موقف الإمامين ابن تيميَّة وابن القيّم من الصُّوفية ([1][1])
بسم الله الرحمن الرحيم
اطلعت على مقال عبد الحفيظ ملك عبد الحق المكي الصوفي الذي وصف نفسه بخادم الحديث الشريف ببلد الله الحرام (!) تحت عنوان :
( أئمة السُنَّة يردُّون ادِّعاءات الدكتور ربيع المدخلي عن التصوف والصوفية )
والذي نشر في ملحق جريدة المدينة يوم الجمعة الموافق جمادى الأولى عام 1426هـ وكان رداً على مقالي الذي ناقشت فيه الدكتور عبد العزيز القاريء في موضوع الصوفية .
ولي بعض الوقفات مع هذا المقال وصاحبه :
- الوقفة الأولى :
أنه وصف نفسه بأنه : ( خادم الحديث الشريف ببلد الله الحرام )!
وهذه منـزلة عظيمة ما كان يدَّعيها أئمة السنة والحديث مثل عطاء بن أبي رباح وسفيان بن عيينة ، والحميدي وغيرهم ، من علماء الحديث والسنة ببلد الله الحرام.
وأنا شخصياً سكنت مكة حوالي تسع سنوات من عام 1392هـ فلم أسمع بهذا الرجل في مكة ولا بخدمته للحديث ,وعدت إلى مكة عام 1419هـ وما زلت بها إلى أن وقفت على هذا المقال الذي نشر في 10/5/1426هـ فوالله ما سمعت به ولا علمت بوجوده في مكة ولا أعرف له طالباً واحداً ينتمي إلى الحديث وأهله ولا غير منتمٍ ولا عرفت له كتاباً في خدمة الحديث الشريف ولا حتى خدمة حديث واحد !
- فماذا يريد بهذا المدح لنفسه وماذا يريد بهذه التزكية ؟ لا شك أنه متشبع بمالم يعط .
- الوقفة الثانية : مع عنوان مقاله
وهو قوله : " أئمة السلفية يردون على ادعاءات الدكتور ربيع المدخلي عن التصوف والصوفية " هكذا بهذا العموم والشمول الذي يوهم القراء أن كل أئمة السنة وقفوا في وجه ربيع يدافعون عن كل أصناف التصوف والصوفية ويردون على ادعاءاته بالحجج والبراهين .
وأقول : إني أنا ربيع لا أعرف ادعاء واحداً ادعيته على الصوفية بل لا تجد في مقالي : إما نقلا ً عن أئمة موثوقين في نقلهم عند أهل السنة مثل الذهبي وقد حددت ما نقلته عنه بالجزء والصحيفة ,وكذلك نقلت نقده الشخصي ,ومثل ابن الجوزي وقد نقلت عنه نقوله ونقده للصوفية وأئمتهم في كتابه " تلبيس إبليس " وهو مشهور متداول بأيدي الناس وما عدا ذلك من أقوالي إنما هو بناء وتأكيد لما نقله وقاله هؤلاء الأئمة فيهم , فمن هو إذن صاحب الادعاءات الباطلة والافتراءات المشينة " رمتني بدائها وانسلت " .
- الوقفة الثالثة :
مع قوله : " وآلمني ما ورد فيه من ادعاءات باطلة وافتراءات مشينة حول التصوف والسادة الصوفية في زمن نحن أحوج ما نكون فيه إلى وحدة الصف وسعة الصدر وحسن الظن لأن قوى الكفر المتنوعة قد اتحدت وتناست الخلافات فيما بينها تتآمر ليل نهار بشتى الأساليب لإضعاف شوكة المسلمين وإبعادهم عن تعاليم دينهم الحنيف ونشر الخلاف والشقاق والنزاع فيما بينهم"
والجواب :
1- قد سبقت الإجابة عما يزعمه من الادعاءات الباطلة والافتراءات
المشينة.
2- هل الصوفية يحسنون الظن بأئمة الدعوة السلفية كابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب وأبنائه وأحفاده ومن سلك طريقهم في التمسك بالكتاب والسنة والدعوة إلى التوحيد ومحاربة الشرك والخرافات ,أو أنهم يسيئون بهم الظن ويحاربونهم ويشوهون دعوتهم ويألفون المؤلفات الكثيرة في تشويههم وتشويه دعوتهم وينشرون هذا التشويه في مدارسهم ومساجدهم لا يفترون عن ذلك من عهد السبكي وأتباعه والهيتمي والحداد الحضرمي وأتباعه ودحلان والنبهاني والبوطي وغيرهم ومؤلفاتهم تنشر في الآفاق تبث الأكاذيب والشركيات والخرافات وتصد الناس عن سبيل الله ,فهل كتبت مقالاً واحداً تردُّ فيه هذه الافتراءات والضَّلالات ؟! أو لا همَّ لك إلا نشر التلبيسات والدفاع عن هذا الضلال وأهله كما في مقالك هذا وكتابك الذي ذكرته في هذا المقال ؟.
