيد، وحدثنا موسى بن إسماعيل قال أخبرنا حماد يعني ابن سلمة عن علي بن زيد عن عمر بن حرملة عن ابن عباس قال: كنت في بيت ميمونة، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه خالد بن الوليد فجاءوا بضبين مشويين على ثمامتين فَتَبَزَّقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال خالد: إخالك تقذره يا رسول الله، قال: أجل، ثم أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بلبن فشرب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أكل أحدكم طعاماً فَلْيقُلْ: اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيراً منه، وإذا سُقي لبناً فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه فإنه ليس شيء يجزي من الطعام والشراب إلا اللبن)) قال أبو داود هذا لفظ مسدد.
وهذا الحديث بهذا الإسناد ضعيف من أجل علي بن زيد ابن جدعان؛ لأنه ضعيف عند جمهور أهل العلم. قال الحافظ في التقريب: ضعيف في الرابعة.
وقال في تهذيب التهذيب عن ابن سعد: فيه ضعف ولا يحتج به. وعن صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه: ليس بالقوي.
وعن حنبل عن أحمد: ضعيف الحديث.
وعن معاوية بن صالح عن يحيى: ضعيف. وعن عثمان الدارمي عن يحيى: ليس ذلك بالقوي.
وعن ابن أبي خيثمة عن يحيى: ضعيف في كل شيء.
وفي رواية أخرى عنه: ليس بذاك، وفي رواية الدوري: ليس بحجة، وقال مرة: ليس بشيء، وعن الجوزجاني: واهي الحديث ضعيف، وفيه ميل عن القصد لا يحتج به.
وعن أبي زرعة: ليس بقوي. وعن أبي حازم ليس بقوي يكتب حديثه ولا يحتج به، وعن النسائي ضعيف، وعن ابن خزيمة: لا أحتج به لسوء حفظه، وعن ابن عدي لم أر أحداً من البصريين وغيرهم امتنع من الرواية عنه، وكان يغلو في التشيع ومع ضعفه يكتب حديثه.
وعن الحاكم أبي أحمد: ليس بالمتين عندهم.
ونقل عن آخرين غير هؤلاء تضعيفه، ونقل عن جماعة قليلة توثيقه، والصواب أنه ضعيف كما قال الأكثر؛ لأن الجرح مقدم على التعديل عند أهل الحديث.
فإذا كان الجرح من الأكثر تأكد ذلك وتعين، ولم يلتفت إلى التوثيق. ومن تأمل رواياته عرف ضعفه وسوء حفظه.
وفي سند الحديث علة أخرى وهي أنه من رواية علي المذكور عن عمر بن حرملة، وعمر هذا مجهول كما في التقريب.
وقال الحافظ في تهذيب التهذيب قال أبو زرعة: لا أعرفه إلا في هذا الحديث، يعني حديث الضب وهو الحديث المذكور هنا. ونقل الحافظ عن ابن حبان توثيقه.
وجزم الحافظ رحمه الله في التقريب بأنه مجهول يدل على عدم التفاته لتوثيق ابن حيان، والله ولي التوفيق.
35- حديث: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد النبوة))
حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد النبوة ضعيف أو موضوع.
قال النووي رحمه الله في شرح المهذب ج8 ص330 ما نصه: وأما الحديث الذي ذكره في عَقِّ النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه فرواه البيهقي بإسناده عن عبد الله بن محرر بالحاء المهملة والراء المكررة عن قتادة عن أنس بأن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد النبوة وهذا حديث باطل.
قال البيهقي: هو حديث منكر. وروى البيهقي بإسناده عن عبد الرزاق، قال: إنما تركوا عبد الله بن محرر بسبب هذا الحديث. قال البيهقي: وقد روي هذا الحديث من وجه آخر عن قتادة، ومن وجه آخر عن أنس ليس بشيء فهو حديث باطل، وعبد الله بن محرر ضعيف متفق على ضعفه، قال الحافظ: هو متروك، والله تعالى أعلم.
وقال ابن قدامة في المغني ج8 ص646 ما نصه: وإن لم يعق عنه أصلاً فبلغ الغلام وكسب فلا عقيقة عليه، وسئل أحمد عن هذه المسألة، فقال: ذلك على الوالد؛ يعني لا يعق عن نفسه؛ لأن السنة في حق غيره.
وقال عطاء والحسن: يعق عن نفسه؛ لأنها مشروعة عنه ولأنه مرتهن بها، فينبغي أن يشرع له فكاك نفسه، ولنا أنها مشروعة في حق الوالد فلا يفعلها غيره، كالأجنبي كصدقة الفطر.. أ.هـ.
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في (تُحفة المودود في أحكام المولود) ما نصه: الفصل التاسع عشر: حكم من لم يعق عنه أبواه هل يعق عن نفسه إذا بلغ، قال الخلال: باب ما يستحب لمن يعق عنه صغيراً أن يعق عن نفسه كبيراً، ثم ذكر من مسائل إسماعيل بن سعد الشالنجي قال: سألت أحمد عن الرجل يخبره والده أنه لم يعق عنه، هل يعق عن نفسه؟ قال: ذلك على الأب.
