الحمد لله القوي العظيم العزيز الرحيم العليم الحكيم شرع عقوبة المجرمين منعا للفساد ورحمة للعالمين وكفارة لجرائم الطاغين المعتدين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين وأشهد أن محمد عبده ورسوله أفضل النبيين وقائد المصلحين وأرحم الخلق أجمعين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا ...
أما بعد
فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى واعرفوا نعمته عليكم بهذا الدين القويم الكامل الجامع بين الرحمة والحكمة رحمة في إصلاح الخلق وحكمة في سلوك الطريق الموصل إلى الإصلاح أيها الناس إننا نعلم جميعا أن من طبيعة البشر أن يكون أن تكون لهم إرادات متباينة ونزعات مختلفة منها نزعات منها نزعات تنزع إلى الحق والخير ومنها نزعات تنزع إلى الباطل والشر كما قال الله خالقنا وهو عالم بنا (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ) وقال الله تعالى (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) ولما كانت النزعات إلى الباطل والشر في ضرورة إلى ما يكبح جماحها ويخفف من حدتها من وازع إيماني أو رادع سلطاني جاءت النصوص الكثيرة بالتحذير من الباطل والشر والترغيب بالحق والخير وبيان ما يترتب على الباطل والشر من مفاسد في الدنيا وعقوبة في الآخرة وما يترتب على الحق والخير من مصالح في الدنيا ومثوبات نعيم في الآخرة ولكن هذا الوازع الديني لا يكفي في إصلاح بعض النفوس الشريرة الموغلة في الباطل والشر ولا يكفي في كبح جماحها والتخفيف من حدتها ولما كان الأمر كذلك فرض رب العالمين برحمته وحكمته عقوبات دنيوية وحدود متنوعة بحسب الجرائم لتردع المعتدي وتصلح الفاسد وتقيم الأعوج وتظهر الملة وتستقيم الأمة وقد جعل الله هذه العقوبات جعلها كفارة لجريمة المجرم ونكاية لغيره أيها المسلمون إن الله تعالى فرض الحدود و أوجب على ولاة الأمور إقامتها على الشريف والوضيع والغني والفقير و الذكر والأنثى والقريب والبعيد ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أقيموا حدود الله في القريب والبعيد ولا تأخذكم في الله لومة لائم ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة بن زيد رضى الله عنهما حين شفع إليه في امرأة من بني مخذوم كانت تستعير الشي فتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تقطع يدها فكبر ذلك على قريش وأهمهم أمرها فقالوا من يشفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فشفع فيها أسامة بن زيد رضى الله عنه فأنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال( أتشفع في حد من حدود الله ثم قام صلى الله عليه وسلم فاخططب وقال:إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ثم أقسم صلى الله عليه وسلم أنه لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) متفق على هذا الحديث أيها المسلمون هكذا أقسم النبي صلى الله عليه وسلم أقسم وهو الصادق المصدوق بدون قسم أنه لو سرقت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لو سرقت لقطع يدها أيها المسلمون أين هذا القول وما كان عليه الناس اليوم من المماطلات في إقامة الحدود والتعليلات الباردة والمحاولات الباطلة لمنع إقامة الحدود عن من أوجب على من أوجب الله إقامة الحدود عليهم وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من حالة شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره أيها المسلمون إن من أهم الحدود وأعظمها حد إن من أهم الحدود وأعظمها الحد الذي تكون في الذي تكون فيه حماية الأعراض ولهذا فرض الله عقوبة القاذف الذي يرمي الشخص المحصن البعيد عن تهمة الزنا فيقول له يا زاني أو يا زانية أو ما أشبه ذلك فمن قال: ذلك لشخص لشخص محصن بعيد عن تهمة الزنا فإنه يقال له: إما أن تأتي بالبينة الشرعية على ما قلت وإما حد في ظهرك فإن أتى بالبينة الشرعية وهي إقرار المقذوف أو أربعة رجل عدول أقيم الحد على المقذوف وإن لم يأتي بها فإن هذا القاذف يعاقب بثلاثة عقوبات يجلد ثمانين جلده ولا تقبل له شهادة أبدا ويحكم بفسقه فيخرج عن العدالة إلى أن يتوب ويصلح أسمعوا قول الله عز وجل(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ *إلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) وإنما أوجب الله عقوبة القاذف وإنما أوجب الله عقوبة القاذف على هذا الوجه حماية للأعراض دفعا عن تهمة المقذوف البريء البعيد عن التهمة أيها المسلون ولقد فرض الله عقوبة الزاني وجعلها على نوعين نوع بالجلد مائة جلدة أمام الناس ثم ينفى عن البلد لمدة سنة كاملة وذلك فيما إذا زنى ولم يسبق له زواج تمتع فيه بنعمة