على أي أساس تدعو إلى وحدة الصف ؟
أَعلَى أساس التمسك بالكتاب والسنة : عقيدة وعبادة وسياسة وأخلاقاًِ والدعوة إلى ذلك ووضع المناهج في المدارس والجامعات والتدريس في المساجد والكتابة في الصحف والمجلات و تسخير كل الوسائل الممكنة لتحقيق هذه الغاية (وحدة الصَّف) ؟ إذا كان على هذا الأساس فهذا أمرٌ يدعوا إليه السلفيون ويتعطشون لتحقيقه وهو أمر واجب لا عذر للمسلمين في التقصير فيه والتباطؤ والتقاعس عنه ، ونصوص القرآن والسنة الداعية إليه والحاثة بشدة عليه كثيرة منها قول الله تعالى : ) واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ( ، وقال سبحانه : ) وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ( ففي هذين النصين أمر للأمة جميعها أن تعتصم بحبل الله وهو الكتاب والسنة.
واتباع الصراط المستقيم هو اتباع الكتاب والسنة والاعتصام بهما وفيهما نهي عن التفرق في العقائد والعبادات والمناهج والسياسات وغيرها ونهيٍ عن اتباع السبل التي على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ,ومن هذه السبل المضلة الطرق الصوفية والرافضية والسياسية بما حوتها من عقائد ومناهج .
أو تريد الوحدة على الطريقة الأوربية في التجمعات والتحالفات على الضلال والجهل والخرافات التي لا تزيد المسلمين إلا خذلاناً وذلاً وهواناً ,فليس هذا هو العلاج أبداً ، إنما العلاج هو العودة الجادة إلى الكتاب والسنة وذلك هو الدِّين الصَّحيح الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين بالرجوع إليه إذا هي عاشت في الهوان وعانت من الذل فقال صلى الله عليه وسلم : " إذا تبايعتم بالعينة ورضيتم بالزرع واتبعتم أذناب البقر وتركتم الجهاد في سبيل الله سلَّط الله عليكم ذلاً لا ينـزعه عنكم حتى ترجعوا على دينكم " .
أي الدِّين الحق الذي تضمنته النصوص القرآنية والنبوية ,لا دين الجهمية ولا المعتزلة ولا دين الحلاج وابن عربي وابن سبعين وابن الفارض ولا دين النقشبندية والسهروردية والتيجانية والمرغنية ونحوها من الطرق القائمة على الحلول ووحدة الوجود وعبادة القبور والخرافات فإن هذه هي السبب الرئيس في إضلال كثير أو أكثر المسلمين ورميهم في هوة الجهل بحقيقة الإسلام والتوحيد الذي جاءت به كل الرسالات ,والسبب الرئيس في ذلهم وجعلهم غثاء تتداعى عليهم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها .
- الوقفة الرابعة :
أنه قال : " وبعد هذا كله أزيد الدكتور المدخلي علماً بفضل الله وتوفيقه أن شيخ الإسلام ابن تيمية كان بنفسه صوفياً قد لبس خرقة التصوف(2) ,وقد صرَّح هو بذلك وذكر سند خرقته في كتابه الشهير "منهاج السنة" فما رأي فضيلة الدكتور المدخلي الآن هل نبقي ابن تيمية في أهل السنة والجماعة أم نخرجه مثل غيره وننسبه إلى دين الصوفية عقيدة وعبادة ومنهجا ؟؟؟ " .
وجوابه : إني مع اهتمامي بدراسة كتب ابن تيمية لم أعرف أن ابن تيمية كان صوفياً ولا أعرف أنه لبس خرقة الصوفية ولم أسمع بهذا من أحد من علماء السنة ولا من زملائي المحبين لابن تيمية ,فأطلب من عبد الحفيظ خادم الصوفية أن ينص على هذا الكلام بالجزء والصحيفة من كتاب المنهاج الذي نسب إليه هذا الكلام .
وبعد وقوفي عليه أحتاج أن أعرف الطريقة الصوفية التي كان منتسباً إليها أهي الرفاعية أو القادرية أو النقشبندية ,وهل يؤمن بما فيها من عقيدة ومنهج وعبادة فأُحدِّدُ حينئذ موقفي منه .