ومن مسائل الميموني قال: قلت لأبي عبد الله: إن لم يعق عنه هل يعق عنه كبيراً؟ فذكر شيئاً يروى عن الكبير ضعّفه ورأيته يستحسن إن لم يعق عنه صغيراً أن يعق عنه كبيراً. وقال: إن فعله إنسان لم أكرهه، قال: وأخبرني عبد الملك في موضع آخر أنه قال لأبي عبد الله: فيعق عنه كبيراً، قال: لم أسمع في الكبير شيئاً قلت: أبوه معسر ثم أيسر فأراد ألا يدع ابنه حتى عق عنه، قال: لا أدري ولم أسمع في الكبير شيئاً، ثم قال لي: ومن فعله فحسن ومن الناس من يوجبه.
والقول الأول أظهر وهو أنه يستحب أن يعق عن نفسه؛ لأن العقيقة سنة مؤكدة، وقد تركها والده فشرع له أن يقوم بها إذا استطاع؛ ذلك لعموم الأحاديث ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم: ((كل غلام مرتهنٌ بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى))[30] أخرجه الإمام أحمد، وأصحاب السنن عن سمرة ابن جندب رضي الله عنه بإسناد صحيح، ومنها: حديث أم كرز الكعبية عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنه أمر أن يعق عن الغلام بشاتين وعن الأنثى بشاة))[31] أخرجه الخمسة، وخرج الترمذي وصحح مثله عن عائشة وهذا لم يوجه إلى الأب فيعم الوالد والأم وغيرهما من أقارب المولود.
قال الحافظ في التقريب: بمهملات، الجزري: القاضي متروك الحديث من السابعة.
ويتلخص من ذلك أقوال ثلاثة:
أحدها: أنه يستحب أن يعق عن نفسه لأن العقيقة مؤكدة وهو مرتهن بها.
الثاني: لا عقيقة علية ولا يشرع له العق عن نفسه؛ لأنها سنة في حق أبيه فقط.
الثالث: لا حرج عليه أن يعق عن نفسه وليس ذلك بمستحب؛ لأن الأحاديث إنما جاءت موجهة إلى الوالد، ولكن لا مانع من أن يعق عن نفسه؛ أخذاً بالحيطة، ولأنها قربة إلى الله سبحانه، وإحسانه إلى المولود وفك لرهانه فكانت مشروعة في حقه وحق أمه عنه وغيرهما من أقاربه، والله ولي التوفيق.
36- حديث: ((من عمَّر ميسرة المسجد كتب له كفلان من الأجر....))
حديث رقم (993) في سنن ابن ماجه.
حدثنا محمد بن أبي الحسن أبو جعفر قال: حدثنا عمرو ابن عثمان الكلابي قال حدثنا عبيد الله بن عمرو الرقي عن الليث بن أبي سليم عن نافع عن ابن عمر قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: ((إن ميسرة المسجد تعطلت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من عمر ميسرة المسجد كتب له كفلان من الأجر))[32].
قال في مصباح الزجاجة: هذا إسناد ضعيف؛ لضعف ليث بن أبي سليم، وهو كما قال من أجل ليث المذكور، وهو مخالف للأحاديث الصحيحة الدالة على فضل ميامن الصفوف، والله ولي التوفيق.
37- حديث: ((اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك))
حديث ابن مسعود ((اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك)) لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
نقل الزيلعي في نصب الراية ص272 ج4: عن البيهقي رحمه الله أنه رواه في كتاب الدعوات الكبير، من طريق عامر بن خداش، قال: حدثنا عمر بن هارون البلخي عن ابن جريح عن داود بن أبي عاصم عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((اثنتا عشر ركعة تصليهن من ليل أو نهار وتتشهد بين كل ركعتين فإذا تشهدت في آخر صلاتك فأثن على الله عز وجل وصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم واقرأ وأنت ساجد فاتحة الكتاب، سبع مرات وآية الكرسي سبع مرات، وقل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات، ثم قل: اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك واسمك الأعظم وكلماتك التامة، ثم سل حاجتك، ثم ارفع رأسك ثم سلم يميناً وشمالاً ولا تعلموها السفهاء فإنهم يدعون بها فيستجاب)).
ثم قال: ورواه ابن الجوزي في كتاب الموضوعات من طريق أبي عبد الله الحاكم حدثنا محمد بن القاسم بن عبد الرحمن العتكي، حدثنا محمد بن أشرس، حدثنا عامر بن خداش به سنداً ومتناً وقال ابن الجوزي: هذا الحديث موضوع بلا شك وإسناده مخبط كما ترى، وفي إسناده عمر بن هارون، قال ابن معين فيه: كذاب، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات المعضلات ويدعي شيوخاً لم يرهم، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن القراءة في السجود انتهى ما ذكره الزيلعي، وما نقله عن ابن الجوزي رحمة الله عليهما جميعاً؛ وبذلك يعلم أن الحديث المذكور من الأحاديث الموضوعة ولفظ (المعاقد) لفظ مجمل ومحتمل فلا يجوز التوسل به، وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ص50 من القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة: أن أبا حنيفة رحمه الله كره التوسل بمعاقد العز من العرش. انتهى.
