الأسفار
في
حكم جمع صلاة العصر مع صلاة الجمعة في السفر
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده تعالى ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه و على آله وصحبه وسلم .
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ).( آل عمران: 102) .
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا).(ا لنساء: 1 ) .
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) ).(الأحزاب: 70-71) .
أما بعد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
وبعد :
فقد كثر الحديث بين العامة عن الجمع بين الصلوات المكتوبات في السفر وفي غيره من المواطن و لكنهم خفيت عليهم مسائل كثيرة لايدركونها لقلة فقههم في الدين و على وجه الخصوص الجمع بين صلاتي الجمعة والعصر , لهذا فقد حاولت جمع ما استطع جمعه من كلام أهل العلم عل الله تعالى أن يرفع اللبس الواقع فيها وبها وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
سئل الإمام عبد العزيز ابن باز رحمه الله تعالى :
س : سائل يسأل ويقول : سافرت إلى مكة المكرمة لأداء العمرة وأدركتني صلاة الجمعة وأنا بالقرب من إحدى المدن على الطريق وصليت الجمعة مع المسلمين في الجامع وبعد أداء الصلاة وحيث إني مسافر أقمت وصليت العصر فهل عملي هذا جائز ؟ أفتونا مأجورين (1) .
ج : ليس هناك دليل فيما نعلم يدل على جواز جمع العصر مع الجمعة ، ولم ينقل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم ، فالواجب ترك ذلك ، وعلى من فعل ذلك أن يعيد صلاة العصر إذا دخل وقتها . وفق الله الجميع .
س : هل يجوز للمسافر إذا صلى الجمعة مع المقيمين أن يجمع إليها العصر ؟
ج : لا يجوز له ذلك ؛ لأن الجمعة لا يجمع إليها شيء ، بل عليه أن يصلي العصر في وقتها ، أما إن صلى المسافر يوم الجمعة ظهرا ولم يصل جمعة مع المقيمين فإنه لا حرج عليه أن يجمع إليها العصر ؛ لأن المسافر لا جمعة عليه . ولأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر في حجة الوداع ، يوم عرفة بأذان واحد وإقامتين ، ولم يصل جمعة . والله ولي التوفيق .
س : الأخ أ . م . ج . - من الرياض يقول في سؤاله : صليت في الحرم النبوي الشريف صلاة الجمعة ، ولما كنت على سفر فقد نويت أن أجمع معها صلاة العصر قصرا ، وما أن هممت بالتكبير لصلاة العصر حتى أعلن المؤذن عن الصلاة على جنازة فصليت مع الجماعة عليها وبعد ذلك صليت العصر قصرا ، فهل فعلي هذا صحيح ، وإذا كان غير صحيح فماذا كان علي أن أفعل ، أقصد أدائي لصلاة العصر جمعا وقصرا مع الجمعة ثم الفصل بينهما بصلاة الجنازة . أفتوني جزاكم الله خيرا وأمد في عمركم على طاعته ؟ (1)
ج : صلاة العصر لا تجمع مع الجمعة لا في السفر ولا في الحضر في أصح قولي العلماء ، وعليك أن تعيد صلاتك لأنك صليتها قبل الوقت على وجه لا يجوز فيه الجمع .
أما الفصل بين المجموعتين بصلاة الجنازة فلا حرج في ذلك ؛ لأن المشروع الإسراع بها إلى الدفن ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « أسرعوا بالجنازة فإن كانت صالحة فخير تقدمونها إليه وإن كانت غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم » (1) متفق على صحته ؛ ولأن الفصل بين الصلاتين بصلاة الجنازة يعتبر فصلا يسيرا لا يمنع الجمع عند من اشترط ذلك . والله ولي التوفيق .
س : هذه الأيام ولله الحمد والمنة أغاثنا الله سبحانه وتعالى بالمطر نسأل الله العلي القدير أن يجعله مباركا وأن يعم بنفعه أوطان المسلمين . سماحة الشيخ : حدث نقاش بين بعض الإخوان حول جواز الجمع إذا وافق نزول المطر الشديد والذي تحصل به المشقة وقت صلاة الجمعة بين صلاة الجمعة والعصر ، أفتونا مأجورين ؟ (1)
ج : لا يجوز الجمع بين صلاتي العصر و الجمعة في مطر ولا غيره ؛ لأن ذلك لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم " انتهى كلامه رحمه الله تعالى .
المرجع مجموع فتاوى ابن باز رحمه الله تعالى [12/300] .
سئل العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى مجموع فتاوى ابن عثيمين [15/265] :
وسئل فضيلته:رجل مسافر صلى الجمعة في الحضر فهل يجمع معه العصر قصراً؟
فأجاب فضيلته بقوله:لا يجمع معها العصر؛لأن السنة إنما وردت في الجمع بين الظهر والعصر,والجمعة ليست ظهراً بل هي صلاة مستقلة في هيئتها وشروطها وأركانها فلا تجمع إليها العصر(1),فإن قال قائل:هل يصح أن ينوي الجمعة ظهراً ليجمع إليها العصر؟فالجواب:إذا نواها ظهراً فإنها لا تصح الظهر منه؛؟لأنه صلى الظهر قبل تمام الإمام لصلاة الجمعة,وصلاة الظهر قبل تمام الجمعة لا تصح,ولا يقال مثلاً أليس المريض يصلي في بيته الظهر قبل أن يصلي الناس الجمعة؟ نقول بلى,ولا حرج أن يصلي المريض قبل أن يصلي الناس الجمعة لكن هذا قد حضر صلاة الجمعة فوجبت عليه الجمعة,فالواجب عليه أن يصلي الجمعة لا يمكن أن يجمع إليها العصر .
مثلاً: أنت مسافر ومن أهل جدة وصلت الرياض,وذهبت وصليت مع الناس الجمعة فإذا نويتها ظهراً لم تصح؛لأنك لما حضرت الجمعة لزمتك الجمعة,فإن نويتها جمعة ما صح جمع العصر إليها. ثم نقول:لو قدرنا أنها تصح وهي لا تصح,لكان هذا من سفه الإنسان أن يعدل عن نية الجمعة التي هي أفضل من الظهر إلى نية الظهر ولم يحصل على أنه أجر الجمعة الذي ثبت لهذه الأمة,وعلى كل حال فالمسألة ليس فيها صعوبة,لا تصل العصر مع الجمعة وصل العصر إذا دخل وقتها " . ا.ه
وقال رحمه الله تعالى المصدر السابق [16/6] :
" ومن خصائص هذه الصلاة أنه لا يجمع إليها ما بعدها والذي بعدها هو العصر، فلا تجمع صلاة العصر إلى صلاة الجمعة، فلو أن إنسان كان مسافراً نازلاً في بلد ويريد أن يواصل السير بعد صلاة الجمعة وصلى مع الناس صلاة الجمعة فإنه لا يضم إليها العصر؛ لأن السنة إنما وردت في الجمع بين الظهر والعصر، وصلاة الجمعة ليست صلاة ظهر بالاتفاق، فلا أحد يقول: إن صلاة الجمعة صلاة ظهر، وعلى هذا فنقول: واصل السفر، وإذا دخل وقت العصر وأنت في السفر فصل حيثما أدركتك الصلاة " ا.ه
والحمد لله رب العالمين وصل اللهم على نبينا محمد وعلى ءاله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
انتقاه واعتنى به
أبو وقاص عبد الله بن أحمد بادحيدوح المرشدي
29/1/1434ه
سحاب السلفية