فإن عجز عن إثبات ما نسبه إلى شيخ الإسلام ابن تيمية ظهر للناس افتراء هذا الرَّجل إلى إمام عظيم جاهد الصوفية جهاداً عظيماً في عدد من مؤلفاته وكشف عوارهم وهتك أستارهم , ولا سيما أهل الطريقة الرفاعية(3) وأتباع ابن عربي والتلمساني وابن الفارض وابن سبعين وغيرهم من أئمة الحلول ووحدة الوجود(4) والذين تنتمي إليهم جلُّ الطرق الصوفية التي جاءت بعدهم أو كلُّها ولا سيما الطرق القائمة الآن والجاثمة على صدر الأمة بضلالاتها الكبرى من الشرك في القبور واعتقاد الحلول ووحدة الوجود ونشر الخرافات .
ومن هذه الطرق الطريقة النقشبندية والسهروردية والقادرية والجشتية والتي أظنُّ أنَّ عبد الحفيظ يؤمن بها ويدافع عنها .
3- فإن كان ليس من أهلها فليتبرأ منها علانية ولِيُدِنْ أهلها بما فيها من الضلال البعيد.
- الوقفة الخامسة :
مع قوله :
" ويشتد الأمر مرارة وخطورة عندما يكون متعلقاً بالتصوف حيث إنَّ أكثر من 95% من علماء المسلمين ومشايخهم في العالم إما تجدهم منتسين إلى التصوف وبعض طرقه أو محبين ومؤيدين له ولمشايخه " .
والجواب :
1- إنه ليشتد الأمر جدًّا مرارةً وخطورةً ويكاد القلب يتقطع أن يكون هذا هو واقع المسلمين أن يكون 95% من علماء المسلمين ومشايخهم على الطرق الصوفية المسيطرة على عقول معظم المسلمين وعقائدهم ولعلَّ بعضهم لا يكتفي بطريقة واحدة بل يبايع على أربع طرق فيها الحلول ووحدة الوجود.
ويزداد القلب أسى وحسرة أن يكون هذا الكم الهائل من العلماء إما معتقدين للتصوف أو مؤيدين له فلا يُغيِّرون هذا الواقع المُرَّ بل يؤيدونه ويذبون عنه.
وأسألك لماذا يعتنق هؤلاء العلماء ويؤيدون التصوف وهم يرون آلاف القبور المشيدة يُصرف لها أنواع العبادات من الاستغاثات واللجوء إلى أهلها في الكربات والتقرب إليهم بالذبائح والنذور وإقامة الأعياد والاحتفالات فلا تجد من هؤلاء العلماء إلا التأييد والتأكيد ، فأين هم من قول الله تعالى : ) كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ( ألا يخافون أن ينطبق عليهم قول الله تعالى : ) كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون .
( الواجب عليك إن كنت من أهل السنة وتحتج بأقوال ابن تيمية أن تواجههم بالنصح والإنكار لا بالتهويل بكثرتهم فهل هذه الكثرة تجيز لك وأنت ( خادم الحديث ببلد الله الحرام ) ! أن تلمعهم وتدافع عنهم ؟!.
2- أنت تتمسح بابن تيمية وابن عبد الوهاب وابن القيم لتدافع بهم عن التصوف والصوفية فلماذا لا تتحف الناس بذكر جهادهم لمحو آثار التصوف وتطهير الأرض والعقول والعقائد منها .
3- أنت تريد وحدة الصف الذي قد يشمل الروافض والقاديانية والصوفية بطرقها والأحزاب السياسية على اختلاف ضلالاتها فهل أنت بهذا التجميع الأعمى على منهج الكتاب والسنة ومنهج ابن تيمية .
أما الكتاب والسنة فقد مضى من نصوصهما في هذا المقال ما مضى .
وأما شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- فيرى أنَّ سبب تسلُّط الأعداء إنَّما يكمن في ظهور النِّفاق والبدع والفجور حيث قال : ( فلما ظهر النفاق والبدع والفجور المخالف لدين الرسول سُلِّطتْ عليهم الأعداء ،فخرجت الروم النصارى إلى الشام والجزيرة مرة بعد مرة، وأخذوا الثغور الشامية شيئًا بعد شيء إلى أن أخذوا بيت المقدس في أواخر المائة الرابعة، وبعد هذا بمدة حاصروا دمشق، وكان أهل الشام بأسوأ حال بين الكفار النصارى والمنافقين الملاحدة، إلى أن تولى نور الدين الشهيد، وقام بما قام به من أمر الإسلام وإظهاره والجهاد لأعدائه ،ثم استنجد به ملوك مصر بنو عبيد على النصارى فأنجدهم ،وجرت فصول كثيرة إلى أن أخذت مصر من بني عبيد أخذها صلاح الدين يوسف بن سادي وخطب بها لبني العباس ،فمن حينئذ ظهر الإسلام بمصر بعد أن مكثت بأيدي المنافقين المرتدين عن دين الإسلام مائة سنة .
فكان الإيمان بالرسول والجهاد عن دينه سببًا لخير الدنيا والآخرة، وبالعكس البدع والإلحاد ومخالفة ما جاء به سبب لشر الدنيا والآخرة .