وأما التوسل برحمة الله واسمه الأعظم وكلماته التامة فهو توسل شرعي قد دل عليه القرآن الكريم والسنة المطهرة في قوله سبحانه: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}[33].
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((من نزل منزلاً فقال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك))[34] رواه مسلم في صحيحه من حديث خولة بنت حكيم رضي الله عنها.
وهكذا التوسل بتوحيد الله والإيمان به وبالأعمال الصالحات كل ذلك قد جاءت به السنة الصحيحة كحديث أصحاب الغار وهو مخرج في الصحيحين، وكحديث عائشة رضي الله عنها أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يدعو في سجوده بقوله: ((اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك))[35] خرجه مسلم في صحيحه.
ومن المنكرات في هذا الخبر الموضوع: الأمر بقراءة الفاتحة وآية الكرسي في السجود، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث علي وابن عباس رضي الله عنهما النهي عن ذلك خرجه مسلم في صحيحه عنهما، والله ولي التوفيق.
38- حديث: ((إذا تزوج أحدكم فكان ليلة البناء فليصل ركعتين....))
حديث سلمان الفارسي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا تزوج أحدكم فكان ليلة البناء فليصل ركعتين، وليأمرها فلتصل خلفه فإن الله جاعل في البيت خيراً)).
ذكره الحافظ الذهبي في الميزان ص464 ج1 في ترجمة حجاج بن فروخ الواسطي وقال ما نصه: هذا حديث منكر جداً. وذكر أن ابن معين والنسائي ضعفا حجاجاً المذكور انتهى كلام الذهبي..
وقال الحافظ في اللسان ما نصه: قال العقيلي ص177 ج1 رواه عبد الرزاق عن ابن جريح قال حُدِّثت أن سلمان قال: فذكر نحوه، انتهى المقصود.
قال الحافظ في اللسان أيضاً في ترجمة حجاج المذكور بعد كلام العقيلي المذكور آنفاً قال أبو حاتم شيخ مجهول وذكره ابن حبان في الثقات وذكره الساجي في الضعفاء. وقال ابن الجاورد في الضعفاء: ليس بشيء انتهى كلامه.
وبهذا يعلم ضعف حديث سلمان المذكور؛ لضعف الحجاج، ولجهالة في رواية عبد الرزاق؛ لأن ابن جريح لم يذكر من حدثه، أما توثيق ابن حبان فلا يعول عليه؛ لكونه معروفاً بالتساهل في ذلك.
39- حديث: ((إذا طنت أذن أحدكم فليذكرني....))
حديث: ((إذا طنت أذن أحدكم...))[36].
قال ابن علان في الفتوحات الربانية شرح الأذكار النواوية ج6 ص198: قال السخاوي في القول البديع: رواه الطبراني وابن عدي وابن السني في اليوم والليلة، والخرائطي في المكارم، وأبو موسى المديني وابن بشكوال، وسنده ضعيف.
وفي رواية بعضهم: ((إذا طنت أذن أحدكم فليذكرني وليصل عليّ وليقل ذكر الله من ذكرني بخير)).
قلت: وهي رواية ابن السني. قال السخاوي: وقد أخرجه ابن خزيمة في صحيحه، ومن طريقه أبو اليمن بن عساكر وذلك عجيب؛ لأن إسناده غريب كما صرح به أبو اليمن وغيره. وفي ثبوته نظر. وقال أبو جعفر العقيلي: إنه ليس له أصل... أ.هـ.
وأخرجه ابن أبي عاصم أيضاً، كما نقله القسطلاني في مسالك الخفاء: قال ابن حجر الهيتمي في الدر المنظور. الحديث أخرجه جميع بسند ضعيف.
وإخراج ابن خزيمة له في صحيحه متعجب منه فإن إسناده غريب، بل قال العقيلي: ليس له أصل. أ.هـ.
40- حديث: ((أيعجز أحدكم أن يتقدم أو يتأخر... في الصلاة))
حديث: ((أيعجز أحدكم أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله في الصلاة))[37]
أخرجه أبو داود في الصلاة في باب الرجل يتطوع في مكانه الذي صلّى فيه وهذا سنده ج1 ص246.
حدثنا مسدد أخبرنا حماد وعبد الوارث عن ليث عن الحجاج بن عبيد عن إبراهيم بن إسماعيل عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم... الحديث.
وهذا الحديث ضعيف؛ لأن في إسناده الحجاج بن عبيد مجهول كما في التقريب، وقال أبو حاتم: مجهول.
