السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد فهذا موضوع مهم جدا ، وبيان أن السلف اختلفوا في
فروع العقيدة لا في أصولها.
المقطع الصوتي هو جواب الشيخ عبيد الجابري حفظه الله على سؤال ضمن شرحه للنواقض الاسلام للشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
الاستماع
التحميل
هل السلف اختلفوا في العقيدة وفيما اختلفوا.mp3
التّفريغ
▪ أحسن اللهُ إليكُم وهذا سائل يقول: "هل هُناك خلاف بين الصّحابة رضي اللهُ عنهم في العقيدة؟"
▪ كلاّ وألف كلاّ، ذكر هذا شيخُ الإسلام ابن تيميّة وغيرُه؛ لم يختلِفوا في أُصول الدِّين، وأعظم أُصول الدِّين العقيدة؛ لم يختلِفوا فيها، وإنّما الاختلاف كان في فُروع تتنازعها الأدِلّة.
فمِن أمثلة العقيدة الفرعيّة: في الإسراء والمِعراج اتّفق أئمّة أهل السُّنّة وشاركهم بعض الطّوائف مِن المُبتدِعة أنّ النّبيَّ صلّى اللهُ عليه وسلّم وقع الإسراء له بجسدِه وبروحه، وأنّه عُرِجَ به يقظةً لا منامًا، هذا الأصل مُتّفق عليه.
فالإسراء بالكتاب والسُّنّة والإجماع، والمِعراج بالسُّنّة الصّحيحة والإجماع؛ إذًا ما الّذي اختلفوا فيه؟
اختلَفوا هل رأى النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّم ربَّهُ تلك اللّيلة أو لا؟
فابن عبّاس رضي اللهُ عنهما رُوي عنه "رآه بفؤادِه"، ورُوِيَ عنه "رآه بفؤادِه مرتين"، رُوِيَ عنه أيضاً -كانت مُطلقاً- "رآه".
وعائشة رضي اللهُ عنها تقول: "مَن حدّثك أنّ مُحمّدًا صلّى اللهُ عليه وسلّم قد رأى ربَّه فقد أعظمَ الفِرية".
وقول عائشة ومَن وافقها مِن الصّحابة رضي اللهُ عنهم والتّابعين رحمهم اللهُ هو الرّاجح بدليل قوله صلّى اللهُ عليه وسلّم لمّا قيل له هل رأيتَ ربّك؟ قال: "رأيتُ نورًا لو ظهرتْ سُبُحات وجهه لأحرقَ ما انتهى إليه بصره".
وجمع الحافظ رحمه اللهُ بين الخَبَرَيْن فقال يُحمل النّفي في خبر عائشة على الرُّؤية البصريّة، أي أنّه لم يرهُ ببصره، ويُحمل خبر ابن عباس رضي اللهُ عنهما على الرُّؤية بالقَلب؛ وهذا حسن.
الثّاني أيضًا مِن فُروع العقيدة العرش والقلم: أجمع أهلُ المِلّة مِن أئمّة أهلِ السُّنة ووافقهم غيرُهم مِن الطّوائف الضّالة والمُبتدِعة أنّهما -أعني العرش والقلم- أوّل المخلوقات، وأنّهما لم يسبِقهُما شيء، يعني مِن المخلوقات؛ إذًا فيما اختلَفوا؟
فطائفة ذهبتْ إلى أنّ الأوّل هو العرش، وطائفة أُخرى ذهبتْ إلى أنّ الأوّل هو القلم.
فدليل الطّائفة الأولى قوله صلّى اللهُ عليه وسلّم: "كان اللهُ ولم يكنْ شيءٌ معه -وفي رواية "غيرُه"- وكان عرشُه على الماء". ودليل الطّائفة الثّانية: "إنّ أوّل شيءٍ - "شيء" هذه زيادة في بعض طُرقه- خلقه اللهُ القلم".
وعلى كُلٍّ مثل هذا كما ذكرتُ لكم في أوّل الدّرس أنّه لا يُثرِّبُ فيه أحد الفريقَيْن على الآخر؛ لأنّ الكُلَّ عندهُ ما يُسوِّغ مذهبه مِن الدّليل، أمّا أصل العقيدة فلم يختلِفْ فيه الصّحابة رضي اللهُ عنهم ولا أئمّة الهُدى مِن بعدهم، ولكن جاء مُشوِّشة لعّابة مُتفلسفة قعّدوا هذه القواعد ومنها أنّ أهلَ السُّنّة اختلَفوا في العقيدة، ومِنهم مَن يقول إنّ أهلَ العلم اختلَفوا في العقيدة وكذبوا، نعم.