فلما ظهر في الشام ومصر والجزيرة الإلحاد والبدع سلط عليهم الكفار ،ولما أقاموا ما أقاموه من الإسلام وقهر الملحدين والمبتدعين نصرهم اللّه على الكفار تحقيقًا لقوله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ )( [الصف:10 ـ 13].
وكذلك لما كان أهل المشرق قائمين بالإسلام كانوا منصورين على الكفار المشركين من الترك والهند والصين وغيرهم، فلما ظهر منهم ما ظهر من البدع والإلحاد والفجور سلط عليهم الكفار، قال تعالى: ( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ( [الإسراء: 4-8] )([1][5]) اهـ.
وقال شيخ الإسلام في كلامه عن ضلال الصوفية وبُعدهم عن حقيقة التوحيد :
( ومنهم([1][6]) من لا يعرف ابتداء إلا طريقة الرياضة، والتجرد والتصوف، ككثير من الصوفية والفقراء الذين وقعوا في الاتحاد، والتأله المطلق، مثل: عبد الله الفارسي، والعفيف التلمساني ونحوهما.
ومنهم من قد يجمع كالصدر القوْنَوِي ونحوه. والغالب عليهم عالم التوهم. فتارة يتوهمون ما له حقيقة، وتارة يتوهمون ما لا حقيقة له ،كتوهم إلهية البشر ،وتوهم النصارى ،وتوهم المنتظر ،وتوهم الغوث المقيم بمكة أنه بواسطته يدبر أمر السماء والأرض، ولهذا يقول التلمساني : ثبت عندنا بطريق الكشف ما يناقض صريح العقل.
ولهذا أصيب صاحب الخلوة بثلاث توهمات :
أحدها : أن يعتقد في نفسه أنه أكمل الناس استعداداً.
والثاني : أن يتوهم في شيخه أنه أكمل من على وجه الأرض.
والثالث : أنه يتوهم أنه يصل إلى مطلوبه بدون سبب ،وأكثر اعتماده على القوة الوهمية ،فقد تعمل الأوهام أعمالا لكنها باطلة ،كالمشيخة الذين لم يسلكوا الطرق الشرعية النبوية ،نظراً أو عملاً ،بل سلكوا الصابئية.
ويشبه هؤلاء من بعض الوجوه : أكثر الأحمدية، واليونسية، والحريرية، وكثير من العدوية، وأصحاب الأوحد الكرماني، وخلق كثير من المتصوفة والمتفقرة بأرض المشرق؛ ولهذا تغلب عليهم الإباحة ،فلا يؤمنون بواجبات الشريعة ومحرماتها. وهم إذا تألهوا في تألهٍ مطلقٍ ،لا يعرفون من هو إلههم بالمعرفة القلبية، وإن حققه عارفوهم الزنادقة، جعلوه الوجود المطلق .
ومنهم من يتأله الصالحين من البشر، وقبورهم ونحو ذلك.
فتارة يضاهئون المشركين ،وتارة يضاهئون النصارى ،وتارة يضاهئون الصابئين وتارة يضاهئون المعطلة الفرعونية ،ونحوهم من الدهرية ،وهم من الصابئين ،لكن كفار في الأصل. والخالص منهم يعبد الله وحده، لكن أكثر ما يعبده بغير الشريعة القرآنية المحمدية، فهم منحرفون، إما عن شهادة أن لا إله إلا الله، وإما عن شهادة
أن محمداً رسول الله، وقد كتبته في غير هذا ) اهـ([1][7]).
-أقول : وأهل البدع من الروافض والجهمية والصوفية معروف عنهم أنَّهم يتعاونون مع الكفَّار الغازين المحتلِّين في قديم الزمان وحديثه !!
وقصَّة تعاون الروافض مع التتار ومع اليهود والنصارى معروفة مذكورة في كتب التاريخ وغيرها ,وأظهر تعاون لهم مع التتار كان في إسقاط الخلافة العباسية وإدخالهم بغداد وقتلهم لأهلها .
وانظر تعاون الجهمية والصوفية مع التتار وغيرهم في كتابه ( الفرقان بين الحق والباطل ) قال شيخ الإسلام-رحمه الله- : ( فمنتهى الجهمية المجبرة إما مشركون ظاهرًا وباطنًا، وإما منافقون يبطنون الشرك؛ ولهذا يظنون باللّه ظن السوء، وأنه لا ينصر محمدًا وأتباعه، كما قال تعالى: ) وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا ( [الفتح:6]
وهم يتعلقون بقوله: ) لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ ( [الأنبياء:32]، وبأنه ) يَفْعَلُ مَا يَشَاء ( [آل عمران:40]، ولذلك لما ظهر المشركون التتار وأهل الكتاب كثر في عبادهم وعلمائهم من صار مع المشركين وأهل الكتاب ،وارتد عن الإسلام إما باطنًا وظاهرًا، وإما باطنًا وقال: إنه مع الحقيقة، ومع المشيئة الإلهية ،وصاروا يحتجون لمن هو معظم للرسل عما لا يوافق على تكذيبه بأن ما يفعله من الشرك والخروج عن الشريعة وموالاة المشركين وأهل الكتاب والدخول في دينهم ومجاهدة المسلمين معهم هو بأمر الرسول، فتارة تأتيهم شياطينهم بما يخيلون لهم أنه مكتوب من نور ،وأن الرسول أمر بقتال المسلمين مع الكفار ،لكون المسلمين قد عصوا.