وفي إسناده أيضاً إبراهيم بن إسماعيل وهو أيضاً مجهول الحال، كما في التقريب، وبهذا يتضح ضعف الحديث المذكور.
41- حديث: ((إن حسنات الصبي لوالديه أو أحدهما))
ذكر ابن مفلح في الفروع ج1 ص291 ما نصه:
ولأحمد وغيره بإسناد ضعيف عن أنس مرفوعاً: ((إن حسنات الصبي لوالديه أو أحدهما)) وذكره ابن الجوزي في الموضوعات.
42- حديث: ((عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين وختنهما....))
نقلاً عن البيهقي: ج8 ص324، كتاب الأشربة والحد فيها، باب السلطان يكره على الاختتان أو الصبي، وسيد المملوك يأمران به وما ورد في الختان:
أخبرنا أبو سعيد الماليني أنبانا أبو أحمد بن عدي الحافظ حدثنا الحسن بن سفيان حدثني محمد بن المتوكل حدثنا الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد المكي عن محمد ابن المنكدر عن جابر قال: عقّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين وختنهما لسبعة أيام. أ.هـ.
هذا السند ضعيف لأمرين:
أحدهما: أنه من رواية الشاميين عن زهير هذا، وروايتهم عنه غير مستقيمة، كما في التقريب.
والثاني: عنعنة الوليد وهو كثير التدليس والتسوية.
وفيه علة ثالثة وهي: أن محمد بن المتوكل الراوي عن الوليد ذو أوهام كثيرة فيخشى أن هذا منها.
وفيه علة رابعة وهي: أن الختان في السابع غير معروف في شيء من الأحاديث الصحيحة المروية في شأن الحسن والحسين والعقيقة عنهما ولا في غير ذلك فيما نعلم، وإنما المعروف في السنة الختان بعد الكبر على عادة العرب، كما قال ابن عباس لما سئل عن سنه حين مات النبي صلى الله عليه وسلم قال: (توفي رسول الله وأنا مختون)، وكانت سنه إذ ذاك حول الاحتلام.
43- حديث عائشة رضي الله عنها أنها أمت نسوة في المكتوبة فقامت بينهن
روي عن عائشة أنها أمّت نسوة في المكتوبة فقامت بينهن وسطاً.
قلت: أخرجه الحاكم في المستدرك عن عبد الله بن إدريس عن ليث عن عطاء عن عائشة أنها كانت تؤذن وتقيم وتؤم النساء فتقوم وسطهن. انتهى، وسكت عنه.
انظر نصب الراية ج2 ص30 قلت هذا السند ضعيف؛ لأن فيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف، ولأن ذكر الأذان فيه منكر؛ لأنه ليس للنساء أن يؤذن، ولا أن يقمن، وإنما ذلك من خصائص الرجال.
ولهذا لم تذكر هذه الزيادة في الروايات الأخرى التي ذكرها المؤلف، ولا في الروايات التي ذكرها الحافظ في التخليص. والله ولي التوفيق.
44- حديث: ((صلاة النبي صلى الله عليه وسلم عند قبر الخليل وقبر موس عليهما السلام))
حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى في المدينة وعند قبر موسى وعند قبر الخليل في ليلة الإسراء كذب موضوع. ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في 27 من مجموع الفتاوى ص9.
وقد قال ابن كثير في تفسيره في روايته لحديث شداد بن أوس الطويل نقلاً عن الترمذي: هكذا رواه البيهقي من طريقين عن أبي إسماعيل الترمذي، ثم بعد تمامه قال: هذا إسناد صحيح ولم يأت فيه أنه صلّى عند قبر موسى بل جاء فيه، ثم بلغنا أرضاً قال: انزل ثم قال: صل فصليت ثم ركبنا فقال: أتدري أين صليت؟ قلت: الله أعلم. قال: صليت بمدين عند شجرة موسى، ثم انطلقت تهوى بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها، ثم بلغنا أرضاً بدت لنا قصوراً فقال: انزل فنزلت، فقال صل فصليت، ثم ركبنا، فقال: أتدري أين صليت؟ قلت: الله أعلم، قال: صليت ببطن لحم حيث ولد عيسى المسيح ابن مريم، ثم انطلق بي حتى دخلنا المدينة من بابها اليماني، فأتى قبلة المسجد فربط فيه دابته، ودخلنا المسجد من باب تميل فيه الشمس والقمر، فصليت من المسجد حيث شاء الله الحديث.... تفسير ابن كثير ج3 ص14.
45- حديث: ((كان الله ولم يكن شيء غيره))
حديث: ((كان الله ولم يكن شيء غيره)) حديث صحيح رواه البخاري رحمه الله.
