منتديات الإسلام والسنة  

العودة   منتديات الإسلام والسنة > المنتديات الشرعية > منتدى التوحيد والعقيدة


إنشاء موضوع جديد إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
رقم المشاركة : ( 1 )  أعطي بدور مخالفة
بدور غير متواجد حالياً
 
بدور
عضو مميز
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
 
رقم العضوية : 143
تاريخ التسجيل : Jun 2011
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 277 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10

Exclamation الحوض المورود هل هو قبل جسر جهنّم أم بعده؟

كُتب : [ 09-12-2013 - 10:03 AM ]



بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين و صلّى الله و سلّم و بارك على النبيّ الأمين و على آله و صحبه و التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين:
اختلف العلماء رحمهم الله في حوض نبينا صلى الله عليه و سلم أين يكون هل هو قبل الصراط أم بعده على قولين أحدهما: أنّه يكون بعد المرور على الصراط و الصراط كما سيأتي بيانه جسر منصوب على متن جهنم فتجتاز أمّة النبي صلى الله عليه و سلم الصراط ثم يردون عليه الحوض ,اختار هذا الحافظ ابن حجر و السيوطي رحمهما الله تعالى و هو ظاهر صنيع الإمام البخاري رحمه الله تعالى في مصنفه الجامع إذ أورد أحاديث الحوض بعد أحاديث الميزان والشفاعة والصراط ، قال الحافظ في الفتح :
"وَإِيرَاد الْبُخَارِيّ لِأَحَادِيث الْحَوْض بَعْد أَحَادِيث الشَّفَاعَة وَبَعْد نَصْب الصِّرَاط إِشَارَة مِنْهُ إِلَى أَنَّ الْوُرُود عَلَى الْحَوْض يَكُون بَعْد نَصْب الصِّرَاط وَالْمُرُور عَلَيْهِ"انتهى
و أدلّة هذا القول ما رواه الترمذي و أحمد عَنْ أَنَسٍ قَالَ : سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَشْفَعَ لِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ أَنَا فَاعِلٌ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ أَطْلُبُكَ قَالَ اطْلُبْنِي أَوَّلَ مَا تَطْلُبُنِي عَلَى الصِّرَاطِ قَالَ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عَلَى الصِّرَاطِ قَالَ فَاطْلُبْنِي عِنْدَ الْمِيزَانِ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عِنْدَ الْمِيزَانِ قَالَ فَاطْلُبْنِي عِنْدَ الْحَوْضِ فَإِنِّي لَا أُخْطِئُ هَذِهِ الثَّلَاثَ الْمَوَاطِنَ" و ما رواه الإمام أحمد رحمه الله عن لَقِيطِ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه و فيه : "ثُمَّ يَنْصَرِفُ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَفْتَرِقُ عَلَى أَثَرِهِ الصَّالِحُونَ فَيَسْلُكُونَ جِسْرًا مِنْ النَّارِ فَيَطَأُ أَحَدُكُمْ الْجَمْرَ فَيَقُولُ حَسِّ يَقُولُ رَبُّكَ عَزَّ وَجَلَّ أَوَانُهُ أَلَا فَتَطَّلِعُونَ عَلَى حَوْضِ الرَّسُولِ عَلَى أَظْمَأِ وَاللَّهِ نَاهِلَةٍ عَلَيْهَا قَطُ و الظاهر من الحديثين أنّ الحوض يكون بعد الصراط و الميزان.
و من الأدلّة التي قرروا بها هذا القول أيضا قول النبي صلى الله عليه و سلم في وصفه للحوض كما في حديث لمسلم عن أبي ذرّ رضي الله عنه: "يَشْخَبُ فِيهِ مِيزَابَانِ مِنْ الْجَنَّةِ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ" و في رواية للترمذي "مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا"
قال الحافظ في الفتح:" وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِم مِنْ حَدِيث أَبِي ذَرّ أَنَّ الْحَوْض يَشْخَب فِيهِ مِيزَابَانِ مِنْ الْجَنَّة ، وَلَهُ شَاهِد مِنْ حَدِيث ثَوْبَانَ ، وَهُوَ حُجَّة عَلَى الْقُرْطُبِيّ لَا لَهُ ، لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصِّرَاط جِسْر جَهَنَّم وَأَنَّهُ بَيْن الْمَوْقِف وَالْجَنَّة وَأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَمُرُّونَ عَلَيْهِ لِدُخُولِ الْجَنَّة ، فَلَوْ كَانَ الْحَوْض دُونه لَحَالَتْ النَّار بَيْنه وَبَيْن الْمَاء الَّذِي يُصَبّ مِنْ الْكَوْثَر فِي الْحَوْض ، وَظَاهِر الْحَدِيث أَنَّ الْحَوْض بِجَانِبِ الْجَنَّة لِيَنْصَبّ فِيهِ الْمَاء مِنْ النَّهَر الَّذِي دَاخِلهَا ، وَفِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود عِنْد أَحْمَد " وَيُفْتَح نَهَر الْكَوْثَر إِلَى الْحَوْض " وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : ظَاهِر قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيث الْحَوْض " مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَدًا " يَدُلّ عَلَى أَنَّ الشُّرْب مِنْهُ يَقَع بَعْد الْحِسَاب وَالنَّجَاة مِنْ النَّار ، لِأَنَّ ظَاهِرَ حَال مَنْ لَا يَظْمَأ أَنْ لَا يُعَذَّب بِالنَّارِ" انتهى