ولما ظهر أن مع المشركين وأهل الكتاب خفراً ([1][8]) لهم من الرجال المسمين برجال الغيب -وأن لهم خوارق تقتضي أنهم أولياء اللّه- صار الناس من أهل العلم ثلاثة أحزاب : حزب يكذبون بوجود هؤلاء ،ولكن عاينهم الناس ،وثبت ذلك عمن عاينهم، أو حدثه الثقاة بما رأوه ،وهؤلاء إذا رأوهم أو تيقنوا وجودهم خضعوا لهم. وحزب عرفوهم ورجعوا إلى القدر، واعتقدوا أن ثم في الباطن طريقًا إلى اللّه غير طريقة الأنبياء. وحزب ما أمكنهم أن يجعلوا أولياء اللّه خارجين عن دائرة الرسول، فقالوا: يكون الرسول هو ممدًا للطائفتين لهؤلاء وهؤلاء، فهؤلاء معظمون للرسول، جاهلون بدينه وشرعه، والذين قبلهم يجوزون اتباع دينٍ غير دينه وطريق غير طريقه. وكانت هذه الأقوال الثلاثة بدمشق لما فتحت عَكَّة، ثم تبين بعد ذلك أن هؤلاء من أتباع الشياطين، وأن رجال الغيب هم الجن، وأن الذين مع الكفار شياطين، وأن من وافقهم من الإنس فهو من جنسهم شيطان من شياطين الإنس أعداء الأنبياء، كما قال تعالى: ) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ( [الأنعام:112].
وكان سبب الضلال عدم الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، وأصله قول الجهمية الذين يسوون بين المخلوقات، فلا يفرقون بين المحبوب والمسخوط ،ثم إنه بعد ذلك جرت أمور يطول وصفها.
ولما جاء قازان وقد أسلم دمشق انكشفت أمور أخرى، فظهر أن اليونسية كانوا قد ارتدوا وصاروا كفارًا مع الكفار )([1][9]) اهـ .
- أقول : هذه بعض مخازي أهل البدع من الروافض والصوفية وغيرهم في الأزمان الغابرة !
وفي تاريخنا الحديث تتكرر تلك المخازي منهم بأبشع صورها ؛فلا ينسى أحد تجنيد الاستعمار البريطاني للصوفية من أجل إسقاط دولة التوحيد التي أقامها الإمام المجاهد أحمد بن عرفان وإخوانه في ( بيشاور ) .
ومعروف عند الجميع تعاون الصوفية مع الحكومة الشيوعية في أرض (عدن) اليمنية.
ولا يخفى على من استقرأ التاريخ الحديث ما كان من علاقة وطيدة وحميمة بين الاستعمار الفرنسي وطرق الصوفية بأنواعها في أرض (الجزائر) وهو الذي كان يمدها بكل الوسائل المادية والمعنوية !!
فأيُّ وحدة إسلامية تقوم على كواهل مثل هؤلاء ؟!
وأيُّ نصرٍ للإسلام يتحقَّق بهم ؟!
ومن يريد نصرة الإسلام وعزَّته فليعلم هذه الحقائق ,وليبذل أقصى ما يمكن من جهدٍ لجمع المسلمين على كتاب ربهم تبارك وتعالى وسنَّة نبيِّهم صلى الله عليه وسلم على فهم سلفهم الصالح : عقيدةً ومنهجاً وعبادةً وسلوكاً ...
- الوقفة السادسة :
عند قوله : " وقد شدَّد الدكتور المدخلي على أن الصوفية ليسوا من أهل السنة والجماعة بل اتهمهم بما هو أقبح وأدهى من ذلك بقوله : " قد صحح علماء أهل السنة والجماعة كل ما فسد من دين الصوفية عقيدة وعبادة ومنهجا " .
فأقول : يتضمن كلامه هذا أمرين :
أحدهما : إنكار ما عند الصوفية من فساد عقائدي ومنهجي وعبادي .