أخرجه البخاري رحمه الله في كتاب (بدء الخلق ص286 ج6) في الفتح بلفظ: ((كان الله ولم يكن شيء غيره وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء وخلق السماوات والأرض)) وأخرجه البخاري رحمه الله في (كتاب التوحيد ص403 ج13) في الفتح بلفظ: ((كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء ثم خلق السماوات والأرض وكتب في الذكر كل شيء)). وأما الزيادة التي زادها بعض الملحدين في هذا الحديث وهي ((وهو ألآن على ما عليه كان)).
فهي زيادة باطلة موضوعة لا أصل لها في شيء من الروايات نبه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى ج2 ص272. قال رحمه الله: وهذه الزيادة وهي قوله: ((وهو الآن على ما عليه كان)) كذب مفترى على رسول الله صلى الله عليه وسلم اتفق أهل العلم على أنه موضوع مختلق، وليس هو في شيء من دواوين الحديث لا كبارها ولا صغارها، ولا رواه أحد من أهل العلم بإسناد صحيح ولا ضعيف ولا مجهول، وإنما تكلم بهذه الكلمة بعض متأخري متكلمة الجهمية، وتلقاها منهم هؤلاء الذين وصلوا إلى آخر التجهم وهو التعطيل والإلحاد، إلى أن قال رحمه الله: وهذه الزيادة الإلحادية وهي قولهم: ((وهو الآن على ما عليه كان)) قصد بها المتكلمة المتجهمة نفي الصفات التي وصف الله بها نفسه من استوائه على العرش ونزوله إلى السماء الدنيا وغير ذلك. أ.هـ. المقصود.
46- حديث: ((من قرأ قل هو الله أحد عشر مرات بنا الله له بيتاً في الجنة...))
حديث: ((من قرأ قل هو الله أحد عشر مرات بنا الله له بيتاً في الجنة)) ضعيف، وقد رواه الإمام أحمد وهذا سنده ج3 ص437.
حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة قال، وحدثنا يحيى بن غيلان، حدثنا رشدين، حدثنا زبَّان بن فائد الحبراني عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه معاذ بن أنس الجهني صاحب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ قل هو الله أحد حتى يختمها عشر مرات بنا الله له قصراً في الجنة، فقال عمر بن الخطاب: إذاً أستكثر يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أكثر وأطيب))، وهذا الإسناد ضعيف لضعف ابن لهيعة ورشدين بن سعد وزبان بن فائد.
وقال في مجمع الزوائد ما لفظه ج7 ص145 عن معاذ بن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قرأ قل هو الله أحد عشر مرات بنا الله بيتاً في الجنة، فقال عمر بن الخطاب: إذاً نستكثر يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أكثر وأطيب)) رواه الطبراني وأحمد وقال: عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني صاحب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل عن أبيه والظاهر أنها سقطت، وفي إسناده رشدين بن سعد وزبَّان كلاهما ضعيف وفيهما توثيق لين. انتهى.
قلت: والحديث مداره على زبّان بن فائد وقد سبق أنه ضعيف كما في التقريب، وقال الحافظ في تهذيب التهذيب في ترجمة زبان المذكور: قال أحمد أحاديثه مناكير، وقال ابن معين شيخ ضعيف وقال ابن حبان منكر الحديث جداً يتفرد عن سهل بن معاذ بنسخة عنده مناكير، وقال أبو حاتم: شيخ صالح، وقال: عنده مناكر، انتهى ملخصاً.
وبذلك يعلم أن هذا الحديث ضعيف جداً لتضعيف الأئمة المذكورين لزبان، وينبغي أن يعلم أن هذه السورة عظيمة وفضلها كبير وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إنها تعدل ثلث القرآن)) وصح في فضلها أحاديث كثيرة.
47- حديث: ((من حج أو اعتمر فليكن آخر عهده بالبيت))
حديث الحارث بن عبد الله بن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من حج أو اعتمر فليكن آخر عهده بالبيت))[38] ضعيف.
أخرجه الإمام أحمد والترمذي بإسناد ضعيف؛ لأن في إسناده عبد الرحمن بن البيلماني وهو ضعيف، كما في التقريب.
وقال العلامة المباركفوري في تحفة الأحوذي ج2 ص118 ما نصه: وليست هذه الزيادة بمحفوظة يعني قوله أو اعتمر وهو كما قال وإنما المحفوظ قوله صلى الله عليه وسلم للحجاج: ((لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت))، وكانوا يتفرقون في كل وجه، خرجه مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وأخرجه الشيخان عنه بلفظ: ((أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض))[39]، ومن تأمل الأحاديث الواردة في هذا الباب اتضح له أن العمرة لا يجب لها وداع؛ لأنها مشروعة في جميع العام، ولأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر المتمتعين بالعمرة بالوداع، إذا أرادوا الخروج من مكة لما حلقوا صبيحة الرابعة من ذي الحجة في حجة الوداع، وقياس العمرة على الحج ليس بوجيه؛ لعدم مساواة الفرع للأصل.
أما الحديث المذكور فضعيف؛ لأنه من طريق عبد الرحمن بن البيلماني، وهو ضعيف كما سبق عند التقريب.
