تحذير أولي الألباب من أعمال الخوارج الكلاب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
إنّ ما حدث في هذه الأيام في تونس والكويت وفي مدينة ليون من الديار الفرنسية وما سبق وقوعه في المملكة السعودية بلاد التوحيد – حرسها الله – وجميع بلاد المسلمين ..لعمل إجرامي لا تقره الشرائع السماوية و لاعقول الراجحة ولا الفطر السلمية ، وأن الذي يقوم بهذه الأعمال الإجرامية الشنيعة هي تلكم الثلة الباغية التي تنكبت الصراط المستقيم وسارت على نهج الخوارج المارقين الذين قال عنهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ( يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم و صيامكم مع صيامهم و عملكم مع عملهم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ينظر الرامي في النصل فلا يرى شيئا و ينظر في القدح فلا يرى شيئا و ينظر في الريش فلا يرى شيئا و يتمارى في الفوق هل علق به من الدم شيء ) قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 8053 في صحيح الجامع ) .
ووصفهم –صلى الله عليه وسلم – بأنهم كلاب النار وقال عنهم ( شر الخلق والخليقة ) .
فهذه الفئة الضالة جعلت التدمير والتفجير والإفساد مبتغًا والإعتداء على المسلم وغير المسلم في دمه وماله مسلكاً فعميت بصائرهم وضل سعيهم .
إن هذه الأعمال الإجرامية لا عذر لمرتكبيها بأي حالٍ من الأحوال وأي ذريعة من الذرائع لأنّ تحريمها وقبحها وضررها معلوم من الدين بالضرورة ، و هذه الحوادث الموغلة في الجريمة ليست مجرد إجتهاد أو إختلاف في الرأي أو خطـأ في التأويل أو الضلال عن جهل أو غلبة الشبهة فينفع معها العلاج بكشف الشبهة والتعليم والحوار الهادئ البنّاء والدعوة إلى الحق بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن ، ولكنه إصرارٌ منهم على الأجرام مع علمهم بتحريمه وقبحه وبشاعته وشناعته ، فإنه بطرٌ منهم للحق بعد أن تبيّن ومكابرة للحجة رغم قيامها .
وليعلم الجميع أننا ندين هذه الأعمال الإجرامية وننكرها أشدَّ الإنكار ونتبرأ منها ومن فاعليها مهما كانوا وأينما كانوا ، وإذ نتخذ هذا الموقف طاعة لله – عز وجل – ولرسوله صلى الله عليه وسلم ،وهذا هو ديننا ومنهجنا الذي ندين الله به – جل وعلا – وقد جاءت النصوص من كتاب الله – جل وعلا – ومن سنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – ناهية ومحذرة من كل هذه الأعمال من إراقة للدماء وقتل للأبرياء وتخريب وتدمير ونسف الجسور وتفخيخ السيارات وترويع الآمنين وإفساد في الأرض وإهلاك الحرث والنسل ، قال تعالى : {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }النساء93.
وقال تعالى : { وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }الأنعام151.
وقال جل وعلا : { أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ }المائدة32.
وقال تعالى :{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206)}البقرة .
وأما من السنة المطهرة فقوله صلى الله عليه وسلم قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا ) وقوله صلى الله عليه وسلم في روية (لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق ) وفي روية زاد ( ولو أنّ أهل سماواته وأهل أرضه إشتركوا في دم مؤمن أدخلهم الله النار )وقال صلى الله عليه وسلم من حديث معاوية – رضي الله عنه – ( كل ذنب عسى الله أن يغفره إلاَّ الرجل يموت كافرًا أو الرجل يقتل مؤمنًا ) وقال صلى الله عليه وسلم ( من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة وإنّ ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما) صحيح الجامع . وفي روية ( من قتل معاهدًا في غير كنهه حرمّ الله عليه الجنة) .
وإنطلاقًا من هذه النصوص فإننا ندعوا شباب الإسلام والمسلمين عمومًا وخاصة الدعاة منهم ورواد المساجد أينما كانوا أن يبرزوا الوجه الحقيقي للإسلام ليكونوا أسوة وقدوة لغيرهم وأن يلتزموا الحكمة في دعوتهم إلى الله – جل وعلا – وأن يتبرؤوا منهم فلا يناصروهم لا بقول ولا بفعل ولا بمالٍ بل عليهم أن يبينوا للناس ضلالهم وإنحرافهم وشرهم بالحجة والبرهان ، كما نؤكد أنّ الإسلام بريئ من كل هذه الأعمال الإجرامية اللاإنسانية ونسبتها للإسلام نسبة باطلة ظالمة فالإسلام هو دين الأمن والأمان السلم والسلام ، دين يوجب العدل ويحمي الدماء المعصومة ويُحرّم الظلم ويدعوا إلى القيم الرفيعة والأخلاق الفاضلة .
ليعلم الجميع أنّ هذا الداء الخطير المسمى بالإرهاب الذي تعاني من ويلاته البشرية لا يعرف وطنا ولا جنسا ولا دينا ولا مذهبا ولا زمانا ولا مكانًا فإلى الله المشتكى ، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله .
هذا ما أحببنا بيانه نصحا للأمة وبراءة للذمة .
وصلى الله وسلم على نبينًا محمد و على آله وأصحابه أجمعين .
وخطه أبو فرح فارس الجزائري بإملاء الشيخ الفاضل أبو عبد الحليم محمد عبد الهادي الجزائري – حفظه الله تعالى – وكان ذلك أثناء الدورة العلمية بدار الحديث بمدينة بنيس الفرنسية وذلك 11/رمضان 1436ه.
سحاب السلفية