وهذه مكابرة عظيمة وإنكار لواقع يمتد من عهد الأئمة أحمد بن حنبل وأبي زرعة وإخوانهم في ذلك العصر إلى عهد ابن تيمية وما بعده إلى عهد الإمام محمد بن عبد الوهاب والصنعاني والشوكاني ومن بعدهم إلى يومنا هذا ذلك الواقع الذي من آثاره مؤلفات من عهد الحارث المحاسبي إلى أبي عبد الرحمن السلمي وأبي طالب المكي إلى القشيري والغزالي إلى ابن عربي وابن سبعين وابن الفارض وإلى رؤوس الرفاعية والشاذلية والنقشبندية والسهروردية والتيجانية والمرغنية إلى الشعراني ودحلان والنبهاني والحداد وغيرهم وغيرهم .
ومن آثاره هذه القبور المنتشرة في العالم الإسلامي والتي تتجاوز الآلاف تقدسها الصوفية ومن انخدع بهم ولها سدنة وصناديق نذور ولها في بعض البلدان إدارة تدير شئون هذه القبور تعادل وزارات الأوقاف وريعها الشركي يصب في كروش الصوفية .
ولقد رأيت أنا وغيري من يطوف بهذه القبور ويسجد لها ويعتكف عندها وهم في غاية الخشوع والخضوع إلى أعمال يندى لها الجبين ويضحك منها اليهود والنصارى والهندوك .
أهذه الأعمال الشركية تُحافظ على الصوفية وتُبقيهم في دائرة أهل السنة والجماعة يا (خادم الحديث ببلد الله الحرام)!
لا يدَّعي هذا إلاَّ من لا يعرف عقيدة أهل الحديث أو يعرفها ويحاربُها دفاعاً عن هذه الضلالات .
وأنا أسألك ما رأيك فيمن يعطل صفة علو الله على عرشه وغيرها من صفات الله عز وجل التي ألف في شأنها العلماء كتباً وحرروا مقالات وساقوا لها الأدلة الشرعية والعقلية .
ما رأيك فيمن يقول بالحلول ووحدة الوجود ؟
ما رأيك فيمن يستغيث بغير الله ويذبح له وينذر له ويطوف بالقبور ؟
ما رأيك في طائفة البريلوية التي تشكل حوالي 80% في الهند وباكستان ؟
ما رأيك في الطرق التي مرَّ ذكرها ؟
هل هذه الأصناف وأعمالها وعقائدها تجعلهم في طليعة أهل السنة أو في طليعة أهل الضلال والبدع الكبرى ومنها البدع الشركية .
- الوقفة السابعة :
عند قوله : " ولا أدري عن الدكتور المدخلي ( ومعروف عنه أنه من غلاة
السلفية المبدعين المكفرين )([1][10]) هل يجهل ما قاله أئمة السلفية كالإمام أحمد بن حنبل وشيخ الإسلام ابن تيمية والحافظ ابن القيم والإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مدح التصوف والصوفية وأنهم من صميم أهل السنة والجماعة أم أنه يعلم كل ذلك ولكن العناد والكبر والبغض المذموم هو الباعث لادعاءاته الباطلة وكلا الأمرين مصيبة .
الجواب :
1- عن قوله : " ومعروف عنه أنه من غلاة السلفية المبدعين المكفرين " .
أقول : المعروف عند أهل السنة السلفيين أنني أحارب الغلو في التبديع والتكفير وهذه كتبي وأشرطتي منتشرة فأثبت هذا منها ,وإلاَّ فأنت من غلاة الملبسين والمقاومين لأهل السنة الدعاة إلى توحيد الله والناهين عن الشرك والبدع والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر السائرين على طريقة الأنبياء والمصلحين في تغيير المنكرات البدعية والشركية .
والآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تكلفهم القيام بهذه الواجبات كثيرة والآيات والأحاديث التي تذم وتتوعد من يكتم الحق أو لا ينكر المنكر كثيرة ولا يتسع المقام لسردها وقد ذكرت بعضها فيما سلف وأذكرك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان "
وفي الحديث الآخر : " وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل " .
فهل سمعت بهذه الآيات والأحاديث التي أشرت إليها أو أنك تتجاهلها وتعاند ؟ والكبر هو غمط الناس ورد الحق لا الدعوة إلى الحق وإنكار المنكر ورد الباطل ,فافهم ولا أريد أن أتنازل معك إلى السب والاتهامات ولكني أذكرك لعلك تتذكر أو تخشى .
2- أما من ذكرت من الأئمة فلا تتمسح بهم .