و القول الثاني:أنّ حوض النبيّ صلى الله عليه و سلم يكون في عرصات القيامة في الموقف قبل مجاوزة الصراط فترد أمّة النبي صلى الله عليه و سلم الحوض المورود بعد طول المقام في أرض المحشر و دنو الشمس من الرؤوس
و إلجام العرق و هذا القول هو اختيار جماهير العلماء و على رأسهم شيخ الإسلام بن تيمية و تلميذه بن القيم و الحافظ بن كثير و القرطبيّ و غيرهم رحمهم الله قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى كما في الواسطية: "وفي عرصة القيامة الحوض المورود لمحمد صلى الله عليه وسلم، ماؤه أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، آنيته عدد نجوم السماء، طوله شهر وعرضه شهر، من يشرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا "
و قال أيضا كما في مختصر الفتاوى المصريّة:" و ورود حوض النبي صلى الله عليه وسلم قبل الصراط فيرده قوم ويذاد عنه آخرون وقد بدلوا وغيروا والله أعلم"
و أدلّة هذا القول ما رواه مسلم رحمه الله عَنْ أَنَس بْن مَالِكٍ رضي الله عنه:
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ الْحَوْضَ رِجَالٌ مِمَّنْ صَاحَبَنِي حَتَّى إِذَا رَأَيْتُهُمْ وَرُفِعُوا إِلَيَّ اخْتُلِجُوا دُونِي فَلَأَقُولَنَّ أَيْ رَبِّ أُصَيْحَابِي أُصَيْحَابِي فَلَيُقَالَنَّ لِي إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ"
و روى الإمام أحمد في المسند عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ أَنْتَظِرُ مَنْ يَرِدُهُ عَلَيَّ مِنْكُمْ فَلَيُقَطَّعَنَّ رِجَالٌ دُونِي فَلَأَقُولَنَّ يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَلَيُقَالَنَّ لِي إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ مَا زَالُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ"
و ما رواه البخاري رحمه الله تعالى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَا أَنَا قَائِمٌ إِذَا زُمْرَةٌ حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِي وَبَيْنِهِمْ فَقَالَ هَلُمَّ فَقُلْتُ أَيْنَ قَالَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهِ قُلْتُ وَمَا شَأْنُهُمْ قَالَ إِنَّهُمْ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمْ الْقَهْقَرَى ثُمَّ إِذَا زُمْرَةٌ حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِي وَبَيْنِهِمْ فَقَالَ هَلُمَّ قُلْتُ أَيْنَ قَالَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهِ قُلْتُ مَا شَأْنُهُمْ قَالَ إِنَّهُمْ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمْ الْقَهْقَرَى فَلَا أُرَاهُ يَخْلُصُ مِنْهُمْ إِلَّا مِثْلُ هَمَلِ النَّعَمِ"
قال القرطبي رحمه الله معلّقا على هذا الحديث:"قلت : فهذا الحديث مع صحته أدلّ دليل على أن الحوض يكون في الموقف قبل الصراط لأن الصراط إنما هو جسر على جهنم ممدود يجاز عليه فمن جازه سلم من النار على ما يأتي و كذا حياض الأنبياء عليهم السلام تكون أيضا في الموقف على ما يأتي و روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
"سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الوقوف بين يدي الله تعالى هل فيه ماء ؟ قال : أي و الذي نفسي بيده إن فيه لماء و إن أولياء الله تعالى ليردون حياض الأنبياء و يبعث الله سبعين ألف ملك بأيديهم عصي من نار يذودون الكفار عن حياض الأنبياء"