وقال الحافظ في تهذيب التهذيب: قال أبو حاتم: لين، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الدارقطني: ضعيف لا تقوم به حجة. وقال الأزدي منكر الحديث يروي عن ابن عمر بواطيل. وقال صالح جزرة: حديثه منكر وبهذا يعلم أن حديثه لا يعول عليه، ولا يحتج به؛ لتضعيف الأئمة المذكورين له.
أما توثيق ابن حبان له فلا يعول عليه؛ كما عرف من تساهله رحمه الله؛ ولأن الجرح مقدم على التعديل إذا صدر مبيناً من إمام عارف بأسبابه، وإذا كان الجارحون أكثر كما هنا صار الضعف أشد، والله ولي التوفيق.
48- حديث: ((من طاف بالبيت خمسين مرة خرج من ذنوبه....))
حدثنا سفيان بن وكيع أخبرنا يحيى بن اليمان عن شريك عن أبي إسحاق عن عبد الله بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من طاف بالبيت خمسين مرة خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه))، قال: وفي الباب عن أنس وابن عمر.
قال أبو عيسى: حديث ابن عباس غريب سألت محمداً عن هذا الحديث، فقال: إنما يروى هذا عن ابن عباس ضعيف؛ لأن في إسناده سفيان بن وكيع وهو لا يحتج به بسبب ما فعله وراقه كما في التهذيب.
49- حديث: ((فضل الاستغفار عند النوم))
قال الترمذي رضي الله عنه: حدثنا صالح بن عبد الله أخبرنا أبو معاوية عن الوصافي عن عطية عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال حين يأوي إلى فراشه أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلاث مرات غفر الله له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر، وإن كانت عدد ورق الشجر، وإن كانت عدد رمل عالج، وإن كانت عدد أيام الدنيا)).
ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عبيد الله بن الوليد الوصافي. انتهى من جامع الترمذي بشرح حديث رقم 3406 ج9.
قلت: هذا الحديث ضعيف؛ لأن في إسناده عبيد الله بن الوليد الوصافي وهو ضعيف، كما في التقريب؛ ولأن في إسناده أيضاً عطية بن سعد العوفي وهو صدوق يخطئ كثيراً وكان شيعياً مدلساً، كما في التقريب، ثم متنه منكر، ولو صح لكان ذلك في حق من أتى بهذا الاستغفار تائباً توبة نصوحاً؛ لأن التوبة النصوح يمحو الله بها الذنوب كلها. والله ولي التوفيق.
50- حديث: ((لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث))
حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث)) ضعيف من جميع طرقه كما نبه على ذلك الخطابي وغيره، ومما يدل على ضعفه أيضاً ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل وهي معترضة بين يديه. والله ولي التوفيق.
51- أثر عمر رضي الله عنه في أن الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تصلي على نبيك
أثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تصلي على نبيك محمد صلى الله عليه وسلم).
هكذا رواه الترمذي رحمه الله موقوفاً، ورواه الإسماعيلي بلفظ: ذكر لنا أن الدعاء يكون بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك صلى الله عليه وسلم، وهو موقوف ذكر ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه: (جلاء الأفهام) ص135 الطبعة المنبرية الصادرة عام 1357هـ.
قلت: وفي السندين جميعاً أبو قرة الأسدي وهو من رجال البادية مجهول كما في التقريب، وهو الراوي له عن سعيد بن المسيب عن عمر رضي الله عنه...؛ وبذلك يعتبر هذا الأثر ضعيفاً من أجل جهالة أبي قرة... والله أعلم.
52- حديثك ((نتر الذكر عند البول))
عن عيسى بن يزيد عن أبيه رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاث مرات))[40] رواه ابن ماجه بسند ضعيف، قاله الحافظ في البلوغ.[41]
قلت: وأخرجه أحمد وهو ضعيف، كما قال الحافظ؛ لأن عيسى وأباه مجهولان، قاله ابن معين، وجزم بذلك الحافظ في التقريب ومما يدل على ضعفه أن هذا العمل يسبّب الوسوسة والإصابة بالسلس، فالواجب ترك ذلك.
53- حديث: ((إقامة حد بأرض خير لأهلها من مطر أربعين ليلة))
حديث: ((حد يعمل في الأرض...)).
روى النسائي في سننه الصغرى (8/68) فقال: أخبرنا سويد ابن نصر، قال: أنبأنا عبد الله عن عيسى بن يزيد، قال: حدثني جرير ابن يزيد أنه سمع أبا زرعة بن عمرو بن جرير يحدث أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حد يعمل في الأرض خير لأهل الأرض من أن يمطروا ثلاثين صباحاً))، أخبرنا عمرو بن زرارة، قال أنبأنا إسماعيل، قال حدثنا يونس بن عبيد عن جرير بن يزيد عن أبي زرعة قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه: ((إقامة حد بأرض خير لأهلها من مطر أربعين ليلة))، أ.هـ.