وأنصحك أن تدرس عقائدهم ومناهجهم ومواقفهم من البدع ومن بدع الصوفية بالذات وجهادهم ضدها فإذا فعلت ذلك فسر على مناهجهم وعقائدهم ,ثم انقل عنهم وأنا واثق بأنك إن فعلت هذا وقمت به على الوجه المطلوب فستدرك أنك على خطأ جسيم في هذا النقل وهذه الدعاوى التي تصور فيها هؤلاء الأئمة المجاهدين ضد الصوفية وقبوريتهم بأنهم من جنود الصوفية يمدحونهم ويدافعون عنهم ويعدونهم من صميم أهل السنة والجماعة أيصِّحُ نقلك عنهم بهذا التعميم في مدح الصوفية والتصوف .
أَئِذَا ذكر ابن تيمية بعض أفراد الصوفية الذين لا يمثلون قطرة في بحر الصوفية في فترة معينة انتهت وانقضت ,قبل أن يولد بقرون تنسب إليه أنَّه يمدح الصوفية والتصوف بهذا العموم ؟!
ألاَ تعلم أنَّ الأحكام في شريعة الله إنَّما تُبنَى على الغالب لا على الأمور النادرة ؟!
بأي عقل وبأي لغة تخاطب الناس ؟ وبأي عقل وعلى أي أساس تلصق بأئمة السلفية هذه الدعاوى العريضة التي ينكرها كل من عرف هؤلاء الأئمة وعرف مناهجهم ومواقفهم من الصوفية وهدمهم لأباطيلهم وضلالاتهم ؟.
وأتحفك بشيء من نقد الإمام ابن القيم للصوفية وهو قليل من كثير قال : في "إغاثة اللهفان " : " فصل ومن كيده : ما ألقاه إلى جهال المتصوفة من الشطح والطامات وأبرزه لهم في قالب الكشف من الخيالات فأوقعهم في أنواع الأباطيل والترهات وفتح لهم أبواب الدعاوي الهائلات وأوحى إليهم : أن وراء العلم طريقا إن سلكوه أفضى بهم إلى كشف العيان وأغناهم عن التقيد بالسنة والقرآن فحسن لهم رياضة النفوس وتهذيبها وتصفية الأخلاق والتجافي عما عليه أهل الدنيا وأهل الرياسة والفقهاء وأرباب العلوم والعمل على تفريغ القلب وخلوه من كل شيء حتى ينتقش فيه الحق بلا واسطة تعلم فلما خلا من صورة العلم الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم نقش فيه الشيطان بحسب ما هو مستعد له من أنواع الباطل وخيله للنفس حتى جعله كالمشاهد كشفا وعيانا فإذا أنكره عليهم ورثة الرسل قالوا : لكم العلم الظاهر ولنا الكشف الباطن ولكم ظاهر الشريعة وعندنا باطن الحقيقة ولكم القشور ولنا اللباب فلما تمكن هذا من قلوبهم سلخها من الكتاب والسنة والآثار كما ينسلخ الليل من النهار ثم أحالهم في سلوكهم على تلك الخيالات وأوهمهم أنها من الآيات البينات وأنها من قبل الله سبحانه إلهامات وتعريفات فلا تعرض على السنة والقرآن ولا تعامل إلا بالقبول والإذعان
فلغير الله لا له سبحانه ما يفتحه عليهم الشيطان من الخيالات والشطحات وأنواع الهذيان وكلما ازدادوا بعدا وإعراضا عن القرآن وما جاء به الرسول كان هذا الفتح على قلوبهم أعظم " (1/139ـ 140) ط . الحلبي .
وقال رحمه الله في (1/249) : ( قال أبو بكر الطرطوشي : وهذه الطائفة ([1][11]) مخالفة لجماعة المسلمين لأنهم جعلوا الغناء دينا وطاعة ورأت إعلانه في المساجد والجوامع وسائر البقاع الشريفة والمشاهد الكريمة وليس في الأمة من رأى هذا الرأي .
- قلت : ومن أعظم المنكرات : تمكينهم من إقامة هذا الشعار الملعون هو وأهله في المسجد الأقصى عشية عرفة ويقيمونه أيضا في مسجد الخيف أيام منى وقد أخرجناهم منه بالضرب والنفي مرارا ورأيتهم يقيمونه بالمسجد الحرام نفسه والناس في الطواف فاستدعيت حزب الله وفرقنا شملهم ورأيتهم يقيمونه بعرفات والناس في الدعاء والتضرع والابتهال والضجيج إلى الله وهم في هذا السماع الملعون باليراع والدف والغناء .