و قال الحافظ في النهاية:" "ثم من جاوز "أي الصراط" لا يكون إلا ناجياً مسلّماً فمثل هذا لا يحجب عن الحوض فالأشبه والله أعلم أن الحوض قبل الصراط، فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد و الترمذي: عن أنس قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشفع لي يوم القيامة قال: "أنا فاعل" قال: فأين أطلبك يوم القيامة يا نبي الله؟ قال: "اطلبني أول ما تطلبني على الصراط" قلت: فإن لم ألقك؟ قال: "فاطلبني عند الميزان"، قال: فإن لم ألقك؟ قال: "فأنا عند الحوض لا أخطىء هذه الثلاثة المواطن يوم القيامة" ..................والمقصود أن ظاهر هذا الحديث يقتضي أن الحوض بعد الصراط، وكذلك الميزان أيضاً، وهذا لا أعلم به قائلاً، اللهم إلا أن يكون ذلك حوضاً ثانياً لا يذاد عنه أحد، والله سبحانه وتعالى أعلم.انتهى منقول بشيئ من التصرّف.

و ذهب بن القيّم رحمه الله تعالى جمعا بين الأدلّة أنّ حوض النبيّ صلى الله عليه و سلم يكون في العرصات لكنّه طويل يمتدّ إلى ما بعد الصراط قال رحمه الله تعالى: "ليس بين أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تعارض ولا تناقض ولا اختلاف، وحديثُه كُلُّه يُصدِّقُ بعضه بعضاً، وأصحابُ هذا القول إن أرادوا أن الحَوْض لا يُرَى ولا يُوصَل إليه إلا بعد قطع الصِّراط، فحديث أبى هريرة هذا وغيره يردُّ قولَهم، وإن أرادوا أنَّ المؤمنين إذا جازوا الصِّراط وقطعوه بدا لهم الحَوْضُ فشربوا منه، فهذا يدل عليه حديث لقيط هذا، وهو لا يُناقض كونَه قبل الصِّراط، فإن قوله: "طولُه شهر، وعرضُه شهر"، فإذا كان بهذا الطول والسعة، فما الذى يُحيل امتدادَه إلى وراء الجسر، فيرده المؤمنون قبل الصِّراط وبعدَه، فهذا فى حيز الإمكان، ووقوعه موقوفٌ على خبر الصادق.. والله أعلم.انتهى