الجماع المباح فإن الزاني فإن الزاني يجلد مائة جلده ويطرد عن البلد لمدة سنة يقول الله عز وجل (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام أما النوع الثاني من عقوبة الزنا فهو الرجم بالحجارة حتى يموت ثم يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدعى له بالرحمة ويدفن مع المسلمين وتلك العقوبة لمن سبق له زواج تمتع فيه بالجماع المباح وإن كان حين فعل الفاحشة لا زوج معه يقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه على منبر النبي صلى الله عليه وسلم(إن الله بعث محمد بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان فيما أنزل الله عليه آية الرجم قرأناها ووعيناها وعقلناها فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله إن الرجم حق في كتاب الله حق على من زنا إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف والحبل هو الحمل) هكذا أعلن أمير المؤمنين على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الملأ حتى لا ينكر إذا لم يوجد إذا لم توجد آيته في كتاب الله وآية الرجم كانت موجدة تقرأ ولكنها نسخة من القرآن لفظا وبقي حكمها إلى يوم القيامة لتتميز هذه الأمة عن بني إسرائيل بالانقياد التام فبنوا إسرائيل فرض الله عليهم رجم الزاني إذا أحصن ونصه في التوراة ولكنهم حاولوا إخفاءه حين قرأ قارئهم التوراة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أما هذه الأمة فقد نسخ الله لفظ آية الرجم اختبارا وامتحانا فلا توجد فيه لفظا ومع ذلك فإن أن حكمها بقي إلى يوم القيامة عملت بها هذه الأمة في عهد نبيها وبعد عهده صلى الله عليه وسلم أيها المسلمون إنما كانت عقوبة الزاني المحصن بهذه الصورة المؤلمة دون القتل بالسيف لأن هذه العقوبة كفارة لي لذة محرمة اهتز لها جميع بدنه فكان من المناسب أن تشمل العقوبة جميع بدنه بألم تلك الحجارة لأن لأن الزاني المحصن إذا ثبت عليه الزنا شرعا فأنه يوقف بين الناس أو يحفر له حفرة ثم يرجمه الناس بالحجارة بحجارة ليست كبيرة ولا صغيرة يرجمونه حتى يموت وهذا من حكمة عز وجل (وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) أيها المسلمون إن إيجاد عقوبة الزاني من رجل أو أمراه لعين الرحمة للخلق لما فيها لما فيها من القضاء على مفسدة الزنا المدمر للمجتمعات المفسد للأخلاق والسلوك الموجب لضياع الأنساب واختلاط المياه المحول للمجتمع الإنساني إلى مجتمع بهيمي لا يهتم إلا بملئ بطنه وشهوة فرجه يقول الله عز وجل (لا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) أما اللواط وهو جماع الذكر للذكر فذلكم الفاحشة العظمى والجريمة النكراء أنه هدم للأخلاق ومحق للرجولة وقتل للمعنوية وجلب للدمار وسبب للخذي والعار وقلب للأوضاع الطبيعة إنه تمتع في غير محله واستحلال في غير حله إن الفاعل ظالم لنفسه حيث جرها إلى هذه الجريمة إن المفعول به ظالم لنفسه حيث أهانها وأنزلها منزلة النساء إن هذا المفعول به سيكون مع الرجال بمنزلة النسوان لا تزول ظلمة الذل والهوان من وجهه حتى يموت أو يتوب توبة نصوحا يستنير بها قلبه ووجه وكلاهما أعني الفاعل والمفعول به ظالم لمجتمعه حيث نزلوا بمستوى المجتمع إلى هذه الحال المقلوبة التي لا ترضاها ولا البهائم ومن أجل مفاسد اللواط العظيمة كانت عقوبته أعظم من عقوبة الزنا ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( ملعون من عمل عمل قوم لوط ملعون من عمل عمل قوم لوط ملعون من عمل عمل قوم لوط) وقال النبي صلى الله عليه وسلم(من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به) وأتفق الصحابة رضى الله عنهم على أن الفاعل والمفعول به كلاها يقتل قال شيخ الإسلام بن تيميه: لم يختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتله سواء كان فاعل أو مفعول به ولكنهم اختلفوا كيف يقتل فقال بعضهم يرجم بالحجارة وقال بعضهم يلقى من أعلى شاهق في البلد وقال بعضهم يحرق بالنار وإنما كانت هذه عقوبة تلك الفاحشة لأنها قضاء على تلك الجرثومة الفاسدة التي إذا ظهرت في المجتمع فيوشك أن تدمره تدميرالنار للهشيم ففي القضاء عليها مصلحة للجميع وحماية للمجرمين أن يملأ لهم في البقاء في الدنيا فيزدادوا إثما وطغيانا والله عليم حكيم) أيها المسلمون إن هذه العقوبات التي فرضها الله عز وجل كلها من أجل حماية الأعراض عقوبة القاذف وعقوبة الزاني وعقوبة اللائط اللهم أن نسألك أن تحمينا وأمتنا عن مساوئ الأخلاق اللهم احمنا عن مساوئ الأخلاق وعن موجبات سخطك وعقابك يا رب العالمين اللهم صلى وسلم على عبد ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ...