فإقرار هذه الطائفة على ذلك فسق يقدح في عدالة من أقرهم ومنصبه الديني
وما أحسن ما قال بعض العلماء وقد شاهد هذا وأفعالهم :
ألا قل لهم قول عبد نصوح *** وحق النصيحة أن تستمع
متى علم الناس في ديننا *** بأن الغناء سنة تتبع
وأن يأكل المرء أكل الحمار *** ويرقص في الجمع حتى يقع
وقالوا : سكرنا بحب الإله *** وما أسكر القوم إلا القصع
كذاك البهائم إن أشبعت *** يرقصها ريها والشبع
ويسكره الناى ثم الغنا *** ويس لو تليت ما انصدع
فيا للعقول ويا للنهى *** ألا منكر منكم للبدع
تهان مساجدنا بالسماع *** وتكرم عن مثل ذاك البيع.اهـ
- قلتُ : فمن النصح للمسلمين أن تبين هذه الأدواء المهلكة حتى يحذروها ويسلموا من غوائلها ، فإن حماية الناس من الأمراض الفتاكة بالعقول والأديان أوجب من حمايتهم من الأمراض التي تفتك بالأبدان .
- الوقفة الثامنة :
- عند قوله : " إن من المتفق عليه بين أهل التصوف والسنة سلفاً وخلفا
شرقا وغربا في كل عصر ومكان أن الصوفي والسالك يجب عليه قبل أي أمر أن يصلح عقيدته حتى تكون موافقة لعقائد أهل السنة والجماعة وكتبهم ومقالاتهم مشحونة بهذا المعنى " .
- الجواب : هذه دعوى لا تستطيع إثباتها عمليا .أما أن زعماء الصوفية يضحكون على جهالهم بمثل هذا الكلام فهذا موجود وأما الحقيقة والواقع فإن عقائد الصوفية فمن أبعد العقائد عن عقائد أهل السنة والجماعة وهات كتب عقائدهم في مشارق الأرض ومغاربها من عهد القشيري والغزالي إلى عهد شيوخ البريلوية والديوبندية والتجانية والمرغنية إلى يومنا هذا ,هات كتبهم لنقارنها بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومؤلفات أهل السنة الموجودة في كتب العقائد كالسنة لعبد الله بن أحمد وأصول السنة لأحمد ولابن أبي حاتم والسنة للخلال والشريعة للآجري والإبانتين لابن بطة وشرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي وكتب ابن تيمية وهي كثيرة وكتب ابن القيم وكتب أئمة الدعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب ومن سار على نهجه فإن وافقتها في توحيد الأسماء والصفات وتوحيد العبادة وتوحيد الربوبية وفي الدعوة إلى التمسك بالكتاب والسنة سلمنا لك أنهم من أهل السنة والجماعة ثم نهضنا جميعاً إلى دعوة الطوائف الصوفية إلى التمسك بما حوته هذه الكتب من عقائد ,ودعوناهم إلى تطهير عقولهم وقلوبهم من العقائد الفاسدة المخالفة لما في هذه الكتب وبذلك يسهل علينا وعليهم تحقيق وحدة الصَّف .
وإن عجزتَ عن ذلك ولابد أن تعجز فلن تجد مؤلفات وعقائد ومناهج الصوفية موافقة لمؤلفات وعقائد ومناهج أهل السنة والجماعة وحينئذ فما عليك إلا أن تتوب إلى الله من هذه الدعاوى الباطلة وأن تنصح للمسلمين على طريقة الأنبياء والمصلحين بوجوب تصحيح عقائدهم ومناهجهم وعباداتهم وذلك لا يتم إلا بالاعتصام الجادِّ بالكتاب والسنة لا بالدعاوى الفارغة التي يدَّعيها حتى القاديانية والرافضة ولن تُغني عنهم شيئاً لا في الدنيا ولا في الآخرة ولا ينفعهم التلبيس ولا أقوال الملبسين بأنهم من صميم أهل السنة والجماعة .
وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد
وعلى آله وصحبه
وسلَّم
وكتب :
ربيع بن هادي عمير المدخلي
- كان الله له -
مكة : 14/5/1426 هـ
________________
([1][1]) : وقد ذكرنا موقف كبار أئمة السلف من الصوفية في مقالين سابقين .
(2) : انظر نقد شيخ الإسلام للباس الخرقة الصوفية وتكذيبهم في نسبة الخرقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذب الحديث الوارد بها ( مجموعة الرسائل والمسائل 1/148-150) .
(3) : انظر مجموع الرسائل والمسائل لشيخ الإسلام (1/121-146) , وقد بيَّن فيها ضلال هذه الطائفة بياناً شافياً.
(4) : انظر مجموع الرسائل (1/61-120) .
([1][5]) : انظر الفرقان بين الحق والباطل ( ص115-116/ ط المؤيد ) .
([1][6]) : إشارة إلى جمهور المتكلمين والجهمية والمعتزلة والأشعرية وغيرهم .
([1][7]) : المجموع(2/57-58) .
([1][8]) : أي يتعاونون معهم .
([1][9]) : ( ص137-138- ط المؤيد) .
([1][10]) : ما بين قوسين مأخوذ من موقع جريدة "المدينة - الرسالة " على الانترنت في نفس المقال ,وهي محذوفة من المقال المنشور !!
([1][11]) : وهي الصوفية .