وذهب السيوطي غفر الله له فيما نقل عنه السفارينيّ في لوامع الأنوار أنّ حوض النبيّ صلّى الله عليه و سلّم بعد الصراط في عرصات الجنّة حيث يكون قصاص المؤمنين بعضهم من بعض قال السفاريني رحمه الله:
"قَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيُّ: وَقَدْ وَرَدَ التَّصْرِيحُ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَغَيْرِهِ بِأَنَّ الْحَوْضَ بَعْدَ الصِّرَاطِ، فَإِنْ قِيلَ: إِذَا خَلَصُوا مِنَ الْمَوْقِفِ دَخَلُوا الْجَنَّةَ، فَلَمْ يَحْتَاجُوا إِلَى الشُّرْبِ مِنْهُ، فَالْجَوَابُ: بَلْ يَحْتَاجُونَ إِلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ مَحْبُوسُونَ هُنَاكَ لِأَجْلِ الْمَظَالِمِ، فَكَانَ الشُّرْبُ فِي مَوْقِفِ الْقِصَاصِ"
قال الشيخ الراجحي معلّقا: "ولكن هذا أيضا بعيد؛ لأن هذا التأويل تردّه الأحاديث الكثيرة التي صرحت بأنه يزاد عن الحوض أقوام قد ارتدوا على أعقابهم، وهذا يدل على أن الحوض في موقف الحساب لا في موقف قصاص المؤمنين بعضهم من بعض"انتهى
و قال السيوطي في تتمة كلامه:" وَيُحْتَمَلُ الْجَمْعُ بِأَنْ يَقَعَ الشُّرْبُ مِنَ الْحَوْضِ قَبْلَ الصِّرَاطِ لِقَوْمٍ وَتَأْخِيرُهُ بَعْدَهُ لِآخَرِينَ بِحَسَبِ مَا عَلَيْهِمْ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْأَوْزَارِ حَتَّى يُهَذَّبُوا مِنْهَا عَلَى الصِّرَاطِ، وَلَعَلَّ هَذَا أَقْوَى. انْتَهَى.
قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ مَرْعِيٌّ فِي بَهْجَتِهِ: وَهَذَا فِي غَايَةِ التَّحْقِيقِ جَامِعٌ لِلْقَوْلَيْنِ."انتهى منقول من لوامع الأنوار

و ذهب القرطبيّ رحمه الله تعالى كما في التذكرة أنّ للنبيّ صلّى الله عليه و سلّم حوضين أحدهما في العرصات قبل الصراط و الآخر بعده في الجنّة قال عفا الله عنه:" ذهب صاحب القوت و غيره إلى أن حوض النبي صلى الله عليه و سلم إنما هو بعد الصراط و الصحيح أن للنبي صلى الله عليه و سلم حوضين : أحدهما في الموقف قبل الصراط و الثاني في الجنة و كلاهما يسمى كوثرا على ما يأتي و الكوثر في كلام العرب الخير الكثير"انتهى

و ذهب الشيخ بن باز رحمه الله تعالى إلى أنّ الذي يرده الناس بعد الصراط إنما هو نهر في الجنة نقل عنه هذا القول الشيخ عبد العزيز الراجحي حفظه الله تعالى كما في شرح الطحاوية حيث قال: "لكن سماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز -غفر الله له ورحمه وجمعنا به في الفردوس الأعلى- تنبه لأمر لم يتنبه له هؤلاء العلماء الذين قالوا إن الحوض قبل الصراط قال سماحة شيخنا -رحمه الله-: "إن صحت الأخبار أنهم يردون بعد الصراط فهذا نهر يردونه في الجنة؛ لأن الصراط ممدود على متن جهنم يصعد الناس عليه إلى الجنة، فمن جاوز الصراط وصل إلى الجنة، والحوض في الأرض فلا يرجعون إلى الأرض مرة ثانية بعد صعودهم إلى الجنة يعني: كيف يكون الحوض بعد الصراط؟ الصراط ممدود على متن جهنم صعود يصعد الناس فيه من الأرض إلى السماء فإذا انتهوا وصلوا إلى الجنة ما فيه حوض هناك كيف وأين يكون الحوض؟ الحوض في موقف القيامة قبل الصراط قبل المرور على الصراط وهذا هو الذي تدل عليه الأحاديث، ويدل على ذلك أنه يذاد أقوام قد غيروا وبدلّوا هذا يكون في موقف القيامة أما بعد المرور على الصراط انتهى الأمر، من سقط في النار سقط في النار، ومن تجاوز الصراط وصل إلى الجنة."انتهى كلامه و قوله رحمه الله تعالى قريب من قول القرطبي و الله أعلم.