وروى الإمام أحمد في مسنده (2/362) فقال: حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا زكريا بن عدي ابن المبارك عن عيسى بن يزيد عن جرير بن يزيد عن أبي زرعة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((حدٌ يقام في الأرض خير للناس من أن يمطروا ثلاثين أو أربعين صباحاً)).
ثم قال في (2/402): حدثنا عبد الله حدثني أبي، ثنا عتاب، ثنا عبد الله، قال: أخبرنا عيسى بن يزيد، قال: حدثني جرير بن يزيد، أنه سمع أبا زرعة ابن عمرو بن جرير يحدِّث أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حدٌ يعمل في الأرض خير لأهل الأرض من أن يمطروا ثلاثين صباحاً)).
وقال ابن ماجه: (2/848): حدثنا هشام بن عمار، حدثنا الوليد ابن مسلم، ثنا سعيد بن سنان، عن أبي الزاهرية عن أبي شجرة كثير ابن مرة، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إقامة حدٍ من حدود الله خير من مطر أربعين ليلة في بلاد الله عز وجل))، قال في الزوائد: في إسناده: سعيد بن سنان ضعفه ابن معين وغيره.
وقال الدارقطني يضع الحديث: حدثنا عمرو بن رافع، ثنا عبد الله بن المبارك أنبأنا عيسى بن يزيد - أظنه عن جرير بن يزيد - عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حدٌ يعمل به في الأرض خير لأهل الأرض من أن يمطروا أربعين صباحاً)).
وقال في مجمع الزوائد (6/263): عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يومٌ من إمامٍ عادل خير من عبادة ستين سنة، وحدٌ يقام في الأرض بحقه أزكى من مطر أربعين صباحاً)) رواه الطبراني في الأوسط، وقال: لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد، وفيه زريق بن السخت ولم أعرفه.
وفي إسناد أبي هريرة في جميع طرقه المذكورة جرير بن يزيد بن جرير بن عبد الله البجلي وهو ضعيف، كما في التقريب.
وفي إسناد حديث ابن عمر: سعيد بن سنان وهو ضعيف، كما قال الهيثمي، وقال الحافظ في التقريب: متروك، ورماه الدارقطني وغيره بالوضع.. أ.هـ.
54- حديث في الأخذ من اللحية
حديث رواه الترمذي رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأخذ من لحيته من طولها وعرضها.
هذا الحديث باطل عند أهل العلم لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تشبث به بعض الناس. وهو خبر لا يصح؛ لأن في إسناده عمر بن هارون البلخي وهو متهم بالكذب. فلا يجوز للمؤمن أن يتعلق بهذا الحديث الباطل، ولا أن يترخص بما يقوله بعض أهل العلم أو يفعله من تخفيف اللحية أو أخذ ما زاد عن القبضة؛ لأن ذلك مخالف للأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر بإعفاء اللحى وتوفيرها وإرخائها وقص الشوارب وإخفائها، كما جاء في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وكما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ لأن السنة حاكمة على الجميع والله سبحانه يقول: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ}[42]، ويقول سبحانه: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}[43]، ويقول سبحانه: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[44]، والله ولي التوفيق.
55- حديث: ((لا ربا بين المسلم والحربي))
حديث: ((لا ربا بين المسلم والحربي)) ذكره العيني في البناية على الهداية، وقال غريب ليس له أصل مسند، ونقل عنه المبسوط أنه مروي عن مكحول مرسلاً. أ هـ.
56- حديث: ((أنا أفصح من نطق بالضاد بيد أني من قريش))[45]
حديث: ((أنا أفصح من نطق بالضاد بيد أني من قريش))، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره لآخر سورة الفاتحة: (لا أصل له).
وقال العجلوني في كشف الخفاء ج1 ص200 ما نصه: (قال في اللآلئ معناه صحيح ولكن لا أصل له) كما قال ابن كثير وغيره من الحافظ وأورده أصحاب الغريب، ولا يعرف له إسناد.
57- حديث: ((فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد))[46]
حديث: ((فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد)) أخرجه ابن ماجه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وفي إسناده روح بن جناح وهو ضعيف كما في التقريب.
58- حديث: ((رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر))[47]
حديث: ((رجعنا من الجهاد الأصغر، إلى الجهاد الأكبر)) رواه البيهقي بسند ضعيف، قاله الحافظ العراقي في شرح الإحياء، نقله عنه العجلوني في كشف الخفاء، وقال الحافظ بن حجر رحمه الله: (هو من كلام إبراهيم بن أبي عبلة وليس بحديث)، نقله أيضاً العجلوني عن الحافظ في الكشف، هذا ملخص ما ذكره العجلوني.
وفي رواية البيهقي: (قالوا وما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد القلب).