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين...
أما بعد ...
أيها الناس اتقوا الله تعالى وأحموا أعراضكم من أن ينتهكها من لا يؤمن بالله واليوم الآخر أحموا أعراضكم بحماية أهليكم من كل ما يكون سببا يقرب من الفاحشة فإن الله عز وجل يقول (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) وإن قوله ولا تقربوا الزنا أعظم من قوله ولا تزنوا لأنه يفيد النهي عن الزنا وعن كل وسيلة تقرب إليه ولهذا منعت المرأة من أن تخرج من بيتها متبرجة متطيبة فلا يحل للمرأة أن تخرج من البيت وهي متطيبة ولا أن تخرج من البيت وهي متبرجة بالزينة لابسة زينة لابسة أحسن ثيابها متحلية بالحلي التي تظهره لمن رآها ولا يحل لها أن تخرج شي من وجهها لأن الوجه من أعظم ما يقود إلى الفتنة والشر وعلى الإنسان أن يتفقد أهله في هذا الأمر حتى يكون مؤديا للمسئولية التي حملها الله أياها إن بعض الناس مع الأسف يحرصون حرصا تاما على حماية أموالهم وعلى الإغلاق عليها بالصناديق ولكنهم يهملون أهليهم الذين تجب حمايتهم أعظم من وجوب حماية الأموال يا أيها الرجال إنكم قوامون على النساء بما فضل الله به بعضكم على بعض يا أيها الرجال إن نساء البلد بمنزلة نسائكم لأن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا فمن رأى منكم امرأة متبرجة على وجه يكون به الفتنة فإن من فإن من الواجب عليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ولكن باللطف واللين حتى لا يحصل في ذلك حتى لا يحصل بذلك شر أو ضرر أيها المسلمون إن الواجب حماية علينا إن من الواجب علينا حماية أولادنا من الشر والفساد إن علينا أن نتفقد أولادنا ولاسيما الصغار منهم أين ذهبوا وإلى وإلى أي مكان يذهبون ومن كان صاحب لهم حتى نحميهم من الشر والفساد أما إضاعة أبنائنا وإضاعة بناتنا فإن ذلك فإن ذلك خيانة للأمانة التي حملنا أياها فاتقوا الله أيها الأخوة اتقوا الله وأحذروا أسباب سخطه وعقابه وأعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة فعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار اللهم أجمع كلمتنا على الحق اللهم أجمع كلمتنا على الحق اللهم اجعلنا متعاونين على البر والتقوى مصلحين صالحين يا رب العالمين أيها المسلمون أكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم فإن من صلى عليه مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرة اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهر وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أجمعنا به في جنات النعيم يا رب العالمين اللهم أرضى عن خلفائه الراشدين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين صغيرهم وكبيرهم اللهم أصلح لهم الباطنة وأعنهم على تحمل الأمانة ووفقهم لما تحب وترضى يا رب العالمين اللهم من كان من بطانتهم غير مستقيم على دينك ولا ناصح لهم ولا لرعيتهم اللهم فأبعده عنهم وأبدلهم بخير منهم يا رب العالمين ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنغضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون ...
من موقع بن عثيمين