هذه أقوال العلماء في الحوض هل هو قبل الصراط أم بعده و في كلام أهل العلم جمع حسن بين الأدلّة و يبقى الجواب على أمرين اثنين ذكرهما الحافظ فيما سبق نقله أحدهما:
أنّ الصراط منصوب على متن جهنم بين الجنة والموقف و الحوض ،يمدّه ميزابان يشخبان و يغتان فيه من الكوثر فلو كان الحوض في العَرَصَات لكانت النار حائلا تحول بين الميزبين و الحوض و الجواب على هذا الإشكال أنّه لا مانع البتة أن يكون الجسر بين الجنّة و الحوض و الميزبان يمدّانه من ماء الكوثر و كيفية ذلك من أمور الغيب التي لا يعلمها إلاّ الله و قد ثبت في الصحيح عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في حديث المعراج:
" ثُمَّ رُفِعَتْ إِلَيَّ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى فَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلَالِ هَجَرَ وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ قَالَ هَذِهِ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى وَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ نَهْرَانِ بَاطِنَانِ وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ فَقُلْتُ مَا هَذَانِ يَا جِبْرِيلُ قَالَ أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الْجَنَّةِ وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ"
قال الحافظ في الفتح :"قَالَ النَّوَوِيّ : فِي هَذَا الْحَدِيث أَنَّ أَصْل النِّيل وَالْفُرَات مِنْ الْجَنَّة ، وَأَنَّهُمَا يَخْرُجَانِ مِنْ أَصْل سِدْرَة الْمُنْتَهَى ، ثُمَّ يَسِيرَانِ حَيْثُ شَاءَ اللَّه ، ثُمَّ يَنْزِلَانِ إِلَى الْأَرْض ، ثُمَّ يَسِيرَانِ فِيهَا ثُمَّ يَخْرُجَانِ مِنْهَا ، وَهَذَا لَا يَمْنَعهُ الْعَقْل ، وَقَدْ شَهِدَ بِهِ ظَاهِر الْخَبَر فَلْيُعْتَمَدْ ."
فإن كان النيل و الفرات يخرجان مِنْ أَصْل سِدْرَة الْمُنْتَهَى ثُمَّ يَسِيرَانِ حَيْثُ شَاءَ اللَّه ، ثُمَّ يَنْزِلَانِ إِلَى الْأَرْض ، فيَسِيرَانِ فِيهَا فكذلك الميزابان فإنّهما يخرجان من أصل نهر الكوثر من الجنة ثُمَّ يَسِيرَانِ حَيْثُ شَاءَ اللَّه فيغتّان في حوض النبي صلّى الله عليه و سلّم و إن حالت بينهما النار و كيفية ذلك من أمور الغيب التي لا يعلمها إلاّ الله جلّ في علاه. و الله تعالى أعلم
و أمّا الثاني فهو قولهم لو كان الحوض في العرصات و شرب منه أهل الكبائر و غيرهم من العصاة ثمّ سقطوا من على الجسر في النار فإنّهم سيصابون بالظمأ و العطش و الجواب عليه أنّ عصاة الموحدين قد يردون حوض النبيّ صلّى الله عليه و سلّم في العرصات و يشربون منه ثمّ إذا سقطوا في النار من فوق الصراط فإنّهم يعذبون وَلَكِنْ يَحْتَمِل أَنَّ مَنْ قُدِّرَ عَلَيْهِ التَّعْذِيب مِنْهُمْ أَنْ لَا يُعَذَّب فِيهَا بِالظَّمَأِ بَلْ بِغَيْرِهِ كما قاله القاضي عياض رحمه الله.
و الله تعالى أعلم بالصواب و صلّى الله و سلّم على نبيّنا محمد
و كتب أيمن أبو العباس التونسي
منقول
 



توقيع : بدور
تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها
رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:20 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML