قال مسلم رحمه الله (ج14 ص 93): قَرَأتُ على نصر بن علي الجهضميِّ، عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى، حدثنا يحي بن أبي إسحاق، عن سعيد بن أبي الحسن، قال جاء رجل إلى ابن عباس، فقال: إني رجل أصور هذه الصور فأفتني فيها؟ فال له ادنُ مني، فدنا منه، ثم قال: ادن مني، فدنا منه، حتى وضع يده على رأسه، قال: أنبئك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" كل مصور في النار، يجعل له بكل صورة صورها نفساً، فتعذبه في جهنم "وقال: " إن كنت لا بد فاعلاً فاصنع الشجر، وما لا نفس له".
فأقَرَّ بها نصر بن علي.
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا علي بن مُسْهِرٍ، عن سعيد بن أبي عروبة، عن النضر بن أنس بن مالك، قال: كنت جالساً عند ابن عباس، فجعل يفتي ولا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سأله رجل فقال: إني رجل أصور هذه الصور، فقال له ابن عباس: ادْنُهْ، فدنا الرجل، فقال ابن عباس: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من صور صورة في الدنيا، كُلِّفَ الله أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة، وليس بنافخ".
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في"الفتح" (ج 10ص394) في الكلام على حديث: "من صور صورة في الدنيا، كُلِّفَ الله أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة، وليس بنافخ" قال: وقد استشكل هذا الوعيد في حق المسلم، فإن وعيد القاتل عمداً ينقطع عند أهل السنة مع ورود تخليده بحمل التخليد على مدة مديدة، وهذا الوعيد أشد منه؛ لأنه مغيّا بما لا يمكن، وهو نفخ الروح، فلا يصح أن يحمل على المراد أنه يعذب زماناً طويلاً ثم يتخلص.
والجواب: أنه يتعين تأويل الحديث على أن المراد به الزجر الشديد، بالوعيد بعقاب الكافر؛ ليكون أبلغ في الارتداع وظاهره غير مراد، وهذا في حق العاصي بذلك، وأما من فعله مستحِلاً فلا إشكال فيه. أهـ
====================
"حُكمُ تصوير ذوات الأرواح" صـ 18-19
للإمام أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله-.
منقول