ورواه الخطيب البغدادي بلفظ: ((رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، قالوا: وما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد القلب)) ورواه الخطيب البغدادي بلفظ: ((رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، قالوا: وما الجهاد الأكبر؟ قال: مجاهدة العبد هواه))، وقد روياه جميعاً عن جابر كذا في كشف الخفاء.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى ج11 ص197: (أما الحديث الذي يرويه بعضهم أنه قال في غزوة تبوك: ((رجعنا من الجهاد الأصغر، إلى الجهاد الأكبر)) فلا أصل له، ولم يروه أحد من أهل المعرفة بأقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله.
59- حديث: ((لعن الله الناظر والمنظور إليه))[48]
عن الحسن مرسلاً قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لعن الله الناظر والمنظور إليه)) رواه البيهقي في شعب الإيمان، قلت مرسلات الحسن ضعيفة، ولا نعلم لهذا المتن أصلاً يعضده، ثم رأيت في كشف الخفاء للعجلوني رحمه الله ص408 نسبة هذا الحديث إلى وضع إسحاق الملطي عامله الله بما يستحق.
[1] أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة، برقم 660، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة برقم 1031.
[2] أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب من استرعى رعية فلم ينصح برقم 7150، ومسلم في كتاب الإيمان، باب استحقاق الوالي الغاش لرعيته النار برقم 142.
[3] أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر برقم 1828.
[4] أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول، فالأول برقم 440.
[5] سورة التوبة الآية 4.
[6] سورة آل عمران الآية 146.
[7] سورة البقرة الآية 222.
[8] سورة التوبة، الآية 72.
[9] سورة الأحزاب الآية 35.
[10] سورة البقرة الآية 93.
[11] سورة المائدة الآية 55.
[12] أخرجه مسلم في المقدمة، باب وجوب الرواية عن الثقات برقم 1.
[13] سورة النساء، الآية 103.
[14] سورة المدثر، الآيتان 42، 43.
[15] سورة الماعون الآيات 4-7.
[16] أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب بني الإسلام على خمس برقم 8، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام، برقم 16.
[17] أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة برقم 2621، والنسائي في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم 463، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيه، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة برقم 1079.
[18] ذكره الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد ج10 ص237.
[19] أخرجه الطبراني في الأوسط، ج1 ص48، برقم 132.
[20] أخرجه الترمذي في كتاب الفتن، باب ما جاء في النهي عن سب الريح برقم 2261.
[21] سورة النساء الآية 116.
[22] سورة الزمر، الآية 53.
[23] أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان برقم 2230.
[24] أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب لا يقبل صلاة بغير طهور برقم 6954، ومسلم في كتاب الطهارة للصلاة برقم 225.
[25] أخرجه الترمذي في كتاب الفتن، باب ما جاء في علامة حلول المسخ والخسف برقم 2210.
[26] أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا دخل السوق برقم 3428.
[27] كذا في الأصل ولعله الدولابي.
[28] أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور برقم 1718.
[29] أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود برقم 2697، ومسلم في الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور برقم 1817.
[30] أخرجه أحمد في أول مسند البصريين، ومن حديث سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم برقم 19676، والترمذي في كتاب الأضاحي، باب العقيقة بشاة برقم 1522 وابن ماجه في كتاب الذبائح، باب العقيقة برقم 3165.
[31] أخرجه أحمد في باقي مسند الأنصار، باقي المسند السابق برقم 25603 والترمذي في كتاب الأضاحي، باب ما جاء في العقيقة برقم 1516 وأبو داود في كتاب الضحايا، باب في العقيقة برقم 2834 وابن ماجه في كتاب الذبائح، باب في العقيقة برقم 3163.
[32] أخرجه ابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة، باب فضل ميمنة الصف برقم 1007.
[33] سورة الأعراف، الآية 180.
[34] أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، برقم 2708.
[35] أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود برقم 486.
[36] أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في الرجل يتطوع في مكانه الذي صلّى فيه المكتوبة برقم 1006.
[37] أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في الرجل يتطوع في مكانه الذي صلّى فيه المكتوبة برقم 1006.
[38] أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1327.
[39] أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب طواف الوداع برقم 1755، ومسلم في كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم 1328.
[40] أخرجه ابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب الاستبراء بعد البول برقم 326.
[41] أجاب عنه سماحته بتاريخ 2/7/1413هـ.
[42] سورة النساء الآية 8.
[43] سورة النور الآية 54.
[44] سورة النور الآية 63.
[45] من ضمن الأحاديث الواردة في رسالة التحفة الكريمة في بيان بعض الأحاديث الموضوعة والسقيمة لسماحته رحمه الله.
[46] المصدر السابق.
[47] من ضمن الأحاديث الواردة في رسالة التحفة الكريمة في بيان بعض الأحاديث الموضوعة والسقيمة لسماحته رحمه الله.
[48] من ضمن الأحاديث الواردة في رسالة التحفة الكريمة في بيان بعض الأحاديث الموضوعة والسقيمة لسماحته رحمه الله.