بسم الله الرحمن الرحيم
سلام عليكم ورحمه الله وبركاته ........ أما بعد:
فبعد أن انتهيت بحمد الله وفضله من كتابة مقال: كشف شبهات مجوزي المظاهرات، وقفت على كلام سيء عن المظاهرات لحاتم العوني، ومما زاد سوءه: أنه نسب المظاهرات إلى الصحابة والسلف، وجعلها وسيلة سلفية فعلها الصحابة . وهذا المقال السيئ بعنوان (حكم المظاهرات السلمية الثلاثاء 5 ربيع أول 1432 )، واستدل على أن المظاهرات وسيلة سلفية سلكها الصحابة: بأن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وطلحه بن عبيد الله، والزبير بن العوام رضي الله عنهما اجتمعوا في وقعة الجمل، فقال العوني : إن اجتماعهم في وقعة الجمل هو صورة من صور المظاهرات؛ لأنهم أرادوا بذلك الضغط، والاحتجاج على علي رضي الله عنه. واستدلال حاتم العوني بمثل هذا يؤكد ما سبق ذكره في مقال كشف شبهات مجوزي المظاهرات من أن مجوزي المظاهرات اعتقدوا أولاً، ثم تكلفوا في الاستدلال لها لمّا هووها، وإن الاستدلال بوقعة الجمل لا يصح من وجوه :
الوجه الأول : أنه ليس اجتماعهم للضغط على علي -رضي الله عنه- في فعل أمر، وإنما اجتماعهم كان للأخذ بدم عثمان، فالزبير بن العوام وطلحه بن عبيد الله خرجوا للأخذ بدم عثمان، وعائشة رضي الله عنها خرجت للصلح، كما صح ذلك عنها فيما ذكره ابن كثير في البداية والنهاية (6/236)، فهم إذاً تجمعوا في وقعة الجمل لغير ما يسمى بالمظاهرات من الضغط على الحاكم لتنفيذ أمر، وذلك أنهم أرادوا أن يباشروا هذا الفعل وهو الأخذ بدم عثمان .
الوجه الثاني : أن هذا الذي صدر من عائشة والزبير وطلحه خطأ ندموا عليه كما قرر ذلك شيخ الإسلام قال ابن تيمية في منهاج السنة النبوية (6 / 129) بنقله عنهم : وكذلك عائشة رضي الله عنها ندمت على مسيرها إلى البصرة وكانت إذا ذكرته تبكي حتى تبل خمارها، وكذلك طلحة ندم على ما ظن من تفريطه في نصر عثمان وعلي غير ذلك، والزبير ندم على مسيره يوم الجمل ا.هـ وقال (4 / 170): فإن عائشة لم تقاتل ولم تخرج لقتال، وإنما خرجت لقصد الإصلاح بين المسلمين، وظنت أن في خروجها مصلحة للمسلمين، ثم تبين لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى، فكانت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبل خمارها، وهكذا عامة السابقين ندموا على ما دخلوا فيه من القتال، فندم طلحة والزبير وعلي رضي الله عنهم أجمعين، ولم يكن يوم الجمل لهؤلاء قصد في الاقتتال ولكن وقع الاقتتال بغير اختيارهم ا.هـ
ومن المعلوم أن أفراد الصحابة غير معصومين يخطئون ويصيبون وهم إن أخطأوا فلهم أجر وتحفظ مكانتهم وإذا أصابوا فلهم أجران لعموم ما صح عن أبي هريرة في مسلم وعمرو بن العاص في الصحيحين مرفوعاً :" إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران. وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر " فهم أخطأوا في هذا الفعل، ولا يصح الاستدلال بما أخطأوا فيه، وندموا عليه، ومن فعل ذلك فهو صاحب هوى .
الوجه الثالث : أن جمعاً من الصحابة خالفوهم في أصل ذهابهم للأخذ بدم عثمان، وفي مقدم هؤلاء سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم، بل وأكثر الصحابة خالفوا في ذلك، فلم يدخل في هذه الفتنة إلا قليل منهم، قال ابن كثير في البداية والنهاية (7 / 261): قال الشعبي: ما نهض معه في هذا الأمر غير ستة نفر من البدريين، ليس لهم سابع. وقال غيره: أربعة. وذكر ابن جرير وغيره قال: كان ممن استجاب له من كبار الصحابة أبو الهيثم بن التيهان، وأبو قتادة الأنصاري، وزياد بن حنظلة، وخزيمة بن ثابت.ا.هـ إذا تبين هذا فلا يصح الاستدلال بوقعة الجمل؛ لما تقدم ذكره، وفي هذا تأكيد ما قرره العلماء من أن طريقة المظاهرات طريقة بدعية لم يكن عليها النبي r ولا صحابته، كما تقدم النقل في مقال: كشف شبهات مجوزي المظاهرات، وليس هذا التكلف في الاستدلال والكذب في النسبة إلى السلف بأول فعال حاتم العوني، بل هو مكثر من ذلك، كما ادعى جهلاً أو بغياً أن السلف لا يفضلون فساق أهل السنة على المبتدعة ولو كانوا علماء، وكما تكلم في دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب . ولعل الله بكرمه ومنّه أن يهيئ فرصة تفرد فيه مغالطات هذا المنحرف .
وانظر رداً مفيداً للأخ عبدالرحمن الفيصل على حاتم العوني بعنوان: النقض المرضي على من ساوى معاملة ورواية السني بالبدعي ( رد على حاتم العوني )
http://islamancient.com/books,item,315.html
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته
عبدالعزيز بن ريس الريس